كل صباحاتي كريمة
اشتياق آل سيف
صباحي سعادة تحتويكِ فلا يبقى أي أثر لهموم مضت، وأصبح ليلها فجراً.. صباحي مضيئ بالأمل أن القادم أجمل؛ لأنه يأتي من الله وما عند الله خير وأبقى.
وأنا يا سيدتي الكريمة أبدأ صباحي بحمد الله أن جعل في طريقي شخصيات عظيمة استفدتُ منها، خاصة في مسيرتي الوظيفية، من أولئك الرائعون أمثالك..
و إن أصبحتُ في بعض أيامي حزينة مثل هذه الأيام التي فقدتُ فيها روحاً جميلة كانت قريبة مني حد الانسجام كروح واحدة، في مثل هذا الظرف أحاول أن أسترجع ذكرياتي التي أسعدتني يوماً ما، فأزيل بها آثار الوقت الحاضر، وأحتال بتلك السعادة التي مضت لأخفف من لوعة الفقد وأوجاع الفراق، فأتذكر تلك الوجوه الطيبة التي التقيتها في دربي، وأسترجع جمال قلوبهم وروعة ابتساماتهم، التي تستل مني كل همومي فتذيبها، بيد أن لكل اجتماع من خليلين فرقة وكل الذي يبقى دون الممات قليل جداً، لذلك أستشعر الماضي وكأنه حاضر أمامي، يغسل كل همومي ولا يبقي لها أثراً ..
أستشعر أيامي معهم كشريط تعانقه عيناي وجداً وحنيناً فتغمرني السعادة وتتلاشى كل أحزاني.
أنا امرأة مقبلة على الحياة، أحتضن كل يوم جديد وأجعل منه مصنع سعادتي، وسعادة أسكبها في قلوب أحبتي، لا أبكي على الأطلال، وأندب الماضي الجميل وألعن هذا الحاضر الذي يخنقنا بكل تقدمه، بل على العكس؛ أنا أبحث عن جمال مضى لينعكس على حاضرنا الذي شوهته بعض التحديثات التي لم تكن موجودة، ولكل مقام مقال، ولكل زمان أشكال وأفكار وأطياف مختلفة الألوان.
يأخذنا الحنين لتلك الذكريات الجميلة، ونتحايل على خيبات الأمل التي ربما تكسرنا أحياناً، فتمر بخيالنا أطياف جميلة انتهت لكن أثرها الجميل لا زال يرمم انكسارات لا تظهر لأي أحد سوى شبيه الروح.
نتشافى من آلام الحاضر بفترات من الماضي لا تغادر ذاكرتنا. نشتاق للأيام التي كنا فيها نحيا كطير حر
لذلك يطيب لي أن أشارك من أحب وأشعر أنه حاضر برغم غيابه، أقتسم معه إحساسي بسعادة مضت لكن ذكراها يعيد لي بهجتها.
أدعو الله صباح/ مساء أن يبقي لي تلك الوجوه التي ودعتني وما غادر طيفها خيالي، يداعب ذاكرتي، يختزل كل تلك الأحزان التي تعبث بقلبي فتملأ الذكريات أعماقي بكل سعادة.
لابأس بكوب من الذكريات يذيب دفئه صقيع الفراق، نتناوله كل صباح فيسعدنا كبهجة العناق للأحبة بعد معاناة لوعة الفراق.
وأخيراً صباحي بدايته كريمة، وبركاته عظيمة وحين تكون النوايا سليمة تنهزم كل الأقدار السقيمة، والأحداث الأليمة، بمزيج من صبر ورضا وعزيمة، وبالوفاء يبقى الحب في الله بين الإخوان وتدوم العلاقات الحميمة، لا سيما حين تحياه تحت سماء الأرض الخضراء، التي حوت ذكريات هاشمية بسياج آمن شعاره سيفين ونخلة خيراتها كريمة.
دامت لنا نعم الله وبركات أرضنا وصباحاتكم تزدهي بسعادة غامرة وخيرات جسيمة.
حين نكتب عن ذكرياتنا فلا يعني أننا نهتك خصوصيتنا ونعمم كل أمورنا الخاصة، كما يقال ننشر غسيلنا، وكأننا كتاب مفتوح لمن يقرأ، بل على العكس تماماً نحن نقدم لمن نحب معروفاً حين ننقل تجاربنا الخاصة، ونستخلص منها درساً نهديه لمن أراد أن يستفيد وإن لم نصل نحن لنتيجة. أي أننا نمارس عبادة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، نقدم العبرة والعظة في قالب التجربة وسرد الذكريات الجميل منها والحزين من خلال تجاربنا، ونقدم معروفاً لأنفسنا لأننا حين نسلط الضوء على شخصية رائعة التقيناها فذلك لأجل طرح القدوات والأمثلة الرائعة للمبادئ والقيم الإنسانية والإسلامية بما يتناسب مع مجتمعاتنا.
لست أمدح شخصاً بعينه، ربما أفعل ذلك في إطار مناسبة خاصة به أشاركهم إياها، بل إنني أمدح كل شخصية كريمة بأخلاقها، بعطائها وبتحملها للمسؤولية الاجتماعية، كريمة بحجم المشاركة الوجدانية للآخرين، كريمة بحجم السعادة التي تنبع من أعماقها وتصدرها لمن يحيط بها.
وأخيراً، فإن السبب الأساسي أنني لم يعد عندي ما أعطيه غير التجربة، ولم أجد أجمل من الذكريات ترياقاً لروحي المنهكة من الأحزان، وشفاء لسقم قلبي الذي أوجعه فراق الأحباب..
لا بأس أن يكون صباحي أنيقاً شهياً كلما ارتشفت رشفة من كوب ذكرياتي هنيئاً مريئاً.