سيرة طالب ٩٨] الإرادة تهزم التحدّيات
الشيخ علي الفرج
قلت لأحد الوجهاء المؤمنين من أهل القديح:
نحن نعلم أنك ملتزم بالمداومة في المسجد على صلاة الصبح، وكذلك على صلاة الليل.
فقال: الحمد الله.
فسألته: هل غبت يومًا من الأيام عن حضور المسجد بسبب تعطّل المنبه أو إطفائه وأنت متعب؟
فقال: الحمد الله، أنا أكثر من ثلاثين سنة لا أعتمد على الساعة المنبهة أبدًا، إنما أنبّه نفسي بنفسي.
ثم سألته: هل حاستك الباطنية مستثارة ومستيقظة دائمًا، مما يجعل نومك خفيفًا كالظل؟
فقال: إذا اعتادت نفسك على شيءٍ سهل الأمر.
انتهت المحادثة، ولكن أثارت في ذهني الإصرار على التجربة، والعزم على الإرادة الجدية، وهو الاستيقاظ بلا منبه.
بدأت العمل.. تحول الحال من النظرية والافتراض إلى التطبيق والممارسة، فأخذت بالعزم مدّة ما يقرب من شهر.
وصحيح، في كلّ يوم أستيقظ، لكنّ هاجسي هو الخوف في النوم المستغرق، مما يجعلني أستيقظ وجلًا في كلّ ساعة أو ساعتين؛ لأنّي أولًا ملتزم بوجوب الصلاة، وثانيًا يشتد اللزوم بحضور صلاة الجماعة.
ثم بدأت في الشهر الثاني وقد تجاوزت بالقلعة الأولى، بأنّي أستيقظ براحة نوعًا ما، وأما الآن وما يقرب من خمس عشرة سنة لم أحتج إلى منبّه.
أكثر من ذلك عندما تصطاد النفس في إرادة الاستيقاظ تكون النفس كالعجينة في يدك، وأنا شخصيًا كثيرًا ما يحدث لي أن أحتاج نوم ربع ساعة، فأنام وأبحر، وأستيقظ بلا منبّه في نفس الوقت المطلوب.
هذه موعظة بالغة، وإرادة النفس فوق التحدّيات.