اسألوهم عن سرقة كيابل المنازل
حبيب محمود
قد تبدو المشكلة بيئية من جانب، وصحية من جانب آخر. لكنّ إشاراتها الأمنية واضحة. وحسناً فعلت الجهات المعنية، اليوم، حين داهمت مواقع إحراق الكيابل في البدراني والنابية، ووضعت يدها على رأس جبل الجليد المختفي أكثره تحت السطح. شكاوى الناس من روائح آخر الليل قديمة، وألسنة النيران تستعرض نفسها بين آونة وآونة غرب القطيف، وفي شمالها في طريق الكويت القديم، المتاخم لـ “أبو معن”…!
وقد تبدو المشكلة بيئية، أو صحية، إلا أن الإشارة الأمنية واضحة. كل هذه الكمّيات من الكيابل التي تُحرق علناً، وبهذا الحجم، من أين جاءت؟ وكيف وصلت؟ كيف لعمّال مقيمين أن يملكوا كلّ هذه الجرأة على تلويث الهواء والإضرار بالناس؟ وقبل ذلك؛ من أين جاءت “السلعة” الأولية من الأسلاك التي تُحرق لاستخراج مادة النحاس فيها..؟
سرقات الكيابل منتشرة سعودياً، وبين وقت وآخر؛ تُصرّح شُرط المناطق بأخبار الإيقاع بمقيمين سرقوا كمّايات كبيرة منها. هناك أرقام مليونية تُشير إليها بيانات الشرطة. وغالبية البيانات تتحدث عن “سرقة”. ومحافظة القطيف؛ عانت من هذه المشكلة كثيراً، وبذلت الأجهزة المعنية جهودها للتعامل مع شكاوى المواطنين، أصحاب المنازل الذين يفقدون موادّ بناء وكيابل ومعادن من الحديد والألومنيوم.
تحدث السرقات في ظلام الليل غالباً. يُنهي صاحب المنزل أعمال “تسليك” منزله ووضع تمديدات الكهرباء والسباكة.. وفي اليوم التالي؛ تختفي الأسلاك. تكررت المشكلة ـ خاصة ـ في منازل قيد الإنشاء، أو في مرحلة التشطيب، أو قبلها. وعلى الرغم من التحرُّز ووضع أبواب معدنية؛ لا يسلم المنزل من الاستيلاء على ما يمكن سرقته من موجوداته.
مداهمة البدراني والنابية اليوم؛ تُشير إلى أكثر مما ظهر. الكميات الكبيرة التي كانت تُحرق ليلا ليست يسيرة. ألسنة النيران التي شاهدناها في الفيديوهات واضحة، والموضوع ليس مريباً فحسب، بل هو خيطٌ يقود إلى معاناة الناس من سرقتهم في ظلام الليل.