الطلبة يلعبون الكرة ويرسمون على “مدرستي”.. في حصص افتراضية تحديات بالجملة تواجه المعلمين وطلبة التربية الخاصة.. ومطالب بإعادة التقييم

القطيف: شذى المرزوق

لم تنس تجربة التعليم عن بُعد، التي فرضتها جائحة كورونا، أن تُطعم الجدول الدراسي، بحصص فنية ورياضة، تحفز الطلاب والطالبات على التفاعل اليومي مع منصة “مدرستي”، وترفع عنهم الملل، هذه الحصص لها وقت محدد، ومعلموها المتخصصون.

لكن تحديات عدة، حالت دون الاستفادة القصوى من هذه الحصص، ما دعا البعض إلى تقييمها وإعادة النظر في الجدوى منها. على الطرف الآخر، طالب البعض بإيجاد طرق تقنية جديدة، تساعد على تعزيز الاستفادة من حصص التربية البدنية والفنية في مدارس التعليمين العام والخاص.

وأقر المتحدثون لـ”صُبرة” بوجود “تحديات كثيرة” تواجه العملية التعليمية هذا العام، وسألوا حول الجدوى من مواد تطبيقية، تحولت على منصة “مدرستي” إلى نظرية، حتى الإرشاد الطلابي بما يتضمنه من توجيهات سلوكية، أصبح افتراضياً، عدا التحديات الاستثنائية التي تواجه طلبة التعليم الخاص.

ملل ورتابة

تنقل والدة قاسم أحمد، الطالب في الصف الخامس الابتدائي، جانباً من حياة ابنها في اليوم الدراسي الافتراضي، “أكثر ما يزعجه من تجربة التعلم الرقمي هو انه لا يستطيع أن يمارس كرة القدم في ملعب المدرسة، الذي كان يمارس عليه مباريات التحدي، تحت إشراف معلم مادة التربية البدنية”.

وتتابع “في الأعوام الماضية؛ كان اليوم الذي يحوي جدول الدراسة فيه حصة عن التربية البدنية، هو اليوم الأكثر تفضيلاً عن سائر أيام الأسبوع، فلا يقبل قاسم التغيب فيه لأي سبباً كان”.

أفضل الحصص

في السياق نفسه، تحدثت والدة حور فيصل، عن شغف ابنتها ذات الـ12 ربيعاُ بالألوان والرسم، وقالت “حصة التربية الفنية أفضل الحصص التي تستعد لها بالادوات الفنية المختلفة والأفكار المميزة أيضاً”.

تضيف “حور تتعامل مع حصص التربية الفنية باعتبارها واجباً أساساً، لا يقل أهمية عن بقية المواد العلمية، وهي ترسل صور رسوماتها إلى معلمتها بمجرد الانتهاء من الحصة الافتراضية”.

تقليل الحصص

يقترح معلم التربية البدنية في مدرسة ابن خلدون الابتدائية بسيهات تيسير العباس، تقليل عدد حصص التربية البدنية افتراضياً، حتى لا تبعث على الملل والرتابة، يقول “دروس التربية البدنية  في المرحلة الأولية 3 حصص، وبما أن الدرس قصير من خلال الإلقاء وتوصيل المعلومات عبر الوسيلة الإلكترونية، لذلك يفضل تقليص الحصص من ثلاث إلى اثنتين، حتى لا يُصاب الطالب الصغير بالملل”.

ويضيف “حصص التربية البدنية عن بُعد قد تكون مناسبة للمرحلة الثانوية والمتوسطة، وممكنة للصفوف العليا في المرحلة الابتدائية، أما المرحلة الأولية، خصوصاً الصف الأول، فأعتقد أنه من المستحيل توصيل المعلومة للطلاب فيها، لصعوبة معرفة الطالب القراءة بصورة سريعة، وأيضاً صعوبة بعض المصطلحات الرياضية” .

