30 يوماً فقط تفصل السعوديين عن “أهل المنامة”.. هل سيُفتتح الجسر؟ 301 يوم.. أطول إغلاق يشهده جسر الملك فهد في تاريخه

الخبر: ليلى العوامي

عائداً من مقر عمله، يدندن سمير محمد، وهو يقود سيارته “ما معاكم خبر زين يا رسول السلامه لا تخيب ظنوني بسألك عن البحرين كيف أهل المنامه عاد هم يذكروني قلهم يا مسافر إني بالليل ساهر ما أظن اللي حبيتهم”.

يفرمل؛ متوقفاً عند إشارة المرور في مخطط الشبيلي، يرنو ببصره إلى الجسر، االمتد بطول 27 كيلومتراً، خال تماماً من المركبات، يشعر بغصة عابرة، ينتبه إلى أن الضوء أصبح أخضراً، يواصل دندنته “ظلموني عشقهم في فؤادي بحر ما له مقايس داخله غرقوني في عيوني لهم دار عامره بالأحاسيس بس ليه حيروني يا ترى إيش اللي صار لا رسايل ولا اخبار شوف ما اكبر خطاهم يوم راحوا وخلوني ولا ودعوني ساهر الليل وحدي ما معي إلا الهواجيس كثرة من ظنوني”.

وفي لحظة يشعر خلالها بمزيج من الحسرة والشوق؛ يكمل “بشتكيهم إلى الله يبتليهم بغيري مثل ماهم بلوني ايش من حظ واقدار حبيت واحد غدار إنا مالي امل في احبتي يسعفوني وباللقاء ينصفوني”.

 

باقي شهر فقط

في مركبة أخرى، تستحضر أمل الدوسري، عنوان رواية عبدالرحمن منيف “حين تركنا الجسر”. مرت 8 أشهر على آخر رحلة قطعت فيها هذه الفتاة الثلاثينية الجسر، باتجاه المحرق، “حيث الأهل والصديقات، وأشياء تشكل جزاً من وجداني”.

تعزي أمل نفسها بأنه “لم يتبق الا 30 يوماً بالتمام والكمال، لتدب الحياة من جديد في جسر الملك فهد، الرابط بين السعودية والبحرين، باستئناف السفر عليه في الاتجاهين، كما كان قبل جائحة كورونا”.

لكن تصريح المصدر المسؤول في وزارة الداخلية أمس (الاثنين)، أربكها. كانت تترقبه بشوق رضيع إلى صدر أمه، بيد أنه “أبقى فتح الحدود السعودية مع دول الجوار، خصوصاً أهل المحرق، معلقاً” تقول.

اقرأ أيضاً:

مصدر مسؤول: موعد السماح بفتح المنافذ سيتم الإعلان عنه لاحقاً

شكل إغلاق الجسر “صدمة” للسعوديين والبحرينيين الذين لديهم أقارب وأصدقاء في كلا البلدين، وحتى من ليس لديهم، فهذا الجسر يتجاوز كونه مجرد جسر يربط بين بلدين، أنه “حبل سري” بين “شعبين”. قد ببدو وصفهما كذلك “غير دقيق”، فالأواصر بين البحرينيين والسعوديين يجعل منهم “شعباً واحداً في بلدين”.

 

301 من الإغلاق

عند استئناف السفر في الأول من يناير المقبل، سيكون الجسر أتم 301 يوم من الإغلاق شبه التام، ضمن إغلاق جميع المنافذ البرية للمملكة في 7 مارس الماضي، والاقتصار على المنافذ الجوية، بسبب الجائحة.

منذ افتتاحه في 25 نوفمبر من عام 1986، وحركة السفر ذهاباً وإياباً على الجسر لم تهدأ، منذ الصباح الباكر وحتى فجر اليوم التالي، إلا أن الجائحة أوقفت هذا السيل من المسافرين على الجسر، الذي عبره ـ على سبيل المثال ـ أكثر من مليوني مسافر خلال إجازة منتصف العام الماضي (قبل ظهور الجائحة بنحو شهرين) مسجلاً 2.056.424 مسافرًا وفقاً لاحصاءات الجوازات السعودية في الفترة من 1 – 18 يناير، بمعدل يزيد عن 114 ألف مسافر يومياً.

هنا رصد تاريخي لما شهده الجسر من قرارات وإجراءات تزامنت مع جائحة كورونا:

فجر 27 فبراير الماضي:

أعلن عن إيقاف السفر عبر الجسر بإستخدام بطاقة الهوية الوطنية، واعتماد جواز السفر، وقالت المؤسسة العامة لجسر الملك فهد، في بيان، إن القرار جاء ضمن التعليمات الصادرة من الجوازات السعودية.

وذكرت في تغريدة على حسابها في “تويتر” “تم البدء بتعليق استخدام بطاقة الهوية الوطنية للسفر عبر جسر الملك فهد للسعوديين ومواطني دول مجلس التعاون، وعلى الراغبين في السفر استخدام جوازات السفر الخاصة بهم”.

وفي ذات اليوم عصرًا، بثت المؤسسة تغريدة أخرى قالت فيها “ينبغي على جميع المواطنين السعوديين والخليجيين التقيد بالإجراءات الاحترازية التي قررتها السعودية للسفر عبر جسر الملك فهد”.

  7 مارس:

مساء السبت 7 مارس الماضي، وعند الساعة 11:55؛ بدأ سريان قرار إيقاف المملكة الدخول لأراضيها إلا من المنافذ الجوية، وإغلاق البرية “قصر الدخول إلى المملكة موقتًا للقادمين من دول الخليج والبحرين على المنافذ الجوية في المطارات التالية: الملك خالد الدولي في الرياض، الملك عبدالعزيز الدولي في جدة، والملك فهد الدولي في الدمام.

