عبدالله الراشد طبيب جراح عالج نفسيات أهل القطيف.. بصمت 32 عاماً في أروقة "المستشفى المركزي" مُجسداً "الطبيب الإنسان"
القطيف: ليلى العوامي
32 عاماً أمضاها الدكتور عبدالله حسين الراشد في مستشفى القطيف المركزي، مجللاً بالصمت والهدوء الشديدين. هو صمت ليس مستغرب على طبيب جراح، أصبح استشارياً نفسياً.
يتنقل بين عيادته، قسم الطوارئ، وأسرة المرضى المنومين، يسمع أنين مكبوت من مريض أثقلته الهموم، لدرجة دفعته إلى تخطي “الوصمة”، والقبول بمجالسة طبيب نفسي وخط الشيب فوديه، ليحدثه عن اكتئاب أو قلق يعيشه داخله، يسلبه راحة البال.
آلاف المرضى؛ رجالاً، نساءً، وحتى أطفال، أنصتت لهم روح هذا الطبيب السيهاتي، أسداهم النصح، تابع حالاتهم يوماً بيوم، حتى تجاوز بعضهم “المحنة”، وعادوا لعيش حياتهم بنوع من الهدوء.
بين الأحفاد والعيادة
لكن رحلة العقود الثلاثة انتهت الأسبوع الماضي، ودع الراشد المستشفى متقاعداً. لم يحسم أمره بعد؛ هل ينشغل بمجالسة حفيديه، أم يفتتح عيادة خاصة؟ لعله يجمع بين الخيارين، لكن المرضى وزملاء وزميلات المستشفى سيفتقدون: ابتسامته، إخلاصه، تفانيه، وقبل ذلك؛ إنسانيته.
في يوم تقاعده، قال “الوداع صعب، وهذه سنة الحياة، وأريد أن أخبر الناس أن المشاكل النفسية جزء من نمط الحياة، فلا تتحسوا منها كثيراً. هي مرض كأي مرض آخر، وقد يفتح للإنسان مجالات أفضل في حياته”.
أحمد وحيدر عبدالله حسين الراشد
بين الجراحة والنفس
الراشد حاصل على بكالوريوس طب وجراحة من جامعة الملك فيصل بالدمام عام 1988، والزمالة السعودية في تخصص الطب النفسي عام 2000.
له من الأولاد: فاطمه ماجستير إدارة أعمال، أحمد طبيب امتياز، حيدر السنة الأخيرة كيمياء حيوية، حوراء مهندسة معمارية.
بدء الراشد عمله في المستشفى عام 1408هـ (بعد التخرج مباشرة)، في قسم الباطنة أولاً، يقول لـ”صبرة” “كان هناك من الاستشاريين السعوديين حينها الدكاترة: علي الجامع، جعفر القلاف، عيسى العقيلي، ومن الأطباء المقيمين الدكاترة: نديم المبارك، عبدالله الملا، علي الحداد، حسن آل شيف، فيصل الزاير، وغيرهم”.
عاصر جميع المديرين
يضيف الراشد “هناك الكثير من الأطباء لهم فضل كبير في دعمنا، سواءً أثناء العمل في قسم الباطنة، أو بعد التخصص عندما التحقت بالعمل. كان مدير المستشفى حينها صالح الخنيني، وعاصرت جميع المديرين منذ ذاك، وصولاً لإدارة الدكتور رياض الموسى”. يتذكر أيضاً أن أول رئيس لقسم النفسية كان الدكتور عبدالرزاق الغامدي.
لحظات صعبة
يستحضر الراشد سنوات عمله في قسم النفسية، ويلخصها بالقول “إن العمل في المجال الطبي لا بد أن تمر به لحظات صعبة، وهي في معظم الوقت متعلقة بحال المريض. وهذه الفترة هي الأسوأ، حيث فقدنا عدداً من مرضانا خلال هذا الوباء”.