ولفت العباس النظر إلى أمر آخر “تجربة التعليم عن بُعد جديدة، ولذلك هي ساهمت في إبداع معلمي البدنية في تحضير الدروس في برنامج بوربوينت، وتوصل المعلومات المطلوبة عن المهارات المناط تعليمها من خلال الصور ومقاطع الفيديو”.

الدروس النظرية

وأكمل معلم التربية الفنية في متوسطة موسى بن النصير حبيب البسطي، ما انتهى إليه العباس قائلاً “التعليم عن بُعد تجربة رائعة وممتازة، ومن شأنها الوصول لغايات التعليم بشكل أرحب وأفضل، ولكن هذا الأمر مرتبط في تطبيق آلية التعليم الرقمية بشكل جيد ومتكامل، من جميع النواحي، سواء الفنية أو التربوية والتعليمية”.

وأوضح البسطي أنه ينبغي ألا تتم هذه التجربة مع وجود خلل بالمنهج أو المعلم أو التجهيزات الفنية من أجهزة واتصالات، وهذا يتطلب المعرفة التامة بالتطبيق، هذا بشكل عام، أما بخصوص التربية الفنية، فهي مرتبطة بالجانب العملي التجريبي، مضيفاً “تجربة التعليم عن بُعد وإن أوصلت الجانب المعرفي النظري، فهي لا توفي الدرس حقه في الجانب العملي”.

الجانب النظري

من جهته، قال معلم التربية الفننية في مدرسة سيهات المتوسطة  عبدالغفور النصر، إن “التركيز على الجانب النظري  في علوم الفنون، هو الغالب في استراتيجية التعليم الحالية، وهذا ليس بحديث العهد، بل هو توجه وزاري سابق تحت عنوان “الثقافة الفنية، والتذوق الفني”، ولا يتجاوز الجانب العملي في هذه البرامج 25٪”.

وتابع النصر “جائحة كورونا الاستثنائية عززت الاعتماد على التقنية أكثر، وحولت ما كان عملياً إلى نظري، من خلال فيديوهات الشرح الخاصة بالمادة وبوابة التعليم الوطني (عين)”.

وأكد أن الأمر “لا يخلو من صعوبات، ولكن الصعوبات الَّتي نواجهها نحن معلمي التربية الفنية، مثلها مثل أي صعوبات أخرى، يمكن أن يواجهها معلمو المواد العلمية، وهي عدم القدرة الكافية على التواصل بِشكلٍ كبير وفاعل مع الطلاب مِن خلال حاجز الشاشة الإلكترونية، وانقطاع البث أحياناً، فضلاً عن بعض الصعوبات التقنية الأخرى، ومنها تحديث المنصة”.

وتطرق النصر إلى تجربة التعليم عن بُعد بشكلها العام “تعتمد على الطالب وأهمية متابعته، فكما يقوم المعلم بدوره، يجب على الطالب التحضير المُسبق والمتابعة، لتستمر عجلة التعليم بتقدمها المأمول”.

الألعاب والدروس

وتصل التحديات ذروتها مع معلمي التربية الخاصة،  وهذا ما ألمح إليه معلم التربية الفكرية في مدرسة ابن خلدون الابتدائية زكريا السيهاتي، بالقول “تتفاوت الصعوبة من شخص إلى آخر، وهناك طلبة لدى ذويهم القدرة على السيطرة عليهم والجلوس معهم أثناء التعليم عن بُعد، والبعض الآخر ليس لديهم هذه المساعدات، ما يصعب عليهم الأمر، إضافة إلى أن بعض هذه الفئة من الطلبة تكون لديهم قدرة كبيرة في استخدام الحاسب للإلعاب الترفيهية، فيدخلون على الألعاب، بدلاً من الدروس”.

وتحدث السيهاتي عن طريقة التعامل المثالية لجذب انتباه الطلبة من ذوي الاحتياجات للدروس “يجب التنويع في استخدام الوسائل التعليمية الإلكترونية وتحديثها، وهو ما يجعل الطالب يشعر وكأنه يعيش في الفصل، كما يجب أن يتحدث المعلم مع الطالب طيلة وقت الحصة، حتى لا يتشتت ذهنه، مع استعمال الوسائل التعليمية المتنوعة والمحببة للطالب، مثل استخدام الأفلام الكارتونية التعليمية، وما شابه ذلك”.

