رقية نجت من مصير رقية.. صادقت “الثلاسيميا” وتدرس طب الطوارئ تخشى أن تحتاج لنقل دم ولكنها حققت أحلامها في الزواج وانجبت طفلين

القطيف: بنين آل عويشير

بين التحدي والتفاؤل والرضا بالقضاء والقدر، تسير أيام رقية منصور، المصابة بأحد أمراض الدم الوراثية، متشبثة بالأمل في غد أفضل، خال من آلام ومعاناة الثلاسيمياء الذي أنهك جسدها، من أجل أسرتها الصغيرة، وأيضاً من أجل أمها، التي تخشى أن تفقد ابنتها، مثلما فقدت أخرى بالمرض نفسه.

رقية شابة صغيرة، تدرس طب الطوارئ، ترى أن الصحة “نعمة كبرى، لا يقدّر قيمتها إلا المرضى”، وتنصح الجميع بالمحافظة عليها قبل أن تفلت من أيديهم.

رحلة رقية مع المرض طويلة، بعدما ولدت مصابةً بالثلاسيميا، ولكنها تواصل حياتها بعدما كونت صداقة مع المرض، وحققت أمنيتها في الزواج والإنجاب.

تفاصيل هذه الرحلة تذكرها رقية لـ”صُبرة” في هذا الحيز.

 

أنيميا البحر الأبيض

تصف رقية حالتها الصحية بنوع من التفصيل “ولدت مصابة بأحد أمراض الدم الوراثية G6PD والثلاسيميا، وهو اضطراب وراثي في خلايا الدم، يوصف بانخفاض مستوى الهيموغلوبين في الدم، وانخفاض عدد كريات الدم الحمراء عن المعدل الطبيعي”، مضيفة “نوع الثلاسيميا الذي أعاني منه هو أنيميا نقص الحديد، وهو لا يتأثر بزيادة مخزون الحديد، ومشكلته في الهيموغلوبين ذاته”.

وبعبارات لا تخلو من حكمة، تلخص قصتها مع المرض متسائلةً “هل كنت ستعرف قيمة الصحة لو لم تعرف المرض؟ هل ستعرف النور لو لم تر الظلام؟ كل شيء يحدث في هذا الكون له حكمة، وهذه الحكمة لا يقدر أي شخص على استيعابها، ولا حدود لها”.

 

الداعم الأول

تتابع “منذ أن ولدت بهذا المرض، وأمي كانت ولا زالت الداعم الأكبر لي، تراقبني على الدوام، ترصد أي تغيرات صحية تطرأ علي، تمنعني من الأكل الذي يضاعف آلامي”، مضيفة “كانت ولا زالت تنظر لي نظرة عطف، لا تخلو من ألم وتوجس من المستقبل، وفي كل مرة يتملكها الخوف من أن تفقدني فجأة”.

إصابة رقية بهذا المرض لم يكن مصادفة، “فأمي وأبي حاملان له، وحاولت التغلب عليه بالاهتمام في صحتي وطعامي، والحمد لله لم أحتج إلى نقل الدم، وتجاوزت كل هذا، إلى أن تزوجت من زوج معافى ولله الحمد”.

ظهور السلبيات

سلبيات هذا المرض ظهرت على رقية بشكل كبير، حين أصبحت حاملاً للمرة الأولى، حيث انخفضت نسبة الهيموغلويين في الدم إلى 5، وتكرر الأمر في حملها الثاني، فاضطرت إلى نقل الدم في الشهرين الرابع والسادس. واكتشفت بعد كل ولادة أن الطفلين لديهما المرض نفسه.

 

نقل الدم

نسبة هيموغلوبين الدم لدى رقية حالياً تراوح بين 6 إلى 7 (الأصحاء 14)، وكانت متعبة، وتحتاج إلى جرعات حديد، ولكنها لا تستطيع تناولها بسبب نوع الثلاسيميا، تقول “إذا زاد الحديد في الجسم يتكسر الهيموغلوبين، وينزل مستواه في  الدم”.

المشكلة أن نقل الدم بالنسبة لها يعني “الهلاك والتعب”، مضيفة “إذا كانت نسبة الهيموغلوبين في الدم تشهد نزولاً، فلا تتم عملية النقل، إلا في الحالات الحرجة، ومن المفترض عند نزول مستواه لدى الأشخاص الراغبين في نقل الدم، أن يجروا تحليل مخزون الحديد أولاً”.

خطأ طبي

تلازم رقية أعراض عدة بسبب هذا المرض “كنت أشعر بدوخة وغثيان، وانعدام في الرؤية، وأوجاع في الرأس والجسم، وقلة الشهية، ورجفة في الجسم، مع خفقان في القلب”، مضيفة “في هذه المواقف، كانت أمي تقلق علي، خوفًا من أن تفقدني مثل أختي رقية، التي توفيت، كان عمرها 14 عاماً، وسمتني أمي على اسمها”. 

وأكملت “أختي كانت مصابة بالثلاسيميا، ولم تمت بسبب المرض، وإنما بسبب خطأ طبي حصل أثناء نقل الدم إليها، حيث كان هناك في الوقت نفسه فتاتان باسم رقية منصور، والاثنتان تحتاجان إلى نقل الدم، وأختي كانت فصيلة دمها +O، والثانية كان دمها من فصيلة أخرى، وتم تبديل أكياس الدم بالخطأ أثناء النقل، وحصلت أختي على دم غير فصيلتها، فتوفيت في الحال”.

وأضافت “هذا الموقف لا يزال عالقاً في ذهني، حينما بكت أمي خوفًا من أن تفقدني مثلما فقدت أختي”.

 

الصحة نعمة

في كلمات قليلة، تلخص رقية تجربتها مع المرض “الصحة نعمة لن يعرف الإنسان قيمتها، إلا عندما يمرض، أو يمرض من يعزّ عليك أمام عينيك، فلا تنسى أن تحمد الله على نعمة أنت غافل عنها”. ثم تقول “الصحة نعمة لا تُقدر بثمن، صحتك أولى من أي شي آخر”.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×