سحر شغف المشاركة بين الأصدقاء

️ نعيمة آل حسين

 

من حين لآخر يرواد البعض هذا السؤال الجوهري، هل للعلاقات الإنسانية أبعاد في بداياتها؟

وهل هناك سرٌّ خفيٌّ وراء سحر مشاركة الشغف بين الأصدقاء لدوامها طوال العمر؟

لمشاركة الميول والهوايات بين الأصدقاء الحقيقين شغفٌ وسحرٌ خاص، لذلك فهم كنزٌ لا يُقدر بثمن لأنّ وجودهم في عالمنا يجعل الحياة أسهل وأكثر جودة ومليئة بالسعادة.

ومن هذا المنطلق نتساءل:

    من هو الصديق الحقيقي؟ وهل نمتلك أصدقاء حقيقيين؟

وهل لدينا صديق يمكننا أن نطلق عليه لقب صديق العمر؟

فعلاً مثل هذه الأسئلة تحفزنا للسؤال عن ماهيّة تعريفنا أو فهمنا للصداقة أولاً؟

فعندما نُعرّف الصداقة بأنها:

  رابطة المودّة والإخلاص بين شخصين أو أكثر، كل منهما يشعر بمحبة تجاه الآخر، لأنّ الإنسان بشكل عام يحتاج إلى وجود صداقة حقيقية في حياته ليكون سعيداً، لأنّ وجود أصدقاء حقيقيين في حياته شيء لا يقدر بثمن.

لذلك فاختيار صديق العمر ليس بالأمر السهل، لماذا؟ لأنه لابد أن تتوافر به بعض الصفات والمعايير لتعتبره صديق العمر فما هي أبرز صفاته؟

صديق العمر هو:

  الشخص الذي تثق به وتشترك معه في مستوى عميق من التفاهم والتواصل، وهو صديق العشرة الطويلة الذي تربطنا به علاقة من نوع خاص من “الحبّ والمودّة، المقرونة بالوفاء والإخلاص مما يجعل الحياة بوجوده أسهل ومليئة بالسعادة، وتظهر الصداقة الحقيقية في الشدائد والمحن”.

 إذ يظهر الصديق الحقيقي في هذه الأوقات العصيبة، أو أوقات الحاجة للدعم والمساندة لكي يعاون صديقه ويؤازره ولا يتخلى عنه، ويشاركه نجاحه وإنجازاته، لذا يحق لنا اعتباره كنزٌ لا يفنى.

 لذلك يحتاج كل إنسان منا إلى صديق حقيقي يكون بجانبه وقت الشدة، داعماً له في السراء والضراء، فالصداقة الحقيقية رزق من الله لا تقدّر بثمن، فهي الكنز الذي يستطيع الإنسان أن يحصل عليه في حياته، لماذا؟

لأنّ الصديق الحقيقي يقدم لك “طاقاته، ووقته، وجهده وحبه اللا مشروط بدون أن يطلب أي مقابل، وصديق العمر يكون لديه شعلة من المشاعر الطيبة التي لا تنطفئ ولا تندثر على مرّ السنين، ويتمتع بالوفاء، فيُظهر الصديق المخلص دعماً قوياً ومستمراً، فعن طريق هذا الدعم يشعر الشخص بالأمان.

 ومن أروع وأجمل صفات الصديق الوفي الذي تكون لعلاقتك به شغفاً وسحراً خاصاً هي:

 الاهتمامات المشتركة وطريقة التفكير المُتقاربة، ولهم نفس الهوايات، لماذا؟

 لأنّ التعرف على الأصدقاء الذين لهم نفس الاهتمامات والهويات مهم جداً بل هي من أهم الأساليب وأدوات البناء لعلاقات الصداقة الجديدة واستدامتها، حيث إنّ الأشخاص يميلون إلى التعرف على الناس الذين يبادلونهم نفس الهوايات، كما أظهرت الدراسات “أنّ وجود منافع مُشتركة بين الأفراد يزيد من استمرارية العلاقات بينهم لفتراتٍ أطول، ويزيد أيضاً من الشعور بالرضا والاستمتاع في الحياة، والاستمرار في التعلّم وأخذ الخبرات”.

