[ميناء القطيف 48] براءة حسن الجشي من إزالة سوق “الصكّة” وقُرم البحر أنا شاهد عيان.. وما ذكره الخنيزي والناجي غير صحيح
ميناء القطيف
مسيرة شعر وتاريخ
عدنان السيد محمد العوامي
﴿يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ ﴾.
قرأن كريم
هَذا جَناي وَخَيارَهُ فيه
وَكُلُّ جانٍ يَدَهُ إِلى فيه
الإمام علي (ع)
تجنَّى عليَّ الذنبَ والذنبُ ذنبه
وعاتبني ظُلماً وفي شِقِّه العتب
سيف الدولة الحمداني
وعاؤك حذر البحر، أنت نفخته
بفيك وأوكته يداك لتسبحا
شاعر
يداك أوكتا وفوك نفخ
مثل عربي
جنت على أهلها براقش
مثل عربي
اللي يضرب روحه لا يصيح
مثل شعبي
في الحلقة (47) الماضية وعدت ببيان براءة رئيس بلدية القطيف الأستاذ حسن صالح الجشي (رحمه الله) مما نسب إليه في صورة ثناء ومدح لو صدق لكان – في الحقيقة – هو المتهم باغتيال البحر البيئات الثلاث التي أسهبت في تفاصيل تدميرها والخسائر الفادحة التي لحقت باقتصاد البلد وبقائها على هذه الحالة المزرية من التخلف والتقهقر. فلنعد الاتهام كي لا نضطر المتابع الكريم للعودة إليه في الحلقة الماضية.
الاتهام
هما – في الحقيقة – اتهامان لا واحد، الأول: نسبه إليه الأستاذ محمد سعيد الشيخ علي الخنيزي، وهو إصراره على إزالة سوق (الصكة) السكة الأثري، أعيد نصه كي لا كلف الإخوة المتابعين عناء البحث عن الحلقة الماضية – قال الأستاذ: (وعندما قرَّرَت بلدية القطيف إزالة هذا المعلم، انتدبت الوزارة أحد المهندسين، وعندما وقف على طبيعة هذا المعلم قرَّر إبقاءه للتاريخ والذكرى، غير أن رئيس البلدية حسن صالح الجشي، وهو أحد الشخصيات الوطنية للقطيف، ومفكريها في التخطيط والتنظيم… أقنع هذا المندوب أن يتراجع عن رأيه، ويقرر إزالة هذا المعلم- كما روى لي رئيس البلدية حسن الجشي، وقد نفَّذ إزالة هذا المعلم على مرحلتين، الأولى عام أربعة وثمانين بعد الثلاثمائة والألف، والأخرى عام خمسة وثمانين بعد الثلاثمائة والألف هجرية، وعندما روى لي رئيس البلدية رأيه التغلُّبي على المندوب، ورأي المهندس في عدم إزالة سوق القطيف الرئيسية، وحين ذاك قبل أن تقَع الإزالة، أعطيته رأيي بعدم صحة رأيه، وأن رأي مندوب الوزارة هو الرأي الصحيح)([1]))
الثاني سعيد أحمد الناجي، جاء ما دونه عنه في صورة شهادة على جهوده ومنجزاته، هذه صورتها: (. . . وهو شخصية جذابة، طويل القامة، عريض المنكبين، رشيقًا، وسيمًا باسمًا، طلق اللسان عذوبة ومنطقا، شهمًا كريمًا. ويعتبر حسن الجشي من أبرز أعيان القطيف فقد مارس التجارة ونجح فيها ثم امتهن مديرية بلدية القطيف 1382هـ، – 1390هـ فنفعها حاضرًا ومستقبلا فقد خصص أرضًا بمساحة مدينة لأصحاب الدخل المحدود شرق القطيف توزع عليهم مجانًا من قبل البلدية كما خطط مدينة القطيف لتواكب المدن العصرية الحديثة حيث فتح فيها شوارع مشجرة مضيئة كشارع القدس وشارع أحد، وشارع الرياض وشارع المحيط الدائري) ([2]). ولمعرفة الحقيقة نحتاج لشيء من الإضاءة على وضع البلدية قبل وأثناء تسنم حسن الجشي (رحمه الله) سُدَّة رئاستها.
