“ورشة عبدالزهراء”.. إرث عائلي عمره 60 سنة.. من “الدَّوْبَجْ” إلى “تركية” أسسها عبدالله الصباغ وورّثها لأولاده.. وسيُورِّثونها لأبنائهم
القطيف: سماء الغراب
تخطى عمرها العقود الستة، لكنها تحافِظ على ميزتها، كونها تحت إشراف أيدٍ وطنيةٍ منذ افتتاحها. انتقلت من الوالد عبدالله حسن الصباغ (أبو حسن) إلى وَرَثته، أبنائه: حسن، محمد، زكي، مهدي، عبدالحليم وأيمن.
الورشة الوطنية، التي اشتهرت أيضاً باسم “ورشة عبدالزهراء”، بدأت مشوارها عام 1382هـ تقريباً، في حي الدوبج مقابل سوق مياس في مدينة القطيف، وأكملت الطريق في حي تركيا الصناعية حيث تقع اليوم.
قامت على يد المرحوم عبدالله الصباغ، بمساعدة آخرين من القطيف، إلا أنهم لم يكملوا معه الطريق حتى النهاية، “كانت رغبتهم قليلة” على حد تعبير ابنه زكي، “شيئاً فشيئاً أصبحوا لا يترددون كثيراً على الورشة”.
توفي الأب الصباغ (رحمه الله) في 25 من شهر رجب عام 1441هـ، تاركاً خلفه الورشة التي بدأ العمل فيها شغوفاً محباً للميكانيكا، فأصبحت الورشة تجربته وعالمه المميز، موازناً بينها وبين عمله الآخر في بلدية القطيف.
الصباغ الأب اتخذ قراره بعدم الرغبة في تشغيل عمال أجانب، ما دامت الأيدِ الوطنية موجودة. وعندما أصبح بمفرده في الورشة؛ بادر أبناؤه الكبار: حسن، محمد وزكي إلى الانضمام إلى العمل في الورشة “كنا صغاراً في السن، ولكن كنا نراه (رحمه الله) وحده، فبادرنا بالعمل معه”، هكذا قال زكي، وأضاف حسن “أخذناها هواية”.
أضاف الابن حسن “صباحاً كنا نذهب إلى المدرسة، ومن العصر إلى المساء نعمل في الورشة”.
لم تُبنَ الورشة بين يوم وليلة، تطلبت الكثير من الجهد والوقت، ومع الزمن اكتسبت سمعة طيبة بين الناس، “أمانة الوالد رحمه الله وحبه للعمل كان سبب ثقة العملاء فيه ومحبتهم له منذ افتتاح الورشة” وفقاً لما قال زكي.
أم حسن من خلف الكواليس
لم تقم الورشة على الذكور من هذه العائلة وحسب، كان لزوجة الصباغ أم حسن (رحمها الله) دوراً عظيماً في بناء الورشة، ولكن من خلف الكواليس. فعندما يغيب الزوج تعتني بالأولاد، “كانت تجهز احتياجاتنا للمدرسة من الليل، تكوي الملابس، تعتني بنا اعتناءً كلياً، وعندما يحين وقت حل الواجبات والمذاكرة؛ كنا نعتمد على أنفسنا، وعلى أختنا الكبرى التي كانت تهتم في هذه الأمور” وفقاً لزكي.
يضيف “في الصباح الباكر؛ كانت الوالدة تجهز الفطور، نتناوله ونذهب للمدرسة، وعندما نرجع كانت تتفقد أحوالنا، تسأل عن يومنا، وعن إذا ما كنا نتعرض لمضايقات أو غيرها”.
مواكبة التطورات والمستجدات
العمل في الورشة كانت له تحدياته الخاصة والمتنوعة التي واجهها أبناء الصباغ بالصبر والكفاح، يقول زكي “فصل الصيف كان متعباً أكثر من الشتاء، فحرارة السيارة ترتفع صيفاً، مسببةً بعض المتاعب، أما بالنسبة للعمل؛ فهو على طبيعته”.
تطورت السيارات كثيراً في الأعوام الـ60، وحافظت الورشة خلال هذه العقود على مواكبة التطور التقني والصناعي في مجال هذه الصناعة، يذكر محمد “في كثير من الأحيان لا تتوفر قطع الغيار المناسبة، وهذه تعتبر من المشاكل الشائعة”.
