[كانت مدرسة 1] في حيّ الطابوق.. درس عضو شُورى ورئيس نيوم وجيل كامل من سيهات طلاب أول مدرسة متوسطة في سيهات تلقّوا الدروس في السطح
من غرف ضيّقة بدأت حياتهم مع الطباشير والكراريس.. وفي الدروب الترابية ساروا على أقدامهم إلى مدارس بعيدة، تحت حرّ الشمس، ووابل المطر. بعضهم حفاة، بلا تذمّر ولا تأفّف. درسوا وحصّلوا ونجحوا، وأصبحوا على ما أصبحوا عليه، مشاركين في بناء وطنهم وخدمة مجتمعهم.
هذه هي القصة التي تسردها “صُبرة“ بالتفصيل من ذاكرة ناجحين بدأوا حياة المدرسة في ظروف لم تكن متوفرة كما الآن. طلاب درس بعضهم في السطوح، وتلقّوا دروس الحصص مبللين، وعادوا إلى منازلهم جائعين منهكين.. ومع ذلك؛ ثابروا وثابروا.
“كانت مدرسة“.. تلك هي القصة التي تعود إليها “صُبرة” مع الطلاب والمعلمين، في مدن القطيف وقراها، عبر سلسلة من التقارير الصحافية النابشة للذاكرة، والمُشيرة إلى الحاضر.. والمستقبل..
قصصنا تبدأ مع احتفال العالم باليوم العالمي للتعليم، الموافق 24 يناير من كل عام، وتتسلسل حلقات القصة، يومياً مع مبنى ـ أو مكان ـ كان مدرسة يوماً ما..
كلّ يوم مدرسة..
في حي الطابوق
سيهات: أفراح آل شويخات
الآن؛ لا شيء موجوداً سوى أرضٍ جرداء. أما قبل أكثر من 50 سنة؛ فقد كانت مدرسة. وكان طلّاب، وكانت دروس وسبّورات وطباشير وكراريس. وحين تعود العقود الطويلة إلى الوراء؛ تظهر وجوه أطفال كانوا على مقاعدها، ثم تطوروا، ونجحوا، وأبدعوا، وأمسكوا بمواقع مهمة في الوطن.
من يقرأ رواية “الأمريكي الذي قرأ جلجامش” للدكتور أحمد الشويخات، ومن يرى رئيس مشروع نيوم، المشروع الذي يعد أحد أهم مشاريع الرؤية في المملكة ويرأسه نظمي النصر يكاد يصدق أن هذا الدكتور الجامعي، وذاك المهندس و الإداري المكافح، كانا طالبين يتلقيان التعليم في بيت طيني مستأجر، ومنه إلى غرفة في سطح إحدى مدارس سيهات، قبل أن ينتظما في الدراسة بمبنى حكومي نموذجي للمرحلة المتوسطة.
حكاية شغف للعلم يحكيها من عاصر تلك المرحلة من طلبة سيهات لـ “صبُرة” عن ذلك البيت المدرسة الذي احتضنهم 12 شهراً، ومن بعده غرفة التعليم في سطح مدرسة قرابة 60 يوماً قبل أن يستقر بهما الحال طلبة في نموذجية سيهات المتوسطة.
كان ذلك في ظل اهتمام حكومة المملكة وشغف أبناءها في التعليم، وتحديداً في نهاية الستينيات الميلادية حيث تم استئجار منزل الحاج علي بن علي السيهاتي رحمه الله، ويقع هذا المنزل في حي مدينه العمال ( الطابوق سابقاً) وفتح أبوابه لطلاب في المرحلة المتوسطة لمدة سنة كاملة قبل أن تنتقل منه للمدرسة النموذجية في مبنى حكومي ضم الطلبة الذين تعلموا في ذلك البيت ودفعات أخرى أتت بعدهم .
من الطلبة الذين كانوا في أول دفعة تعليم في بيت السيهاتي هو الدكتور الجامعي أحمد الشويخات، ومعلم الأجيال عيسى صليل، ورئيس مشروع نيوم نظمي النصر، حيث قال الدكتور أحمد مهدي الشويخات وهو ممن درسوا في هذا المنزل الطيني “في عام 1968م، درست أنا مع مجموعة من الطلاب من مدينة سيهات في هذا المنزل، بعد تخرجنا من المرحلة الابتدائية وكافحنا من أجل نيل الشهادة”.
أهم المعلمين
وعند سؤال الشويخات عن أهم من قام بتدريسه في هذه المدرسة أجاب “المعلم هاني خليل فلسطيني الجنسية وكان معلماً لمادة الجغرافيا، وكذلك المعلم يوسف فضل الله خالد، وهو سوداني الجنسيه معلم لمادة اللغة العربية”.
