[2] حسن الشيخ فرج العمران.. شاعر ذكرته الأزهار ونسيه الرواة [19] بستان السيحة وسمر في الذاكرة

عدنان السيد محمد العوامي

عودة لحديث المشتركات

عرَفنا – في الحلقة الماضية – أن: له (رحمه الله) دِيوانًا لم يُطبع، ونشر بعض المقطوعات في جريدتي “أخبار الظهران”، والوطن)^([1])، ولحسن الحظَّ أنَّ ما نشره في جريدة أخبار الظهران كان في الأعداد التي أصدرها الشيخ عبد الكريم الجهيمان (رحمه الله) من أخبار الظهران، وهذه كلها بحوزتي، وفيها ثلاث قصائد لعل من المناسب أن نقف عند بعضها هنا، ثمَّ نعود لوصل ما انقطع من حديث المشتركات.

 

(أرض العروبة^([2]))

سيري بلادي في طريـ

ـقِك للعلاءِ إلى الأمامِ

واسترشدي بهُدى الشباب

فما إخالك أن تنامي

دوسي على الأشواك سا

خرة كصبٍّ مستهام

وطئي على قِمم العُلا

لا ترقُدي فوق الرغام

وتدفَّقي بالمكرما

ت تدفًّقَ السحب السجام

وتعلَّمي أن لا سبيـ

ـل إلى النهوض سوى الوئام

وتحفَّزي كي تستعيـ

ـدي القدسَ للبيت الحرام

ومن البُريمي فاطردي

مستعمريه بني اللئام

وعن الجزائر والعرا

ق وكل شعب مستضام

من انجليزٍ أو فرنـ

ـجٍ أو عيال العم سام

ماذا انتظارك؟ فانهضي

فالشعب ملَّ من الكلام

وطن توحِّده العرو

بةُ في الحفاظ وفي الذمام

عجبًا أتأتي عينَه

إغفاءةٌ والقلبُ دام؟

* * *

إيهٍ بني وطني الكرا

مِ الصيد أبناءَ الكرام!

هُبُّوا خَفافًا واستسيـ

ـغوا في العلا كأسَ الحِمام

إنَّ السعادة في التحـ

ـرُّر لا الشرابِ ولا الطعام

أرضُ العروبة أصبحت

للمعتدي هدفَ السهام

إني أُهيب بيعرب

من أن تَكفَّ عن الصدام

وبأرضها شبحُ العدُ

وِّ يجوس فيها بانتظام

فإذا استعدتم أرضكم

وحقوقَكم رغم الطغام

وخلقتمو بجهودكم

من شعبكم أسدًا عظام^([3])

سيلوح أكليلٌ على

هامات مجدكم المرام

فتبصُّروا إنَّ العدى

تضع الحبائلَ في الظلام

وتحاذروا من أن تميـ

ـلوا للخلاف^([4]) وللخصام

فكلاهما خطرٌ يهـ

ـدِّدُكم، فسيروا بانتظام

كم من فؤادٍ قد أصيـ

ـبَ برميةٍ من غير رام؟

وتدبروا كل الأمو

رِ بكل حزم واهتمام

وتحاذروا من طيش سـ

ـهم الغدر أو نقض الذمام

كم من فؤاد قد أصيـ

ـب برمية من شرِّ رام؟

* * *

وإذا دعاة الحرب لَـ

ـجُّوا في العِماية والتعامي

فاقفوا الحيادَ فإنه

خير المسالك للسلام

ودعوا الجميع وشأنه

واسعوا على سنن الكرام

* * *

إضافة أستاذ متابع

عقَّبَ الأخ المهندس زكي عباس الخنيزي متمنِّيًا عليَّ أن أضيف إلى سيرة حسن أنه في عام 1957 كان – أسبوعيًّا – يزور حسن الشيخ فرج في الدمام، وأنه قد عرض عليه دراسة عن اللهجة القطيفية خصوصًا إقلاب الكاف إلى “ش” في خطاب الأنثى؛ مثل عندَك: “عندِش”، ووجد أن اللهجة اليمانية، وبعض مناطق المملكة تبدل الكاف “بالشين”، وغير ذلك من  الأمثلة. كذلك كان حسن – في عام 1957، كما يتذكر – عمل في شركة كانو في ميناء الملك عبد العزيز بالدمام، مع عبد الرؤوف الجشي، وعلي عبد الله إخوان (رحمهما الله)، وعند تركه العمل في كانو عمل عند أحد الجزَّافين في القطيف، وبقي عبد الرؤوف على عمله مع كانو بالميناء حتى أصبح أحد المدراء هناك. أما علي إخوان فقد انتقل للعمل لدى شركة أرامكو.