الدولة وميزانية البلدية
لما أكنه للأخوين الفاضلين؛ الأستاذ الخنيزي، والأستاذ الناجي، من التقدير والحب أستأذنهما ببعض الملاحظات على ما دوناه. فالمعروف أن مرجع البلدية – منذ تأسيسها عام 1346هـ – إمارة المنطقة الشرقية، وكانت ميزانيتها تعتمد على الضرائب البلدية المحلية وحدها، وهي ضرائب ضئيلة لا تكاد تفي برواتب جهازها الإداري. وأول تدخُّل للدولة في مساعدة البلدية ماليًّا كشفت عنه أدبيات تلك الحِقبة؛ كان في ميزانية عام 1380/1381هـ، حيث أعانتها الدولة بمليون ريال، لكنها – والعهدة على الكاتب([3]) – لم تفعل بالمبلغ شيئًا، وضمته إلى رصيدها في البنوك([4]).
التدخل الثاني وردت الإشارة إليه في مقالة للسيد علي العوامي، يستفاد منها تعزيز المليون بأربعة ملايين أخرى في ميزانية العام نفسه، لكن البلدية ضمت المبلغ لسابقه خوفًا عليه من التلف، والعهدة على الكتاب (رحمه الله) أيضًا([5]).
رافعة لإنهاض البلديات
تمثلت تلك الرافعة في إنشاء وكالة لوزارة الداخلية تكون مهمتها تطوير البلديات، ومعاونتها في أداء مهامها على أكمل وجه وأتمه، فصدر قرار مجلس الوزراء رقم (517) وتاريخ 25/9/1382هـ، بإنشاء وكالة لشئون البلديات ترتبط بوزارة الداخلية، تتولى الإشراف على جميع شئون البلديات ومصالح المياه، وتنمية مواردهما، والقيام بمسؤوليات الدراسة والتخطيط لتطوير الخدمات البلدية في المملكة([6])، فخصصت للبلديات حصة سمينة في واردات البترول، ونسبة 2% من استهلاك الكهرباء، إضافة إلى الضرائب القديمة.
وأكثر من هذا حملت عنها عبء المشاريع التي لا تقدر عليها البلديات من شق الشوارع والسفلتة والإنارة والمباني كأسواق الخضار واللحوم والأسماك، ومقار البلدية وفروعها، وغير ذلك مما يشمله معنى المشاريع، علاوة على تسديد العجز في ميزانيتها التشغيلية، فهل أفادت البلديات من هذا الدعم غير المحدود، في التطوير والتعمير؟ نعم، ثمة بلديات أفادت من هذا الوضع، فطورت مستوى خدماتها بما لا مزايدة عليه، وأخرى بقيت نائمة حتى يوم الناس هذا.
تخطيط مدينة القطيف
تخفى على كثير من الناس عملية تخطيط المدن في المملكة، القديمة منها والحديثة؛ فبالنسبة للمدن الحديثة يتم إعداد مخطط إرشادي للمدينة، يحدد اتجاهات العمران، وارتفاعاته، واتساع الشوارع، وما يحتاج السكان من المرافق العامة كالحدائق، والمدارس والملاعب، ومراكز الترفيه ودور السينما والمكتبات والمتاحف، والدوائر الحكومية، إلخ. . .وهذا الأمر ذاته يتم عمله للمدن القديمة، والفرق بينهما أن الأول لا يحتاج فيه إلى نزع ملكيات العقارات التي تدعو الحاجة لنزعها، بينما الثاني ينفذ على أراض مملوكة، فيتعين نزع ملكياتِها. هذه الأعباء لا تملك البلدية القدرة على الاضطلاع بها، ومن أجل هذا أنشئ مكتب تخطيط المدن، وهو الذي قام بعمل المخطط الإرشادي لمدينة القطيف، وبموجبه تم فتح شوارع مدينة القطيف، وأزيلت العقارات الواقعة في مسارها، ومنها سوق السكة التي أنَّب الأستاذ الخنيزي رئيس البلدية حسن الجشي على إزالتها، مع أن مصادر تلك الحِقبة تشير إلى أنَّ المبادرة لتنفيذ تلك المشاريع جاءت من قبل مجلس التخطيط الأعلى بالرياض، فهو الذي طلب من البلديات أن تتقدم له بالمشاريع التي تعتزم تنفيذها للسنة المالية 1381 – 1382هـ، ثم استدعى رؤساء البلديات، وناقش معهم تلك المشاريع([7]).
