في القطيف.. مدمنات بدأن بـ “سهرات أُنس” وانتهين “مُروّجات” الاختصاصي السهوان يحذّر الأسر: إدمان الفتيات أقل.. ولكنه يتزايد
القطيف: شذى المرزوق
“بغتها طرب وصارت نشب”.. هكذا لخص الاختصاصي الاجتماعي بشير السهوان السبب الرئيس لإدمان الفتيات، محذّراً من أن أول طريق الإدمان يبدأ من حفلات وسهرات أنس مع صديقات؛ وهي التي تجرُّ قدم الفتاة إلى الفخ، ومن ثم الاستغلال.
الاختصاصي السهوان قال إن ذلك حدث مع فتيات في محافظة القطيف وما حولها، مشيراً إلى أن ما لاحظه الاختصاصيون في قسم التأهيل في مجمع إرادة والصحة النفسية بالدمام؛ حول إدمان الفتيات؛ هو أن بداية الطريق.. جلسات الأنس.
وأضاف في الآونة الأخيرة ارتفعت نسبة تعاطي الفتيات بشكل كبير ومتسارع، ومع أنها قد لا تصل إلى مستوى النصف من إدمان الشباب؛ إلا أنها جرّت مشكلة أخرى أيضاً في وسط الفتيات، هي مشكلة ترويج المواد المخدرة، خاصة الشبو، فضلاً عن التعاطي.
ولكن السهوان عاد ليوضح أن الفئة التي ابتليت بهذا هي التي لديها القابلية للانحراف السلوكي.
وأكمل: بما أن عالم الإدمان لا يخضع لمعايير إنسانية ويُبتلى به الشاب المراهق، والرجل الناضج، فهو أيضاً عالم لا يراعي ضعف الأنثى، ولا قلة وعي الفتيات اللاتي يواجهن مشاكل اجتماعية، ونفسية أو المخدوعات، فيتم استغلالهن وجرهن إلى ظلام هذا العالم.
وقال إن نسبة الإناث أقل من نسبة الشبان الخاضعين للعلاج في مجمع “إرادة”، ولا يتجاوز عدد المدمنات الخاضعات للعلاج 50 فتاة، إلا أن هذا لا ينفي ارتفاع العدد في الآونة الأخيرة، وهو ما يضعنا أمام حقيقة وجب التنبيه والالتفات إليها، فقد وصل الحال بالفتاة إلى أن تكون مروجة لمادة الشبو أيضاً وهي المادة الأخطر من المخدرات.
الاختصاصي النفسي بشير السهوان
حفلات مشبوهة
وأضاف: الظواهر الاجتماعية التي سمحت للفتاة عرفت بكونها في مجتمع محافظ كمحافظة القطيف بالتمادي في السهر، وحضور الحفلات انعكست على سلوكياتها، وأسهمت بشكل كبير في وصول فتيات إلى الإدمان، ومنه إلى الترويج وذلك من خلال الحفلات والسهرات غير المقبولة من جنسيات مختلفة تكون فيها الفتاة فريسة سهلة خاصةً إذا كانت ذات قابلية وتهيئة للانحراف السلوكي.
وأوضح أن بعض الفتيات تتعاطى المخدر على أساس أنه نوع من المنشطات الجنسية، أو مواد علاجية لينتهي بها الحال مدمنة بلا مستقبل؛ مالم تتدارك الأمر باللجوء إلى المجمّع، والاستعانة بمختصين من إرشاد نفسي، واختصاصيين اجتماعيين ، وأطباء لحل مشكلة الإدمان.
جهل المجتمع
وحول ما إذا كان المجتمع في محافظة القطيف على وعي كامل بأضرار المخدرات، وآلية العلاج منه، أجاب السهوان: للأسف غالبية المجتمع في القطيف يعاني الجهل، وعدم إدراك مدى خطورة المخدرات وتأثيرها، وأنه مرض يمكن العلاج منه بإتباع المريض خطة العلاج الممنهجة.
وقال: يبدأ العلاج منذ دخول المريض إلى الطوارىء، أو توجهه إلى عيادات المجمع التي يضع فيها الكادر الطبي والاختصاصي خطة علاج مناسبة بحسب نوع الإدمان.
وتتدرج مراحل المعالجة التي يشرف عليها فريق يضم اختصاصيًا اجتماعيا وآخر نفسياً، ومرشداً متعافياً من الإدمان، بالإضافة إلى الطبيب النفسي، بدايةً بسحب السموم، ومواجهة الأعراض الانسحابية، وصولاً إلى مرحلة التأهيل، و هي المرحلة الأهم لتعافي الشاب المتعاطي.
