لماذا يهتمّ السعوديون الشيعة بعلاقة بلادهم بطهران ودمشق..؟ عين على "مشهد" وأخرى على "السيدة".. سياحة دينية وقطاع تجاري
كتب: حبيب محمود
إذا صحّت رواية وكالة الأنباء البريطانية “رويترز”؛ فإن بإمكاننا تصوّر “احتفال” من نوع ما في أوساط السعوديين الشيعة، تهليلاً لعودة سفارة بلادهم إلى العاصمة السورية. وسبق أن اهتمّوا بالطريقة نفسها؛ حين أعلنت وزارة الخارجية عن الاتفاق السعودي الإيراني الصيني، في الـ 10 من مارس الجاري، على عودة السفارتين إلى الرياض وطهران.
ولسوف يبطل العجب؛ حين نفهم أن السبب وجود عينين في أوساط الشيعة، في القطيف والأحساء والمدينة المنوّرة، إحداهما على ضريح السيدة زينب بن علي بن أبي طالب في ضاحية دمشق، والأخرى على ضريح الإمام الثامن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن أبي طالب، في أقصى إيران.. مشهد.. خراسان.
حرم السيدة زينب في ضاحية دمشق
سقوط قطاع تجاري
حين انتقلت عدوى ما يُسمّى بـ “الربيع العربي” إلى جنوب سوريا، وتحرّكت الجماهير في “درعا” مطالبة بـ “إسقاط النظام”؛ كان هناك قطاعٌ تجاري في القطيف “يسقط” فعلاً، متأثراً بما يجري في الحدود السورية الأردنية، حيث تعبر آلاف الحافلات السعودية على مدار العام، متّجهة إلى ضاحية العاصمة السورية.
وعلى نحو متسارع؛ خرجت مكاتب سفريات من السوق، أو بدأت تحاول التكيّف مع الخسارات الفادحة التي توقفت معها رحلات مئات الألوف من “الزوار” إلى “السيدة”، وعلى نحو تحوّلت فيه تلك البلدة الكبيرة إلى مجتمع خليجي، يذوب فيه السوريون والفلسطينيون، وعلى نحو خاص في إجازات الصيف الطويلة.
سقط قطاع كامل في القطيف والأحساء والمدينة المنورة، وأفلست مكاتب سفريات، وتوقّف الناس عن “سياحة دينية”؛ كانت ناشطة جداً منذ مطلع الثمانينيات على نحو متسارعٍ أيضاً.
يمكن القول إن الفترة الزمنية الواقعة بين 1980 و 2011 هي الفترة الذهبية لقطاع “السياحة الشيعية” المتجهة إلى دمشق. وقد نشط هذا القطاع على حساب وجهة كانت أهمّ نحو العراق، هذه الأخيرة بدأت تتعثر ـ وتتجمّد تقريباً ـ مع بداية حرب الخليج الأولى.
حرم الإمام الحسين وحرم أخيه العباس في كربلاء.. العراق
سياحة سوريا.. الدينية
وبعدما كانوا يسافرون ـ عبر الكويت برّاً ـ إلى كربلاء والنجف وبغداد وسامرّاء؛ تغيّرت الوجهة إلى دمشق؛ عبر طريق برّي طويل ومرهق، يعبر المنطقة الشرقية كلها، ثم الشمال السعودي كله، حتى منفذ “الحديثة”، ويستمرّ السفر لأكثر من 30 ساعة في حافلات كثير منها متهالك.
شيئاً فشيئاً تطوّر القطاع، وظهر “رجال أعمال” جُدد صنعوا ثرواتٍ من هذا القطاع السياحي المهم. واحتدّت منافسات المكاتب حتى هبط سعر التذكرة إلى 150 ريالاً فقط، من القطيف إلى دمشق، برّاً.. ذهاباً.. وإياباً.!
لم تكن ميزانية السفر إلى سوريا تكلّف أكثر من 1500 ريال للمسافر الواحد، لمدة 10 أيام.
في المساءات الناعمة بنسائمها؛ تصطفّ مطاعم المشويات جنوب حرم “السيدة”، وبإمكان 5 ريالات أن تؤمّن وجبة عشاء كاملة. كما يمكن للمتسوق في “الحميدية” شراء “بشت” فاخر بـ 60 ريالاً. أما السكن؛ فهو من أهود الأسعار، حين كان الريال الواحد يعادل 8 أو 10 ليرات، وتكلفة “السرفيس” من “السيدة” إلى “الحميدية” تكلّف 50 ليرة.. 5 ريالات…!
ثم جاء الربيع العربي؛ وسقط هذا القطاع بسرعة.. وبات السفر إلى سوريا خطيراً، ثم أصبح ممنوعاً رسمياً، لأسباب تشابكت فيها مقتضيات سلامة المواطنين، ومحاذير المتطرفين الذين انخرطوا في الصراع السوري، عبر تنظيمات وضعتها الدولة ضمن الإرهاب.
