منى الشافعي: عشقت الإنجليزية وتخصصت في العربية.. والعمل الحقوقي أخذني من الاجتماعي قالت إن دراستها في الروضة وراء شغفها بالعمل في جمعية سيهات

القطيف: ليلى العوامي

من “الهواية” وصولاً إلى “الاحتراف”، كان طريق الناشطة الاجتماعية مستشار تطوير الموارد البشرية والمنظمات منى الشافعي، في مجال العمل الاجتماعي والتطوعي، وهو المجال الذي أحبته منذ الصغر، وحققت من خلاله الكثير من الطموحات والتطلعات التي تصب في خدمة المجتمع.

الشافعي التي وجهت بوصلتها صوب “حقوق الإنسان”، بعد سنوات طويلة في العمل الاجتماعي، تعتزم اليوم العودة لمجالها القديم، ولكن بأفكار ومشاريع جديدة لم تتطرق لها من قبل، شريطة أن تعمل من خلف الكواليس.

وإذا كانت الشافعي ترى أن مستقبل التطوع  والعمل الاجتماعي في المملكة عامة “مبشر بالخير”، فهي تؤكد أن مستقبل القطاع نفسه في محافظة القطيف سيكون “مزدهراً”، تقول “في السنوات الماضية؛ كان لدينا في القطيف متطوعون وجهات كثيرة تحتاج إليهم، كما أن هناك إقبالاً على برامج التطوع في المحافظة”.

أضافت أن “العمل التطوعي في هذه المرحلة يعيش فترة ذهبية، خاصة مع رؤية 2030 ووجود منصة للتطوع، فضلا عن توجه وزارة الموراد البشرية والشؤون الاجتماعية لتعزيز هذا الجانب، عبر تقديم الدورات المجانية في إدارة العمل التطوعي للمتطوعين”.

 

تجربة الماضي

وحلت الشافعي أمس (الأربعاء) ضيفةً على جمعية العطاء النسائية الأهلية في القطيف، في لقاء افتراضي، دام 70 دقيقة، قدمته الإعلامية عرفات الماجد، تحدثت من خلاله عن تجربتها في العمل الاجتماعي “الساحة أمامي كانت فارغة، إلا من لجنة التنمية الاجتماعية في القطيف، وهو العمل النسائي الوحيد في المحافظة، لذا كان لدي شغف وإصرار على مشاركة المرأة في جمعية سيهات”، مضيفة “لفت نظري أن معظم من يعملون في الجمعية رجال، بينما 70% من خدماتها مقدمة للمرأة!!”.

تطرقت الشافعي لمراحل حياتها، وسبب شغفها بالعمل في جميعة سيهات دون سواها “أنا خريجة روضة جمعية سيهات، وهناك دوافع كثيرة جعلتني أسعد بالعمل فيها؛ منها طفولتي التي بدأت في الروضة، إضافة إلى قربي من عمي الحاج أحمد الشافعي الذي كان عضواً مؤسساً، وعضواً لمدة 28 سنة في جمعية سيهات؛ إضافة إلى أنني في هذه الفترة كنت أحرص على مطالعة المجلات الكويتية، وكنت شغوفه بمجلة النهضة، وأقتنيها يوم الأربعاء من كل أسبوع، وأبدأ من صفحة المجتمع فيها”.

تضيف “أنا أحمل جنيناً أعرف ملامحه، فكلما تحقق شيء من حلمي، أرى أنه كان له صورة واضحة في ذهني، بدءاً من تأسيس الجمعية، والمركز النسائي والدورات التدريبية، وأسوة في الجمعيات الأخرى في المنطقة التي كانت تقدم الدورات للمرأة، كي تبرز في مجتمعها”.

المركز النسائي

تحدثت الشافعي عن الجمعية، ودورها الفعال في الأنشطة “جمعية سيهات قبل تأسيس المركز النسائي؛ لعبت دوراً كبيراً في خدمة المجتمع، ومثال على ذلك مشروع روضة الجمعية، فهذا المشروع ريادي للطفل في مجتمعنا المحلي، ولا ننسى دورات الجمعية التي كانت رافداً أساسياً لتثقيف المرأة وتوعيتها”.

