[تاروت] تسمية “الضدّ” غيرت اسم مسجد “الهبطة”.. إلى “الرفعة” أكبر مساجد "الديرة" نُزعت ملكية بيوت الخوص حوله ليتوسع في زمن الحكم العثماني
القطيف: ليلى العوامي
بتاريخ يصل عمره مئات السنين، يوثق مسجد “الرفعة” الكثير من الأحداث والقصص داخل جزيرة تاروت، وما شهدته من تطورات اجتماعية ودينية وأيضاً عمرانية.
ورغم أن تاروت تحتضن العديد من المساجد الأثرية والتاريخية، إلا أن “الرفعة” كان علماً على رأسه نار، يعرفه القاصي والداني، من خلال الأحداث والمناسبات الدينية التي أقيمت فيه جيلاً بعد آخر.
“صُبرة” استمعت لقصص عديدة عن المسجد، جاءت على لسان عدد ممن عاصروا الكثير من أحداثه واطلعوا على تاريخه، وكانوا شهود عيان على مراحل زمنية مر بها.
الإسم القديم
وقال الشيخ منصور جعفر آل سيف عن المسجد: “قيل إن الذي بناه هو أحد زعماء القطيف في زمن الدولة العثمانية، وكان يسمى مسجد “الهبطة” لأنه في منطقةِ منخفضة في الديرة، وغير اسمه الشيخ منصور بن الحاج عبدالله آل سيف إلى “الرفعة” ربما لانه لم يستسغ الاسم القديم.
وعن ولايته قال آل سيف: “ولاية المسجد ترجع إلى بيت المصلي، وقد قاموا بتجديده سنة ١٤٠٠على ما أتذكر، وكان يُستفاد منه للصلاة وللمجالس الحسينية والمواليد، وغيرها من المناسبات، ثم جدده المؤمنون تحت إدارة الشيخ فوزي آل سيف، والمسجد على حاله هذه حتى الآن”. وأضاف “للمسجد مكانة عالية، كونه أكبر المساجد في الديرة وتقام فيه المناسبات الدينية والاجتماعية”.
توسعة المسجد
ويركز الحاج عبدالعزيز جعفر آل سيف حديثه على المناسبات الدينية التي تقام في المسجد، ويقول: “استضاف صلوات الآيات وصلاة جماعة، بإمامة الحاج رضي الشايب ـ يرحمه الله ـ ولم نشهد في تلك الأيام إلا صلاة واحده بإمامة الشيخ علي المرهون ـ يرحمه الله ـ يوم العاشر من المحرم، وبطلب من الوالد ـ رحمه الله ـ حتى جاء دور الشيخ فوزي آل سيف، بعد عودته من النجف، حيث اختار مسجد الرفعة لقربه من بيوتات أهله البيت الشرقي وما حوله”.
ويحكي آل سيف قصة قديمة من أيام الدولة العثمانية، بقوله “في أحد الأيام، توجه الحاكم منصور بن جمعه لزيارة الشيخ منصور آل سيف في منزله، فلم يجده، فسأل عنه، فقيل له في المسجد، ولما ذهب مع أحد رجال الشيخ، وشاهد المكان، لم يكن مرتاحاً، وحينما انتهى الشيخ منصور من صلاته، سلم على الشيخ بن جمعة، وأخبره بعزمه توسعة المسجد، وقال له إن أي شخص يريد أن يبيع عشته، فإننا سنشتريها، وتحقق له ما أراد، إذ باع بعض الحضور عششهم، وتمت توسعة المسجد.”.
صلاة الجماعة
واختار المؤرخ والأديب عبدالعلي يوسف آل سيف أن يتحدث عن جوانب تاريخية عن المسجد. وقال: “الذي بنى مسجد الرفعة هو الباشا منصور بن جمعة حتى يقيم فيه العم الشيخ منصور آل سيف الصلاة حتى وفاته عام ١٣٦٢هـ”، مشيراً إلى أن “بناء المسجد تم قبل العهد السعودي”.
وأضاف آل سيف “بعد وفاة الشيخ منصور، وخلو البلد من العلماء إلا في فترات، كان يؤم الناس من يزور البلد من العلماء حتى خَرُبَ في العقد الثامن من القرن الماضي، فقام الحاج علي المصلي ـ شفاه الله ـ بترميم المسجد بمعاونة الحاج عوجان ـ يرحمه الله ـ وذلك في العقد التاسع”. وتابع: “انتظمت صلاة الجماعة بعد عودة الشيخ فوزي آل سيف، والآن الشيخ منصور جعفر آل سيف. “.