هذه الإضافات من الأخ زكي لها عندي أهمية بما تضيف إلى ما بيني وبينه من مشتركات؛ ففي العمل لدى الجزاف ذكرت ذلك في الحلقة الماضية، والثانية – وهي الدراسة اللغوية التي عرضها حسن (رحمه الله) عليه حول ظاهرة الكشكشة في اللهجة القطيفية، فنحن مشتركان فيها أيضًا وإن سبقني هو إلى ذلك، فقد تطفَّلت على اللغويين في مقال من حلقتين بعنوان (الفصحى والدارجة في القطيف – بين العوام والمثقفين) ^([5]) والثالثة: إن أول عمل زاولته خارج القطيف كان عام 1950م، في سكة الحديد في الدمام “برتبة” عامل نظافة في سكن الأمريكان، لدى مقاول اسمه – إن لم تخنِّي الذاكرة – سلمان أبو بشيت، براتب قدره وعدَّه أربعة أﮔـحشات (ألأﮔْـحَش: مصطلح محلي يعني الريال)، يخصم منها يومٌ واحدٌ كل أسبوعين، فلا أعطى سوى 56 ريالاً أجرة أربعة عشر يومًا، لا أدري لماذا، ثم انتقلت سنة 1951م إلى الجمرك البري لدى إحدى شركة القصيبي في القسم الخاص ببضائع أرامكو الواردة عن طريق ميناء الملك عبد العزيز، ومن مهام عملي مخيم سكن موظفي الجمرك، بالوظيفة نفسها والراتب نفسه، وقد واصلت العمل فيه حتى إضراب عمال شركة أرامكو سنة 1953م، إذ كان رحلتي اليومية إلى العمل عبر الظهران، فلم أتمكن من المواصلة، ومع إدارة العمل قدَّرت ذلك ولم تفصلني، إلا أن حالة من السأم اعترتني فاستقلت. 

في نادي التآلف الرياضي

شاركته في عضوية نادي التآلف الرياضي، فكنت محافظًا للنادي، وأوكِلت لنا معًا كتابة نصوص المسرحيات للحفلات التي كان يحييها النادي، وافترقنا في أنني كنت أكلف بتمثيل بعض الأدوار فيها، وخصوصًا دور المرأة، والمأذون الشرعي، ولم يقم هو بشيء من هذا.

في السفر والترحال

سافر مع والدته إلى العراق وسوريا سنة 1386هـ، وسبقته إلى سوريا بأربع سنين (1382هـ)، وافترقنا في أنه كان بصحبته أمٌّ شريفة وغايتهما زيارة العتبات المقدسة، وكنت بصحبة علة مقيتة، لم يخفف من وطئتها سوى صحبة إخوة نبلاء كانوا يدرسون في بيروت، أمضيت معهم أجمل فترة من فترات السفر أذكر منهم الأساتذة والسيد نعمة السيد مجيد العوامي (رحمه الله)، وسعيد أحمد الناجي، وعبد المحسن الشيخ عبد الكريم الخنيزي، وعبد الرزاق البريكي، وأحمد شعبان، وعبد المجيد محمد تقي السيف، ومهدي سعيد الجامد، حفظهم الله بعين رعايته.

واشتركنا معًا في حجة سميتها (تغريبة بني هلال)؛ لما اكتنفها من صعاب ومشاق، وأثناءها انتفضت فيَّ شيطانة الشعر، موسوسة لي بطيف حبيبتين نأتا عن العين، ولم تبرحا الشغاف، فبعثت لهما أبياتًا هزيلة واهنة على قدر القريحة اليباب منها:

طُفْتُ الْبِحَارَ، ذَرَعْتُ الْأَرْضَ مُحْتَقِبًا

قَلْبَيْ، أُفَتِّشُ عَنْ حُبٍّ، فَلَمْ أََجِدِ

وَعُدْتُ مِزْقَةَ آمَالٍ مُهَرَّأَةٍ

بَعْدَ الْمَطافِ، مُدَمَّى الرُّوْحِ وَالْجَسَدِ

فَكُنْتِ طَوْقَ نَجَاتِيْ، أَيُّ مُعْجِزَةٍ

بَعْدَ الضَّلَالِ أَعَادَتْنِيْ إلَى رَشَدِيْ

* * *

على حين كانت له حبيبة وأرضه، كانت أكبر وأوسع وهي: (أرض العروبة)، ومناجاته لها – كما رأيت – كانت مباشرةً وصريحة، لا مواربة فيها.

__________

    

([1])عن جريدة الوطن: انظر الحلقة الماضية (الهامش 4).

([2])أخبار الظهران، العدد: 30، الإثنين 19 صفر 1376هـ،ص: 15.

([3])في القافية إقواء؛ إذ جاء إن حقها النصب، وقافية القصيدة مبنية على الجر.

([4])في الأصل: للإخاء، وهو خطأ لعله من الجريدة.

([5])مجلة الواحة، بيروت، العدد: 40، الربع الأول، سنة 2006، الرابط: https://chl.li/quWH6، والعدد 41، الربع الثاني، 2006، الرابط: https://chl.li/CyG9J.