العام الدراسي القادم

زكي أبو السعود

أُعلن اليوم عن صدور التقويم الدراسي العام للعام الدراسي 1446- 1447 هـ (2024- 2025م)، وقد بين التقويم ان بداية الدراسة للطلاب في المملكة ستبدأ في 18 أغسطس، وسينتهي العام الدراسي بالنسبة للطلاب في 26 يونية 2025م، لا بد أن هذا التقويم خطط وأعد له من قبل، أي أنه ليس وليد اليوم.

يعد الالتزام بتواريخ الخطط والتقيد بمواعيدها أحد شروط نجاحها. فلو عملنا خطة عمل مهما كانت طبيعة هذا العمل، ولم نحترم مواعيدها لأصبحت سائبة، وتعذر مراقبة تنفيذها ومتابعة نتائجها.

ولكن الخطط أياً كانت ليست أمراً إلهياً مقدساً لا يجوز تعديله أو العبث فيه، فنحن من رسمناها ونحن من ننفذها، والمخطط الماهر هو من يضع مع الخطة الأولى أو الأساسية خطة أخرى (خطة ب)، ففي حالة تعثر تنفيذها أو عدم توافقها مع الظروف والإمكانيات يجري اللجوء إلى الخطة البديلة أو الخطة ب.

حالياً تمر الكرة الأرضية بصورة عامة بتغييرات مناخية حادة، والجزيرة العربية التي عرفت بطقسها الحار منذ آلاف السنين تعيش هذا العام صيفا بالغ الحرارة لم تعرفه الجزيرة العربية منذ أن بدأ تسجيل درجات الحرارة ومتابعة تغيراتها.

ففي هذه الأيام تلامس درجة الحرارة في كثير من مدن المملكة الخمسين درجة مئوية مع أننا في بداية موسم الصيف، ويتوقع اختصاصيو الطقس أن تواصل درجات الحرارة ارتفاعها في بقية أشهر فصل الصيف، الذي يتوقعون امتداده لنهاية شهر أكتوبر.

وبالتالي سيكون شهر أغسطس هذا العام من الأشهر الصيفية البالغة الحرارة، خاصة وأنه شهر الرطوبة في المناطق الساحلية مما سيفاقم من حرارة الجو.

وسيكون من الصعوبة البالغة في ظل هذه الأجواء توفير تكييف الهواء الضروري لجعل قاعات الدراسة في جميع مدارس المملكة مناسبة للتدريس خاصة في المدارس الابتدائية أو في رياض الأطفال، التي عادة ما تكون أعداد التلاميذ في الفصول الدراسية كثيرة. الأمر الذي سيتطلب تكييف هواء منخفض ومتواصل.

أضف إلى ذلك ضرورة توفير المواصلات العامة المناسبة لمثل هذه الأجواء. فالحافلات تبقى معظم الوقت في أماكن غير مضللة؛ مما يتطلب وقتاً طويلا كي يأخذ مكيف الهواء مفعوله في تبريد الحافلة.

وبالتالي فإن بدء الدراسة في هذا التاريخ قد ينجم (لا سمح الله) من وراءه مشاكل ومصاعب تقنية عديدة قد تعرض الطلاب إلى أخطار غير محسوبة، أضف إلى ذلك أن عدم انتظام درجة حرارة مباني المدارس سيصعب من أجواء الدراسة، ويضعف من تركيز التلاميذ على الدراسة.

ومن هنا، فأن اللجوء إلى خطة بديلة تُبنى على عادة النظر في بداية العام الدراسي وتأخير موعده حتى منتصف شهر سبتمبر، قد يكون خياراً مناسباً لتفادي مشاكل وتعقيدات غير محسوبة، خطة يمكنها أن توفر بديلاً آمنا للتلاميذ ولجميع العاملين في قطاع التعليم.

قد يكون اللجوء إلى خطة بديلة مبنية على تأخير موعد بدء الدراسة يتعارض مع كون التقويم قد أعد على أساس مجموع عدد الساعات اللازمة للانتهاء من المناهج المقررة، وبالتالي فإن تقليص العام الدراسي قد يتسبب في مشكلة.

ليس هناك شك في أن لدى وزارة التعليم من الكوادر والكفاءات القادرة على تجهيز خطة بديلة تضمن الأمن والسلامة لبناتنا وأبناءنا الطلبة وللعاملات والعاملين في قطاع التعليم، وتضع مخرجاً لهذا الاقتراح الذي أتمنى أن يصل إلى المسؤولين في الوزارة كي يعيدوا النظر بين الالتزام بهذا التقويم وبين أخذ الأوضاع المناخية الحالية في عين الاعتبار.

من الممكن التفكير في عدة حلول كي لا تنقص عدد ساعات الدراسة، منها على سبيل المثال إطالة اليوم الدراسي في الفصل الأول كون النهار حتى نهاية نوفمبر لا يزال طويلا، ومن الممكن التقليل من مدة الإجازات خلال العام، وغير ذلك من الاقتراحات التي قد لا تجد قبولاً لدى مسؤولي الوزارة، ومع ذلك فلن يعجزهم الوصول إلى الخيار المناسب. والله الموفق

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×