مَرثيّةٌ غيرُ متأخِّرة لمقرن بن زامل

أمجد المحسن

 

لمقرن بن زامل 1521-2021

ألا ساحـــــلٌ يُفضي له البحـــرُ كلُّـهُ،

أُسمِّيــهِ بابَ الكونِ أو آخِرَ الشِّعـرِ؟

.

شفافيَّـــــــةٌ شِعريَّـــــةٌ عبقـــريَّـــــةٌ،

لتأخُذَنـي تغريبةُ السِّحْرِ: أنْ أسْرِ.. !!

.

كأنَّ به اللا وقتَ وقـــــتٌ، أرى بـــــهِ

مُحالَ تناهــــــي لا نهائـــــيَّــــةٍ بِكْر 

.

على كيف ما تبغي الطريقةُ.. حيثُما

يحــطُّ بيَ المعراجُ في الأبَدِ الحُـــرِّ

.

وليسَ ليــَومـــــي أن يُعاتِبَ أمسَـــــهُ،

كما لا يُجازَى عيدُ أضحى على فِطْرِ

.

كأنِّي أعيـــــدُ العُمـــرَ خِفَّــــتَــهُ إلى

صبــيٍّ نقِــــيٍّ كُنـــتُــــهُ أوَّلَ العُمـــــرِ

.

وفيه السّماواتُ اتِّكــــاءٌ على يـــــدي..

ومن قَصَصٍ يحكينَ لي ليلةَ القَـــــدْرِ

.

وفيهِ يقومُ النَّــــاسُ أهــــلاً ومرحَـــباً،

صـــلاةَ كرامٍ لا تجــــــوزُ بلا جَــــهْرِ

.

هنالِكَ ما لِي غير أنْ أصحَبَ النَّــــدَى،

وليسَ لرُوحي غـــيرُ مُنسَــــرَحٍ غَــمْـرِ

.

مجازي عصا موســــى أهشُّ بها الأنا،

وأرعى ضَجيجـــــي بين فارِزَتيْ سَطْرِ

.

بلى، مُؤمِــنٌ أنَّ المحبَّــــــةَ جَنَّــــــةٌ،

وأنَّ الكراهيَّـــــــاتِ ضَرْبٌ من الكُفْرِ!

.

وأنَّ الذي لا يفسَحُ الحُــبُّ قَلْبَـــــهُ..

تضيقُ به الدُّنــــيا كَمَنْ ضَاقَ عن سِرِّ

.

على بحرِ “صُورٍ” في عُمانَ، رأيتُني

أغيبُ بعيـــداً قلتُ يا ليتني شِعري!

.

سلامٌ على “صُورٍ”، وبورِكَ حولها..

فما لحنيني، يا ابنةَ البحرِ، مِن جَزْرِ

.

تفوحُ أفاويـــــــهُ المقاديــــــــرِ كلَّما

تصفَّحَ  كُرَّاسَ المحيطاتِ مُستقْرِي..
.

وحَــقَّ لعِطــــــرٍ أنْ يرقِّقَ جلْمــــــداً،

وماذا سيُجدي الطِّيبُ في النيَّةِ الصَّخْرِ؟

.

وراحتْ خـــيالاتٌ إلى ألفِ ليلـــــةٍ..

من السنواتِ الفائضاتِ عن القِـــدْرِ

.

تذكَّرتُ أهل البرتغــــــــالِ، قُدومَهمْ

عليَّ ولم أفطِنْ إلى مِخلَــــــبَيْ نَسْــرِ

.

تداعتْ جيوشُ البحرِ من أجلِ فُلفُلٍ..

ودُكّـــتْ قــــــلاعٌ عن لبانٍ وعن مُــرِّ!

.

طريــــــقُ حريرٍ أم طريـــــقُ توابــــلٍ،

لما يرتدي المُثري، وما يَطْعَمُ المُثري

.

تدحرجَت الأحجارُ من فرطِ ما بهـــا

من اليأسِ، ما أفضى لهُ شارِبُ الخمرِ 

.

بيارقُ من فُرسٍ وتركٍ  تقزَّمــتْ،

إذا جَـــدَّ جِـدُّ الأمرِ ذابــــــتْ بلا أمْرِ

.