اغتيال البحر ما نصيب الجشي منه؟
لحسن الحظ أن موثِّقات تلك الحِقبة تكشف بوضوح أن ما شقَّ من الشوارع تمَّ قبل تولي حسن الجشي مقاليد البلدية، وبعضها تم بعد خروجه منها، وهي على التوالي:
– شارع الشماسية – البستان شرق غرب، من بدايته عند الحد الشرقي لحي الشماسية، وحتى شارع الإمام علي في الغرب (مخبز أبو السعود الآن): نفذ قبل سنة 1379هـ([8]).
– شارع السطر (شاعر الإمام علي حاليًّا)، من بدايته في الجنوب عند بلدة الدبيبية حتى نخل النزهة (الحسينية الفاطمية حاليًّا)، منعطفًا إلى حي الوسادة، ثم ينعطف إلى بلدة البحاري([9]).
– شارع الشويكة (الجزء الجنوبي من شارع الملك عبد العزيز الآن) – ابتداءً من بلدة الشويكة حتى نهايته عند بر عنك، تم في عهد مؤسس البلدية، وأول مدير لها وهو الشاعر خالد محمد الفرج([10]).
– شارع الحرية (بدر حاليًّا) من سوق الجبلة باتجاه الشرق إلى نهايته في البحر (حاليًّا شارع الجزيرة)، تم في الميزاينة المبتدئة من رجب 1381هـ، والمنتهية في جمادى الثانية 1382هـ، ويتفرع منه الجزء الجنوبي من شارع الفتح، بدءًا من ارتباطهما عند سوق السمك، في الجنوب حتى نقطة اتصاله بشارع الخليفة عمر (رض) تمَّ تنفيذه في عهد يوسف المعيبد (رحمه الله)([11]).
– شارع المدارس، من بداية بلدة المدارس باتجاه الغرب وحتى شارع السطر (الإمام علي حاليًّا)، في الفترة نفسها فترة يوسف المعيبد.
– شارع السكة من نهاية شارع الكويكب باتجاه الشمال، وحتى تقاطعه مع شارع الخليفة عمر (رض)، نهاية السكة، عند السوق المشهورة بـ(سوق شمال) نفذ من قبل مجلس التخطيط الأعلى سنة 1380هـ في عهد يوسف المعيبد (رحمه الله).
تلك هي الشوارع التي تناولتها المصادر المشار إليها في الهوامش، ولم تفصل فيها، وما دمنا في جلسة عرض لسيرة هذا الوطني الكبير، أرى أن الواجب يفرض علي الإدلاء بشهادتي بصفتي شاهد عيان، عملت معه مدة خمس سنوات، كنت فيها أشبه بأمين سره، فقد التحقت بالبلدية في 1385هـ، وبعد عام واحد تسلم إدارة الشؤون المالية.
