عن التحوّل.. أرضوهم فإنهم يستحقون هل تُنصف "الصحة القابضة" المتحوّلين إليها..؟

حبيب محمود

تحت مبدأ “كلّ نفس تجادلُ عن نفسها”؛ هناك حالة واسعة من عدم الرضا عن العروض الوظيفية التي تلقّاها موظفون في وزارة الصحة، تحت إجراءات التحول منها إلى شركة الصحة القابضة.

الحالة واسعة فعلاً، وعلى الرغم من صعوبة قياسها بلغة الأرقام، وشحّ المعلومات الرسمية، وضبابية الأمر وارتباكه.. على الرغم من كل ذلك؛ يمكن لمس عدم الرضا (إن لم نقل السخط) من خلال مؤشرات واضحة تكشّفت لدى الناس في “همس” العاملين في هذا القطاع، ونقاشاتهم..!

العاملون في وزارة الصحة، مثل العاملين في وزارة التعليم. إنهم معنا وحولنا وفينا ومنّا؛ أقاربَ، وجيران، ومعارف، وأصدقاء أيضاً. وحتى الآن؛ لم أعرف أحداً وصله عرض وظيفي لم يعبّر عن استيائه، بشكل أو بآخر. إما بمقارنة “السابق” بـ “اللاحق”، أو بمقارنة “الباب الأول” بـ “التشغيل الذاتي”، أو بمقارنة شركة الصحة القابضة ـ نفسها ـ بنظيراتها من القطاعات الحكومية التي أدركها التحول، أو الخصخصة، فصارت شركة..!

لا أحد يستطيع أن يقلل من الاهتمام العالي لدى وزارة الصحة بالموضوع، فهي سوف تسلّم طارفها وتليدها إلى جهة أخرى. وفي صميم الوزارة إحساسٌ عالٍ بمسؤولية ضمان التنفيذ الحرفي لسياسات الدولة في الرعاية الصحية.

ولا أحد يقلل من وجود اهتمام مماثل لدى شركة الصحة القابضة أيضاً، على اعتبار أن الموظفين سوف يُنقلون إلى ملاكها، ليواصلوا عملهم تحت إدارتها، في تنفيذ سياسات الدولة الكريمة.

ومن البَدَهي والمتوقّع أن نشهدَ ما نشهده اليوم من “زعل” في أوساط العاملين “المُحوّلين”.

صحيح إن هناك أموراً جوهرية في هذا التحول، فهناك انتقالة مباشرة من “قطاع عام” إلى “قطاع خاص”، وهناك مسافة جليّة بين مفهوم “الأمان الوظيفي” لدى الموظف وبين “العمل المعياري” لدى الشركة، وهناك قيمة عُليا في تغليب “الأداء” على “النمطية”.

كلّ ذلك صحيح.

ومع ذلك؛ فإن كلّ موظف لن يبتعد ـ شاء أم أبى ـ عن الحسّ الفطري التلقائي الطبيعي.. فـ “كلّ نفس تجادل عن نفسها”، وكلّ موظف سوف يبحث عن مكتسباته الذاتية في هذا التحول، مكتسبات العائد المادي المباشر الآن، ومكتسبات العائد المادي بعد التقاعد، ومكتسبات سنوات الخدمة السابقة، ومكتسبات المستقبل..!

ومُحصّلة هذه التساؤلات والحسابات وغيرها؛ إحساس طبيعي بـ “الرضا الوظيفي”، أو “عدم الرضا”. وهذا ما يُنتظر من “الصحة القابضة” أن تحسب حسابه في دراسة المشكلة القائمة، من أجل الوصول ليس إلى معادلة منصفة فحسب، بل إلى حالة يشعر معها العاملون بأنها منصفة..!

والعاملون في قطاع الصحة في بلادنا؛ ليس من حقهم أن يُنصفوا فقط، بل من حقهم أن يشعروا بالإنصاف، فهذا القطاع قدّم الكثير من التضحيات لوطننا الغالي، ولسنا بعيدين عن إنجازهم التاريخي قبل سنواتٍ قليلة جداً، حين صمدوا وكافحوا وواجهوا وعملوا وضحّوا في جائحة كورونا.

من حقّهم أن نتذكر لهم ونشكر لهم أنهم كانوا العصب الأساسي في المواجهة، وأنهم استمرّوا على رأس العمل مؤمنين بوطنهم وبمهنتهم وبموقعهم.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×