ضجيــــــجٌ بلا حَولٍ وطولٍ، كأنَّـــهُ

موسيقى طُبُولٍ لا لِعُـــرسٍ ولا نصرِ

.

ولا رأيَ إلا للــــذي في سِهــــامــــهِ،

عزيمــةُ حُـــــرٍّ شَــدَّها قوسُهُ المبْـرِي

.

وحينئـــــذٍ، قال الخليجُ: رأيتُهُــــمْ

يقدُّونَ ثوبَ الشّمسِ في سورة الفجرِ 

.

لِمنْ صُورةٌ في الدِّرعِ داميةُ النَّحـــرِ؟،

كــــأنَّ عليها كوكباً من بنــي جبرِ!

.

تسربلَــــها أهلُ الفرنجــــــةِ عندمـــا

أرادوا دليلاً أنَّـــــهمْ ســــــادةُ الدَّهرِ

.

وما كلُّ صَيـــدٍ مثلُ رأسِ ابنِ زاملٍ،

تحيَّنَهُ الغـــازي إلى لجَّــــــةِ البحرِ!

.

على طَبَقٍ من شَهرِ تمُّـــــوزَ شَهَّلَتْ

مدافِـعُ لم تُكمِلْ بِه عِــــــدَّةَ الشَّهرِ

.

أأرداكَ طيرٌ، ما السّيوفُ وما القنا؟،

وما حَدُّهُ.. وحشُ المدافعِ من ظِفْرِ؟

.

وما حكمةٌ أن يُوجِــــــدَ المرءُ مهرَباً،

وما خَـــــوَرٌ أن يشتري الرأيَ بالأسْـرِ

.

ولكنّك اخترتَ الجِــــــلادَ، وربَّــما

رأى ساهرٌ أن لا يبـــيتَ على جَـــــمرِ

.

وما كُنتَ فَـــــرَّاراً كمُنقِــــذِ نفسِــــهِ

فيا نِعْمَ ما أسديتَـــــهُ أَلِفَ الكَـــرِّ

.

إذا لم يكنْ للمـــــرءِ من كبــــريائـــهِ

دروعٌ،  تهاوتْ روحـــهُ دونما أجـرِ

.

ومن باعَ من أجلِ الغُــــــزاةِ تُرابَــــهُ،

سيبتاعُــــه صَرْفُ الدّهورِ على خُسْــرِ!

.

فيا “سيِّـــــدَ العُربانِ”، مثلُــــكَ دارِعاً،

تحصَّنَ عنْ شَرْعِ المُعاديـــــنَ بالقَبْرِ !

.

شُجاعٌ.. لأنَّ الأرضَ كانتْ ذريـــعةً،

وليسَ شُجاعاً مَن تذرَّعَ بالذِّكــــرِ!

.

على أجــــــوديٍّ من أساطينِ عامـرٍ، 

تلـــــوَّعَ في قلبِ الدواةِ دمُ الحبـــرِ

.

يدٌ لم تكنْ للأجنبــــيِّ، وإنّــــمــا

تضافَرَ مَــكرٌ فاستراحَ إلى غَـــدرِ

.

مـكيـــــدةُ رأيِ البرتغــــــالِ وهُرمزٍ،

وناهيكَ شَطرنجُ الفرنجــةِ من مكرِ 

.

إذا كانت الغاياتُ حَــــــبَّ قرنفُلٍ،

لماذا توسلّتــــــمْ لهُ مِنجلَ القفْرِ؟

.

أجنَّةُ عَدْنٍ عن طريـــــــــقِ جهنَّمٍ؟!،

أرَقتمْ دماءَ الخلقِ من أجلِ ما زَهْرِ؟!

.

كمثلِ غزالِ المسكِ إذ يذبحونَــــهُ..

ليحْيَـــــونَ في ميراثِـــهِ دونما شُكْرِ

.

فلا يخدَعنْكَ العِطرُ.. قد يعلَقُ الشَّذى

بشفـرةِ فأسٍ شَـذّرتْ خَشَبَ العِطـــرِ!

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×