نطاق البلدية في عهده
كان نطاق خدمات البلدية مقتصرًا على القلعة وضواحيها، ثم في عهد المرحوم الأستاذ حسن ابن الشيخ علي الخنيزي كلفت البلدية بمد خدماتها إلى بعض القرى، لكن لا يبدو أن هذا التكليف نفذ بكامله عمليًّا لسببين؛ أولهما قلة موارد البلدية المالية والإمكانات الإدارية والفنية، والثاني معارضة أهالي بعض القرى شمول قراهم بخدمات البلدية بسبب خوفهم من الضرائب، ومصادرة مساكنهم؛ لأن أغلبها كان عششًا، ومتوارثة، ولا يملكون حجج استحكام بملكيتها، ويخشون أن تنزعها البلدية منهم، أما في عهد حسن فكان نطاق خدمات البلدية يشمل قرى القطيف كافة، من مدينة رحيمة وشعاب، وصفوى، وما يتبعها من قرى في الشمال: حزم صفوى، بلدة أم الساهك، حزم أم الساهك، الدريدي، حزم الدريدي، أبو معن، الرويحة، وفي الغرب الآجام، والخترشية، وفي الجنوب: الجش، وعنك، وفي الشرق جزيرة تاروت، وما بها من بلدات وقرى.
المنجزات
أ – مشاريع أكملها وهي منفذة قبله
– سفلتة ورصف وإنارة الشارع الرئيسي (شارع الملك عبد العزيز الآن) من بلدة الشويكة حتى نهاية الشارع عند نخل الشماسية.
– شارع سكة الحرية (جعفر الخطي ، بدر حاليًّا) من سور الدبيبية غربًا مرورًا بدروازة المخطب، فسكة الحرية حتى سوق السمك الحالي.
– الوصلة التي تقع شرقي سوق السمك، جنوبي بستان بديعة البصري، انتهاءً بساحل البحر (حافة شارع الجزيرة الحالي الغربية)، كانت منفَّذةً في عهد يوسف المعيبد (رحمه الله)، فقام الجشي بردم المستنقعات الآسنة شرقي سوق (العومى)([12]) حتى الساحل (شارع الجزيرة حاليًّا)، وتخطيطها مساكن، وبيعها بالمزاد العلني.
ب – منجزاته
– كان – قبل التحاقه بالبلدية – قد عمل في شركة أرامكو، لذلك كان يعلم أنها – بموجب عقدها مع الحكومة – ملزمةً بتقديم المساعدات، وتوفير الخدمات للإدارات الحكومية التي لا تتوافر لها إمكانات القيام بتلك الخدمات، وأنها هي من خطط مدينتي الدمام والخبر([13])، فألزمها تخطيط منطقة لذوي الدخل المحدود، وقام بتوزيعها على مستحقيها. كانت مساحات القطع التي وزعها 400 متر مربع، ومكانها شمالي موقعها الحالي، ولم تكن ظروف آنذاك تساعد على البناء، لكن بعد افتتاح الدولة صندوق التنمية العقاري، عمرت وسكنت.
– بناء فروع للبلدية في صفوى وتاروت والعوامية والقديح والجارودية وأم الحمام، ولست متأكدًا من فرع الجش.
– بناء سوق اللحوم في الركن الشمالي الغربي من بلد الشريعة.
– ردم موقع مبنى البلدية الحالي، وبناء مقر البلدية الحالي فيه، ونقل إدارة البلدية إليه، وبناء مرأب لإصلاح سيارات البلدية ومعداتها (حاليًّا مكتب العوامي للاستشارات الهندسية).
– بناء أسواق للأسماك والخضرة واللحوم في قرى القطيف.
– بناء مسلخ حديث في برية الرباط، غربي حي الدخل المحدود، وبناء حظائر للمواشي، وتوفير سيارتين لنقل اللحوم.
– بناء حديقة، وملعب أطفال صغير في سوق شمال (ميدان السفينة الحالي).
– تطوير أسلوب جمع النفايات، فصمم برميلاً محمولا على حامل وله زنبرك (Spring) قوي يمنع الأطفال من العبث به. ليسهل على عمال النظافة نقل النفايات إلى صندوق السيارات.
– توزيع براميل نفاية صغيرة على المنازل.
