[تحليل] شبكة التزوير تتلقّى 2000 ريال لتغيير معلومات “توكّلنا” إلى “محصن”…! "نزاهة" وجّهت ضربة قاضية وشهّرت بالراشين والمرتشين لأول مرة في تاريخها

الدمام: صبرة

مقابل 2000 ريال؛ يمكن تغيير الحالة في تطبيق “توكّلنا” من حالة “لم تثبت إصابته” إلى حالة “محصن“. والـ “محصن” هو من تلقّى جرعتين من لقاح كورونا، ما يعني أن كلّ جرعة “وهمية” قيمتها 1000 ريال. وبعد دفع المبلغ؛ ما عليك إلا أن تفتح تطبيق “توكلنا” لتجد أنك “محصن”، وأنت لم تزر أي من مراكز اللقاحات..!

إنها الأسعار الأولية، وهناك أسعار أعلى، حسب استعجال “الزبون” الذي لا يُريد تلقّي اللقاح، بل تغيير حالته الصحية في “توكلنا”..!

هذه هي السوق السوداء التي أسقطتها هيئة الرقابة ومكافحة الفساد، وأعلنت عن سقوطها مساء البارحة، وأفصحت عن أسماء كل عضو فيها، لأول مرة في تاريخ الهيئة.

شبكة إجرامية سقط منها 12 متورطاً حتى الآن. سعوديون ومقيمون، مزوّرون ومرتشون وغاسلو أموال.. وراشون أيضاً.

سقطت الشبكة؛ بضربة قاضية، لتكون درساً صريحاً لمن يفكّر في انتهاز الفرص المشبوهة..!

خطة التطعيم

مع بداية تنفيذ خطة وزارة الصحة في تطعيم المواطنين والمقيمين بلقاح كورونا؛ ظهرت شريحة مترددة من الناس من تلقّي اللقاح، وسط حالة من التشويش والجدل حول أنواع اللقاحات التي تقدمها الوزارة مجّاناً.

بعض المتردّدين تأثر بانتشار معلومات وتقارير ـ محلية وعالمية ـ حول ظهور أعراض جانبية، وهو ما انسحب على مستوى ثقتهم في اللقاح، وبعضهم لديه خوف مرضي أصلاً من تلقّي تطعيمات يحوم حولها كلام خطير وحساس، بصرف النظر عن صحة الكلام أو عدم صحته..!

وعلى الرغم من الاطمئنان العالمي إلى جدوى اللقاح، وطمأنات وزارة الصحة المتلاحقة التي تؤكد أن متلقّي اللقاح هم أوفر حظاً ـ بكثير ـ من الذين لا يتلقونه؛ لم تتغير قناعة شريحة من المترددين، وبات التهرُّب من التحصين على رأس أولوياتهم.

وحين ظهرت الترتيبات الأخيرة حول دخول المنشآت الحكومية والخاصة المنحصر فيمن تلقّوا اللقاح، ويُظهر تطبيق “توكلنا” تحصينهم؛ تأكدت رغبات التهرب من التطعيم، والبحث عن وسائل لتغيير حالتهم الصحية في تطبيق “توكّلنا”، دون أخذ اللقاح..!

ثغرة بشرية

وهنا؛ تحرّكت مطامع الباحثين عن الفرص المشبوهة..!

تغيير معلومات “توكلنا” من حالة “لم تثبت إصابته” إلى حالة “محصّن” ليس أمراً سهلاً في نظام إلكتروني محميّ بأمن سيبراني مشهود له عالمياً. المملكة العربية السعودية هي الدولة الثانية عالمياً والأولى عربياً في الأمن السيبراني، ما يعني أن التدخُّل البشري في الإجراءات الإلكترونية معدومٌ تماماً، ولا تنجح معه حتى محاولات “الواسطة” بتاتاً.

ومع ذلك؛ هناك ثغرات “بشرية” لا إليكترونية؛ يمكن النفاذ منها، حين تضعف نفس ويسيل لعاب الطمع والجشع، ويرخُص الضمير.

