القطيف.. “المُمتحنة” تمنح مدرسة اسماً وطلاب في مدرسة من أرهب الفرس "لكل اسم حكاية".. تعرف على قصص أصحاب أسماء المدارس

القطيف: ليلى العوامي 

لا يعلم هادي مَن هو صاحب الشخصية التاريخية التي تحمل لوحة مدرسته اسمه؛ “محمد بن أبي بكر”،  الأمر ذاته تكرر مع زينب التي لا تعرف مَن هي “سفانة بنت حاتم الطائي”. ذات يوم سألتها المعلمة: من هي سفانة؟ فأجابت: لا أعرف.

يجهل الكثير من المعلمين والطلبة، على حدٍ سواء، هوية الشخصيات المُسماة بها المدارس التي يلتحقون بها.

لم تأت تسمية المدارس الحكومية من قبيل الصدفة، فحتى سنوات قريبة كانت مدارس البنات تحمل أرقامًا متسلسلة، وفي السنوات الأخيرة حصل بعضها على أسماء شخصيات، فيما مُنحت مدارس البنين أسماء مناطقها، أو مناطق شهيرة في المملكة، لكن غالبييتها تحمل أسماء صحابة، تابعين، شعراء، علماء وشخصيات حديثة من الملوك والأمراء وغيرهم، وأحياناً كلمات مُحفزة.

في 30 أكتوبر من عام 2013، قررّ وزير التربية والتعليم الأسبق، الأمير فيصل بن عبدالله آل سعود، اعتماد تسمية مدارس البنات المُحدثة بأسماء “ذات دلالة معنوية وتاريخية”، وجرى تعميم القرار على الإدارات التعليمية كافة.

“صُبرة” تصحب القراء في جولة لمعرفة من هم أصحاب أسماء مدارس القطيف، نسبةً إلى الشخصيات التاريخية الموجودة على لوحات المدارس.

لوحة إرشادية

مدرسة حبيبة الأنصارية سُميت نسبة إلى حبيبة بنت خارجة التي تزوجت من الخليفة أبي بكر الصديق، وروى ابن سعد “نزل أبو بكر على خارجة بن زيد بن أبي زهير وتزوج ابنته”. تبعد مدرسة حبيبة عن المركز الصحي في مدينة القطيف حوالى 270 متراً، وهي مدرسة طفولة مُبكرة، تدرس فيها 375 طالبة، و204 طلاب. غالبيتهم، إن لم يكن جميعهم، لا يعرفون من هي حبيبة الأنصارية، التي تحمل مدرستهم اسمها.

ترى قائدة المدرسة بهجة نصر الشيخ، أن لهذه المشكلة حل، يتمثل في “تصميم لوحة تعريفية تسرد سيرة الشخصيات التاريخية، ومنهن حبيبة الأنصارية”. واعتبرت هذه الخطوة “ملهمة” للطالبات، قائلة “حبيبة الأنصارية والصحابيات الأخريات قدوة لنساء المجتمع، وبإذن الله في الفترة المقبلة؛ سيكون لها سيرة مُعلقة على حائط في مكان بارز من المدرسة، كما خططنا في المقر الجديد للمدرسة”.

حين تأسست المدرسة، توجهت القائدة الشيخ للقراءة عن حبيبة الأنصارية وصحابيات أخريات، قائلة “معرفتي بها كانت بعد إسناد قيادة المدرسة ليّ، بعدها شعرت بالفخر لأنني قائدة لهذه المنشأة”.

“أميمة” نزلت باسمها “الممتحنة”

تبعد مدرسة أميمة بنت بشر، عن مجمع المحاكم الشرعية في مدينة القطيف، مسافة 500 متر، والمدرسة مُلحقة في الابتدائية الأولى بالبحاري بحي الناصرة.

أميمة بنت بشر من بني عمرو بن عوف، هي إحدى الصحابيات الائي عُرفن بشجاعتهن، حيث شهدت اليرموك مع زوجها، وفيها نزلت آية بسورة الممتحنة “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ  فَامْتَحِنُوهُنَّ”.

يتعلمن بمدرسة دعد بنت عامر

يفصل مدرسة دعد بنت عامر، المُلحقة في الابتدائية الأولى بالقديح، نحو 300 متر عن نادي مُضر الرياضي، ما يجعلها قريبة من المنازل، يبلغ عدد طالباتها 154، لكن من هي دعد بنت عامر؟

لُقبت أم رومان بنت عامر بـ”المرأة الصالحة”، لأنها ساندت الخليفة أبو بكر الصديق، وأنجبت منه أم المؤمنين السيدة عائشة، وعبدالرحمن، أسلمت في مكة المكرمة، وبايعت الرسول “صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم”، وتوفيت في المدينة المنورة.

“لبنى بنت ثابت” تُعلم طالبات سنابس

تبعد مدرسة لُبْنَى بِنْتُ ثَابِتِ، المُلحقة في الابتدائية الثانية بسنابس في جزيرة تاروت، حوالى 550 متراً عن محطة تحلية المياه في الربيعية، يبلغ عدد طالباتها 227.

