العوامية.. مقص الشاطر حسن.. يفتتح فعالية الطفل الخديج ولد في الأسبوع الـ 23 بوزن نصف كيلو

القطيف: ياسمين الدرورة

بمقص أكبر من يديه؛ قص شريط الافتتاح في فعالية الطفل الخديج، في وسط العوامية قبل قليل.

ظهر الصغير حسن السنونة، برفقة ثلاثة أطفال، يشبهونه في طريقة الولادة المبكرة، وتساعدوا على الافتتاح.

قبل سنوات قليلة فقط؛ ولد ضئيلاً في الحجم في الأسبوع الـ 23 من نموه في رحم أمه، لم يجدوا له حفاضاً يناسب جسمه الصغير فوضعوا له كمامة، انتاب كل من حوله الشك في تمكنه من البقاء على قيد الحياة، ولكنه كان أقوى، وكبر “الشاطر حسن” ليفتتح قبل سنتين من الآن إحدى فعاليات الخدج، ويعود اليوم من جديد ليفتتح فعالية اليوم العالمي للأطفال الخُدج.

سردت والدة حسن الدكتورة مروة سلمان العنكي لـ صبرة، تفاصيل قصة بطلها الصغير فقالت “كنت أنا وزوجي نترقب لسنوات طويلة حدوث الحمل لكن مشيئة الله كانت أن تتأخر أمنياتنا، إلى أن جاء اليوم المنتظر حين أجريت تحليل الحمل وكان إيجابياً، بكيت يومها بمشاعر معقدة، كان بكاء فرح و خوف في آن واحد، وبكاء لهفةً وشوقاً لأمنية طال انتظارها، وجود روح تنمو وسط أحشائي ولسبب أجهله لم أكن أرغب بإعلام أحد خوفًا أن لا يثبت الحمل في شهوره الأولى فتبدل فرحتهم حزنًا.”

حمل عالي الخطورة

وأضافت العنكي “بدأت المتاعب منذ أشهر الحمل الأولى بنزيف لم يتوقف كدت أفقد الحمل معه، و كان حملي بتوأم يحتمل الخطورة، احتجت معه لرعاية ومتابعة مستمرة في عيادة الحمل عالي الخطورة، و قضيت فترة حملي من غير حراك على أمل أن يستمر الحمل.”

ولادة مبكرة

وتابعت “حين كنت أنتظر توقف النزيف طرأت مشكلة نزول ماء الجنين الأمر الذي زاد من مخاوفي، و استمر الوضع حتى يوم آخر من أيام الأسبوع، كان هناك مغص لمّ أعهده أشتدت قوته مع مرور الوقت، ذهبت بعدها لاستشارة فورية و داخل العيادة بدا على ملامح طبيبتي شيء من القلق و سألتني منذ متى وأنتِ تشعرين بهذا الألم، فقلت لها من البارحة، فنظرت لي مطولاً وقالت أنها آلام طلق، كان ذلك بالنسبة لي مستحيلاً، صمتّ لوهلة في ذهول أحاول أن استوعب الأمر، شعرت أنني في عالم موازي، قلت مستنكرة لا يمكن أن ألد الآن فأن في الأسبوع الـ 23 فحسب.”

لحظات الولادة

وأكملت العنكي “سرعًا ما حدثت الولادة وكان أحد التوأم قد فارق الحياة بعد دقائق من ولادته رغم محاولات إنعاشه، والثاني حين خرج لم يسمعني صوت بكائه ليعلمني عن قدومه، كان وزنه حينها 500 جم (نص كيلو) فقط، وأتذكر اللحظات الأولى لولادته بحسرة لم أتمكن من ضمه لصدري حتى يهدأ ويسكن، لم أرى ملامح وجهه ولم أسمع له صوت بكاء، كان متوقع مني أن أكون قوية أمام هذا التحدي تحدي الأمومة إلا أنه أقوى مما يمكنني تحمله، كان التفكير في صغيري يمنعني من النوم وكانت وسادتي مبللة بدموعي كل ليلة.”

اللقاء الأول

واستطردت “كان أول لقاء، أول مرة أراه بدا كأنه نائم مغمض العينين في الحضانة، كنت أحاول مغالبة دموعي، كان منظره والأسلاك تحيط به، أسلاك أجهزة مراقبة العلامات الحيوية، وجهاز التنفس الاصطناعي في فمه، تلك الأجهزة التي تطن بلا تتوقف وتصفر في المكان مشيرة إلى رضيع يصارع للبقاء، شعرت أنني كنت خائفة طيلة الوقت أقضي يومي من السابعة صباحًا حتى الحادية عشرة بجانبه، وأودعه حين أذهب لأنني قد لا أراه يوم غد.”

صغير لم يكتمل نموه

وقالت العنكي “استمرت حالته بالتذبذب يوم، والتحسن يوم على هذا المنوال، وكان يتم إنعاشه أمام عينيّ أكثر من مرة في اليوم الواحد، كانت حالته حرجة و يعاني من نزيف داخلي في الدماغ من الدرجة الرابعة، لكنه تحسن بالتدريج وأصبح من الدرجة الأولى ولله الحمد، لكن لم تكن قد اكتملت أي من أجهزته، لم تنمو عيناه ولم يتطور سمعه، ولم تكتمل رئتيه، كانت حالة قلبه حرجة أيضًا و بحاجة للمتابعة لكنه مع الوقت تعافى ولم يخضع إلى أي تدخل جراحي.”

