أحوال العباد
إبراهيم الزين |
لا يمكن أن نحكم على أحوال العباد من خلال مظاهرهم ونتجاهل مخابرهم .
لابد أن نغوص في الأعماق ..
لابد أن نشكك في مسلماتنا تجاههم ، ونثق في أعذارهم ونقف على أحوالهم ..
فبعضهم مهموم .. وبعضهم موهوم .. وآخر محروم .. وآخر معدوم .. ومنهم العليل .. وقليل منهم المُلام ..
المرء بحر متلاطم من الأمواج .. وغموض سحيق .. ووضوح خجول .. إلّا من اصطفاه الله وأكمله وجمله وفضله ..عواصف الحياة جمّة .. والأعمار إطراب .. والأيام متقلبة الهوى .. والجَمال ثمار .. والأخلاق سلالة الأصول .. والأصول مواريث .. وكل ذلك بحساب ..
عقدتنا أننا عبيد الدنيا .. ونريد تكييفها حسب الأهواء والإشتهاء .. نتسابق لننهب .. بدل أن ننهل .. وننسى أن الغنى من الله .. والعبودية له وحده .. وأنه لا حد لغناه وفضله عزّ وجل .. فلماذا نمد أيدنا لنسطو على الدنيا ، بدل أن نمدها لنسأله من فضله .. فيعطي دون حساب جاهاً ورفعة وثروات ..
ثم .. ما هو الغنى ؟
وما هي الثروة ؟
بوصلتنا دائماً متجهة صوب المال ،،
تماماً كما نوجه الحب صوب العاطفة ..
وننسى أن الثروة ثروات ..
والعطايا هبات متفرقة ومتفرعة ..
فكم من صاحب ثروة من مال هو فقير الحال والأحوال ، بل ويمد يده بالسؤال .. وكم من فقير معدم .. وهو في رضاه وشكره مُنعّم .. وبين الناس وجيه ومكرم ..
فمن هو الغني إذن .. ومن هو الفقير .. ؟
ومن هو الثري ثراءً غير معدوم .. وغنىً غير مختوم ..
الثروة الحقيقية لا يمكن نهبها ولا الإستحواذ عليها .. لأن مفاتيح خزائنها عند رب الأرباب .. فالغنى بالمال من عند الله .. والغني بالناس من عند الله .. وبالوجاهة من عنده تعالى .. وبالعلم والسؤدد والأخلاق والأصل والدين منه ومن فضله .. وسلبها أو بقائها بيده .. وبأفعال عباده .. إن أحسنوا أبقوها .. وإن أساؤوا حُرِمُوها .. فلا فضل لأحد على أحد دون مسببات .. والعدل هو ربنا العادل تعال جدّه ، والتقدير بيده والتقتير ليس من عدله وإنصافه .. ونحن وما عملته إيدينا ، أما من حُرِم مما أفاضه الله على غيره من الناس ، فإن ذلك مدخرٌ عند ربه ، ويعوضه جزاء ذلك تعويضاً يغبطه به أهل الدنيا والآخرة
ثروة الإنسان هي تلك التي سيرحل بها وليست تلك التي سوف يرحل عنها .. والسلام