محمد العباس لـ “صُبرة”: أحب إبراهيم الحساوي.. ولكن “جاسم” شخصية مصطنعة إمكانيات الفنان أعلى بكثير مما كُتب له في "خيوط المعازيب"
القطيف: صُبرة
وصف الناقد محمد العباس ما كتبه حول مسلسل “خيوط المعازيب” بأنه نقد لطريقة كتابة “شخصية جاسم” في المسلسل، أو الكيفية التي كُتبت بها شخصية جاسم، وليس للفنان إبراهيم الحساوي في ذاته.
وإيضاحاً لهذه الجزئية، قال العباس لـ “صُبرة” أعرف أن إبراهيم الحساوي هو الأب الروحي والفني لهذا المسلسل، وأنه بذل جهداً كبيراً ليرى النور طيلة سنوات ماضية، لكنّ الشخصية التي ظهر عليها في الشاشة، تعاني من مشكلات لا يجدر بفنان محبوب ومهم مثل إبراهيم الحساوي أن يؤديها، كما كُتبت له”.
ونبه العباس إلى أن مشكلة شخصية “جاسم” هي نتاج رديء لمناقشة الشخصية في ورش التحضير للمسلسل الذي يراه العباس “عملاً درامياً رائعاً”. وقال “إبراهيم الحساوي فنان أحبه على المستوى الإنساني والفني، وأرى أن شخصية “جاسم” كانت دون إمكانياته الفنية”.
نقد لاذع
ومن بين كلّ شخصيات المسلسل الرمضاني “خيوط المعازيب”، وضع الناقد العباس شخصية الفنان إبراهيم الحساوي تحت مجهره اللاذع، للمرة الثانية خلال شهر رمضان الجاري. المرة الأولى في الأيام الأولى لعرض المسلسل، والمرة الثانية كانت أمس، حين واصل العباس عبر حسابه الشخصي في “فيس بوك”، و “تويتر”، وناقشه متابعون ومهتمون.
تركيز العباس كان على تجسيد الفنان الحساوي لشخصية جاسم، في المسلسل الذي أحدث صدى واسعاً لدى قطاع كبير من الجمهور.
وحمل العباس على الحساوي قائلاً “إن الأخطاء والمبالغات المرتبطة بشخصيه “جاسم” في المسلسل، لا يُسأل عنها المخرجون بل الممثلون، فالشخصية مجوفة ومصطنعه وقتلت من ابداع “ابراهيم الحساوي” في هذا العمل الدرامي الذي كتب بسطحية شديدة.
متابعا:” إن كل الشخصيات ملتزمة بشرط اللحظة والمكان الذي يحتويها وبجوهر حضورها، عدا شخصية “جاسم” فهي تتحرك في المسلسل من دون ارتباط بمنطق الأحداث، وخط سير السرد للمسلسل، حيث بدأ كحائك، ثم تحول بسرعة خاطفة إلى خزاف، ثم شاعر، ودرويش، ثم عاد كمفكر تنويري يروج للقراءة”.
وأضاف “قد أستوعب فكرة قراءته لكتب توفيق الحكيم، والمنفلوطي، ولكن عندما لوّح بكتاب “مقدمة ابن خلدون” وهو طالب في الثانوية شعرت بأن مصمم الشخصية قد بالغ في رسم معالمها، وكأنه أسبغ على “جاسم” دور المفكر الكبير دون داع”.
وكتب “أعتقد أن تلك الشخصية تجاوزت كل الحدود الواقعية عندما قرر “جاسم” أن يصف مجموعة من الكتب للقراءة في روازن المقاهي التي يرتادها في الغالب مجموعة من الأميين البسطاء، الذين يجدون فيها محطة ترفيهية لشرب التعميرة، ولعب الكيرم، والضومنة، وسماع الأغاني، وربما مشاهدة التلفزيون”.
وقال “هذا علاوة إلى كون الكتاب في تلك الفترة من المحرمات السياسية والاجتماعية، لأن القراء آنذاك كانوا من المؤدلجين سياسياً ومنهم الماركسيون والقوميون، كما كانت الكتب على المستوى الاجتماعي سبباً لخراب العقول”.
واستدرك كاتباً “ربما أكون مخطئاً في هذا التأويل، فقد تكون في الأحساء بالفعل قهوة تحتوي على الكتب، والأهم أن شخصية “جاسم” قد عُبث بها كثيراً على مستوى الكتابة، ولذلك ظهرت بذلك التشتت والانفصال عن الواقع”.
