نخلة أحد رفيدة.. عوامل كثيرة وتفاعل معقد

م. علي الشيخ أحمد

مقدمة

لفهم ظاهرة إزهار نخلة أحد رفيدة طوال العام، يجب الإشارة إلى أن هناك عدة عوامل بيئية وفسيولوجية تؤثر في عملية الإزهار وعملية ظهور الثمار في مراحلها المختلفة، أظهر المسح الميداني من خلال خرائط جوجل أن هذه النخلة وحيدة في المنطقة القريبة من خميس مشيط، وعلى ما يبدو أنها نخلة (نشو) كما نسميها في المنطقة. وهذه هي إحداثيات المزرعة لمن أراد رؤيتها عبر خرائط جوجل:

\[18°10’33″ههN 42°49’41″E\].

السلوك المقارن للنخلتين

إذا كان هناك وجود لنخلة أخرى في المنطقة، لأمكن مقارنة سلوك النخلتين معًا، حيث إنهما في نفس الظروف المناخية. فإذا كان سلوك النخيل متشابهًا في المنطقة كلها، يمكن أن نعزو هذه الظواهر إلى العوامل البيئية التي بدورها يكون لها تأثير فسيولوجي.

ولكن للأسف، يبدو أنه لا يوجد غير هذه النخلة في المنطقة.

خصائص نخلة أحد رفيدة الظاهرية

أظهر الفيديو خصائص ظاهرية مميزة لهذه النخلة، مثل ضخامة الجذع (الساق) وطول السعف بشكل لافت وغزير، بالإضافة إلى كثرة الشماريخ الزهرية. كما لاحظنا اختلاف الحالة العمرية لهذه الشماريخ، إذ إن بعضها في طور الإزهار الأولي وبعضها في مرحلة الخلال وبعضها في مرحلة البسر. هذا غير المعتاد، حيث إنه من المعتاد أن تظهر الشماريخ في نفس الوقت وتسير في مراحل النضوج بشكل متوازٍ. ويظهر من الفيديو أن حجم الثمار (الشيص) كبير، وهذا أيضًا غريب وغير معتاد، حيث إنه من المعتاد أن يكون حجم ثمار النخيل غير الملقح صغيرًا. من خلال الطول الظاهري لهذه النخلة والقياس بنخيل المنطقة الشرقية، يُقدر عمرها بحوالي عشر سنوات.

تأثير العوامل البيئية والفسيولوجية

1. طول النهار (الفوتوبريودية):

– تأثير طول النهار: العديد من النباتات تعتمد على طول النهار (عدد ساعات الضوء في اليوم) لتحديد متى تزهر، ويُعرف هذا النظام بالفوتوبريودية.
– نباتات النهار القصير: تحتاج إلى ليالٍ طويلة (أو أيام قصيرة) لتحفيز الإزهار، مثل العديد من الزهور والفواكه.
– نباتات النهار الطويل: تحتاج إلى ليالٍ قصيرة (أو أيام طويلة) لتحفيز الإزهار، مثل بعض الحبوب والخضروات.
– النباتات النهارية المحايدة: لا تتأثر بطول النهار وتزهر بناءً على عوامل أخرى مثل درجة الحرارة والعمر.

– دور الفلوروجين: يقوم طول النهار بتحفيز إنتاج ونقل هرمون الفلوروجين في الأوراق. وعندما تصل الظروف المناسبة لطول النهار، يتم إنتاج الفلوروجين وينتقل إلى قمم النمو حيث يحفز تكوين الأزهار.

2. درجة الحرارة:

– تأثير درجة الحرارة: تؤثر درجة الحرارة بشكل كبير في نمو النباتات وتطورها، بما في ذلك الإزهار.
– البرودة المحفزة للإزهار (الفيارنالايزيشن): بعض النباتات تحتاج إلى فترة من البرودة لتحفيز الإزهار، وهذا يمكن أن يكون مرتبطًا بتنشيط الجينات المسؤولة عن إنتاج الفلوروجين.
– الحرارة المحفزة للإزهار: في بعض النباتات، يمكن أن تساعد درجات الحرارة الدافئة على تسريع إنتاج الفلوروجين وتطور الأزهار.

– دور الفلوروجين: يمكن أن تؤثر درجة الحرارة في نشاط الجينات المرتبطة بإنتاج الفلوروجين. وفي البيئات الباردة، قد تحتاج النباتات إلى فترة من التدفئة لتنشيط هذه الجينات، بينما في البيئات الحارة، قد يكون الإنتاج أسرع.

العلاقة بين طول النهار ودرجة الحرارة

– تفاعل معقد: يعمل طول النهار ودرجة الحرارة معًا بشكل متكامل لتحفيز الإزهار. الفلوروجين يعتبر نقطة التقاء هذه الإشارات البيئية، حيث يتم إنتاجه استجابةً لطول النهار المناسب ومن ثم يتأثر بتغيرات درجة الحرارة لتحقيق التوقيت الأمثل للإزهار.