مشاريع أرادها فأحبط؛
1 – طلب من شركة أرامكو ردم المنطقة الواقعة جنوب طريق الميناء، وإنشاء مدينة للعمال فيها على غرار الخبر والدمام ورحيمة وغيرها، لكن أرامكو تملصت بحجة حاجة المنطقة إلى دفن.
2 – بموجب هذا العقد – أيضًا – نفذت عددًا من المدارس في المنطقة الشرقية، وفي القطيف بنت مدرسة بسيهات سنة 1375هـ، 1956م، وفي صفوى عام 1377هـ، 1958م([14])، وكلتا المدرستين بنيتا في فترة غياب حسن خارج المملكة، وحين عاد إلى عمله بالبلدية سنة 1382هـ، 1962م، جرت محاولة من بعض الشبيبة تقدموا للشركة بطلب إنشاء مدارس في القطيف، فتعللت بعدم توافر أراض مناسبة، فاقترحوا إنشاءها في بر البدراني غربي القطيف؛ لخلوه من العوائق، ولأنه ضمن محجوزات الشركة نفسها، لكن المجلس البلدي اعترض، بذريعة نأي المكان، فوجدتها الشركة فرصة للتملص، وفي تقديري أنها لو لا هذا الاعتراض لبنَت المدرسة، وعندها ستجد نفسها مجبرة على توفير حافلات النقل، كما في سيهات وصفوى، فهاتان المدرستان أنشئتا بعيدًا عن مناطق السكن، وبمرور الزمن اتصل بهما السكن، ولم يتضح لي دور الجشي في هذه المحاولة، لكنني أستبعد – على وجه الترجيح – أن لا يكون هو في زمرة الشباب.
شوارع نسبت له وهو منها براء
لماذا هو براء منها؟ ومتى عدَّت المنجزات مَذمَّةً حتى تُطلبَ التبرّئةُ منها؟ نعم، فالشوارع التي نسب الأستاذ سعيد الناجي تنفيذيها إليه، وهي شارع القدس، وشارع أحد، وشارع الرياض، وشارع المحيط الدائري؛ الثلاثة الأولى منها، وهي شارع أحد، وشارع القدس، وشارع الرياض – لو صح أن له دوراً فيها لثبتت عليه تهمة اغتيال البحر، ولاستحق عليها الذمَّ واللومَ والاستنكار، بل وكلَّ عبارات التأنيب والتقريع؛ إذ المفترض منه – وهو المعروف بوطنيته وإخلاصه – أن يبذل قصارى جُهده في منع الدفن، لا أن يشارك فيه، فيلحق به ما لحق من الأضرار؛ مما مر بيانه بالتفصيل. لكن لحسن الحظ أن أغلب هذه الشوارع لم يشهدها أصلاً؛ لأنه فارق الحياة قبل أن يظهر بعضها لحيز الوجود، وما أدركه لم يكن بعدُ قد التحق بالبلدية.
مراحل تنفيذ الشوارع
أولا – شارع المحيط الدائري
يتكون هذا الطريق من شعبيتين رئيسيتين تبدأ الأولى منها من صفوى، وتنتهي بطريق الدوبج (الطريق الذي يربط التوبي بمركز المدينة الآن)، وبالعودة إلى ما مر من دور خالد الفرج نعلم أنه قام بتوسعة الطرق الزراعية، وتأهيلها لمرور السيارات، ومنها هذا الطريق من صفوى، العوامية، الزارة، البحاري. الشعبة الثانية تبدأ في الجنوب من نهاية سيحة الجش غربًا، مجتازًا بالملاحة، فأم الحمام، وقوع أم الحمام والزويكية، ثم الجارودية، والخويلدية، وعندها ينعطف شرقًا إلى بلدة الدبيبية، وعندها ينعطف شمالا، ثم يعود لمساره في الشرق متصلاً بسكة الحرية (جعفر الخطي ، بدر الآن).
