تردُّد المجتمع يخفّ.. “بنات اشْيُوخ” بين طالبات أول مدرسة في القطيف في عمارة القطري زادت الأعباء المالية.. ومطالبة "الترسيم" طالت
القطيف: شذى المرزوق
لم يكن استغلال “حسينية”، في تعليم الفتيات، مقبولاً لدى مجتمع القطيف، خاصة أن التعليم لم يكن “تقليدياً” كما هو حال “الكتّاب” الذي يحصر التعليم في القرآن الكريم و “الفخري” و “المولد”، فإن زاد؛ فهناك تعليم الكتابة، وعلى يد “امْعلْمات” أو ملّايات.
التعليم في “حسينية العوامي”، وكذلك في “حسينية الزرَيْب”؛ تضمن الحساب، ومبادىء العلوم. وهناك، كرّاسات، وأقلام، كما هو حال الطلاب الذكور. لذلك؛ فكّر الآباء في مبنى لا يعترض عليه الناس، فكان الملاذ “حَوِيْ” بيت “القفّاص”، في باب الشمال.
وهنا؛ تشجّع آباء آخرون قليلاً، فراح عدد الفتيات يتزايد شيئاً فشيئاً، وسط ضغط اجتماعي لم يعد اعتراضه على استغلال “حسينية” فقط، بل على “مبدأ” تعليم البنات، على الرغم من أن أغلب القائمين على فكرة المشروع محسوبون على المتدينين، بشكل أو بآخر.
كان هناك السيد حسن بن السيد باقر العوامي، أديبٌ محافظ وسليل أسرة أنجبت السيد ماجد، والسيد محفوظ. وقد منح ابنته “بتول” الفرصة للدراسة. كما تصدّى للتعامل مع الجهات الحكومية، وإعداد المخاطبات.
وهناك شقيقه الأكبر سناً السيد علي العوامي، وهو متنوّرٌ معروف بمواقف وطنية وإنسانية واسعة الأفق. وكانت ابنته “بهجة” بين الطالبات.
وكان هناك محمد سعيد بن الشيخ علي ـ أبي حسن ـ الخنيزي، وهو أديبٌ ونجلُ فقيهٍ وقاضٍ، ومن أسرة علمية معروفة في قلعة القطيف. وقد دفع بابنتيه، فردوس وفوزية، للانخراط في الدراسة.
وهناك رجل الأعمال حسن صالح الجشي الذي أصبح رئيساً لبلدية القطيف لاحقاً. وقد سعى إلى دعم المشروع باستقدام معلمة من لبنان، بحكم علاقاته التجارية، ومعرفته.. لكنّ الأمر لم يتمّ لأسباب مجهولة.
كما حظي المشروع بدعم شخصيات أخرى؛ بينهم؛ عمدة الجش أحمد بن سنبل، ونصر الشيخ آل حسّان، ومحمد سعيد بن الشيخ محمد علي الخنيزي، وحسن محسن الشيخ آل حسّان، والشاعر عبدالواحد بن حسن بن الشيخ علي الخنيزي.
لكنّ ما يُمكن أن يرجّح الكفّة أكثر؛ هو وجود معمّم بين الداعمين، وهو ما تمثّل في الشيخ عبدالحميد الخطي، وهو نجل الشيخ علي ـ أبي حسن ـ الخنيزي. وقد انضمّت اثنتان من بناته ـ فتحية ونهاية ـ إلى الطالبات في مرحلة من مراحل البدايات.
كلّ ذلك ساعد ذلك على رفع الحرج عن كثير من المترددين. وهكذا؛ راحت فتيات القطيف تنضمّ الواحدة تلو الأخرى إلى المدرسة الناشئة، حتى وصل العدد في العام الدراسي 1380 ـ 1960 إلى 90 طالبة، في الصفّين الأول والثاني الابتدائي.
عمارة القطري
وساعد انتقال الطالبات الأوائل إلى مبنى أكثر ملاءمة للتعليم على تشجيع الآباء. المبنى هو عمارة القطري، في باب الشمال، في مبناها القديم الذي أُعيد بناؤه لاحقاً، وما زال قائماً حتى الآن.
وهناك روايتان تتكاملان في الإفادة عن الدراسة في هذا المبنى.. الرواية الأولى لبتول بنت السيد حسن العوامي، والرواية الثانية لفردوس بنت محمد سعيد الخنيزي.