ورغم أن الشافعي تخصصت في اللغة العربية، إلا أنها تركز اهتمامها على الإنجليزية “لم أخطط يوماً أن أدرس هذا التخصص، لكن الظروف كان لها دوراً في توجيه بوصلة الاهتمامات، فقد كنت أحلم أن أدرس اللغة الإنجليزية، وأتخصص معلمة فيها”.

وتضيف “أنا أحد أبناء الجيل الذي تهيأت له فرص الوظيفة المتاحة في الحي نفسه، لكن تأسيسي للجنة العمل، وأنا في السنة الثانية من دراستي الجامعية جعلني أتجه للعمل الاجتماعي، وأفضله عما سواه”.

تتابع “لدي تحد كبير، وهو تحقيق رسالتي التي طالما سعيت إليها، فشغفي في العمل الإجتماعي أكبر من التعليم، ومع رصيدي الكبير في هذا المجال والخبرات المتراكمة بفعل حضور الدورات التدريبية، أدركت أهمية أن تثقف المرأة نفسها وتطور من ذاتها، ومن هنا كانت فكرة إنشاء مركز التعليم المستمر، وأدرجتها ضمن الخطط التي كنت أتمنى أن أنقلها إلى مجتمعنا، خاصة في تعليم اللغة الإنجليزية والمهارات الإدارية”.

نصيحة مدرب

تلقت الشافعي نصيحة “جوهرية” ساعدتها على تعديل مسارها وأفكارها “ساعدني أحد المدربين على التفكير في إكمال مسيرتي التعليمية، عندما قال لي بالحرف الواحد “منى.. إذا ظللت تحصلين على دورة وراء دورة، فلن يفيدك الأمر كثيراً، فالدرجة العلمية مهمة، وإذا كان لديك شغف لأن تعملي في المجال الذي ترغبينه، فهناك الدراسات العليا، وفيها المجال الذي ترغبينه”، ما جعلني أتقدم للدراسات العليا في مجال تطوير الموارد البشرية والمنظمات، وكان موضوع رسالتي “وضع لوائح المؤسسات والمنظمات غير الربحية”.

تضيف “انغمست في العمل التطوعي والدراسة، لدرجة أن اللحظات الجميلة غابت في حياتي، وكانت هناك تضحيات، فالحياة ليست مفروشة بالورد، ففي مقابل الحصول على شيء، لا بد أن تكون هناك تضحيات، وكان لدى أبنائي حس بالعمل التطوعي، ويشعرون بالآخرين وبالمسؤولية الاجتماعية، وهو أكثر ما أسعدني”.

حقوق الإنسان

تُقر الشافعي بأهمية العمل الاجتماعي ودوره في توسيع دائرة علاقاتها الاجتماعية “العمل التطوعي من الفرص التي فتحت لي آفاقاً وعلاقات كثيرة، كما فتح لي أفقاً جديداً لأن أكون ضمن الموظفين الأساسين في هيئة حقوق الإنسان في المنطقة التي انتقلت إليها بعدما تركت العمل التطوعي، وفي هيئة حقوق الإنسان، أدركت أن جزءاً من مشاكلنا الإجتماعية كان حقوقياً”.

الشللية التطوعية

بنوع من التفصيل، تصف الشافعي إدارة العمل التطوعي “هي دراسة منهجية، تعالج كل أمراض العمل، ومن واقع دراساتي، فالخبرات الإدارية تعالج الظواهر السلبية في بيئات العمل التطوعي، ونحن لا نستطيع أن نكون مثاليين، والشلة في العمل التطوعي فريق عمل من الصعب أن نقوم بفصلهم، فإذا كانوا فاعلين ويستطيعون القيام بأدوارهم لا مانع من وجودهم معاً”.

وتوضح “تبقى الشللية لها جوانبها الإيجابية والسلبية، وقبل أن تتشكل الشلة، نضع لها إجراءات استباقية من خلال لوائح واضحة، تجعل هيمنة الشللية غير دائمة”.