يضيف شقيقه زكي “المشكلات الميكانيكية لم تتغير كثيراً، الشيء الجديد الآن هو التقنيات الإلكترونية التي يمكن أن يُتعلم بعضها نظرياً، أما بعضها الآخر؛ فيحتاج إلى الحاسب الآلي”.
يكمل “تعتمد هذه المهنة على الممارسة والحفظ، فعندما يمر عليّنا شيء جديد؛ نحاول التعامل معه والبحث عنه، وهكذا تُخزن لديّنا الفكرة، فهذا المجال مفتوح تستطيع تعلمه، وخطوتك الأولى أن تعرف طريقة عمل الجهاز. بالطبع هناك صعوبات، فيجب أن تحاول كي تنجز، وتبقى مواكباً للتطور”.
إرضاء الزبون
الصعوبات والتحديات لا تقتصر على السيارة ومشكلاتها، بل كيف يرضي صاحب العمل زبونه له دور كبير في تحديد جودة العمل، لكن ميكانيكيي الصباغ لا يواجهون مشكلات كثيرة في هذا المجال؛ فلقد ورثوا صفات والدهم (رحمه الله) في التعامل مع الزبائن، وكيفية إرضاء الزبون.
يشرح زكي “بعض الزبائن يتقبل لو أخذت سيارته بعض الوقت، أما الآخر فلا، هذا يعتمد على المشكلة، أو الأمر المُراد العمل عليه في السيارة نفسها، فيكون التأخير معتمداً على ظرف العمل نفسه، نحاول أن نرضي الجميع وأن نتفهم زبائننا”.
يكمل محمد حديث زكي “بعض الزبائن يسلمونا السيارة، ويطلبوا إصلاح جميع الأضرار بأي كلفة، وعند الانتهاء من العمل وإعطاء الزبون الفاتورة يتضايق من السعر”، أيضاً “يقوم البعض بإعطائي السيارة في وقت متأخر من الليل، فأعتذر عن عدم استقبالها، مبرراً بأنني لن أستطيع الانتهاء منها، فيرد عليّ الزبون بأنه لا بأس بذلك، فهو غير مستعجل، وفي الصباح التالي يأتيني متضايقاً لأنّي لم أبدأ العمل في سيارته بعد”.
التفهم ومراعاة الزبون أمر شائع في الورشة الوطنية “تغلق الورشة أبوابها في السابعة والنصف، وربما الثامنة مساءً، لكن في كثير من الليال تُغلق في وقت متأخر، إرضاءً وتقديراً لزبوننا” وفقاً لعبدالحليم.
زبائن من مختلف مناطق المملكة
تعتمد الورشة على الأيدي الوطنية من محافظة القطيف، ويعتبر هذا الأمر ميزة لها، هنا قال الميكانيكي زكي “البعض يرغب في العمال الأجانب، والبعض يفضل أبناء الوطن”.
يشير حسن إلى أن رواد الورشة كُثر ومتنوعون من مختلف مناطق المملكة، فبعضهم من الرياض، الطائف، حفر الباطن، وأبها وغيرها، وعلق قائلاً “الكثير منهم زبائن قدماء، تعود علاقتنا بهم إلى أكثر من 12 سنة”.
تقسيم العمل بين الأشقاء
تعتمد الورشة كلياً على الإخوة السبعة، وكي يمشي العمل بالشكل المطلوب؛ يجب تقسيمه على الكل، يشرح عبدالحليم “حسن، وهو أكبرنا، يوزع العمل، فمثلاً نحن نقوم بفك المكينة وناقل الحركة (الجير) من السيارة، ونعطيهما لحسن ليقوم بإصلاحهما وتجهيزهما، وعند انتهاءه نرجعهما للسيارة. أما بالنسبة للعضلات؛ فأي منا قد يتعامل معها”.
يضيف مهدي “ليس هناك شخص في الورشة يعمل في كل شيء، هناك تقسيمات محددة نتبعها لترتيب وتنظيم أسلوب العمل”.