يضيف “المريض يأتي للعيادة النفسية لأسباب مختلفة، وقد تكون اضطرابات القلق والاكتئاب هي الأكثر حضوراً، لكننا عاينا معظم الأمراض النفسية. فعملنا في المستشفى يتعلق بشكل أساس في تغطية العيادة، والحالات الطارئة في قسم الإسعاف، والاستشارات في أقسام المستشفى”.
وصمة المرض النفسي
بعد عقود عمل فيها الراشد في العيادة النفسية بمسشتفى القطيف المركزي، يضيف “أن تقبل الناس للعلاج والاستشارة النفسية مايزال دون المستوى المطلوب، فلا تزال وصمة المرض النفسي – للأسف – تلعب دوراً كبيراً في تخوف المرضى من مراجعة العيادة. لكن يبدو أن المراجعة لتقييم الأطفال تأخذ منحى أفضل من الكبار. أتمنى ان تتحسن هذه النظرة”.
يرى أن جو العمل في مستشفى القطيف “هو في الأغلب مريح، حيث تسود روح التعاون والاحترام بين الزملاء، من جميع المستويات”.
أما ما بعد التقاعد؛ فيرى أن “الإنسان يحتاج أن يضع برنامجاً يملأ فيه فراغ وقته، قد يفكر في العمل في عيادة خاصة يومين أو ثلاثة في الأسبوع”.
قالوا عنه:
المدير التنفيذي للمستشفى الدكتور رياض الموسى، يقول “كل الشكر والتقدير لدكتورنا الفاضل عبدالله حسين الراشد على عطائه الكبير، فهو مثال الطبيب، الإنسان، المتعاون، وخير قدوة لكل العاملين. وفقك الله في خطواتك المقبلة، وفِي رعاية الله”.
زامل مدير العلاقات العامة في المستشفى عبدالرؤوف الجشي، الدكتور عبدالله الراشد لأكثر من 30 سنة، يقول “لم أر منه إلا الخير. هو رجل هادئ الطبع، متسامح مع نفسه والآخرين، مجتهد في عمله. أتمنى له حياة سعيدة”.
المبتسم دائماً
الإخصائي النفسي زكريا إبراهيم المادح، وصف الراشد بـ”المبتسم دائماً”، يقول “عمل المعروف يدوم، والجميل دائماً محفوظ، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله. شكراً للمبتسم دائماً، لصاحب القلب الكبير، للمتواضع الدكتور عبدالله الراشد، على كثير من المواقف، وكثير من العطاء وحب الخير، متمنياً له الكثير من السعادة والفرح والسرور، ودوام الصحة والعافية”.
مع الزملاء في مستشفى القطيف المركزي
داعم مخلص
رئيسة قسم الصحة النفسية في المستشفى الدكتورة سارة العميري، ترى أن “العمل ليس مجرد تشريفٍ، ولا هو منصبٌ للمفاخرة، بل هو تكليفٌ وأمانة”.
تقول عن الدكتور الراشد “أثبت لنا أنه بقدر المسؤولية والأمانة طوال سني خدمته، فقد كان من خيرة من عمل لدينا. كان نعم الموظف المخلص لعمله، وممن حرصوا على تقديم خدمات جليلة للمرضى، ولو على حساب نفسه، فشكراً لك دكتور عبدالله، على جهودك الرائعة، على عملك وتعاونك ودعمك المستمر لقسمنا، الذي لولاك؛ لما تقدم ولا ازدهر. وتمنياتي لك بالتوفيق في المرحلة المقبلة من حياتك”.