وتتابع “لدينا حوافز في العمل التطوعي، وأكبر حافز أن الجميع يعمل لوجه الله، وهو القصد الأساسي، ولكن هناك مقاصد ثانوية في كل الأعمال”.

خلف الكواليس

تعترف الشافعي بأنها تشعر بسعادة غامرة، عندما تكون خلف الكواليس “تركنا الأدوار الأدائية للشباب، فهم أقدر على التعاطي مع الظروف، ونحن نقوم بدور المستشار والداعم فقط”. وتضيف “لدي إيمان مطلق بأن الشباب قادر على التعاطي مع المرحلة أكثر منا، لأنهم على معرفة بمتطلباتهم من الحياة، ونأمل من جميع الناس دعمهم”.

وليس لدى الشافعي اشتراطات لمن يريد الدخول في العمل التطوعي، وترى أن الجميع مؤهل لذلك “العمل التطوعي بطبيعته تهذيب سلوكياتنا، والصدام في البداية طبيعي، فالعمل الاجتماعي فيه تحديات كبيرة، والتحلي بالمرونة مطلب في العمل التطوعي، ومهمتنا أن نفهم دوافع المتطوع  من دخوله العمل التطوعي، ومسؤوليتَنا استيعاب كل أنماط الناس، ولابد أن نلبي احتياجاتهم كي يستمروا معنا”.

 

ضوابط وقوانين

ولم تنس الشافعي التطرق إلى دور روّاد المجتمع في بث التوعية ضمن ضوابط وقوانين الرؤية “حظيت بثلاث فرص في المبادرات الشبابية، فرصتان منها تحكيم مبادرات شبابية في هيئات الشباب، وجائزة رسالة، وقد لفت نظري نوعية المبادرات الشبابية المطروحة، فحب الشباب للمبادرة رائع، ولا بد من تعزيزه وتوجيهه للطريق الصحيح”.

طموح لم ينته

ورغم ما حققته الشافعي من إنجازات في مجال العمل التطوعي، إلا أنه مازال لديها طموح لم تحققه بعد “آمل أن أعود للعمل مع الناس بعد التقاعد من هيئة حقوق الإنسان، فلدي أكثر من مشروع لم أنجزه، يسعدني العمل مع الشباب من خلف الكواليس، وسيكون هناك مشاريع كثيرة، ولن أعيد العمل في المجالات التي بدأت فيها سابقاً”.

قدرات الفتيات

خصصت الشافعي في اللقاء وقتاً للحديث عن الفتيات المتطوغات وقدراتهن وإمكاناتهن الخاصة “فتياتنا قادرات على إثبات جدارتهن بإيمانهن والتمكن من تحقيق متطلبات المرحلة، وهن الآن أكثر تحدياً، ولديهن استعداد ومثابرة لتحقيق كل أحلامهن، والتجربة لا بد منها، حتى نتعلم”، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن “تجربة السابقة لها ظروفها، ولا نستطيع فرضها على واقع الشباب اليوم”.

نصيحة ختامية

واختتمت منى الشافعي لقاءها بقولها “العمل والإخلاص والإصرار على التطوير، يجعل للإنسان وهجاً، فالعضلات الفكرية كالعضلات الجسدية، ولديّ إيمان عميق بأنه طالما أن الإنسان موجوداً، فلا بد أن يستمر في التعليم ووسائل التواصل الاجتماعي وسيلة من وسائل الحصول على المعرفة، ونحن نستطيع أن نخلق لأنفسنا مساحة للراحة، والرجوع للعمل بشغف، والإنسحاب لفترة معينة، يجعلنا نقيّم حساباتنا، وهذا حق مشروع بعد كل إنجاز، فمرحلة الشباب تتميز بالاندفاع، لكننا في هذه المرحلة أصبحنا حذرين من هذا الإندافع، ومن المهم التغيير في الأفكار والقناعات، فلا تتخلي عن قناعاتنا، وأكثر التحديات التي تواجهنا هي كيف نحيا بوعي”.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×