من يسمع اسم لُبْنَى بِنْتُ ثَابِتِ بْنِ الْمُنْذِرِ؛ يتذكر أخيها الشاعر المخضرم حسان بن ثابت، وأيضاً شقيقها أوس بن ثابت، الذي شهد البيعة الثالثة.

و”زينب بنت الحباب” في النابية

هناك صحابيات أخريات ارتبطت اسمائهن في حياة رسول الله، ومنهن زَيْنَبُ بِنْتُ الْحُبَابِ، التي تَزَوَّجَهَا قَيْسُ بْنُ عَمْرِو، فَوَلَدَتْ لَهُ سَعِيدَ بْنَ قَيْسٍ.

تقع مدرسة زينت بنت الحباب، المُلحقة في الابتدائية الأولى بالنابية، وتبعد عن مصلى العيد حوالى 220 متراً، وفيها 175 طالبة.

سفانة الطائي الكريمة بنت الأكرم

تقع مدرسة سفانة بنت حاتم الطائي، في حي الشاطبي بالقطيف، يبلغ عدد طالباتها 423، ولمكان المدرسة قصة، فلقد كانت مُلحقة في الإبتدائية الرابعة عشر بحي التركيا، وفي العام الدراسي 1441-1442هـ، أصبحت مُستقلة في إحدى المدارس حديثة البناء بحي الشاطبي.

خلد التاريخ قصة كرمّ سفانة، التي منحها والدها حاتم من إبله ما بين العشرة إلى الأربعين، لكنها وهبتها إلى الناس، فقال لها “يا بنية إنَّ القرينين إذا اجتمعا في المال أتلفاه، فإما أن أعطي وتمسكي، وإما أن أُمسك وتعطي، فإنه لا يبقى على هذا شيء. فقالت: والله لا أُمسك أبداً، وقال أبوها: وأنا والله لا أمسك أبداً، فقالت: فلا نتجاور، فقاسمها ماله”.

“شهيدة النساء”

مدرسة أم ورقة بنت نوفل، مُتوسطة مُلحقة في المتوسطة الثانية بالقطيف، تبعد عن خزان الماء حوالى 850 متراً، وفيها 96 طالبة، لصاحبتها حكاية يرويها المؤرخون، حيث لُقبت أم ورقة بنت نوفل بـ”شهيدة النساء”، كانت تملك غلامًا وجارية، وعدتهما بالعتق بعد موتها، فسولت لهما نفساهما أن يقتلا أم ورقة، وذات ليلة قاما إليها فغمياها وقتلاها، وهربا.

الوصول إلى “القمة” بـ”سعد بن الربيع”

تحمل مدارس البنين، أسماءً تاريخية باختلاف المرحلة التعليمية، فالابتدائية عادة تُسمى بأسماء صحابة وتابعين، والمتوسطة تحمل أسماء شعراء، بينما في المرحلة الثانوية تبدأ الأسماء بالتغير، لتحمل أسماء في غالبيتها محفزة، مثل: دار الحكمة، النجاح.

مدرسة سعد بن الربيع الابتدائية في حي المشاري، التي اتخذت “همة حتى القمة” شعارًا لها، تحمل اسم أحد الأنصار الذي استشهد في غزوة أُحد، بعدما طُعن 12 طعنة. تبعد المدرسة عن مستشفى المواساة حوالى 180 متراً، ويدرس فيها 537 طالباً.

“ربعي” قائد أرهب الفرس

أما مدرسة ربعي بن عامر المتوسطة في حي المنيرة، فهي تحمل اسم القائد الذي أرهب الفرس في معركة القادسية، يُقال “كان ربعي في جيش سعد بن أبي وقاص، وكان الفرس يخشون هذه المعركة كثيرًا، حيث هزمهم المسلمون هزيمة ساحقة في معارك سابقة”. يبلغ عدد طلاب المدرسة 221 طالباً.

في رحاب الشهيد البغدادي

مدرسة الشهيد الخطيب البغدادي الثانوية في حي المنيرة أيضاً، تبعد 350 متراً من الثلاجة العالمية، يبلغ عدد طلابها 403. ولد البغدادي أحمد بن علي بن ثابت في غزية من قرى الحجاز، ونشأ في درزيجان، وهي قرية تقع جنوب غربي بغداد، أما سبب تسمية المدرسة باسمه فلأنه كان بارزًا في علم الحديث، وله حلقة في جامع مدينة بغداد.

الإذاعة المدرسية

يبذل قائد ابتدائية سلمان الفارسي في القديح، عبدالله العبيدي، وفريقه من المعلمين جهداً لتعريف الطلاب بهذه الشخصية، قائلًا لـ”صُبرة” “لم نكتف بوضع لوحة عند مدخل المدرسة، بل نقوم بالتعريف بصاحب هذه الشخصية التاريخية مرة كل فصل دراسي على الأقل، من خلال الإذاعة المدرسية”.

أكد العبيدي، أن التعريف بشخصية الصحابي سلمان الفارسي المنسوب إلى اسمه هذا الصرح التعليمي أو المؤسسة الحكومية، يعتبر “تشجيعًا للطلاب، وغرساً للقيم الأخلاقية التي حملتها هذه الشخصية العظيمة”، موضحاً أن تسمية المدارس تأتي “بطريقة مدروسة، ولشخصيات وأسماء مختارة بعناية”.