والشبكة التي أعلنت هيئة الرقابة ومكافحة الفساد عن سقوطها، في وقت متأخر من مساء البارحة، استغلّت هذه الثغرة، وشكّلت عصابة رشوة وتزوير وغسل أموال؛ لتقدم خدمات لمن لا يريدون تلقّي لقاح كورونا، وفي الوقت نفسه يريدون تغيير حالتهم الصحية من “لم تثبت إصابته” إلى “محصن”.. فكيف تمّ ذلك..؟ وكيف سقطت الشبكة في قبضة مكافحة الفساد..؟

يقوم نظام التحصين ضدّ كورونا على إجراءات صارمة، بعضها بتسجيل موعد مسبّق، وبعضها من دون موعد مسبّق..  ولكنها جميعها تلتقي عند نقطتين أساسيتين:

نقطة زيارة مركز اللقاحات، وتعبئة البيانات، ثم تلقّي اللقاحات.

ثم يُعبّيء مركز اللقاحات بيانات المحصن لإثبات تلقّي اللقاح عبر النظام الإلكتروني التابع لوزارة الصحة.

هاتان النقطتان؛ هما ما يُغيّر حالة المحصن في تطبيق “توكلنا”، فهناك “محصن جرعة أولى” و “محصن جرعتين”.

توزيع أدوار

وما فعلته الشبكة الإجرامية؛ هو اللعب على النقطتين الأساسيتين.. بتزوير معلومات تُثبت زيارات وهمية لمركز لقاحات، ثم إدخال بيانات ومعلومات غير صحيحة ـ في النظام الإلكتروني التابع لوزارة الصحة ـ تُثبت تلقّي اللقاحات.

وحسب مصادر خاصة؛ فإن الشبكة نشطت في بيع “خدمات مشبوهة” لأعداد لم يُكشف عن حجمها حتى الآن. وتشكّلت عصابة تبادل أعضاؤها أدواراً مختلفة:

هناك من يروّج الخدمة لكسب “زبائن”.

وهناك من يتواصل مع “الزبائن” ويتفق معهم.

وهناك من يستقبل “الرشوة” عبر حسابه المصرفي.

وأخيراً؛ هناك من يُدخل البيانات لإثبات زيارة مركز لقاحات وتلقّي التطعيم.

3 جرائم

توزيع الأدوار هذا؛ أنتج 3 أنواع من الجرائم:

جريمة الرشوة: التي تورّط فيها 12 مواطناً ومقيماً تلقّوا أموالاً غير شرعية مقابل قيامهم ومشاركتهم في ارتكاب جريمة التزوير.

جريمة التزوير: بتواطؤهم ـ جميعاً ـ على استخدام معلومات غير صحيحة فيما يمكن وصفه “محررات رسمية” إلكترونية.

جريمة غسيل الأموال: عبر تحويل أموال غير شرعية بطريقة تبدو شرعية، ومن ثم استخدامها بين المتورطين في الرشوة والتزوير.

عناصر الشبكة:

