أمل أبو الرحي تتحالف مع صيني وتايواني لتخفيف معاناة مرضى الزهايمر استلهمت الفكرة من مرض جدها قبل وفاته وطورتها في جامعة واشنطن سياتل
القطيف: عبدالمحسن آل عبيد
من معاناة جدها مع المرض، استمدت المهندسة أمل محمد أبو الرحي انطلاقتها في عالم الاختراعات الجديدة، لتتوصل إلى جهاز يخفف من أعراض مرض الزهايمر على كبار السن، ويساعدهم على استرجاع ذكريات الماضي بأسلوب سهل ومبسط.
أمل، وبفكر واقعي وعملي، ترى أن مهندسي التقنيات، وإن أجادوا في الوصول إلى اختراعات لا حصر لها، إلا أن اختراعاتهم لا تلبي حاجة المجتمع، ولا تحل مشكلات الأفراد، وهو ما يفسر حرصها على تعزيز الجدوى من اختراعها الجديد، واضعة احتياجات جدها أمام عينيها.
وفيما اختصت أمل بالجوانب التقنية والتصميم الهندسي للجهاز، استعانت بفريق عمل مكون من طالب صيني، وآخر تايواني، تحت إشراف أخصائية علم النفس العصبي وأستاذ مساعد بكلية علم الأعصاب. وتقدمت أمل بالمشروع، ليكون رسالة الماجستير الخاصة بها (تخصص ابتكار تكنولوجي من كليةGIX) في جامعة واشنطن سياتل، وحصلت عليه.
جامعة الدمام
حصلت أمل على شهادة البكالوريس بمرتبة الشرف من جامعة الدمام (الإمام عبدالررحمن بن فيصل حالياً)، تخصص علوم الحاسب عام 2014، وعملت مطورة برامج في شركات تقنية لسنوات، لتغادر منتصف 2019 إلى الولايات المتحدة الأميركية لدراسة الماجستير، وتعمل حالياً مستشارة تقنية ومستشارة تجربة مستخدم لبعض الشركات الناشئة في الحلول التقنية والبرمجية.
وبجانب اهتمامها بالتكنولوجيا والتقنيات، تبدع في الموسيقى وكتابة الشعر، وتهوى السفر والتعرف على ثقافات وعادات الشعوب المختلفة وتعلم اللغات.
سر الانطلاقة
تحدثت أمل لـ”صُبرة” قائلة “اخترت أن أشارك في المشروع، لأنه عمل إنساني، هدفه سام، وفيه تحدٍ لي ولقدراتي، إضافة إلى ذلك، كان جدي (يرحمه الله) يعانى من الزهايمر، وهو ما جعلني أشعر بأن مجال المشروع يمسني شخصياً.
عن الجهاز، تضيف أمل “لا يعالج الزهايمر أو الخرف، لأنه للأسف إلى الوقت الحاضر لا يوجد علاج لهذه الأمراض، والهدف منه تخفيف الأعراض الجانبية النفسية التي تصاحب مرضى الزهايمر والخرف، ومن ضمنها العزلة واجتناب التواصل مع الآخرين، لأنهم يميزون تراجع ذاكرتهم، ويشعرون بالارتباك الزمني وبأنهم في المكان الخاطئ”.
وتتابع “يشعر المصابون بالخرف بالعجز والاتكالية على الآخرين، كل ذلك يسبب أعراضاً نفسية حادة، مثل الاكتئاب، الانفعال والغضب، ما يؤدي إلى تحديات جديدة للعائلة ومقدمي الرعاية لهم، في المقابل، رأيت أنه يوجد حل علمي فعال لتخفيف هذه الأعراض، وهو العلاج بالذكريات، عبر تخصيص وقت لاستعادة الذكريات من مراحل عمرية سابقة لهم”.
تخفيف الأعراض وليس علاجها
تقر أمل بأنه إلى الآن، “لا يوجد حل فعال متكامل، يخفف العبء على مقدمي الرعاية الصحية أو يساعدهم في بدء التواصل وكيفيته مع المصاب بالزهايمر أو حتى يعزز شعور المصاب بالاستقلالية وقدرته على إدارة الجلسات أو اتخاذ بعض القرارات البسيطة، كلها عوامل تؤدي من تقليل التأثير الإيجابي للجلسات”.