ولأنً ذلك يُعتبر أمراً رائعاً وممتعاً لهما معاً، فمثلاً إذا كان الشخص يُحب هواية الرسم فالمشاركة في الذهاب لمشاهدة العروض الفنية فكرة جميلة جداً للتعرف على من يشاركونه تلك الهواية، وكذلك الأصدقاء الذين يهتمون بالقضايا القيِّمة.

ونضيف إلى ذلك، صداقة الثقافة والتعلّم مفيدة ودافعة إلى القيام بأعمال جديدة في الحياة، ومُشجعة على تقديم الأحسن، وكذلك صداقة الدعم والمساندة وتلبية الحاجة اليومية أو الحياتية، بسرعة كبيرة، على سبيل المثال:

 عندما يتشارك الأصدقاء في حب القراءة والكتابة، فمن يقرأ يستمتع بقراءة ما يكتبه صديقه، لدرجة أنه يحول كلماته إلى أطر جميلة، ويسعى لنشرها لمشاركتها مع من حوله وهنا تتكون علاقة قوية منسجمة ومتناغمة.

 مما يؤدي إلى التواصل المُستمر بين الصديقين وإلا فترت علاقتُهما، لذلك وجود بعض الهوايات والاهتمامات المشتركة يُساعد في قضاء المزيد من الوقت الممتع وبالتالي تعزيز العلاقة والتواصل وتقويتها، ويحميها من الفتور والملل بسبب ركود العلاقة وغياب المشتركات.

 ولأن الإهتمامات المشتركة وطريقة التفكير المُتقاربة تُقوّي العلاقات بين الأصدقاء، وتزيد الروابط متانة وقوة، وإذا وجدتَ أيضاً الكثير من القيم والاهتمامات المشتركة بينك وبين صديقك، مثل: “الهوايات، والأهداف، والتعليم، والقيم أو المعتقدات الدينية أو الأنشطة الاجتماعية والثقافية”، ورأيتَ أنه يحمل هذه الصفات، وتُساعدان بعضكما البعض على تطويرها وإنجازها، فهذا يساعد على بناء علاقات قوية ومستدامة.

ومما يساهم في تقوية العلاقات واستدامتها طوال العمر بين الأصدقاء “التطوع” في بعض الأعمال الخيرية، لماذا؟

 لأنّ المتطوعون معروفون بحُبهم للمجتمع، ومساعدتهم للآخرين، وهم يُعتبرون أكثر الأشخاص الذين يميلون إلى تكوين الصداقات بهدف التعرّف على جميع الأشخاص الذي يتعاملون معهم.

كما أنّ التطوع يُساعد في التعرف على أشخاص يُشاركون في نفس الشغف والاهتمامات، والمساهمة في الأعمال التطوعية قد يجعل الأشخاص يلتقون ببعضهم البعض على أساس مُنتظم، وبالتالي سيكون هُنالك فرصةً لبناء علاقاتٍ أقوى وتكوين الصداقات الجديدة.

 وهذا يوطد أواصر الحب والصداقة بينكما، وذلك لأنّ الاهتمامات المشتركة يمكن أن “تعزز اتصالاً أعمق، وتوفر المزيد من المواضيع للمحادثة، وتساعد على خلق شعور بالصداقة الحميمة بين الأصدقاء، فاعلم أنه صديق حقيقي، بل صديق العمر”.

 سيما عندما تنسحب هذه العلاقة وتستمر حتى لقاء وجه الله سبحانه وتعالى لكونها  تحت مظلة محبته ورضاه، مصداقاً لقوله تعالى:

“إنّ الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين”.

وكما ورد عن الإمام علي “ع”:

صديقك الحق من كان معك.

     ومن يضر نفسه لينفعك.

ومن إذا ريب الزمان صدعك

     شتت فيك شمله ليجمعك

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com