بين الخوف والرجاء

وأضافت “لم تكن مخاوفي مجردة بل كانت مخاطر من منظور طبي، كنت أعرفها مسبقاً أما الآن فلا، كل ما أرغب في سماعه هو كلمات طمأنة سيعيش!! هناك أمل أن يعيش!! لكنني لم أحصل على أي وعود أو ضمانات، كانت كل العيون تتحاشى النظر في وجهي والإجابة على سؤالي، شعرت أن هناك تفاصيل لا أرغب في معرفتها، تمنيت لو أنني لم أكن طبيبة و لا أعرف ما يجري، قالت لي أحد الطبيبات يومًا وهي تمسك بي، ربما يعيش لكن لا نعلم على أي حال، ربما يعيش بإعاقات دائمة، قضيت أيامي في البكاء، لم أعد أطيق احتمال موته كنت أدعو الله أن ينتهي كل شيء كما تريد مشيئته.”

أسميناه حسن

وتابعت “كنا مطالبين بتسجيله في الأحوال المدنية فوجود رقم مدني ضروري لاستكمال إرسال بعض عينات التحاليل خارج المستشفى، إلا أنني يومها رفضت، أردت أن يعود لحضني أولاً ثم لاحقًا أسجله في ملفات الحياة، سآخذه وسيكون بحضني أولًا، لاحقاً قررنا تسميته حسن واستكملنا الإجراءات.”

احتضن عريسي

وأكملت “أردت تحويل الأمر إلى مناسبة، وأعلن فرحي بمقدمه قبل يوم خروجه الغير مُعلن، وربما قبل الموت الذي قد يسبق فرحتي به، رغبت بشدة أن ألبسه ثوب وغترة وعقال وأزفه كالعريس، كان طلبي غريبًا نظرت لي الممرضات بدهشة ورفضن في البداية لكنهنّ بعد إصرار قلن سنفعلُها لمرة واحدة، طلبت قطعة من الشاش ووضعتها على رأسه بمثابة الغتره وألبسته عقال وهو في الحضانة، وأنا أدعو أن يخرج وأحتضنه كالعريس كما أتمنى.”

اليوم الموعود

واستطردت “جاء اليوم الأخير في المشفى بعد 4 أشهر في العناية الفائقة لحديثي الولادة، أصبح وزنه كيلو و 800 جم، مازال رقيقاً وصغير الحجم، قلبي يكاد أن يتوقف من شدة الفرح، لكن الدموع كانت حاضرة بين الشك واليقين وبين الخوف والقلق، في البداية كانت مواعيد متابعة حالته كثيرة للعديد من التخصصات، ولعيادة النطق والتخاطب مؤخرًا، كل مرحلة دفعتنا إلى مرحلة أخرى، وبفضل الله وفضل الطاقم الطبي بمستشفى القطيف المركزي يتمتع الآن بصحة جيدة.”

وكبر حسن

وروت العنكي تفاصيل أكثر قائلة “كنا نراقب تطوره الحركي والحسي عن كثب، انتظرنا كل مرحلة، تأخر بالحبو والمشي لكنه وقف ومشى، تأخر في الكلام وظل حتى سن الثالثة لا ينطق إلا بكلمتين ماما وبابا، فبدأنا بمراجعة عيادة التخاطب واستمرينا لحين موعد دخوله المدرسة، كنت قلقة من إلحاقه بالمدرسة وذلك بسبب تأخر النطق لديه، وكنت أنوي إبقائه سنة إضافية بالروضة، كان والدي أول من شجعني ورفض فكرة تأخيره، أقتنعت بتسجيله ونجح في المقابلة، والحمدلله بعد جلسات التخاطب المكثفة كان هناك تطوراً ملحوظاً و سريعاً، وكان مستواه مقارب لأقرانه منذ دخوله المدرسة، ولم أندم على قرار دخوله، الآن يفرح كثيراً عندما نبدأ بالقراءة خاصة قراءة القصص، كما ساعده حفظ قصار السور من القرآن على التكلم بشكل أفضل.”

صور وذكريات

وتابعت “يحظى حسن بدلال جديه الذين لا يمكن أن يرفضا له طلبًا، فهو الحفيد الذي يتربع على عرش قلبهما، مؤخرًا جمعت صوره وهو يكبر خطوة بخطوة ورتبتها وعلقتها في إطار،
حتى تلك التي كان فيها في العناية الفائقة، فكل صورة تحمل ذكرى مليئة بالمشاعر، ذكريات لم يكن حسن ليميّزها في هذا العمر، مؤخرًا أصبح كثير السؤال عن طفولته وعن صوره، ولماذا كان في صندوق بلاستيكي، لماذا كانت عيني مغطاة، فأجيبه كي تكبر يا حبيبي، وعلى الرغم من مرور 8 سنوات، لكنني حين أتحدث عن تلك الأيام أغرق في دموعي وكأنها حدثت بالأمس القريب.”

دموع الفرح

واختتمت حديثها قائلة “الحمدلله الآن أصبح بكائي بكاء فرح وأنا أراه كبر، وأكمل عامه الثامن ويدرس، اليوم هو بالصف الثالث الابتدائي فرحتي به لا توصف وأنا أراه على منصة تكريم المتفوقين، حماك الرحمن يا روحي، والحمدلله حمدًا كثيراً الحمدلله دائماً و أبدا، و إن سألتوني عن أغلى ما أملك فسأقول ولدي و سعادته، فهو النعمة التي سوف أشكر ربي عليها ما دمت حية، وجوده بين أحضاني نعمة لا تقدر بثمن والله يؤخر الجميل ليجعله أجمل، وأنصح الأمهات الجدد بالمتابعة الطبية المستمرة أثناء الحمل، ودائماً هناك أمل أن يكون لنا في الغيب شيئاً جميلاً يستحق الانتظار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×