تقول العوامي عن بيت القطري “كان مدرسة حقيقية، تضم 5 غرف، 3 منها فصول دراسية، و فصل للطالبات المستجدات، وفصل لطالبات المستوى الدراسي الأوسط. ويضم الصف الثالث دفعتنا الأولى التي قطعت شوطاً في الدراسة”.
تضيف “كانت قيمة القسط 5 ريالات في الشهر.. وقد تكاتف الأهالي للاستعانة بـ 3 معلمات من الجاليات العربية المقيمة في القطيف”، وهو ما رفع تكلفة التشغيل، مع تزايد عدد الطالبات”.
المعلمات
كانت الاستعانة بمعلمات إحدى تحدّيات القائمين على المشروع. لم يكن في القطيف كلها امرأة متعلمة تعليماً حديثاً في أواخر الخمسينيات الميلادية، ولا أوائل الستينيات. فاتّجهت الفكرة نحو الاستعانة بزوجات المعلمين العرب الذين يعملون في القطيف.
هناك مصريون، وأردنيون، وفلسطينيون يعملون في التعليم. وهناك مهندسون زراعيون أيضاً.
تقول بتول العوامي “قبل تأسيس المدرسة؛ طلب والدي السيد حسن من صديق له يعمل مهندساً، مصري الجنسية، أن يطلب من زوجته تعليمي في منزلهم، فكنتُ أذهب عندها”.
تضيف “وبعد تأسيس المدرسة ووجود عدد من الطالبات طُبّقت الفكرة ذاتها، ففكر القائمون على المشروع في الاستعانة بزوجات معلمين في مدارس البنين، وانتهى الاتفاق مع معلمتين، أتذكر إحداهما، وهي المعلمة صفية.. والاثنتان بدأتا معنا في حسينية العوامي.
وبعد نقل الطالبات إلى حسينية “الزرَيب”؛ وصل عدد الطالبات إلى 25، وهذه الزيادة تعني الحاجة إلى معلمة ثالثة، ولتأمين رواتبهن، كان على كل ولي أمر أن يدفع ريالين.
وبعد الانتقال إلى بيت القفّاص دخل عبء جديد على التشغيل، فهناك قيمة ايجار المكان، ورواتب المعلمات الثلاث، فارتفعت قيمة القسط الشهري إلى 5 ريالات.. ثم زاد العبء بعد الانتقال إلى عمارة القطري”.
عمارة القطري في وضعها الحالي
وضع مالي صعب
فيما كانت تكلفة التشغيل تتزايد، كان هناك مسعى من القائمين على المشروع حمَل مطالبة لـ “رئاسة تعليم البنات”، بافتتاح مدرسة حكومية للبنات. وقد أبدت “الرئاسة” استجابةً للطلب، إلا أن الإجراءات استطالت، وبات وضع المدرسة مهدّداً من الناحية المالية، حسب ما تُشير إليه وثيقة وقّعها 11 شخصية من القطيف.. وقد اطلعت “صُبرة” على الوثيقة، وسوف تنشرها في الحلقة المقبلة.
من طالبات تلك المرحلة
وداد علي أبو السعود
تزوجت الجرّاح الدكتور حسن بن الشيخ محمد صالح البريكي. وسافرت معه في بعثته إلى ألمانيا. وبعد عودتها درست الثانوية. ثم حصلت على البكالوريوس في الفنون.
عاشت في الخبر، حيث كان زوجها يعمل في مستشفى الملك فهد الجامعي، وانضمت الى جمعية فتاة الخليج.
وقد عملت معلمة في مدارس الظهران، حتى تقاعدها.
سعاد المصطفى
شقيقة رجل الأعمال الدكتور رياض المصطفى، رئيس المجلس البلدي السابق.
تزوجت الإعلامي الدكتور محسن آل الشيخ حسان، وتعيش معه في العاصمة الرياض.
وجيهة بنت أحمد البيات
تفرغت لحياتها الأسرية، بعد زواجها من عبدالواحد الزاير، وأنجبت منه: ولداً، و3 بنات يعملن في الصحة، وابنة رابعة تعمل في التعليم.
مدينة آل خزام
درست حتى عام 1383، ثم تفرّغت لحياتها الشخصية.
القصة في بدايتها.. تابعوا تقارير “صُبرة”
اقرأ أيضاً
https://www.sobranews.com/sobra/category/reportage
يا جماعة خذوا المعلومات كاملة. فيه عوائل ما ذكرتوها في تقريركم