الحقبة الزمنية
وينقل الاختصاصي الاجتماعي جعفر العيد جانباً آخر من المسجد، مضيفاً إلى ما سبقت روايته من كبار السن..يقول: “أول من صلى فيه الشيخ منصور بن عبدالله آل سيف (1293 – 1362)”، لكنه يقوقل “أسسه عبدالحسين بن جمعة، للشيخ منصور من أجل أن يصلى بالناس جماعة في جزيرة تاروت.. أي قبل وفاة الشيخ منصور بـ 30 عاماً تقريباً، وقد كان للمسجد دور رئیس في المنطقة؛ ومر زمنٌ على أھل منطقة تاروت أصبحت شبه خالیة من المشايخ في زمن مرجع التقلید السید محسن الحكیم”. ويقول العيد: “شهدت وأبناء جيلي قيادة الحاج رضي بن علي الشايب لهذه الحقبة الزمنية؛ وكان يحظى وأسرته بإحترام الناس، وكان مُصلاه في مسجد الرفعة مكان البحث”.
وعن تقسيمة المسجد الداخلية، قال: “ينقسم إلى قسمين بمدخل واحد من جهة الديره؛ قسم للنساء وآخر للرجال، لا يفصل بينهما إلا ساتر من القماش”.
معلومات قديمة
من جهته ذكر التشكيلي محمد المصلي معلومات إضافية حول المسجد، ويقول إن “عمر مسجد الرفعة مئات السنين، واسمه مسجد “الهبطه”. وقال: “ذكر الحاج إبراھیم المصلي ذلك وأضاف انه عندما زاره منصور باشا بن جمعة ورآه قدیماً. تبرع بتجدید بنائه وتغیر اسمه”.
وأضاف “من أقدم المعلومات التي أخبرني بها أبو علي أبو ديب أن الشيخ الشاعر يوسف أبو ديب كان يصلي فيه حتى وفاته سنة ١١٥٥هـ، ولما قدم الشيخ منصور آل سيف من العراق، صار يؤم صلاة الجماعة فيه، وجدد بناءه”.
ويتذكر المصلي مشاهد قديمة من المسجد. ويقول: “في طفولتي، وتحديداً في شهر محرم من كل عام، كانت المآتم تنتهي عند مسجد الرفعة، وتتجمع مواكب العزاء والحشود للاستماع إلى صولات وحملات الملا عبدالله المبشر ذي الصوت الشجي، ويبدأ العزاء جلوساً ووقوفاً في حلقات تُعرف بـ”عزاء التاروتي”، الذي انقرض، وإيقاعه بإختصار حدوث توقف بعد كل ثلاث إيقاعات، وهذا الإيقاع سريع وجميل في موسيقاه”. وأضاف “وجدت في المسجد لجنة العزاء، وهي جماعة لخدمة المسجد وغيره، مكونة من حسن المصلي، سيد طه درويش، جابر الرويعي، كاظم التاروتي، حسن شوكان وآخرين، وقبل بدء القراءة وحتى المغرب، يقومون بتوزيع الشاي والقهوة والدخان والماء البارد على المعزين”.
ويضيف المصلي “بعد وفاة الشيخ منصور 1362هـ انتقلت إدارة المسجد إلى عائلة المصلي، ولدينا وثيقة للعم علي تثبت ولاية المسجد، وقد جدد بناء المسجد قبل وفاة الجد عيسى المصلي عام 1389هـ وبعد وفاته انتقلت قراءة القرآن والمآتم في رمضان إلى المسجد لعقود من الزمن مع العم حسن المصلي، وتقام في المسجد صلاة الآيات والعيدين وغيرها، وتقرأ فيه الأدعية والزيارات بإمامة ملا حسن مغيزل والحاج رضي الشايب ومساعدة أبنائه والحاج إبراهيم المصلي، وكان المسجد مكان يتجمع فيه معظم أهالي الديرة في تلك الأوقات.
نشرت صبرة وغيرها من الصحف المحلية مرارا تقارير عن مساجد ومآتم واسواق في انحاء القطيف فتمنى من لديه أي امكانية ومقدرة معنوية اخراجها في كتاب لتكون مصدرا لتاريخ البلاد يرجع اليه من يحتاج