بعد زراعة القلب والعناية المركزة.. عقيل الجنبي يطلب من أمه “حمصة ربيان” معنوياته عالية.. شقيقه محمد يرافقه.. ينتظر برنامج إعادة تأهيل في مركز الأمير سلطان

القطيف: أمل سعيد

بعد قرابة شهرين من زراعة قلبٍ في صدره، والخضوع للعناية المركزة طيلة هذه المدة؛ نُقل الشاب عقيل الجنبي إلى غرفة تنويم في مستشفى الحرس الوطني في الرياض، قبل يومين. الشاب الذي واجه متاعب القلب لأكثر من 7 سنوات، وغاب عن العالم بعد العملية؛ عادت إليه العافية، وبدأت علاماتها تظهر في يومياته على السرير الأبيض. 

العافية ظهرت في طلباته، وقال شقيقه محمد الذي يرافقه إنه “اشتهى” وجبة شعبية في القطيف، وطلب من والدته “حمصة ربيان” تُرسل إليه في الرياض. وأضاف أن الأطباء لم يضعوا أي قيود على ما يتناوله من طعام، ولله الحمد. وهو ما يُبشّر بخير.

عاش عقيل الجنبي أياماً صعبة وثقيلة، لكنها كشفت عن مدى قوته وصلابته. فبعد إجراء العملية، كان يفترض أن يعمل القلب بشكل جيد إلا أنه اشتغل بجهد  5% فقط من طاقته، واستمر الوضع على هذا لمدة 5 أيام، ونتيجة لذلك ولما صاحبه، مثل حاجته المتكررة للدم وكمية المضادات الحيوية التي يتناولها بالإضافة إلى وجود دعامة قلبية سابقة في جسمه وغير ذلك من الأسباب أدت إلى المزيد من الأعراض الجانبية التي قد تصاحب المريض بعد أن يخضع لعملية كبرى كالتي خضع لها أخي عقيل”.

 

وقال محمد “دخل أخي غرفة العمليات 4 مرات بعد عملية زراعة القلب، ففي المرة الأولى دخلها لاستخراج الدعامة القلبية التي استقرت في صدره لمدة 6 سنوات، ثم أصيب بنزيف ألجأ الأطباء إلى إجراء عملية أخرى للسيطرة عليه، وبعدها قرر الأطباء بتر رجله من الركبة بعد ظهور غرغرينا فيها نتيجة جلطة دموية أصابته بعد العملية، إلا أنهم سرعان ما غيروا القرار إلى بترها كاملة، للحفاظ على باقي جسمه”.

ويضيف مجمد “وعند عملية زراعة القلب تم فصل الكلى لكي لا تتأثر بكمية المضادات الحيوية التي تدخل الجسم، فكان أخي يحتاج إلى غسيل كلوي باستمرار، وحتى بعد أن أعيد وصلها بالجسم ظلت على حالها، لأنها وبحسب الطبيب لا تستجيب بسرعة، بل هي آخر عضو يعود للعمل بعد عملية زراعة القلب، وما زال عقيل يخضع لغسيل الكلى يوماً بعد يوم. ولكن الخبر المفرح هو أنها بدأت في العمل وإن لم تعد بعد لطبيعتها الكاملة، إلا أن الطبيب طمأننا إلى أنها ستتحسن تدريجيا، وتعود إلى سابق عهدها”.

الروح العالية

ويعبر الجنبي عن حال العائلة أثناء ذلك “كنا مسلمين الأمر لله ونرى في ذلك ابتلاء من الله، لكن الأمر كان متتابعاً، فكان صعباً علينا مهما بلغ التحمل والجلد، سماع ما آلت إليه حاله في الأيام التالية للعملية”.

وعن حال أخيه قبل العملية وبعدها يقول “بعد كل ما مر به أخي ما زالت البسمة على وجه، راضياً بقضاء الله وقدرة، مسلما أمره لله، حتى أن الدكتور عبدالله الغامدي المشرف عليه كان يقول: لم أر مريضاً تعرض لما تعرض له أخوك وبقي بمثل هذه الروح العالية”.

