سيرة طالب ٩٦] العُجبُ هلاك

الشيخ علي الفرج

في أحد المجالس العامرة بالإيمان والولاية لمحمد وآله، تحدّثت ذات مرة إلى ثلة من شبابنا الناشطين اجتماعيًا حول أهمية المحافظة على أداء الصلاة في وقتها، ولا سيّما صلاة الصبح. وذكرت لهم أنّ من أهم الواجبات علينا هو تقوية صلتنا بالله سبحانه وتعالى.

ومن ضمن ما ذكرت لهم أنّي شخصيًا لم أصلّ صلاة الصبح قضاءً مدة ثماني سنوات إلى اليوم الذي كنّا فيه نتحدث، فتعجب كلّهم تعجبًا كبيرًا، فهو أمر نادر الوجود.

وأنا في تلك اللحظات آنست بشيءٍ في داخل روحي، وتحرك نسغ هيئتي على ارتياح.

بعد أن انتهى وقت لقائنا توادعنا وذهب كلّ واحدٍ منّا لشأنه.

وبعد مضي ساعات من تلك الليلة ضرب الله على أذني نومًا عميقًا، تذكرني بقوله تعالى: ﴿فَضَرَبۡنَا عَلَىٰ ءَاذَانِهِمۡ فِی ٱلۡكَهۡفِ سِنِینَ عَدَدࣰا  … وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْه﴾ُ [سورة الكهف: 17].

 فلم نصلِّ صلاة الليل، ورُفع الأذان ثم مرت ساعة وربما أكثر، فاستيقظت والشمس كادت تفتح جفنها، وربما فتحت جفنها، فاختطفت نفسي، وتوضأت وصلّيت صلاة الساخط على ذاته، وبعدها، وأنا على سريري أعدت شريط ذاكرتي البارحة مع الشباب، فتأسفت على حالي، واستنتجت أمورًا أعلقها نصب عيني كلوحة:

– قولي (تحرك نسغ هيئتي على ارتياح) ليس هذا إعجابًا محمودًا، وإنّما هو عجب مذموم.

– إنّ الله هو الذي يوقظك في كلّ ليلة تمامًا، وهو – عزّ وجلّ – إذا أراد ألّا يوقظك ترك هذا العبد الهائم.

– راجعت الروايات فاصطدت رواية قيمة تواكب حالنا بصميم الواقع، وهي بالإسناد عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:

قال الله تعالى: إنّ من عبادي المؤمنين لمن يجتهد في عبادتي، فيقوم من رقاده ولذيذ وساده، فيجتهد لي الليالي، فيتعب نفسه في عبادتي، فأضربه بالنعاس الليلة والليلتين نظرًا منّي له، وإبقاءً عليه، فينام حتى يصبح، فيقوم وهو ماقت زارئ لنفسه عليها، ولو أخلّي بينه وبين ما يريد من عبادتي لدخله العجب من ذلك، فيصيره العجب إلى الفتنة بأعماله، فيأتيه من ذلك ما فيه هلاكه لعجبه بأعماله، ورضاه عن نفسه، حتى يظنّ أنه قد فاق العابدين، وجاز في عبادته حدّ التقصير، فيتباعد منّي عند ذلك، وهو يظنّ أنه يتقرّب إليَّ … الحديث. [الكافي: ج٢ ص٦٠].

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×