بعد 7 عقود من إنشائه ورغم انتهاء مهمته.. “التابلاين” محمي من الإزالة استقطب أهالي القطيف للعمل فيه وأسس تجمعات سكانية ومدناً

القطيف: صُبرة

لم يكن خط التابلاين مجرد مشروع نفطي خالص، يمر به النفط السعودي ابتداءً من مدينة القيصومة في محافظة حفر الباطن، وصولاً إلى ميناء صيدا في لبنان، ومنه إلى أروربا وأميركا، كان عاملاً مساعداً على إحداث نهضة شاملة، وبث الروح في 3 مدن سعودية، هي: طريف، عرعر ورفحا، فضلاً عن قدرته على إنعاش الاقتصادي، وتوفير فرص وظيفية للكثير من أبناء الوطن، ومنهم أهالي محافظة القطيف الذين أقبلوا على العمل فيه لسنوات طويلة، قبل أن يتوقف ضخ النفط من خلاله لأسباب سياسية.

دفع مرور أكثر 7 عقود على إنشاء خط التابلاين، هيئة التراث أمس (الثلاثاء) إلى تسجيله في قائمة التراث الصناعي الوطني، ليكون أول موقع تراث صناعي يتم تسجيله رسمياً في المملكة، تقديراً لأهميته التاريخية ولدلالاته التنموية والاقتصادية المرتبطة بمرحلة بدايات صناعة النفط.

وتقول مصادر غير رسمية، إنه كان مخططاً في البداية أن يكون مسار الخط من بقيق في المنطقة الشرقية، نهاية بميناء حيفا في فلسطين، لكن ظهور الكيان الإسرائيلي عام 1948، أدى إلى تعديل مسار الخط، ليكون نهايته صيدا اللبنانية.

أطول خط

أنشئ خط التابلاين بأمر من الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن (طيب الله ثراه)، وهو أطول خط نفطي في العالم، يمتد من ساحل الخليج العربي إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط، ويبلغ طوله 1664 كيلومتراً، وبدأ العمل في إنشائه بداية عام 1948، وانتهى في 2 سبتمبر 1950؛ لينقل نصف مليون برميل نفط يومياً من المملكة إلى الأسواق العالمية.

وبلغت كلفة إنشاء الخط 230 مليون دولار، ويتكون من 200 ألف قطعة أنابيب بوزن إجمالي 35 ألف طن، وشارك فيه 3 آلاف من آليات ومعدات البناء، وعمل فيه 16 ألف شخص، غالبيتهم من أبناء الوطن، وكان من بينهم قطيفيون عملوا في عمليات الإنشاء والصيانة.

ونجح الخط في اختصار مسافة نقل البترول إلى الربع تقريباً، بعد أن كانت الناقلات تقطع مسافة 6000 كيلومتر تقريباً من الخليج العربي مروراً في بحر العرب والبحر الأحمر؛ لتصل إلى البحر المتوسط عبر قناة السويس.

مدن وقرى

وعلى ضفاف خط التابلاين، أنشئت مدن وقرى عدة، ضُم غالبها في منطقة إدارية سميت “محافظة خط الأنابيب” عام 1949، واستوطنتها البادية؛ ليتوافر فيها السكن والتعليم والصحة وسائر الخدمات، بل وحتى الكماليات من الرياضة والترفيه وغيرها، واستقطبت هذه القرى رجال الأعمال من كل أنحاء المملكة والدول المجاورة؛ لتكون مركزاً للتبادل التجاري وبوابةً اقتصادية للمملكة بعد إنشاء طريق ينتظم هذه المدن ليصل بين منابع النفط في المنطقة الشرقية ودول الشام والعراق.

وتضم محافظة خط الأنابيب بالترتيب من الشرق رأس أبو مشعاب، النعيرية، القيصومة، الشعبة، رفحاء، العويقيلة، عرعر، حزم الجلاميد، وطريف. واستمر جريان النفط في الخط منذ بدئه أواخر عهد الملك عبدالعزيز (رحمه الله)، ثم في عهد الملك سعود (رحمه الله)، ليتوقف فترة قصيرة في عهد الملك فيصل (رحمه الله)، عام 1967 خلال حرب الأيام الستة (النكسة)، ثم عاود الضخ حتى كانت الحرب الأهلية في لبنان عام 1975 في عهد الملك خالد (رحمه الله)، فقررت الشركة إنهاء اتفاقيات التشغيل مع الدول التي يمر بها التابلاين، وفي عهد الملك فهد (رحمه الله) تقرر إيقاف تدفق النفط في صيدا نهائياً عام 1983، بعد استمرار القلاقل في لبنان، ليتم نقل كميات من النفط بعد ذلك إلى مصفاة الزرقاء بالأردن، حتى كانت نهاية ذلك بحلول حرب الخليج 1990، ليبقى بعدها خط الأنابيب «التابلاين» جسداً بلا روح، وليظل شاهداً على حقبة من التطور والازدهار لهذا الوطن المعطاء.

اقرأ أيضاً:

إيقاف إزالة “خط التابلاين”.. أول موقع في سجل التراث الصناعي الوطني

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×