هاتان الشعبتان هما الشارع الدائري الذي عناه الأستاذ الناجي، وهذا لم تنفذه البلدية، وإنما نفذته وزارة المواصلات عام 1380هـ، ووسعته عما كان عليه من ذي قبل، وعدلت مسارات بعض أجزائه، وهذه الأجزاء منه موجودة، ومنها الجزء المار من داخل بلدة البحاري، وعملت به وصلتين تربطان به بلدتي القديح والتوبي، وأثناء عملي البلدية كان ما يزال ضمن مسؤولية وزارة المواصلات، ولا أعلم إن كانت قد سلمته للبلدية باعتباره شارعًا داخليًّا، أم لا، وأما تعويضات العقارات المنزوعة فيه فحولتها إلى بلدية القطيف لصرفها لمستحقيها، وهذه المعلومة أعرفها جيدًا بحكم عملي في دائرة المحاسبة في بلدية القطيف، ومستندات صرف التعويضات عن العقارات المنزوعة لصالح هذا الشارع مع شارع تاروت محفوظة في قسم المحاسبة بالبلدية، ولدي عدد جريدة اليمامة الذي نشر الإعلان عن مناقصة الطريق الذي يربط القطيف بجزيرة تاروت إلى دارين([15]).
ثانيًا – شارع الرياض: كان – في الأصل –مصرف نخيل نفذته وزارة الزراعة، بعرض 24 مترًا، عام 1379هـ، يبدأ من الطريق الذي يربط التوبي بمركز المدينة، وينتهي بنخيل الشبيبي في سيحة الشويكة، وعند نهايته ينعطف شرقًا ويصب في البحر بالقرب من المعهد التجاري (الكلية التقنية حاليًّا)، ويمكن الاطلاع على الإعلان المرفق عن مناقصته في 20 ربيع الأول سنة 1379([16]). وقد بقي على وضعه إلى أن تمت سفلتته عام 1394هـ بواسطة المقاول (المؤسسة العربية للهندسة والمقاولات)، ثم قامت وزارة الزراعة بتغطيته، بعد هذا التاريخ تتابع امتداده شرقًا حتى نهايته الحالية عند طريق سنابس – دارين.
ثالثًا – شارع الرياض: تم تنفيذه على مراحل، المرحلة الأولى: من مصب المصرف، حتى شارع الجزيرة، نفذها المقاول محمد صالح الوابل، ضمن عملية ردم المنطقة التي سميت منطقة البحر، وسأفصلها قريبًا. الثانية من الجزيرة إلى شارع القدس، هذه المرحلة نفذت مع ردم حي الجزيرة، سنة 1398هـ، ولا أتذكر اسم المقاول المنفذ.
رابعًا – شارع القدس: نفذ هذا الشارع مع ردم المخططات الواقعة غربيه: الجزيرة: 1398هـ، الرابعة، منطقة البحر. 1395هـ
خامسًا – منطقة البحر، وهي المحدودة شرقًا الطرف الشمالي من شارع القدس، وشمالا شارع أحد، وغربًا المخطط رقم (3) القديم، هذه المنطقة ردمت عام 1395هـ والمقاول هو محمد صالح الوابل.
خاتمة القول – في ما ذكره الأستاذ الناجي من مشاريع – لو كانت من بنات أفكار الجشي، فهي ليست في صالح سمعته النقية، بل تحتسب ضده بكل تأكيد؛ إذ لا يخفى أن ردم البحر برمال البر، أضاع الأموال الطائلة، وأتلفَ البيئة الفطرية البرية والبحرية، بما تكتنزان من ثروات هائلة متمثلة في مادتي السلكون والصلصال، وعليه تقوم صناعة الخزف، كما أن ردم البحر أدى إلى سد مصارف النخيل، وهي كثيرة، فأدى ذلك – بالنتيجة – إلى إتلاف النخيل وهلاكها. ناهيك عن إتلاف شجر القرم (Mangroves)، البيئة المثالية لتكاثر الأسماك والربيان والطيور، ولحسن حظ حسن فإنه بريء من هذا كله، وما كان يفكر فيه – وأنا ممن عايشه، وشارك في مناقشاته ومقترحاته – هو تخطيط البر، وتحويله إلى منطقة سكنية، وأول فرصة واتته لتنفيذ هذه الفكرة، حاول اقتناصها حين جاءه – من شركة أرامكو – طلب إعطائها أرضًا لإقامة مدرسة، فأراد تسليمها أرضًا في بر (البدراني)، وهي خطوة كان يمكن أن تكون بداية إنشاء مدينة حديثة في البر، لكنه ووجه بمعارضة عنيفة بذريعة بُعدِها عن المدينة.