حرم الإمام الرضا في مشهد.. إيران
نحو مشهد
على جانب آخر؛ كان هناك قطاع سياحي اهتمّ به السعوديون الشيعة، في اتجاه أقصى شرق إيران، إقليم خراسان، وتحديداً مدينة “مشهد”، حيث ضريح الإمام علي بن موسى الرضا، ثامن الأئمة عند الشيعة الاثني عشرية. ومع هذه المدينة هناك “قُم”، حيث ضريح شقيقة الإمام، فاطمة الموصوفة بـ “المعصومة”، وحيث الدراسة الدينية في الحوزات الكلاسيكية.
لذلك أصبح هذا القطاع القديم جداً مهمّاً أكثر. لكنّه تعثّر مع تبدل الأحوال في إيران، وتفجّر الثورة، وبداية شعارات تصديرها، وما صنعت هذه الشعارات من حساسيات خليجية إيرانية، فتعقّدت المعضلة مع حرب السنوات الثمان مع العراق، وتأزمت العلاقة بين الرياض وطهران، وصولاً إلى القطيعة الدبلوماسية.
ثمّ عادت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وعيّنت الحكومة السعودية مواطناً شيعياً، هو الدكتور جميل الجشي، سفيراً لها في طهران. وهنا عاد نشاط “السياحة الدينية” إلى أفضل مما كان عليه قبل الثورة، ونشط قطاع “سياحي” وجد في إيران رافداً حيوياً ومهمّاً، وقادراً على النجاح، بفعل ما تمثّله “العتبات المقدسة” من أهمية عند الشيعة في كلّ أرجاء العالم، وهو ما ساعد على انتشار مؤسسات ووكالات سفر وسياحة.
وقد أحدثت الوكالات الجديدة نقلة نوعية في أسلوب السياحة، وأضافت إلى برامجها المتركزة على زيارة المدن ذات الطابع الديني؛ رحلات إلى مواقع سياحية وطبيعية في الشمال الإيراني، وجنوبه، تماماً؛ كما هو معمول به في رحلات السياحة في أوروبا.
طفح الكيل السعودي
استمرّ القطاع السياحي الإيراني في الانتعاش عاماً بعد آخر، إلى أن جاء ما يُسمّى بـ “الربيع العربي”، وظهرت الحساسيات السياسية والأمنية من جديد، وبدأ الإيرانيون، تحديداً، في ممارسة سلوك سياسي وأمني غير مريح، وشيئاً فشيئاً راحت العلاقات البينية تزداد تأزماً، إلى أن طفح الكيل السعودي، بعد الاعتداء على سفارتها في طهران.
وفي يناير 2016؛ أعلن وزير الخارجية السعودي ـ وقتها ـ عادل الجبير موقف بلاده من العلاقة، وصرّح للإعلام بقوله إن “بلاده ستوقف حركة الملاحة الجوية بينها وبين إيران، وأيضاً وقف كل العلاقات التجارية معها”. كما أعلن “أن المملكة ستمنع مواطنيها من السفر إلى إيران، فيما قال إن الحجاج الإيرانيين سيبقون مكان ترحيب في السعودية”.
وهنا؛ انهار قطاع، مثلما حدث مع أزمة الربيع العربي في 2011، لقطاع السفر والسياحة في القطيف والأحساء والمدينة المنورة. وسعت بعض المكاتب و “الحملات” إلى إعادة ترتيب أوراقها، والبحث عن وجهات سياحية آمنة، ومن هنا؛ تولّدت وجهات تركيا وجورجيا وآذربيجان، لتساعد وكالات السفر على الاستمرار في العمل.
تفهُّم.. وترقُّب
وبمجرد انتشار الإعلان السعودي الإيراني الصيني عن عودة العلاقات بين المملكة وإيران؛ تنبّهت من جديد موجة تفاؤل في أوساط المواطنين السعوديين الشيعة، ربما أكثر من غيرهم، بسبب ما هم مأخوذون به من عاطفة تجاه ما تعارفوا على وصفه بـ “العتبات المقدسة”، وحرص الغالبية منهم على زيارتها في الداخل السعودي، وخارجه.
تحسّن العلاقات بين الرياض وطهران، سوف يُعيد ـ في تصوّرهم ـ الأمور إلى نصابها، ومثل ذلك أيضاً في تحسن العلاقات بين الرياض ودمشق.
قد تكون هناك شوائب سياسية في مسائل المصالح التي تربط بين الدول، ويتفهم أغلب الشيعة هذه المسائل، ويحترمونها امتثالاً لرؤية القيادة السياسية في بلادهم، ويمتنعون عن السفر إلى إيران وسوريا، تحت تقديرات المشكلة الأمني والسياسي.. ومع ذلك؛ فإنهم يتوقون إلى اللحظة السياسية الهادئة التي تكون فيها العلاقة طيبة بين بلادهم وبين البلاد الأخرى.
السياحة الدينية عند الشيعة
في الداخل السعودي:
- مكة المكرمة.
- المدينة المنورة.
العراق:
- كربلاء.
- النجف.
- بغداد.
- سامراء.
سوريا:
- قبر الست، ضاحية دمشق.
إيران:
مشهد.
-
قم.
هل الكاتب شيعي ؟
اشوفه يضع كلمات التقديس لاهل البيت ع بين قوسين وكأنه لا يؤمن بها
زيارة مراقد اهل البيت عليهم السلام هي (عبادة) و ليست (سياحة دينية)، مثل الصلاة و الصوم و الحج هي (عبادة) و ليست (رياضة دينية) !!!