تقول “الجهاز الذي طورته وفريقي، عبارة عن علاجي – غير دوائي – لإدراة هذا النوع من الجلسات العلاجية، بحيث نسمح للمصاب بالتحكم والادارة الكاملة للجلسة، وكذلك نخفف العبء على مقدمي الرعاية لسهولة استخدامه، وعدم الحاجة للتجهيز المعقد”.
تضيف “أنا صاحبة فكرة الجهاز، وصاحبة التصميم الخارجي له، وتحديد تفاعلات المستخدمين معه ونوعها وطريقتها، ومن مهامي أيضاً الاطلاع على تجربة المستخدم وتحسينها واختبارات الجهاز وتطويره والعمل على تصميم وتطوير واجهة البرنامج فيه”.
طريقة عمل الجهاز
لم تكتف أمل بالمعلومات التي ذكرتها عن الجهاز وتضيف المزيد “هو غير إلكتروني ولا يحتاج إلى شحن أو بلوتوث واقتران من أي نوع، من السهل تجهيزه للجلسات دون الحاجة لأي خلفية تكنولوجية من أي نوع، ويحتاج لجهاز آيباد كشاشة عرض فقط”.
وتتابع “يتم تتبع تفاعل المستخدم وجميع ما يعمله في الجهاز من خلال تقنية معالجة الصور من خلال علم الآلة والكاميرا”.
ترى أمل أن الجهاز سهل الاستخدام من قبل كبار السن والمصابين بالخرف (المتوسط – بداية المتقدم)، وتقول “تمت تجربته مع عدة مصابين وجميعهم استطاعوا استخدامه بسهولة وكانت نتائج ايجابية جداً”.
ويستطيع الجهاز أيضاً ـ بحسب أمل ـ تقديم عرض أسئلة واقتراحات تساعد على بدء الحديث مع المصاب، علماً بأن المحتويات يتم اختيارها وتعديلها حسب بيانات المستخدم، عمره ومكان نشأته وذوقه العام ويمكن دفع المستخدم للتفاعل مع المحتويات في الجهاز بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي وتعليم الآلة، ويتم الدعم كذلك بصفحة ويب، من خلالها يستطيع مقدم الرعاية إدارة الجلسات وتعديلها أو تعديل “ذوق” المصاب وإضافة محتويات شخصية وكتابة الملاحظات وغيره للرجوع لها”.
زرع الابتسامة
عن أبرز الطموحات المستقبلية، أضافت أبو الرحي “المساهمة في تطويع التكنولوجيا والاستفادة من الثورة العلمية التقنية في مجالات انسانية وبيئية أكثر من المجالات التسويقية أو الترفيهية”. وتقول “نملك اليوم ثروة كبيرة من المعلومات وللأسف تستخدم غالباً في مجالات لا تخدم ما نحتاج إليه على أرض الواقع، لذا أتمنى يوماً ما أن أملك شركة أو أحقق فكرة تساهم في زرع ابتسامة أو تسهيل حياة محتاج، والسوق يفتقر إلى حلول تركز على المصاب، وكلها حلول تركز على مقدمي الرعاية”.
تبني المشروع
واستعرضت أبرز أعمالها “بصفتي مهندسة برمجيات، معرفتي تتركز في تصميم واجهات الكترونية وشاشات لمس وما إلى ذلك، في البداية صممت حلاً برمجي فقط بمحاولة جعل شاشة لمس تعمل عمل الريموت كنترول، وعرض الأشياء على التلفاز، بعدها ومع مزيد من البحث، عرفت أن شاشة اللمس من الممكن أن تكون عائقاً، واضطررت أن أخرج من منطقة راحتي الى تصميم جهاز حسي متكامل، وليس فقط على الشاشة”.
وتتابع “تجاربنا الأولية مع المصابين أكدت أن الجهاز سهل الاستخدام من قبل المصابين، وتحديداً من قبل فئة الخرف البسيط إلى بداية المتقدم، وكانت النتائج ايجابية جداً، لدرجة أن بعض مراكز رعاية المصابين عرضت علينا إكمال المشروع وعمل شراكة معهم”.
واختتمت أمل حديثها بدعوة العاملين في مجال التقنية البعد عن الانجراف إلى “البهرجة” التكنولوجية، فينتهي المطاف بحلول تقنية رائعة ومتقدمة، ولكن لا تحل مشكلة. وقالت “لابد أن يفهم المستخدمون وحاجتهم، ويعملون على تلبيتها والتحدي الحقيقي هو جعل الأمور الصعبة تبدو سهلة وبسيطة”.