أسئلة وتساؤلات حول ظواهر النخلة

نحن أمام نخلة تحمل عدة ظواهر غريبة في عدة جوانب، مما يثير عدة تساؤلات، مثل:

– كيف يمكن لهذه النخلة الاستمرار في تغذية حالة الإثمار المستمرة طوال العام؟ المعتاد في منطقتنا هو أن النخلة تستجمع الكربوهيدرات خلال فصل الشتاء في ما يسمى بـ”الجذبة”، وعند نهاية فصل الشتاء تقريبًا في شهر فبراير تبدأ الشماريخ بالظهور لتكون مشاهدة، لكن بالطبع تكون البراعم قد تكونت قبل ذلك بشهر على الأقل داخل النخلة.

– كيف أصبح حجم الثمار كبيرًا مع أن النخلة غير ملقحة؟ حيث إن التلقيح ينتج ثمارًا ذات نواة، وهذه النواة تفرز هرمون الجبريلين المسؤول عن تضخم حجم الثمار. والسؤال هو: كيف أصبح حجم الثمار عديمة النواة كبيرًا بهذا الشكل؟

التسميد والري وتأثيرهما على النخلة

من الأسئلة الأخرى المطروحة: حسب الفيديو، فإن هذه النخلة غير معتنى بها لا من جهة التسميد ولا الري. للإجابة على هذه التساؤلات، لابد من الإشارة إلى دورة الحركة الغذائية داخل أشجار النخيل. حيث تبدأ هذه الدورة بامتصاص العناصر الأساسية والمتوسطة والثانوية في صورته القابلة للامتصاص ويتم نقلها عبر الماء عن طريق الجذور، وبعدها إلى القنوات المسماة Xylem أو اللحاء، ثم إلى الأوراق حيث تتم عملية البناء الضوئي وتحويل هذه المواد إلى كربوهيدرات تخزن في رأس النخلة ويتم نقلها من الأوراق عبر القنوات المسماة بـ Phloem .
ويحتوي رأس النخلة على القمة النامية التي يظهر منها السعف بشكل متوالٍ وحلزوني يلف حول رأس النخلة. من خلال البراعم الجانبية، تتكون الشماريخ الزهرية. إذن، نحن أمام دورة إمداد عناصر غذائية متكاملة ومتواصلة طوال العام في هذه النخلة. فما الذي يتحكم في كل هذا؟

تفسير ظاهرة الفلوروجين وتأثيرها

ذكر الاختصاصي الزراعي ضياء آل درويش أن السبب يعود إلى هرمون الفلوروجين. وهذا الكلام صحيح نسبيًا، لكنه لا يفسر إلا ظاهرة تولد الشماريخ في النخلة. ولا يفسر بقية الظواهر الأخرى مثل استمرار ظهور الشماريخ في أعمار مختلفة، ولا يفسر ظهور الثمار بحجم كبير بالرغم من عدم وجود نواة فيها، ولا كبر حجم جذع النخلة. وهنا قد يكون سبب هذه الخصائص الظاهرية للنخلة فسيولوجيًا مرتبطًا بطفرة جينية، أو أن العوامل البيئية هي السبب في ظهور هذه الصفات العجيبة.

إمكانيات اقتصادية لنخلة أحد رفيدة

إذا كان السبب جينيًا، فنحن أمام صنف جديد له مردود اقتصادي حيث يمكن زراعته في المناطق الباردة نسبيًا في المملكة ويمكن إنتاجه بكميات اقتصادية في غير الموسم المعتاد لانتاج النخيل. ويمكن إكثارهذا الصنف من النخيل عبر الإكثار النسيجي. وإذا كانت العوامل البيئية هي المؤثر الرئيسي في ظهور هذه الخصائص، فيمكن زراعة النخيل في هذه المنطقة او المناطق المشابهة لها و بكثرة لنفس السبب السابق وتجربة عدة أصناف مختلفة. وهنا ندعو مراكز بحوث النخيل في المملكة إلى الالتفات لهذه الظاهرة الفريدة والعمل على دراستها بشكل علمي و استثمارها دعمًا لرؤية المملكة الاقتصادية.

الخلاصة

طول النهار ودرجة الحرارة لهما دور حاسم في تنظيم إنتاج وعمل هرمون الفلوروجين، مما يساعد على توقيت الإزهار بشكل مناسب لضمان التكاثر الناجح في الظروف البيئية الملائمة.

التفاعل المعقد بين الفوتوبريودية والحرارة يساعد النباتات على التكيف مع بيئاتها المتغيرة وضمان بقائها. في حالة نخلة أحد رفيدة، فإن فهم هذه العوامل يمكن أن يساهم في الاستفادة الاقتصادية من هذه الظاهرة الفريدة.

 

تعليق واحد

  1. الحالة موجودة بكثر في النخيل النشو وخاص المهمول منها مثل چدران البر انا شاهدت أكثر من نخل داخل البر طريق الكويت القديم من بعد صبيعاوي قبل كبرى اطفيح يمين نخيل بالعشرات

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×