أبيات القصيد
أما الممرضة منى الحايك فتقول “أبيات القصيد لا تفيه حقه”، مستشهدة ببيت الشعر:
من أي أبواب الثناء سندخل وبأي أبيات القصيد نعبر
وأضافت الحايك “أن التقاعد هو مرحلة جديدة من العمل والعطاء والمواصلة في نقل خلاصة الخبرات والمعرفة والمهارة للأجيال المقبلة، لتمكينهم من الاستفادة. هناك من كان مثالاً للعمل الجاد المخلص، ربما لم ينل نصيبه من التكريم، ولكن حسن خلقه سيخلد ذكره، ويزيد حبه، رغم تقاعده. مبارك عليك يا دكتور عبدالله الراشد، التقاعد”.
الإنسانية قبل الطب
الأخصائية النفسية فايزة العلق، ترى أن الراشد “لم يكن طبيباً وحسب، كان إنساناً بمعنى الكلمة، كان بمثابة الأخ الأكبر الحنون، كان مثالاً للتواضع، الزهد، الخلق الرفيع والتسامح، كان متوازناً وسطياً في كل شيء، ورغم بساطته؛ لكنه يملك عمقاً في التفكير”.
ولخصت العلق، الدكتور عبدالله بالقول “خبير مثقف مطلع. صباح كل يوم يطلعنا على كل ما هو جديد في مجال التخصص، سواءً دراسات أو أبحاث اطلع عليها من الصحف أو الإنترنت”، مضيفة “على المستوى الشخصي؛ تعلمت منه الكثير. وكنت استشيره في كثير من الحالات. الكلمات لا تفي هذا الإنسان حقه. سنفتقده وسيفتقده مرضاه. نتمنى له أيام جميلة كجمال روحه وهدوء مثل هدوءه”.
مخلص متفان
اخصائية التخاطب سوسن المرزوق تقول عنه “الدكتور عبدالله نعم الأخ والزميل، مخلص متفان جداً في عمله، لم يقصّر يوماً مع الجميع، سواءً الزملاء أو المرضى، بإسداء النصيحة أو العلاج. كان متعاوناً معطّاءً في علمه وعمله، خير داعم، يعطي من وقته الكثير لخدمة الآخرين. نعم الدكتور عبدالله هو الطبيب الإنسان. الله يبارك له في مشواره الجديد، ويوفقه أين ما يكون. وبتقاعده؛ سيفتقد المستشفى قامة مميزة. فلك يا دكتور خالص الشكر والتقدير لكل ما قدمته”.
صمت بإخلاص
تدعو الاختصاصية نسرين المرزوق (إدارة صحية)، الله أن يوفق الدكتور الراشد في حياته الجديدة، تقول “فعلاً أنت من الشخصيات التي تعمل بصمت وإخلاص”.
كان لي الشرف ان عملت بجانب الدكتور عبدالله الرجل الإنسان أعطى وقته وجهده واستثمر طاقاته وجهوده النيره في خدمة المرضى، مازلت أذكر تعامله مع المرضى أثناء استدعائه بالفترة المسائية لمعاينة بعض المرضى بقسم الإسعاف او أقسام التنويم في فترات متفاوته من مناوباتي المسائيه وبكل رحابة صدر، خلاف بعض الأطباء الذين يتم استدعائهم ولا يتفضلوا علينا بمجرد الرد على اتصالات نا، اتمنى له حياة كريمة وهادئه بهدؤ أنفاسه.
يعجز اللسان عن الوفاء بحق الطبيب الإنسان الأستاذ عبدالله الراشد ذالك المعلم البارز في في عمله وتخصصه له كل الشكر والتقدير والاحترام من إخوانه واخواته في القطيف التي خدمهم بكل جوارحه وكيانه وتفانيه نرفع أيادي الدعاء له بالتوفيق والنجاح في جميع أيامه والصحة والسعادة أن شاء الله ونتمنى أن لا يتوقف هذا العطاء عند حدود الوظيفة التي احتاجت أكثر من حاجته هو لها فالقطيف بمثله تمضي مفتخرة
يستاهل كل الخير
الله يديم عليه الصحة والعطاء ويهنيه في باقي مسيرته