“أجواء العمل في الورشة تتنوع بين الرسمية والعائلية”، هكذا يصف زكي الوضع، موضحاً “إذا انتقلنا إلى تقسيم العمل وإنجازه؛ يصبح الجو العام رسمياً”.
وعلق على الأجواء الأخوية، قائلاً “جميلة ومشجعة على العمل”، مردفاً “بالنسبة لي؛ الميكانيكا حب وشغف وبالطبع وظيفة”.
مصنع الخبرات الميكانيكية
بفضل الله، ثم بجهود أولاد الصباغ؛ أصبحت الورشة على ما هي عليه اليوم، “مصنعاً للخبرات الميكانيكية” كما يقول حسن “قام أشخاص كُثر بالعمل في الورشة كتدريب فقط، فأتوا هنا ليأخذوا التطبيق العملي والخبرة والمعلومات التي لن يستطيعوا أن يحصلوا عليها نظرياً”.
تطورت الورشة على مر السنين، حتى أصبحت ما هي عليه اليوم، ويعلّق حسن “نأمل أن نوسع الورشة وزيادة مساحتها”، يقول زكي “الورشة مُطورة، وما نتطلع إلى إضافته فيها هو تقنية الحاسب، ونعمل حالياً على ذلك بدراسة متطلباتها”.
الجيل الثالث من العائلة
ورث الإخوة هذه الورشة بعد أن توفي أباهم، ولكن لا يتشارك جميع أبناء هؤلاء الإخوة، الاهتمام أو الشغف نفسه، فبعضهم وَرث حب الميكانيكا، وآخرون يرون أنفسهم في مجالات أخرى.
يضيف زكي “إلى الآن؛ لا أشعر أن أبنائي يمتلكون الرغبة بالعمل في الميكانيكا، فهم يشهدون التعب، العمل المضني، والوقت المستغرق في العمل في مثل هذه الأمور”.
أحياناً يأخذهم معه للورشة، “ولكن بعد فترة يبدؤون بالشعور بالملل فيرجعون للمنزل”.
فمحمد زكي، أحد أحفاد عائلة الصباغ، الذي يدرس حالياً في المرحلة الثانوية، يفكر في دراسة الهندسة الميكانيكية مستقبلاً، ليعمل مهندساً. يقول “عمل الميكانيكا متعب ولكن ممتع”.
ويكمل “حالياً أنا مشغول بالدراسة، ولكني أحب العمل في الورشة في الإجازة”، مشيراً إلى أنه ورث حب وشغف الميكانيكا من جده ووالده “أعتقد أنّي ورثت عنهم هذه الصفات، فهم يحبون الميكانيكا، ودائماً ما أتشجع عندما أسمع كلامهم وأرى متعتهم”.
وعند سؤال زكي عما إذا كان يحاول أن يُرغّب أولاده في الميكانيكا، قال “أحياناً أرغّبهم فيها، ولكن هذا يعتمد على أفكارهم، فمن الممكن أن واحداً منهم يريد أن يغير مجال عمله، فبالطبع لا أجبره، بل سأسانده”.
أبدعتي فأجدتي … لك مستقبلك الأدبي أيتها المبدعة جميل هو نقل الحقائق والأجمل الإبداع في للنقل و التوثيق… دعواتي لك بالتقدم .
كل الشكر والتقدير للمرحوم ابوحسن وأبناءه المحترمين حسن ابوعلي ومحمد أبوعلي وزكي ابومحمد ومهدي ابوجواد وعبدالحليم ابوبنين وزكي اخيرا فعلا ورشة تمتاز بالسعوده دون الحاجة الأجنبي وشغل منظم وعمل وصيانة نظيفة وأبدى أمينة تشتغل لحبهم لهذا العمل وأيضا تراهم مبتسمين ومحبين لبعضهم بعض ومحبين للزباين وأخلاقهم عاليه في مانقول الا الله يرزقهم ويغنيهم ويستر عليهم دنيا وآخرة جزاهم الله الف خير
السلام عليكم
للمعلومية، الورشة كانت في الدبابية و كان مع عبد الزهراء (كما عرفناه رحمة الله عليه) رجل آخر اسمه عبد الكريم ان صدقتني الذاكرة.