لطيفة الغراب: التقطت “كورونا” في عزاء شقيقتي وتجربتي لا أتمناها لعدوي عاشت آلاماً صعبة وموقف الحكومة الأبوي خففها
القطيف: ليلى العوامي
تجربة لطيفة مهدي الغراب مع الإصابة بفيروس كورونا المُستجد (كوفيد-19)، لا تتمنى تكرارها لأي أحد، حتى لو كان عدواً لها، فالعدوى انتقلت إليها خلال عزاء اختها التي توفيت في 24 رمضان الماضي.
خالطت لطيفة أقارب في اليوم الأول من وفاة شقيقتها، على رغم أن العائلة كانت ملتزمة جميع الاحترازات طوال فترة الحظر، ولكنها تقول: “قدر الله وما شاء فعل، أن تتوفى أختي وأصاب أنا بالفيروس”.
تصف حالتها بـ”السيئة للغاية”، بدأية شعرت بألم في المنطقة الوسطى من ظهرها وصولاً إلى الاكتاف، لم تظن أبداً أنه الفيروس، وبدأ يتغلغل في جسدها المتعب من الحزن على أختها، وشعرت بالإجهاد والتعب لمدة أربعة أيام.
الألم يزداد
وتقول “عند منتصف الليل كنت مجهدة متعبة، فذهبت لمستوصف البطي الطبي في الدخل المحدود برفقة ابني هادي، بعدما أخذنا تصريحاً بالخروج وقت الحظر، وبالكاد كنت أحمل نفسي من شدة الألم”، مضيفة “أدخلوني غرفة وفحصت الممرضة حرارتي؛ فقالت لي الطبيبة: لديك أعراض إنفلونزا عادية. أرتحت قليلاً لشعوري بأنني غير مصابة بكورونا، فكتبت لي وصفة إبرة فولتارين لتخفيف حدة الألم”.
عادت لطيفة لمنزلها وهي تشعر بالراحة، ونامت بهدوء راجية من الله ألا يعود الألم، ولكن قدر الله وما شاء فعل، تقول “عاد الألم أشد من الليلة الماضية كان قوياً وشديداً ولم اتحمله”.
زحام وانتظار
هدى بنت لطيفة، وهي ممرضة، كانت موجودة في المنزل في اليوم الثاني، سألتها: هل شعرتِ بالراحة بعد إبرة الفولتارين، أجابتها: نعم. فأعطتها إبرة أخرى، ولكن بدأت تشعر بالتعب الشديد ليلة السبت 29 رمضان، تقول “طلبت من ابني أن يذهب بي لمستشفى القطيف المركزي، وحين وصلنا كان مزدحماً بالمرضى، فطًلِب منَّا الانتظار”.
انتظرت، ولكن لم تتم مناداتها، ولأنها متعبة، ولا قوة لديها للجلوس طويلاً؛ سألت موظفة الاستقبال عن سبب الانتظار الطويل، ومتى ستدخل إلى الطبيب، لكونها مجهدة، وجاء رد الموظفة مؤلماً بالنسبة لها “النظام مُعطل”، فوجهت لها اللوم “لأنها لم تخبرنا منذ البداية بأن النظام مُعطل، حتى نبحث عن مكان آخر للعلاج، فخرجنا من المستشفى متوجهين إلى مركز دارين الصحي، وعند وصولنا سألني الحارس: هل لديك موعد؟ فأخبرته لا، وسردت عليه قصتي مع المستشفى وانتظاري الطويل، وأنني مُجهدة، واحتاج الكشف للضرورة. أدخلونا، وأخذوا مني مسحة، وسألهم ابني: هل أستطيع أن أخذ مسحة؟ فقالوا له: لا، فقط الوالدة”.
العزل في المستشفى
عادت للمنزل بعد المسحة، وزاد ألمها، وفي يوم السبت 30 رمضان بدأت حرارتها ترتفع، فنقلها ابنها إلى مستشفى المواساة في القطيف، حينها كانت حرارتها 40 درجة، فقال الطبيب: لا بد أن يكون لديها التهاب، ولكن بالكشف المبدئي لم يظهر الالتهاب، فقال الطبيب: لا بد من إجراء أشعة مقطعية، فدرجة الحرارة مرتفعة، والأشعة كانت الفيصل وبداية لنهاية المعاناة، فقد ظهر لديها التهاب فعلاً، وفي الحال أدخلوها للتنويم في غرفة عزل بمفردها.
وتصف حالها “كل يوم يمر عليَّ تصبح حالتي أسوأ من اليوم الذي قبله حتى ظهرت نتيجة المسحة التي أُخذت مني في مركز صحي دارين بأنها إيجابية، رضيت بقضاء الله وقدره، فلا مفر من هذا الأمر”.
حكومة أبوية
في المستشفى تم إدخالها ببطاقة التأمين على حساب ابنها، فسألت الطبيب: هل أستطيع الذهاب للعلاج في مستشفى حكومي، فقد لا يغطي التأمين علاجها في مستشفى خاص، فأخبروها بأن الحكومة تكفلت بعلاج مرضى كورونا في المستشفيات الخاصة على حسابها.
تتابع لطيفة “شعرت بالارتياح والحب لهذه الأرض، لهذا الوطن الذي وفر العلاج لنا، لأنها تعامل شعبها وحتى المقيمين في البلاد بأبوية”.
رحلة 14 يوماً مع المرض
بقيت الغراب في المستشفى 14 يوماً، وفي اليوم الـ12 من العلاج تم نزع الأوكسجين عنها، فقد بدأت تتحسن كثيراً، وخف الألم، وتوقف التقيؤ ولله الحمد، وفي اليوم الـ14 أخذوا منها مسحة، للتأكد من حالها، فطلبت من الطبيب أن تخرج لمنزلها، حتى تظهر النتيجة، على أن تكون في الحجر المنزلي، ووافق الطبيب، وبعد يومين أتصل بها موظف من المستشفى ليخبرها بأن النتيجة “سلبية” ولله الحمد “الله لا يروعكم على حبيب”.
من رأى ليس كمن سمع
تختتم لطيفة الغراب حديثها قائلة “انتبهوا لأنفسكم وأهلكم، فمن رأى المرض ليس كمن سمع عنه، وما عايشته لا أتمناه لأحد حتى أعدائي. احترزوا، واتبعوا الإجراءات التي تَعلن عنها وزارتا الصحة والداخلية وبقية الجهات الحكومية، فما رأيته يجعلني أوجه رسالة تحذير للجميع بأن هذا المرض متعب لدرجة لا توصف، حافظوا على أنفسكم أحبتي، فخروجنا بلا احتراز هو ضرر لنا ولغيرنا، يوماً ما ستنتهي هذ الجائحة وستكون ذكرى، فلا تتهاونوا. هذه رسالة أخت لكم دخلت في دوامة كوفيد-19، ورأت ما لا تستطع الأقلام وصفه، حفظ الله مملكتنا والبشرية جمعاء”.
الحمد اللة على سلامة العمه الغالية أم هادي
وابعد اللة عنها كل مكروه