وأكمل “لهذان المعلمان الفضل بعد الله لما وصلت إليه الآن لأنهما تركا بصمة لا تنسى أبداً.
في السطح
وأضاف الشويخات “بعد انتهاء السنة الأولى في بيت السيهاتي، تم نقلنا إلى مدرسة الأندلس وهي مدرسة للمرحلة الابتدائية في حي الخصاب، ولكن تم فتح فصل واحد فقط في سطح المدرسة لمدة شهرين تقريباً، وبعدها تم نقلنا إلى المدرسه النموذجية”.
المدرسة النموذجية
وقال عن النموذجية “هي مدرسة متوسطة أكملت فيها مع طلبة الدفعة الأولى ببيت السيهاتي فصل ثاني وثالث متوسط، وتخرجت منها تقريباً عام 1971م.
غزل
وتغزَّل الدكتور بمدرسته النموذجية حيث قال إنها مدرسه متكاملة ومهيئة من جميع النواحي، ومن أفضل المدارس في نظري، سواء داخل أو خارج المملكة، وبعدها أكملت دراستي بمعهد المعلمين الثانوي وعملت معلمًا لمدة عاماً في مدرسة القادسية بالدمام، ثم أكملت دراستي الجامعية بأمريكا، وذكر الشويخات أن الأغلب من المتخرجين اتجهوا للتعليم أو لشركة أرامكو السعودية.
مناصب الشويخات
كان الشويخات عضو مجلس الشورى اعتباراً من 3/3/1434هـ، ومستشار محتوى البرامج الثقافية والتعليمية بمركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي، شركة أرامكو، الظهران، السعودية 2011، ومدير عام مشروع الموسوعة العربية العالمية في الفترة 1990-2012م، ومستشار تربوي بالأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية خلال 1989-1990م، كما عمل أستاذ مساعد بقسم اللغات الأجنبية بجامعة الملك فيصل بالأحساء خلال 1985-1987م.
طلاب المنزل الطيني
من بين تلك الدفعة من طلاب المنزل الطيني كان المعلم المتقاعد عيسى الصليل وهو معلم للمرحلة الابتدائية كان ضمن رواد التعليم في المنطقة بعد تخرجه من معهد اعداد المعلمين عام 1393 هـ ضمن الدفعة الثانية للمعهد في بدايات تأسيسه، والتحق بعدها بجامعة الملك عبدالعزيز في جدة لينال شهادة ” الليسانس” في علم الاجتماع.
وكان قد بدأ معلماً في إحدى مدارس الدمام قبل أن يكون مدرساً في مدرسة الأندلس الابتدائية بسيهات التي مضى فيها شهرين طالباً في غرفة السطح منها ليعود لها معلماً لطلبتها لمدة 8 سنوات انتقل بعدها لمدرسة الخندق ومنها تقاعد ومضى في التعليم 32 عاماً قبل تقاعده 1426هـ.
أصل البيت
وعن بيت السيهاتي قال “تم هدم البيت ولا أثر له الآن بل هو مجرد أرض يقع على يمين الخارج من مسجد إبراهيم الخليل متوجهاً نحو جهة الشرق في حي مدينه العمال “الطابوق”.
وبيَّن الصليل أن المبنى المستأجر الذي يعود إلى الحاج المرحوم علي السيهاتي كان قد أعد إلى موظفين أرامكو ولكنهم لم يسكنوا فيه، وفتح أبوابه للطلاب لإكمال تعليمهم خلال تلك السنة.
المهندس نظمي النصر
أحد المتخرجين من طلبة ذلك البيت أيضاً كان المهندس نظمي النصر، ويعد النصر الرئيس التنفيذي لمشروع مدينة نيوم، ونائب الرئيس التنفيذي للشؤون الإدارية والمالية في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، وعضو الهيئة الاستشارية في المجلس الاقتصادي الأعلى السعودي، وعضو مجلس الأمناء لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني.
التقطت عام 1389هـ، من اليمين علي غلوم، محمد مهدي مزعل، سعود المسكين، محمد مشاره، علي الحمود، محمد الهزاع، محمد منصور السنبسي، عيسى الشمر، منصور سلهام.
وجلوساً نجد عبدالله كاظم زواد، عيسى صليل، مكي الزاكي، صالح درويش، محمد إبراهيم السيهاتي، عبدالعزيز الماجد، محمد الخباز، عيسى زواد، حسين مجيد الرميح، جاسم الحكيم.