الأب المفجوع لـ “صُبرة”: حتى الآن لا نعرف أسباب تسمم ابني “عبدالله” ووالدته ولدي كان يحلم أن يصبح طياراً.. فطار مع الملائكة
علي آل ناصر يروي تفاصيل الأيام الأخيرة من حياة طفله
الأوجام: معصومة المقرقش، صُبرة
أكد المواطن علي عبدالرحيم آل ناصر أن أسرته ما زالت في انتظار نتائج الطب الشرعي الخاص بحالة وفاة ابنه عبدالله (12 سنة) ووالدته زينب المياد (29 سنة). وقال آل ناصر لـ “صُبرة” ـ ظهر اليوم الاثنين ـ إن “التقرير لم يصل بعد”.
علي آل ناصر يروي تفاصيل الأيام الأخيرة من حياة طفله
كيف كانت الأيام الأخيرة للطفل عبدالله ابن الـ 12 عاماً..؟ وكيف تلقى والده الفاجعة عشية نقله إلى المستشفى متأثراً بحالة تسمم خطيرة؟ وما هي التفاصيل التي ما زالت غامضة.. القصة كاملة يرويها المواطن علي عبدالرحيم آل ناصر لـ “صُبرة”، في هذا التقرير..
لا وجع أقسى من مرارة أن يجد أبٌ جسد طفله الصغير مدداً لا حياة تنبض فيه على سريرٍ أبيض وحيداً، يغطيه البياض من راسه لأخمص قدميه، ولا أشد ألماً أن يناغيه بإسمه مدللاً ولا يجيب..
فقد الابن.. لحظة لا يقبلها أي أب وأم، فكيف بأبٍ مثل علي عبد الرحيم آل ناصر الذي غمر أبناءه بالحبّ والاحتواء نعم أباً وصديقاً. لكنها إرادة الله التي تختبر صبر الأب ليتجرع هذه المرارة التي لا تساويها مرارة، بفقد عبد الله في طرفة عين دون سابق إنذار.
من خلف سماعة جواله، كان النشيج يختلط بالبكاء، وهو يروي قصة صدمة حياته، بادئاً بمستجدات القضية قائلاً “لا نعرف الأسباب الحقيقية للوفاة في ضوء المعطيات الحالية، وما زلنا في انتظار نتائج الطب الشرعي، والجهات المعنية التي ما زالت تمارس تحقيقها من أجل الوقوف على ملابسات وفاة الطفل” الذي قضى نحبه يوم الثلاثاء الماضي، موضحاً “حتى اليوم الأحد لم يجد جديد”.
وقال إنه علم بحالة طفله من قبل ابنه البكر أحمد الذي تواصلت معه إحدى خالاته واعلمته بوجود “عبدالله”
في اسعاف إحدى المستشفيات، فما كان من الأب المصدوم إلا أن هرع سريعاً إليه، وحين وصل وجده جثة هامدة لا تتحرك.
مع أخيه الأكبر أحمد
بابا نروح نصيد؟
عبد الله الطفل الصغير هو المدلل والأقرب إلى قلب الأب، بحسب ما ذكره لـ “صُبرة”، فكان لا يرفض له طلباً مهما كان. يقول “ذات يوم أخبرني برغبته في أن يصيد سمكاً من البحر، فذهبنا معاً لشراء عدة الصيد، واتفقنا على الذهاب صباح اليوم التالي.. لكن الصغير أيقظني من النوم في الساعة الرابعة فجراً لنذهب إلى الصيد.. وهذا ما حدث.. ذهبنا معاً إلى البحر”.
بابا العب معي
بحكم الظروف العائلية الخاصة؛ مضت مدة طويلة على لقاء الأب علي لابنه “عبدالله”.. وحين التقاه لبى طلبه في اللعب معه بالألعاب الإلكترونية، ولم يحرمه من هذه المتعة ابداً.. يقول “عبدالله كان لديه أسلوب مقنع، وهذا الأمر أدركه أخوه أحمد.. فكلما أراد شيئًا وسّط “عبد الله”. كما كان متفهماً عندما اشتريت هاتفاً جديداً لأخيه، وقد رغب في جهاز مثله لكنه قال لي: إذا سمحت ظروفك بابا. وفعلاً حققت ما تمناه وشريت له جهازاً جديداً مثل اخيه”.
الصغير على صغره؛ كانت لديه صفة كبيرة، إذا أرد أن يشتري شيئاً؛ فإنه يرى السعر أولاً، فإذا كان غالياً فإنه يرفض الشراء حتى لا يكلف عليّ. وهناك صفة أخرى هي أنه لا يمكن أن يدير وجهاً أو يعبس في وجه أحد.. كانت على ابتسامة مستمرة.. لذلك تأثر الكثيرون من رحيله الفاجع.
أين أبي؟
عبد الله كان متعلقاً بأبيه كثيراً حتى وهو معه في بيت واحد.. كان ينزل إلى الدور الأرضي في بيت جده، ليسأل جدته: وين ابوي..؟
يمين القلب
وعبد الله الذي احتل مكاناً في قلب أسرته آل ناصر كانت أيامه الأخيرة سعيدة برفقة جدته لأبيه، وكان برفقتها يوم الخميس الماضي في رحلة برية، وكان يقود بها السيارة ممازحاً والده: بابا خلص البنزين جيب بنزين”.
ولأنه محبوب العائلة بما تمتع من صفات تميز بها عن أقرانه وفي مثل سنه فقد كان مؤدباً ومنظماً لا يتحرك كثيراً ليثير الفوضى، ولا يمد يده على الآخرين.
يلعب بلايستاشين مع والده
مجلس ممتلئ بمحبيه
مجلس الفاتحة الذي فتح لتلقي التعازي في رحيل عبد الله ملئ عن بكرة ابيه بالمعزين، خاصة الذين عرفوا عبد الله وجلسوا معه، فضلاً عن معلميه في مدرسته ابتدائية الحسين بن علي. كان محبوباً بينهم بحسن سيرته وسلوكه، ولم يُدخل الحزن في قلب أحد ولم يحزنه أحد.. إلا بموته المبكر جداً.. والمؤلم جداً.
ووفقاً للأب فإن معلمي الصغير “عبدالله” عدوه من أفضل الطلبة في المدرسة خُلقاً، وقد بلغت نسبته في الفصل الدراسي الأول 98.33 كنسبة أخيه تماماً.
في آخر طلعة برية
مع جده في الصلاة
طائر الجنة
الأب المكلوم كان قد حصل على إجازة من عمله ليقضيها مع عبد الله، ويسعى إلى إسعاده بتحقيق ما يتمناه له في أيام معدودات. وقبل أن يوصله إلى بيت والدته مر به على طريق المطار وصور الطائرات المحلقة قائلاً: أريد أن أكون طياراً يا أبي..!
عبد الله تمنى أن يكون طياراً حراً طليقاً مسافراً في أرجاء الفضاء الواسع.. وقد طار فعلاً نحو السماء وتلقفته ملائكة الرحمن، هو ووالدته.. ولم يبقَ للأب المفجوع الذكريات والصور التي تزيد من حسرته ومرارته على طفولة الصغير الضائعة طوال حياته.
فكل العزاء لك يا علي وعظم الله أجرك وربط الله على قلبك..
اقرأ أيضاً