سيرة طالب 92] اغتيال البراءة

الشيخ علي الفرج

في هذا اليوم يحتفل المسلمون بولادة الرسول الاعظم (ص)، وتيمّنًا ببركات وبهجة هذا اليوم السعيد، أذكر جوابًا لسؤال باختصار:
هل توجد آية في القرآن الكريم تفضّل الرسول صلى الله عليه وآله على باقي الأنبياء؟

والجواب، هو أربع آيات:
١ – (خاتم النبيين)، وهو المذكور في قوله تعالى:
﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾ [سورة الأحزاب: 40].
(خاتم) – بفتح التاء وكسرها – وقد قرئ بهما، ومعناهما واحد، يعني الانتهاء والختام.
٢ – بقاء معجزته هي (القرآن) إلى يوم القيامة، قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [سورة الحجر: 9].
﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ [سورة فصلت: 42].
ولا يوجد معجزة أخرى غير القرآن الكريم غير هذا الزمن الحاضر.
٣ – رسالته وشريعته لكافة الناس: ومن الأمور المعروفة أنّ الرسل والأنبياء إنّما أرسلوا من الله إلى أقوام خاصة، إلّا النبي (ص) فقد أرسله الله إلى كافة الناس مكانًا وزمانًا، قال تعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا﴾ [الأعراف: 158].
٤ – في قوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ} [سُورَةُ الضُّحَىٰ: ١-٥]. والذي يستفاد من الآية اختصاص الرسول (ص) بأنه هو يحدّد ما يريده في فردوس الجنة، دون غيره من الأنبياء، فالله هو الذي يحدّد درجات الجنة بمقدار أعمالهم الحسنة.

نعود إلى سلسلة سيرة طالب:

بعد معاناة المرض مدّة عشرة أشهر جاء وقت تهيئة الحج، وزارني مسؤولو حملة الإيمان، فتكلّموا معي أن أذهب معهم إلى الحج هذه الأيام، مستريحًا لا تكليفًا بمهام في الحملة، فوافقت بشدة مبتسمًا مستأنسًا، ولا أنسى من كفل حياتي الصعبة في أيام الحج، وقاموا برعاية خاصة بي، وأفخر بأنّ الله لم يغيّبني ولا سنة واحدة عن الحج، والرقم الأول ممن تولّى رعايتي برعاية ممدودة بالله: أخي وحبيبي الشيخ صالح الفرج (أبو حسين)، فكان محيطًا بي وبالخصوص في ازدحام الطواف ورمي الجمرات الذي يظهر بها الإنسان عضلات رجولته.

وأذكر كذلك الأستاذ القدير (ماجد الجشي، أبا تقى)، وهو الذي تكلّم معي في هدية (الحج)، وهذا الرجل أقدّره في لطفه وتجمّله، وإلا فصداقتي الوثيقة تشفع لي عند الله يوم الحساب.
كان الحج في (حملة الإيمان) بالقطيف، وأنا شاركت معهم مرشدًا ثلاث سنوات في أيّام الصحة، وثلاث سنوات أيام المرض.

اغتيال البراءة

عندما أذكر الاستاذ ماجد الجشي أبا تقى يتداعى بتداعي المعاني حدثًا لم يزل محفورًا على جدران ذاكرتي، يوم اغتالت يد الحقد والضغينة براءة الطفولة والطهارة، الشهيدة (تقى)، ابنته، حيث كانت مع والدتها في حافلة إلى سامراء، ورجوعًا من زيارة العسكريين (ع) عند غروب الشمس وقبيل اذان المغرب، وقبل الوصول لسبع الدجيل بـ 3 كيلومترات سمعوا دويّ إطلاق رصاصات من الدواعش، واحدة منها اخترقت الحافلة واستقرّت في بدن الطفلة (تقى) مباشرة، ووفدت نحو بارئها في الثالث عشر من شهر صفر لعام 1435هـ.

وأما أمها فقد أصيبت إصابات بالغة، وقد نقلت إلى مستشفى الكاظمية، ثم نقلت إلى مستشفى الرياض بأمر ملكي من الملك عبدالله يرحمه الله، وأجريت عمليات لمدة شهر ونصف في أيام حالكة.

وأما زوجها (ماجد) فقد سافر من السعودية إلى العراق استنفارًا، وكان سفره اليوم الثاني من الاستشهاد، وذهب إلى جثمان ابنته الشهيدة الحبيبة، وقام بمراسم التشييع في النجف في مقبرة وادي السلام، وبألم وبكاء وضعوا جثمانها الطاهر، وودّعها الوداع الأخير، وذهب إلى زوجته المصابة جسدًا وروحًا.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×