 

أم عقيل

 وبمزيد من لهجة الحمد والشكر لله يضيف الجنبي “كان أكثر ما خشيناه أن تصل أخبارٌ عن حالة أخي إلى الوالدة، لذا تكتمنا كثيراً، وتحفظنا في الحديث عنه، وكنا نجمل القول بأنه بخير وحالته مستقرة، وهذا ما أردناه أن يصل إليها، إلى أن بدأت حالته بالتحسن؛ فأخبرناها بحقيقة الأمر قبل أسبوعين، وبأن الله سلمه بعد أن كاد يفارقنا، وأنه تلطف علينا بأن حفظه وأبقاه بيننا، وفعلا تقبلت الأمر صابرة راضية شاكرة حامدة”.

التأهيل

وبحسب محمد الجنبي فإن من المقرر أن يحوّل عقيل إلى مركز الأمير سلطان لإعادة التأهيل وتركيب طرف صناعي له، وذلك قد يستغرق وقتاً، حيث إن المدة التي قضاها على السرير ليست بالقليلة، وهذا أثر في عضلاته وأضعفها، فلا بد من تقويتها وإعادة تأهيلها، وينسب محمد الجنبي للدكتور عبدالله الغامدي قوله “إذا استمرت نفسية عقيل بهذه الإيجابية فأتوقع أن ينهي (كورس) العلاج والتأهيل خلال 3 شهور”.

قلوب بيضاء

وفي حديث سابق للجنبي مع “صُبرة” أشار الجنبي إلى المتبرّع بعضو قلبه لأخيه  عقيل.. فقال “لا نعرفه شخصياً، وليس بإمكاننا معرفته، حسب الأنظمة المتبعة في التبرع بالأعضاء، لكنّنا ندعو له بالرحمة والمغفرة، ونزيد الترحم عليه لأنه ـ بالتأكيد ـ إنسان كريم، بدليل أنه ـ في حياته ـ تبرّع بأعضائه، لإنسان آخر لا يعرفه أيضاً”. لقد جاد بنفسه بعد وفاته، والجود بالنفس أقصى غاية الجود.

ولم ينس أولئك الذين تبرعوا بدمائهم  “حقاً لقد رسم لنا مرض أخي أجمل صور التكاتف والتلاحم في المجتمع، وكل كلمات الشكر قليلة في حق أولئك الذين بذلوا من أوقاتهم ودمائهم من أجل فرد في المجتمع، هم غالباً لا يعرفونه، فأعداد الذين تقدموا للتبرع بالدم ليست قليلة، فلكلهم سواء من أكرمنا بدمه ومن لم يقبل لأسباب صحية ألف شكر، وخالص الدعاء بأن يكون ما قدموه مقبولاً عند الله ومثاباً”.

ملخص القصة

على مدى 7 سنوات كان عقيل سلمان الجنبي يحمل في صدره قلباً متعباً، وتحوّلت حياته إلى مراجعات متواصلة للمستشفيات، ضعف عضلة القلب خطيرٌ، وقد بدأ الكشف عن حالته في مستشفى القطيف المركزي أولاً، ثم أحاله المركزي إلى البرج الطبي في الدمام، والبرج أحاله إلى مستشفى البابطين المتخصص في أمراض القلب.

الشاب الثلاثيني أتعبه المرض إلى حد أن أقعده عن عمله، ولم يجد الأطباء من حلّ إلا زراعة قلب يؤخذ من جسم إنسان مسجّل في لائحة التبرع بالأعضاء بعد الوفاة. ولم يكن الحلّ متاحاً، فلجأ الأطباء إلى وضع دعامة للقلب المتعب، كان من المخطط أن تبقى الدعامة مدة 6 أشهر لكنها سكنت صدره 6 سنوات، برفقة جهاز يساعده في تنظيم ضربات قلبه الضعيف.

كان يأمل أن يتكرم عليه الله بقلب جديد يمنحه حياة جديدة، يستطيع فيها أن يفارق الأجهزة التي التصقت به حتى غدت جزءاً من جسمه.

وخلال السنوات الماضية حصل الجنبي على 3 متبرعين، وفي كل مرة يصل الأمر إلى ذروته ثم يفشل.

وفي الـ3 من شهر يوليو الماضي أجريت له عملية زراعة قلب ناجحة بعد أن حصلوا قلباً مطابقاً 100%، واستغرقت العملية 21 ساعة.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×