ويكون المرور عبر المنافذ البرية بين المملكة وتلك الدول للشاحنات التجارية فقط. على أن تتخذ وزارة الصحة جميع الإجراءات الاحترازية اللازمة في المطارات المشار إليها، وكذلك حيال سائقي تلك الشاحنات ومرافقيهم في المنافذ البرية، ويبدأ تطبيق هذه الإجراءات فورًا.

وبالنسبة لدخول المواطنين السعوديين والمقيمين في المملكة القادمين من الدول الثلاث أيضا؛ فيبدأ سريان هذا الإجراء في تمام الساعة  11:55 من مساء السبت 7 مارس الماضي، كما سيكون المرور عبر المنافذ البرية بين المملكة وتلك الدول للشاحنات التجارية فقط.

سنتصافح قريباً

ولأول مرة في عيدي الفطر الأضحى الماضيين، يخلو جسر الملك فهد من الزحام والتكدس التي يتم فيها اللجوء فيها إلى فتح البوابات الإضافية، كما هي العادة في كل عام، وذلك بسبب الجائحة. غرد عبدالعزيز بن شمسان قائلاً “اشتقنا للجسر”.

فيما غردت أنوار القاسم، مهنئة المؤسسة العامة للجسر بمناسبة عيد الأضحى، وذلك الجمعة 31 يوليو قائلة “وانتو بخير، هالاسبوع، نجهز نفسنا؟” وكأنها أرادت ردًا من إدارة الجسر بالإيجاب، ولكنها لم تقرأ أي رد على سؤالها غير الشعور بالإنتظار.

 “سنتصافح قريباً” تغريدة كتبت على منصة المؤسسة العامة لجسر الملك فهد في 2 يوليو الماضي، ما جعل الجميع يتفاءل خيرًا بلقاء الأحبة والأصدقاء في كلا البلدين.

الخميس 23 يوليو:

كانت  بداية الإنفراجة التدريجية، بتطبيق الإجراءات الإحترازية لعودة آمنة. وذكرت المؤسسة على صفحتها في “تويتر” “ابتداءً من اليوم، تود السفارة في المنامة أن تعلن عن إمكانية عودة المواطنين السعوديين الموجودين في مملكة البحرين الراغبين في العودة إلى المملكة العربية السعودية عبر جسر الملك فهد دون تصريح مسبق، مع تطبيق الإجراءات الاحترازية المعمول بها في المملكة، مع تمنياتنا للجميع بعودة آمنة”.

 

24 أغسطس:

أعادت المؤسسة العامة لجسر الملك فهد نشر تغريدة من وزارة الخارجية جاء فيها “انفاذاً للتوجيهات الكريمة؛ السماح بدخول المواطنين والمواطنات، وأفراد أسرهم من غير السعوديين (أزواجهن، وزوجاتهم، وأبنائهم، وبناتهم)، والعمالة المنزلية المقيمة في المملكة المرافقة لهم، عبر المنافذ البرية، مع الالتزام بتطبيق الإجراءات الاحترازية والوقائية”.

31 أغسطس:

 سهلت المؤسسة مهمة دخول الطلبة المبتعثين في دولة البحرين مع مرافقيهم من خلال خدمة التصاريح الاستثنائية عبر خدماتها على منصة “أبشر” للخدمات الإلكترونية.

13 سبتمر:

يوم لن ينساه الخليجيون، حينما أُعلِن على منصة المؤسسة العامة للجسر قرار يتضمن الموافقة الكريمة على أن يكون الرفع الكامل للقيود على مغادرة المواطنين السعوديين للمملكة والعودة إليها، والسماح بفتح المنافذ لعبور جميع وسائل النقل عبر المنافذ البرية والبحرية والجوية، بدءاً من 1 يناير المقبل (2021)، وفق الإجراءات المتبعة قبل جائحة كورونا.

وكأن بشائر الخير بدأت بالظهور، ففي 15 سبتمبر الماضي، أعلنت المؤسسة عن الفئات المسموح لها بالسفر إلى خارج المملكة والعودة إليها من المواطنين، وحملت السادسة من صباح  يوم الثلاثاء انفراجه لمن لديهم ظروف خاصة، مثل الموظفين الحكوميين العسكريين والمدنيين والمكلفين بمهام رسمية، إذ أعلنت مملكة البحرين  في اليوم التالي عن الاشتراطات لدخول جميع المسافرين القادمين إليها عبر جسر الملك فهد، واعتماد شهادات الفحص المعتمدة من قبل وزارة الصحة السعودية لدخول مملكة البحرين.

16 سبتمبر: 

أعلن وزير الداخلية البحريني الفريق أول الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، عن “أن العمل جارٍ مع الجهات المعنية في المملكة العربية السعودية الشقيقة، للربط الالكتروني لنتائج الفحوصات المخبرية، تسهيلًا على جميع الزائرين”.

إذن؛ هناك أمل أيها العابرون عبر الجسر، كنتم تراقبون أضواء المنامة من شواطىء الخبر، ولكنكم قريبًا ستعودون، لتروا أهل المنامة، وكذلك: المحرق، سترة، مدينة عيسى، الرفاع، سنابس والدير، وكل مدينة وقرية في الجانب الآخر من الجسر، هم أيضاً اشتاقوا لكم، أو “ولهوا عليكم”، كما قالت الزميلة الكاتبة سوسن الشاعر، في مقال بعنوان “البحرين ولهانة عليكم”، نشرته الزميلة “البلاد” البحرينية.