الخطوط الحمراء
ولضمان عدم انتكاسة المتعافي حذر السهوان من تجاوز الخطوط الحمراء والمحاذير الثلاثة التي يجب عليه أن يحرص على تجنبها في مرحلة التعافي (الأشخاص، الأدوات، الأماكن)، مشيراً إلى أن مرحلة التعافي قد تصل إلى 12 شهراً إذا التزم خطة العلاج.
و أوضح أن الأشخاص هم عبارة عن الأصدقاء المدمنين، مروجين، ومتعاطين بشكل عام، أما الأدوات فهي كل ما يدخل في إطار الإدمان من مواد مخدرة أو مواد تستخدم من أجل ذلك، فيما يقصد بالأماكن هي التي كان يرتادها للتعاطي، أو البيئة التي توفر له ذلك الجو. ونوه بأن الانتكاسات تعني الإخلال بأي خط من هذه الخطوط.
وأشار إلى أن هذا الدور التأهيلي هو ما يعنى به مجمع إرادة والصحة النفسية والجهات المسؤولة بعلاج المدمن حيث ارتفعت نسبة المدمنين بشكل كبير في فترة الجائحة وما بعدها لمختلف شرائح المجتمع.
مسكون بالجن
كثير من القصص التي يحكيها المدمن المتعافي، أو يشهدها الاختصاصي تنم عن جهل بالمخدرات، وسلوكيات المدمن، وطرق التعامل معه، في بعض الحالات نشهد جهل الأهالي بسلوكيات الابن المدمن فتفسر بعض تصرفاته بغير ماهي عليه حقيقة، فمن هذه السلوكيات السلبية التي تؤثر في تصرفات وشخصية المتعاطي هي خضوعه لهلوسات بصرية وسمعية تنعكس على تصرفاته، فيدخل في عالم افتراضي يتهيأ له من خلاله أنه يسمع الجن، أو يتحدث مع كائنات أخرى، فهو يعيش بفضل هذه الهلوسات في عالم غير موجود واقعاً.
وأضاف: في مثل هذه الحالات قد نجد آثار الضرب على ظهر المدمن، والسبب الجهل والمعتقدات البسيطة بأن الجن متلبس في جسد الشاب المدمن، وهو ما يفرض علينا التشجيع على رفع مستوى الوعي بين الناس لإدراك حالات الهلوسة التي يمر بها الشاب أو الفتاة، وتوجيهه إلى مختص بالتعاون بين الجهة المعنية بعلاج الإدمان والأسر.
مرض مزمن
وعن المخدرات شرح: كل مخدر يتعاطاه المدمن له أعراض انسحابية تصل بعضها إلى محاولات الانتحار، مثل الهيروين، والشبو.
أما الحشيش فهو المخدر الوحيد الذي يعتبر أثره في الضرر العقلي والنفسي أكبر، من ذلك الاعتقاد الخاطىء والشائع لدى الشباب بأنه مادة مخدرة يمكنه أن يقلع عنها متى أراد.
والحقيقة هي أن الإدمان بشكل عام هو الاعتماد النفسي والجسدي على مادة أو أكثر مبدلة للمزاج، تبدأ بكمية بسيطة، وتزداد مع الوقت للحصول على الأثر النفسي المطلوب، وهو أشبه بالأمراض المزمنة التي تستدعي مواجهة ومحاصرة المرض.
خدعة الحشيش
سيجارة الحشيش تعتبر مثبطاً في أول جرعة، ومثبطاً في الجرعة الثانية والثالثة كذلك، و ما زاد عن ذلك يصل به إلى حد أن يكون مهلوساً، سواء كانت هلوسة سمعية، بصرية، أو شكوكاً ووساوس، وتصل نسبة تعاطي الحشيش من 20 إلى 25 % تقريباً مقابل 50% من تعاطي الكبتاجون والشبو.
و استأنف: في كل الأحوال زيادة الجرعة من أي مخدر هي ادمان، وهو ما يجهله المدمن الذي يصر على انكار حالة الإدمان.
وشرح: هنالك صراع بين الجسم والمادة المخدرة في فترة التجربة الأولى، فبالرغم من تأثيرها في مزاج ونفسية المدمن؛ تبقى مادة دخيلة لم يبدأ الجسم في التعرف الفعلي عليها، وتظل في صراع بين أن تتغلب عليها كيمياء الجسم أو تتغلب هي بتأثيرها فيه. وفي الغالب احتمالية الجسم أقوى في انتصاره على المادة الدخيلة عليه، لذلك لا تؤثر فيه إذا عاد لاستخدامها مرة أخرى ما لم يزد الجرعة، فالجسم هنا يرفع من مستوى احتماله للمادة في كل مرة يتعاطى فيها إلى أن يصل لمرحلة الانهيار والإدمان.
وهذه الاحتمالية تختلف في مستواها وتأثيرها من مريض إلى آخر.
