معصومة الصيُّود.. أول امرأة قطيفية لاحقت الأخبار وحرّرت التقارير تدرّبت على يد عبدالرؤوف الغزال.. وحبيب محمود "دكتاتور"
أم.. معلمة.. صحفية.. وسيدة أعمال أخيراً
سيهات: شذى المرزوق
يعيش المرء حياة واحدة، لكن معصومة هلال الصيود عاشت أربع حيوات، في كل حياة منهن امتلكت دافعاً شغوفاً ومهنة بارزة من التعليم إلى الإعلام مرورًا بالأمومة.. وأخيراً عالم الأعمال..!
معصومة الصيُّود هي أول صحافية من محافظة القطيف لاحقت الأخبار وحرّرت التقارير، وعلى الرغم من أن سيرتها في الصحافة متقطعة، فإنها سجّلت هذا السبق.
الحياة الأولى: شغف الكتابة وصعوبة البدايات
في منتصف ثمانينات العقد الماضي، بدأت في كتابة “الخواطر”.. هذا النوع من الكتابة سبقتها كثيراتٌ إليه، في القطيف وغير القطيف. أرسلت كتاباتها إلى صحيفة “اليوم” التي نشرت خواطرها تباعاً على فترات. هذا النوع من الكتاب فتح لها باب تجربة التعاون مع الصحافة، وهكذا راحت تحرر الأخبار القصيرة وتحرر التقارير الاجتماعية، وتتابع التغطيات التي تسمح بها ظروفها حضورها.
شغفها بقراءة الروايات كوّن لديها مكتبة منزلية، وبدأت الكتابات الأولى وهي في الثانوية العامة، ووهي تصف هذه الكتابات بأنها “كانت عبارة عن تفريغ لمشاعر خطتها بطريقة نثرية قريبة من الشعر، فهي لم تتعدّ كونها خواطر فتاة في المرحلة الثانوية”.
بدأت القصة حين انتبهت معصومة إلى “لا اسم نسائي فيها آنذاك.. رفعت سماعة الهاتف واتصلت بالجريدة بطلب المشاركة” وجاء رد الجريدة مفاجئًا “تلقيتُ ترحابًا كبيرًا وقبولًا ومتابعة من عتيق الخماس نائب رئيس تحرير اليوم آنذاك”.
محطات
حظيت معصومة بالتتلمذ على يد صحافيين ممارسين، حيث تدربت على يد عبد الرؤوف الغزال سكرتير تحرير صحيفة “اليوم” وقتها، إلى جانب إرشاد الخماس لها، لتشكلها قسوة الانتقادات وصعوبة التعديلات.
كما عملت الصيود في صحيفة “الرياض”، ولكن “لفترة بسيطة” على حد تعبيرها، من خلال يحيى بو رداس، مدير تحرير الرياض في ذلك الوقت. ثم ما لبثت أن عادت ادراجها إلى جريدة اليوم “هناك انتمي، بل هو بيتي الثاني”.
وجوه كثيرة أثّرت في معصومة في الصحافة، سواء الذين عملت معهم أو من قرأت لهم وتتبعت عملهم، وهي تتذكرهم قائلة لـ “صُبرة”: ” تأثرت بمقالات محمد العلي الواقعية، وواظبت على قراءتها صباح كل يوم، مسترجعة فترة عملها تحت إشراف فالح الصغير ـ مدير التحرير ـ في قسم محليات، وزمالتها للصحافي والناقد أحمد سماحة (من مصر) وكذا عملها مع حبيب محمود، الذي تصفه بـ “الدكتاتور”.
وأضافت “في مرحلة لاحقة كان لي عمل مع الأديب الراحل حسن السبع وعبد الوهاب العريض، ومع كل هذه الأسماء تتذكر “معصومة” القسم النسائي الذي أعاد إليها ذكريات الانطلاقة الأولى لها في الصحافة.. تقول “عملتُ مع الدكتورة أمل الطعيمي، عميدة كلية الآداب، وزميلتي الطموحة من القطيف نوال اليوسف، وزكية القصيبي”.
ومع تجاوزها لعدة مراحل في عملها الصحافي كل مرحلة كانت بمثابة الاضافة ودرس اعلامي تتمنهج على أساسه بدءًا بأول تغطياتها في حفل تخرج طالبات كلية الاداب مروراً بعمود “نهار جديد”، حتى سلسلة القصص الخبرية التي تفخر بها “قالت: حدثيهم” بالإضافة للتحقيقات والتقارير الميدانية.
إلا أن معصومة عانت من خيبات أمل العمل الصحافي، وأرجعت جزءًاً من سبب ذلك إلى عدم تفرغ الجانب النسائي للعمل في عالم الصحافة، تروي “الصيود”: “عملت محررة متعاونة في البداية، وجدت أن العمل الصحافي له قواعد وأسس لمسها الرجال من الإعلاميين أكثر من السيدات، وذلك لالتزامهم بدوامٍ كامل يفرض عليهم العمل بمعايير الصحافة الحقة”.
مكافحة معصومة مع متطلبات العمل الصحافي للمرأة من صعوبة في التنقل والمواصلات، كان سبباً آخر فضلًا عن متاعب التكنولوجيا التي فرضتها الصحافة في الفترات الاخيرة لها، ومع أنها لم تستلم باختيارها العمل الميداني والتحقيقات، إلا أنها كانت تمر بمحطات من الانطواء أحياناً وصفتها بحالة انكماش على الذات، ولكنها عادت لتضع التكنولوجيا أبرز اسباب فتورها “قد يكون هذا هو أحد الأسباب التي جعلتني غير نشطة في الإعلام في الفترات الأخيرة، خاصة وأنا أعتمد غالباً على أبناء أختي في كتابة التقارير بالكمبيوتر، حيث التحقيقات أو الأخبار تستلزم منا تعديلات مستمرة بعد أن ترفع للمتابعة”.
الحياة الثانية: شغف المعلمة
شغف لا ينتهي بهذا كانت معصومة تعمل في مهنتين شاقتين معًا، امتهنت التدريس معلمة للغة العربية لطالبات المرحلة الثانوية، وبدأت الصحافة في الثانوية العامة، واستمرت في أثناء الدراسة الجامعية وحتى تخرجها ببكالوريوس في اللغة العربية واستلامها لوظيفتها الجديدة معلمة. أثرت مهنتها في شغفها لتخفت تارة وتتوهج تارة أخرى، حتى انقطعت تمامًا عن الصحافة، منذ ما يقرب من 16 عام.
الحياة الثالثة والمستمرة “معصومة أم لسلام”
مع صعوبات العمل الصحافي ومشقة التدريس، تكافح معصومة بيدٍ مُنهكة وقلب ممتلئ بالشغف، وبمجئ ابنتها سلام إلى الحياة، استطاعت أن تتخذ قرارًا بترك الصحافة، لتسلم نفسها عن طيب خاطر إلى تربية ابنتها، باحثة عن شغف آخر وهو مشروع مستقل بعيدًا عن الوظائف.
الحياة الرابعة: سيدة أعمال
بعد الركض في الصحافة والكدح في التعليم وممارسة الأمومة؛ قرّرت “معصومة الصيود” التقاعد عن الوظيفة، وتوجد لنفسها وظيفة تكون فيها الرئيسة.. والمرؤوسة، وأسست مشروعاً تجارياً خاصاً.