كاتب متحامل..؟
وما بين شد وجذب على منصة “إكس” بين متابعون للمسلسل ولتغريدات “العباس” الذى وصف المسلسل بالسطحي أول رمضان، حيث اتهمه متابعوه بالتحامل والتحيز ضد الفنان “الحساوي”، مما جعله يتراجع ويشيد بالمسلسل فى تغريدات لاحقه، وبشخصيات أخري، كشخصية المعزب “أبو عيسى” حيث وصفها بانها مكتوبة بعمق ودراية، ونابعة من المكان الذي ولدت فيه فصارت شديدة الشبه به، حيث حُقنت بمعجمي اللهجة الأحسائية ومصطلحات مهنة حياكة البشوت، وبالتالي ينطبق عليها من الوجهة الفنية مفهوم الشخصية الجاذبة بما تختزنه من كيمياء بشرية، إذ تمتزج فيها القسوة والسخرية والجشع والمكر والفكاهة واللطافة المصطنعة والقدرة على الخداع والمراوغة، وكأنها مفصلة بمقاس وقدرات الفنان عبدالمحسن النمر.
وبينما يتابع المشاهدون عمق الأحداث الأخيرة عن شغف كشف مؤلف العمل حسن العبدي، في تصريحات صحافية، عن مزج أحداث العمل بين الواقع والخيال ويقول اعتمدت على ذاكرتي بشكل أساسي وكبير فهي محفورة بشكل قوي، بل لا أبالغ أنني أتذكره على مدار عمري الذي تجاوز الثمانين، ولربما يكون خيالي في تصوير الصور النمطية التي شاهدتها في ذلك الوقت وقمت بالإبحار في خيالي.
خيال السناريست
ونوه ربما أبحر السيناريست قليلاً بخياله بما يناسب المسلسل، أما بالنسبة لي كثير من ما كتبته في “خيوط المعازيب” هو واقع وكما قلت إنني تخليت عن الكثير من الأمور في ذكره احترام للجانب الاجتماعي، ومن الطبيعي أنَّ المبدع سواءً كان شاعراً، أو روائياً، أو قاصاً، أو كاتب نص مسرحي، أو درامي لا بد من وجود الخيال وهو شيء أساسي ومهم، فأنت أمام مشاهد عادي ومشاهد نوعي وناقد وشغوف بالمشاهدة، فالجمع بين الواقع والخيال والجمع بين الصورتين تجعل الفكرة تصل بشكل سهل وممتع للمشاهد وكلما كان التفاعل مع المسلسل كبير وقوي وهو ما يعني أننا نجحنا في طرح الواقع وتجميله بشيء من الخيال.
وأضاف العبدي: ربما يكتشف البعض عن عالم البشت وكيف يصنع وأهميته وكيف كان البعض يسيطر على الناس من خلال صناعته، التى خلقت اقطاعيين، وأيضاً خلقت من يحبون الخير وقضاء حاجات الآخرين، ومن النقاط المهمة في المسلسل أن في المجتمعات ملائكة وشياطين، وربما يخفى على البعض معاناة “البشت” وكيف يصنع، فهم يرونه مطرزاً وجميلاً ويلبسونه في المناسبات الاجتماعية، في الزواج أو المناسبات الرسمية.
وأكد العبدي: “نص العمل ظل حبيس الأدراج على مدى ربع قرن، حيث كُتب نصه الأولي قبل 24 عاماً، حيث امتهنت حياكة البشوت، وهي المهنة الأساسية التي يدور حولها العمل، وكان المنتجون يتخوفون منه كونه مُكلفاً إنتاجياً”.
الجدير بالذكر إن هناك 5 ورش عمل كتابية عكفت على تطوير نص المسلسل لسنوات ضمّت كلاً من: أحمد الشايب، وعلي الدواء، وزينب الشيخ، وأشرف طاهر، والفنان إبراهيم الحساوي، وكوثر السويكت، والقاص جعفر عمران، والدكتور محمد البشير، والروائية بشاير محمد والممثل والكاتب موسى أبو عبد الله، كما شارك المخرج محمد الفرج ويونس البطاط والمسرحي عباس الحايك، وتولت هناء العمير الإشراف على جميع الورش للخروج بهذا العمل في شكله الحالي.