  1. المواطـن اكـرم عـقـال عـون القحطانـي (موظـف بمركـز اللقاحـات بالشـؤون الصحية بالمنطقـة الشـرقية)، حصل على مبالـغ مالية من مواطنين ومقيمين مقابل تعديل حالتهم الصحية من خلال وسطاء.
  2. المواطـن نايـف محمـد مسـاعد الشهري (موظـف بالشـؤون الصحيـة بالمنطقـة الشـرقية)، حصل عـلـى مبالغ ماليـة مـن مـواطـنـيـن ومقيمين مقابل تعديل حالتهم الصحية من خلال وسطاء.
  3. المواطـن محمـد احـمـد عـلـي الريحـي (وسيط)، قام بالإعـلان فـي وسـائل التواصـل الاجتماعـي واسـتقبال مبالغ ماليـة مـن المواطنين والمقيمين الراغبين في تعديل حالتهم الصحية.
  4. المواطـن عـون سـلـيمـان عـون القحطانـي (وسيط)، قام بالإعـلان فـي وسـائل التواصـل الاجتماعـي واستقبال مبالغ ماليـة مـن المواطنين والمقيمين الراغبين في تعديل حالتهم الصحية.
  5. المواطـن بنـدر صغيـر أحـمـد الشهري (وسيط)، مكّن أحـد المتهميـن مـن اسـتخدام حساباته البنكيـة فـي استقبال الأمـوال مـن المواطنين والمقيمين الراغبين في تعديل حالتهم الصحية.
  6. المقيـم احـمـد فـرج مـحـمـود، سـوري الجنسية (وسيط)، قام بالإعلان فـي وسـائل التواصـل الاجتماعـي واستقبال مبالغ مالية من المواطنين والمقيمين الراغبين في تعديل حالتهم الصحية.
  7. المقيـم مؤتمـن شـايـف حـزام شـجاع، يمنـي الجنسية (وسيط)، قام بالإعـلان فـي وسـائل التواصـل الاجتماعـي واستقبال مبالـغ مالية من المواطنين والمقيمين الراغبين في تعديل حالتهم الصحية.
  8. المقيـم ريـاض علـي غـالـب سـيف، يمنـي الجنسية (وسيط)، مكّن أحـد المتهميـن مـن اسـتخدام حساباته البنكيـة فـي اسـتقبال الأموال من المواطنين والمقيمين الراغبين في تعديل حالتهم الصحية.
  1. المواطـن نايـف ذيـب مانـع القحطانـي (مسـتفيد ووسـيط)، استخدم حسـاباته البنكيـة فـي اسـتقبال الأمـوال مـن المواطنيـن والمقيمين الراغبين في تعديل حالتهم الصحية، ودفع مبلغ مالي لأحد المتهمين لتعديل حالته الصحية من المواطنين والمقيمين الراغبين في تعديل حالتهم الصحية.
  2. المقيـم يـاسـيـن محفـوظ الجنـدي، يمنـي الجنسـية (وسيط)، قام بالإعـلان فـي وسـائل التواصـل الاجتماعـي واستقبال مبالغ
  3. المواطن يحيى أحمد عيسى حكمي (مستفيد)، دفع مبلغ مالي لأحد المتهمين مقابل تعديل حالته الصحية. ه
  4. لمواطن يحيى أحمد إبراهيم عناب (مستفيد)، دفع مبلغ مالي لأحد المتهمين مقابل تعديل حالته الصحية.

سقوط الشبكة

سقطت الشبكة الإجرامية بسهولة، بعد تقصّي هيئة الرقابة ومكافحة الفساد؛ وتحرّيها لإعلانات في مواقع التواصل الاجتماعي؛ “مـن أشخاص يقومـون بتعديل الحالة بحية (مصاب – غيـر محصـن – محصـن جرعة أولـي – محصن) والرفـع بالبيانات بطريقـة غير نظاميـة، وذلـك مقابل مبالغ ماليـة”.

وانتهت التحريات إلى القبـض علـى موظفـين في الشؤون الصحية في المنطقة الشرقية ووسطاء آخرين.

وقالت الهيئة ـ في بيانها ـ إن “العمل جار على إحالة المتهمين للقضاء لتورطهم في جرائم الرشوة والتزوير وغسل الأموال لإيقاع العقوبات في حقهم. ولمـا لهـذه الأفعـال مـن أثـار سـلبية بالغـة علـى الجهود التي تبذلهـا أجهـزة الدولـة فـي مكافحـة هـذا الوبـاء، فـإن هيئـة الرقابـة ومكافحة الفساد ماضية بحزم في تطبيق ما يقضي به النظام في حق المتجاوزين”.

اقرأ أيضاً

سقوط شبكة الاتجار بمعلومات “توكلنا” وتزوير الحالات الصحية

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×