وثيقة قبل 163 سنة.. “سكة” القطيف كان اسمها “القيصرية” ناصر نصر الله باع صالح آل غانم دكاناً بـ 9 أريل فرنسية
القطيف: صُبرة
بسعر 9 ريالاتٍ فرنسية؛ عُقدت صفقة بيع دكان في سوق القطيف بتاريخ 22 ربيع الثاني سنة 1278هـ، الموافق 26 سبتمبر 1861م. البائع هو الشيخ ناصر بن الشيخ أحمد بن نصر الله أبو السعود، والمشتري هو صالح بن سعود آل غانم. والقصة ليست في هذه الصفقة المعتادة بين بائع ومشترٍ، بل في جوانب أخرى مهمّة. أهمّها اسم السوق الذي يُعرَف بـ “سوق الصكّة”. الوثيقة التي عرضها لـ “صُبرة” الشاعر عدنان العوامي تقول إن اسمه “القيصرية”، وهو ما يعني أن الاسم الأصل اختفى مع الزمن.
ومن جهة أخرى؛ تُشير البيعة إلى أن عقود بيع العقار في القطيف كانت متحفّظة جداً، ومتشرّعة فقهياً إلى أبعد مدى. فالبيع لم يتم للدكان عيناً، بل “أرض الدكان”، وكلّ ما على الأرض إنما هي لواحق لـ “الأرض”. ومغزى ذلك هو الرأي الفقهي الجعفري.
من جهة ثالثة؛ تدلّ لغة عقد البيع على حرصٍ شديدٍ على وصف كلّ شيء، بما لا يدع مجالاً للشك والريب، ويمنع الخلاف المحتمل لاحقاً..
ومن ذلك:
1 ـ تحديد القيمة يتبعه تحديد نصفها “دفعاً للريب“، وقد ذكر العقد أن القيمة هي 9 ريالات فرنسية، ولمزيد من الدقة، كُتب أن نصف القيمة هو 4 ريالات ونصف. وهذا من عُرف البيع في الزمن القديم، لإزاحة أي شك في القيمة.
2 ـ لغة التبجيل للبائع والمشتري، وتطعيم العقد بلغة بلاغية متمكنة.
3 ـ وضع عبارات وتكرار دلالات إبراء الذمة وانتقال المبيع من البائع إلى المشتري وتسلّم البائع كامل المبلغ.
4 ـ وضف كيفية توثيق الشهادة، فالضرير يُكتب “كُتب عنه“، ومن غير الحاضر يشهد “بمسمع“، والحاضر السليم يشهد “بمحضر“.
هذه اللغة تتصف بقوة تعاقدية قانونية متينة.
الوثيقة
نص الوثيقة
بسم الله
داعي التحرير أنه قد باع الرجل المكرم الفاخر الشيخ ناصر بن المقدس الشيخ أحمد بن نصر الله أبو السعود جنابَ الرجل صالح بن سعود آل غانم تمام وكمال أرض الدكان المعلوم بينهما الواقع بالضفة الغربية من قيصرية القطيف، يحدُّه غرباً الطريق الخارجة عن السوق، وشرقاً النافذة من وسط السوق، وشمالاً دكان بيت العوامي، وجنوباً ملك آل بن سَيف، بجميع ما للمبيع من حدود وحقوق وتوابع ولواحق من جدران وأحجار وما يُعدُّ منه ويُعرف به شرعاً وعُرفاً ولغةً عموماً وإطلاقاً، بثمن قدره وعدّه تسعة أريل فرانسة، نصفها عن الريب أربع ريالات ونصف، قبض البايع الثمن بتمامه وكماله، من يد المشتري، نقداً بمجلس البيع، فبرئت منه ذمته براءة شرعية، براءة قبض واستيفاء، بيعاً صحيحاً شرعياً مشتملاً على جميع المصححات الشرعية، بيعاً بتّاً بتلاً فصلاً لا ثنيَ فيه ولا خيار، مسقطاً فيه جُملة الدعاوى المسموحة شرعاً وإيمانها لله تعالى، بالتحلية الشرعية، وذلك بعد سبق الرؤية من الطرفين، وتقدم الخبرة من الجانبين، فبموجبه أنه لم يبقَ للبايع فيما باعه ولا في ثمنه لقبضه له حقٌّ ولا مستحق، ولا دعوى ولا طلب، بوجهٍ ما، ولا سبب، بل صار ذلك مالاً وملكاً للمشتري، يتصرف فيه كيف شاء وأحب، تصرُّف المُلّاك في أملاكهم، وذوي الحقوق في حقوقهم، لا مُصارع له فيه ولا مُنازع، وجرى ذلك باليوم الحادي والعشرين ربيع الثاني من سنة الثامنة والسبعين والمائتين والألف.
يشهد بذلك السيد سلمان بن سيد عيسى العوامي وكتب عنه
يشهد به اعترافاً الأقل أسعد بن عبدالله العوامي
وقع البيع وقبض الثمن بمحضر الأقل سلمان بن محمد علي آل الزاير
بسم الله وقع البيع واعترف البايع بقبض الثمن بمسمع الأقل ناصر بن لطف الله بن محمد الحكيم