أفضل الطرق

ورغم ما ذكره السيهاتي، إلا أنه يقر بأهمية الحضور المباشر وأفضليته على التعليم عن بُعد “الدراسة الحضورية هي الطريقة الأجدى والأفضل، ولكن في ظل الظروف الحالية؛ أرى أن التخفيف على طالب التربية الخاصة، بتقليل عدد الحصص سيكون مفيداً، لأن الأهالي يتعبون بشكل كبير، إضافة إلى البيئة التعليمية المنزلية ستكون متعبة ومرهقة لطلبة التربية الخاصة”.

تدريب عن قرب

اقترح المرشد الطلابي في مدرسة الحسن بن علي المشرف على برنامج التربية الفكرية، عبدالعظيم التركي “تخصيص أكثر من يوم للطلبة للحضور إلى المدرسة، وتلقي الدروس مباشرة من المعلم، لمتابعتهم أكثر عن قرب”، مُوصياً بـ”تخصيص يومين في الأسبوع  على الأقل لتدريبهم عن قرب”.

أنواع الاعاقة

وأضاف التركي “المدرسة تولي اهتمامها  لنوعين من طلاب التربية الخاصة ببرامج مخصصه لهم؛ أولهم طلبة التربية الفكرية، وهم الذين يشكون من تخلف عقلي بسيط قابل للتعلم، إذ يتم التواصل معهم أسوة بزملائهم الطلبة، وعند التجربة الجديدة معهم، يلزم حضورهم ساعة في أحد أيام الأسبوع، للاستفادة من التعليم المباشر، مع مراعاة الاجراءات الاحترازية، لذلك حرصت المدرسة على تهيئة الفصول المخصصة لهم بالتعقيم والتهوية قبل وبعد حضورهم مباشرة للمدرسة”.

وعن مدى استفادة الطلبة من خلال هذه التجربة، قال “لا نستطيع الجزم بإعطاء نسبة مئوية دقيقة إلا بعد فترة أسبوعين على الأقل”.

وأكمل “الفئة الثانية من طلاب التربية الخاصة هم طلاب فرط النشاط الحركي، وهي فئة تم دمجها مع بقية الطلبة، ولهم خطط مرسومة من الوزارة والمدرسة، نسعى جاهدين لإنجاحها”.

النجاح المرهون

يعول قائد برنامج العوق البصري في مدرسة جعفر بن أبي طالب الابتدائية في القطيف، سامي أحمد الخليفة، كثيراً على أولياء الأمور لإنجاح تجربه التعليم عن بُعد، يقول “من منطلق تجربتي كقائد لبرنامج العوق البصري؛ أستطيع التأكيد أن عملية التعليم عبر منصة مدرستي تواجه صعوبات عدة للمعلم والطالب على حد سواء، كونها لا تراعي كفيف البصر في التعامل مع محركاتها وأيقوناتها، فهي لا تقرأ الأشكال والصور أو طريقة برايل التي يعتمد عليها الكفيف في القراءة والكتابة”.

وتابع “نواجه هذه المعوقات، ونعتبرها فرصاً للتحسين، واعتمدنا على خبراتنا في تدريب المعلمين واستدعاء أولياء الأمور، لتدريبهم على كيفية التعامل مع المنصة، ونعوّل كثيراً على ولي أمر الطالب، للوقوف معنا جنباً إلى جنب، مستشعرين مسؤولياتنا تجاه هذه الفئة”.

ويقول “مع الممارسة والتحديثات والتطوير المستمر للمنصة من وزارة التعليم؛ سارت عملية التعليم في مسارها الصحيح، وتم تعويض الفاقد التعليمي، ولا يزال العمل مستمراً بهمة عالية”.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×