حكيم بن الطفيل.. عرض درامي مقترح
علي الفرج
يحيي الموالون لآل البيت (ع) ذكرى عاشوراء كلّ عام، وذلك لما تحويه هذه الحادثة من مواقف ومشاهد تستحقّ التأمّل والدراسة. إذ لا تخفى أهمية هذه المعركة ومفصليتها في التاريخ الإسلامي، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، تمثّل هذه المعركة بما حوته من مواقف بطولية وإنسانية وكذلك شيطانية المستوى القيمي والأخلاقي الذي مثّله مجتمع كلا المعسكرين: الحسيني والأموي وتقابلهما في العديد من القيم والمبادئ.
وكما ينبغي تسليط الضوء على المجتمع الحسيني وتقديمه ليكون النموذج والقدوة واستنطاق مواقف أصحابه في معالجة ما تعيشه مجتمعاتنا من مشكلات وتحدّيات، ينبغي دراسة مجتمع المعسكر الأموي لتكون نماذج معسكره صورًا للنفوس الشيطانية ولمستوى الانحطاط الإنساني والخلقي التي ينبغي أن تتخلّص منها مجتمعاتنا المعاصرة.
ومثالًا على ذلك، يمكن تقديم شخصية حَكِيم بن الطفيل الطائي السنبسي التي تعدّ شخصية ملفتة للنظر، وذلك لمشاركته في أكثر الجرائم الفظيعة التي ارتكبها الجيش الأموي بحقّ الحسين (ع) وأصحابه (رض). وفي هذه الوقفة، أشير إلى مجموعة من جرائمه التي ذكرتها المصادر التأريخية، وهي:
• شارك في قتل العباس بن علي (ع)، وذلك عندما «كمن له زيد بن ورقاء الجهني من وراء نخلة، وعاونه حكيم بن طفيل السنبسي، فضربه على يمينه فأخذ السيف بشماله، وحمل عليهم.. فقاتل حتى ضعف، فكَمَنَ له حكيم بن الطفيل الطائي من وراء نخلة فضربه على شماله». [ابن شهراشوب في المناقب، ج3/ 256]، «حتّى أثخن العباس (ع) بالجراح فلم يستطع حِراكًا» [الشيخ المفيد في الإرشاد، ج2/ 110]. وقد روى مشاركته في قتل العباس كل من: الطبري في تاريخه، ج4/ 358، والأصفهاني في مقاتل الطالبيين، ج1/ 90، وابن الأثير في الكامل في التاريخ، ج3/ 127.
• كما شارك الحكيم في سلب ثياب العباس، كما يذكر ذلك البلاذري في أنساب الأشراف، ج3/ 151.
كما أنه رمى الإمام الحسين (ع) بسهم يريد قتله، ولكن السهم تعلّق بسربال الإمام. [البلاذري في أنسابه، ج3/ 151].
• ووصلت به الدناءة إلى أن يشارك في رضّ جسد الإمام الحسين بالخيل، وذلك فيما يرويه ابن نما الحلي في مثير الأحزان، ص 59، إذ يقول: «ثم نادى عمر بن سعد من ينتدب الحسين فيوطئ الخيل ظهره؟، فانتدب منهم عشرة: .. وحكيم بن الطفيل السنبسي..»، ويذكر القصّة ذاتها ابن طاووس في اللهوف، ص 79.
• وقد ابتلي في بدنه: الأمالي الخميسية للشجري ج1/ 170: «قَتَلَهُ [أي: العباس (ع)] زَيْدُ بْنُ رِفَادٍ الْجِنِّيُّ، وَحَكِيمُ بْنُ الطُّفَيْلِ الطَّائِيُّ السِّيسِيُّ وَكِلَاهُمَا ابْتُلِيَ فِي بَدَنِهِ ..»، وهذا مذكور أيضاً في الرسالة (تسمية مَنْ قُتل مع الحسين (ع) من ولده وإخوته وأهل بيته وشيعته) للفُضيل بن زبير الأسدي.
وحول القبض عليه وكيفية قتله، يروي الطبري في تاريخه، ج4/ 533؛ وابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 4/ 243 أنه: «عندما امتلك المختار الثقفي الكوفة، ونادى بقتل قتلة الحسين (ع)، أرسل عبد الله بن كامل إلى حكيم بن طفيل الطائي، فقبض عليه، فاستغاث أهل حكيم بعديّ بن حاتم، فطلبه عدي من ابن كامل، ولكنه رفض وقال: أمره يرجع إلى المختار، فذهب عديّ إلى المختار ليشفع فيه، فقتله ابن كامل والشيعة رميًا بالسهام كما رمى الحسين (ع)، حتى صار كأنه القنفذ قبل أن يصل إلى المختار حذرًا من قبول المختار شفاعة عديّ بن حاتم».
إنّ مثل هذه الشخصية، وتقابلها شخصيات أخرى، تستحقّ تسليط الضوء عليها لبيان طبيعة المعسكر الأموي وما جمعه من شخصيات مثّلت فيها الباطل في قبال الحقّ الذي صدع بإحيائه الإمام الحسين (ع) وأصحابه (رض) والتضحية من أجله.
وما أقترحه بهذا الخصوص، الاهتمام بعرض مثل هذه النماذج وذلك انطلاقًا من الوسائل الحديثة، من قبيل الأفلام القصيرة التي من شأنها نشر هذه المشاهد التاريخية وتقريبها إلى الجيل الحالي بما يتلاءم وطبيعة التحديات المعاصرة. وذلك ضمن أعمال درامية قصيرة تسلّط الضوء على مشاهد محدّدة حول هذه الواقعة التاريخية المهمّة.