قبل 5 قرون.. عقوبة شارب القهوة.. قطع الرأس..! 1 أكتوبر يوماً عالمياً.. وفي المملكة 20641 سجلاً تجارياً مختصاً بنشاط البنّ
القطيف: صُبرة
في اليوم العالمي للقهوة؛ كشفت وزارة التجارة عن وجود 20641 سجلاً تجاريّاً في مناطق المملكة، يعمل جميعها في نشاط “القهوة”.
ومنذ 2015؛ تحتفل كثير من الدول بيوم 1 أكتوبر للاحتفال بمشروب القهوة، بعد موافقة المنظمة الدولية للقهوة، وتمّ إطلاقه في مدينة ميلان الإيطالية، وفي يوم الاحتفال، قبل 6 سنوات؛ قدّمت العديد من شركات القهوة أكواباً مجانية ومخفضة من القهوة.
لكنّ لهذا المشروب السحري قصة طويلة؛ مرّت بعض فصولها بـ “قطع الرأس”، بموجب النظام، والتنكيل بشاربها، وبائعها..!
فتنة القهوة
تحديد الوطن الأول للقهوة محلّ اختلاف، لكنّ غير المختلف فيه هو أن دخولها الأقطار الإسلامية تسبّب في مشكلة معقدة، ربما بسبب اسمها “قهوة”، ولأسباب أخرى غريبة. كلمة “قهوة” في اللغة العربية القديمة من أسماء “الخمر”. هذا الاسم وحده أثار حسّاسية السلطة العثمانية والفقهاء الجامدين وقتها. وفي إثر ذلك؛ ظهرت فتاوى تحريم احتسائها..!
ومقابل فتاوى “التحريم”؛ ظهرت فتاوى “التحليل”، والمكان الأول الذي اشتعل فيه الصراع؛ هو مكة المكرمة، بسبب إجراء مزاجي أقدم عليه مسؤول كبير في الدولة العثمانية اسمه “خاير بك”.
القصة بدأت ليلة احتفال الصوفية بالمولد النبوى عام 917هـ؛ حين رأى “خاير بك” جماعة يشربون القهوة بجوار الكعبة فظنها خمرًا. فما كان منه إلا عقد مجلس للعلماء والأطباء، وطلب منهم الرأي؛ فانقسم الفريقان بين محلّل ومحرّم، لكن “مزاج” مسؤول الاحتساب في مكة المكرمة؛ قرّر إعداد محضر، وطلب فتوى شيخ الأزهر في مصر.
المحضر طويل؛ كما يقول المؤرخون، وفيه أسئلة غاضبة، توحي بطلب تأييد رأي “المحتسب”، ووردت فيه عبارات مثل “ما قولكم فى مشروب يقال له القهوة مُشاع شربه بمكة المشرفة وغيرها بحيث يتعاطونه في المسجد الحرام وغيره يُدار بينهم بكأس من إناء لآخر، وقد أخبر خلقٌ ممن تابع عنه بأن كثيره يؤدى إلى السُكر، وأخبر عدول الأطباء بأنه مُضر بالأبدان”.
وطبيعي أن تؤدي عبارة “كثيره يؤدي إلى السكر” إلى إجابة متوقعة.. التحريم.. وهذا ما تمّ. ووقف مفتى الأزهر ضد المشروب الساخن، وأفتى بتحريمها لأنها “مُسكرة”…!
وبسبب فتواه؛ خرج متعصبون إلى حوانيت القهوة وكسروا أوانيها، دون أمر من الحاكم، وكانت فتنة كبيرة، بين تحريم وتحليل، وجاء في شعر ذلك الزمان:
إن أقومًا تعدوا
والبلا منهمُ تُؤتَىْ
حرّموا القهوة عمدًا
قد رووا إفكًا وبهتا
إن سألت النص قالوا:
إن عبد الحق أفتى
والشعر يُشير إلى الشيخ عبدالحق السنباطي الذي أرسليه تجار البن وفداً يرجونه العدول عن الفتوى حتى تخمد الفتنة فرفض قائلًا: مادام القهوة تؤثر فى العقل فهي حرام.
وتصاعدت المعشلة؛ واشتعلت معركة بين مؤيدى السنباطى والتجار ومعهم أصحاب المقاهي، وقتل واحد من مؤيدى التجار وجرح آخرون، فهرب الشيخ السنباطى ومن معه إلى داخل المسجد، فحاصر التجار وأهالي القتلى المسجد وأقاموا سرادقًا ليقيهم البرد، وقاموا بصنع القهوة وتوزيعها ساخنة دون سكر، ووأداً للفتنة أحال السلطان الأمر لقاضى القضاة محمـد بن إلياس الحنفي، وبعد مناقشات أفتى بعدم تحريم القهوة.
قطع الرأس
بعد ربع قرن من ذلك التاريخ؛ جاء حكم سلطاني مفاجئ إلى القاهرة فى مطلع شعبان 968 هـ يقضى بمنع المنكرات والمسكرات والمحرمات ويغلق أبواب الحانات والخانات ومنع استعمال القهوة، والتجاهر بشربها وكسر أوانيها. ونفذ العسكر الأمر السلطانى بقسوة، وكانت السلطة العثمانية تتساهل فى أمر الخمر والبرش والحشيشة معللة ذلك بأنه يؤدى إلى حرمان الخزينة السلطانية من الضرائب المفروضة. وظل أمر القهوة بين الحِل والحرمة وسط مناوشات مستمرة.
تخفيف الحكم
وأثناء خلافة السلطان مراد الرابع الذي تولى الخلافة عام 1042 هـ 1623مـ وهو فى الحادية عشرة من عمره، تحت وصاية والدته السلطانه « كوسم» والصدر الأعظم، وهى الرتبة الثانية بعد السلطان؛ صدر “فرمان” يحكم بتحريم شرب القهوة وقطع رأس من يجاهر بشربها، تنبه عقول الناس وتزيد غضبهم ضد السلطان والتخطيط للنيل منه حيث يجتمع الخلق فى بيوت القهوة وتدور المعازف والغناء والحديث في شئون البلاد ويكثر اللغط والغلط”…
وبعد موت السلطان مراد عن 27 عامًا؛ خلفه شقيقه إبراهيم الأول، الذى بدأ عهده بتخفيف “فرمان” أخيه بالاكتفاء بتغريم وجلد شارب القهوة للمرة الأولى، وإذا ضُبط مرة أخرى؛ يكتف بالحبال ويُشد عليه حجر كبير ويلقى في النهر حتى يموت.
قصة القهوة هذة شبية بقصة الكاكاو فقد مر بنفس المرحلة لكن في زمن مختلف
فعلا الإنسان عدو ما يجهل