لا يصح إلا الصحيح
وذكر السهوان أن بعض المدمنين قد يصل إلى حالة يعتمد فيها على مادة أو أكثر من المواد المخدرة، وسلوكياته تصبح لافتة للانتباه كفرط الحركة، والنشاط وقلة النوم، والهلوسة التي تبدأ بإثارة شكوك عائلته قد تكون أحد أبرز أسباب اللجوء إلى صديق متعاطٍ للمساعدة، والأخير بدوره يدس إليه سماً آخر من سموم المخدرات على أساس أنه علاج، فيجد نفسه مدمناً لمادة أخرى، وكل وسيلة للعلاج يلجأ فيها المدمن لمدمن مثله هي وسيلة فاشلة، والسبيل الأفضل للعلاج هو التوجه إلى الجهة المعنية بعلاج المدمنين إذ أنه يخضع لمراحل تهيئة وتأهيل تساعده في التعافي.
وقال السهوان إن هنالك نوعاً من العلاج يسمى العلاج المعرفي السلوكي، وهو عبارة عن معالجة التشوهات الفكرية والمعرفية لدى المريض، بإشراف اختصاصيين نفسيين واجتماعيين هدفهم التوعية بأضرار المخدرات، وتعريف الإدمان.
وصمة عار
وأضاف أن أغلب المشكلات التي تعرقل تعافي الابن هي خوف الاهل من وصمة العار، جهلاً منهم بأهمية العلاج، مع علمهم أو شكوكهم، حوله خاصة حين يبدأ باكتساب صفات وسلوكيات جديدة متعارف عليها في الوسط الادماني مثل الكذب والمراوغة ومن ثم السرقة.
مراحل من الاذلال
وعلق لافتاً: مما يؤلم كثيرا هو وصول أبنائنا إلى حالة من الاذلال والخنوع للمروج من الجنسيات الأخرى التي تمتهن كرامة الانسان فيه، وقد شهدنا حالات وصل بها الحال إلى البحث في ركام النفايات والأماكن الخربة للحصول على المادة المخدرة، فيما يستغل المروج من المقيمين أو الوافدين حاجة الشاب أو الفتاة المبتلين بالمخدرات لإذلالهم واستغلالهم جسدياً ومعنوياً، وجنسيا، لرغبة كامنه في نفس المروج بإذلال هذه الفئة.
جهود المملكة
ولفت السهوان إلى ما تبذله المملكة من اهتمام بالشباب المبتلى بهذه الآفة، ماديا ومعنوياً، ومن ذلك توفير العلاج المجاني، عبر اختصاصين مختلفي المجالات، وتهيئة المرشدين بشكل دوري، وتدريب متعافين على إرشاد المدمن، لكونهم أقرب إلى الشعور بحالة المدمن، وعلى تجربة ودراية بمستوى الحالات، وهم المثال الحي على أن الإرادة والعزيمة علاج الإدمان.
علاج الإدمان مجاني، ولو احتُسب تكلفته مالياً؛ لصُدمنا، إذ إن تكاليف علاج اليوم الواحد تصل إلى 3000 ريال، وفترة العلاج تستغرق 30 يوماً، وهو ما يعني أن تكاليف العلاج السريري وتغذية المكان التأهيلي تصل إلى 90 ألف ريال لكل مدمن في المجمع. لكن المجمع يقدم كل ذلك مجاناً، عبر 3 أقسام للتأهيل و3 أقسام سحب السموم ، وقسم للسيدات ( تأهيل، وسحب السموم).
توعية وتوجيه
وبتوجيه قال: كثير من الأجهزة الحكومية والجهات المسؤولة تكاتفت لإنقاذ المدمن من مستنقع المخدرات، وما يترتب على الإدمان من آثار نفسية، وسلوكية وحتى أعراض تنتهي بالموت وخسارة الأرواح، ومهمتنا كمواطنين هي التعاون المجتمعي مع الجهات المعنية لئلا ينحدر الحال بأبنائنا إلى أكثر.
لا بد من تكاتف الجميع امام هذا الوضع الخطير و يجب ان ينال المروج لهذا السم اقسى اقسى عقوبة
ماشاء الله .تشكروا على جهودكم. نتمنى عمل محاضرات توعويه عن المخدرات في المساجد ، النوادي ،الحسينيات خاصة في اوقات المناسبات الدينيه حتى لو تم الاكتفاء بعشر دقائق من قبل المشائخ والملالي وامام الجماعه والاداريين والمدربين في النوادي . أيضا في المدارس ” المعلم أو المعلمه كل اسبوع خمس دقائق من الحصه توعيه فقط. اذا لم ينفع هذا كل بالتأكيد لن يضر.
شكرا جزيلا أستاد بشير على هدة الجهود المبذولة والله يكون في عون الجميع. أتمنى من المختصين الذين لهم علاقة بهدا المرض أن يضعوا برامج وقاية مكثفة لحماية أفراد المجتمع وكما قيل *درهم وقاية خير من قنطار علاج*