————————
([1])خيوط من الشمس، محمد سعيد الشيخ علي الخنيزي، سبق ذكره، جـ2/139.
(([2]معجم أعلام القطيف (1000 – 1436، سعيد أحمد الناجي، دار أطياف للنشر والتوزيع، الطبعة الثالثة، 1437هـ 2016م، ص: 139.
([3])بلدية القطيف والمليون ريال، حسن بن علي القطيفي، جريدة اليمامة: العدد 257 الأحد 28/7/1380هـ 15/1/1961م، ص: 1. والبقية ص: 10.
([4])كانت الإدارات الحكومية ومنها البلديات تودع أموالها في البنوك المحلية، وبعد أن تعرض أحدها إلى الإفلاس، حولت أموال البلدية إلى مؤسسة النقد العربي السعودي، وذلك في أول تسلمي لإدارة الشؤون المالية بالبلدية عام 1386هـ.
([5]) حول بلدية القطيف (ليكن الإصلاح شاملاًً)، السيد علي العوامي، جريدة اليمامة، العدد 265، 25/9/1380هـ، 12/3/1961م، ص: 8.
([6]) ويكيبييديا، الرابط: https://chl.li/RHgVA .
([7])مقال: القطيف المحرومة – لماذا يا مجلس التخطيط. سيد علي العوامي، جريدة اليمامة، العدد 316، في 9/10/1381هـ، 14/3/1962م.
([8])مقال: (كيف نصلح بلدية القطيف) بتوقيع(أبو منى)، جريدة اليمامة، العدد: 217، في 8/10/1379هـ، ص: 2.
([10])خالد الفرج ودورهالاجتماعي والثقافي في القطيف، علي باقر العوامي، جريدة الرياض، الرياض، العدد: 10342، الخميس، 17/ 10/1996م، ص: 13.
([11])الحركة الوطنية السعودية، سيد علي السيد باقر العوامي، رياض الريس للكتب والنشر، بيروت، الطبعة الثانية، 2015م، ص: 127.
([12])جنس من السمك، يجفف ويستخدم سماًدًا للزرع وعلفًا للماشية.
(([13]دور شركة الزيت العربية الأمريكية (أرامكو) في تنمية المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية، د. عبد الرحمن عبد الله ثامر الأحمري، مطابع الحميضي، الرياض، الطبعة الأولى، 1428هـ، 2007م، ص: 192 – 193.
(([14]دور شركة الزيت العربية الأمريكية (أرامكو) في تنمية المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية، د. عبد الرحمن عبد الله ثامر الأحمري، مر ذكره، ص: 314.
([15])جريدة اليمامة، العدد: 239، بتاريخ 20/3/1380، ص: 2.
([16])جريدة اليمامة، العدد 208، بتاريخ 10/8/1379، ص: 2.
السلام عليكم …مع تقديري واحترامي للسيد عدنان العوامي ..وكل احترامي واحبي لابي شوقي الحاج حسن الجشي رئيس بلدية القطيف رحمه الله
الا اني طالما سمعت وفي اكثر من مناسبة احد الموظفين القدامى بالبلدية والمعاصرين للمرحوم حسن الجشي يتحسر على سوق السكة ويقول ليت ابو شوقي اخذ بنصيحتي ولم يزيل السوق وجعله تراثا للبلد..والله اعلم