3 من 3] ناصر خسرو في الأحساء.. لم يشرب الماء تسعة أشهر
ناصر خسرو في الأحساء([1])
أخطأ المترجم فضاع الرحالة
عدنان السيد محمد العوامي
الحلقة الثالثة
أفي الأحساء أم في قحط الفيافي والقفار؟
وصف الأحساء
هذا هو الفصل الذي وقع فيه المترجم في الخطأ الشنيع بتغييره لفظة واحدة لا ثانية لها، فكان هذا التغيير سبب ما أوقع من الضرر والظلم والافتراء، فهذه الفقرة التي وصف فيها الأحساء مجرد وصف للأحساء لا أثر فيه لمشاهدة كما سنرى ظنَّه المؤلفون وصف عيانٍ ومشاهدة للأحساء فأدخلوها ضمن البلدان التي زارها. فلنقرأ ما كتب:
«والحسا مدينة في الصحراء، ولبلوغها، عن أي طريق، ينبغي اجتياز صحراء واسعة، والبصرة أقرب البلاد الإسلامية التي بها سلطنة إلى الحسا، وبينهما خمسون ومائة فرسخ، ولم يقصد سلطان من البصرة الحسا أبدًا.
والحسا مدينة وسواد أيضًا، وبها قلعة، ويحيط بها أربعة أسوار قوية متعاقبة من اللِّبْن المحكم البناء بين كل اثنين منها ما يقرب من فرسخ([2])، وفي المدينة عيون ماء عظيمة، تكفي كل منها لإدارة خمس سواق، ويستهلك كل هذا الماء بها فلا يخرج منها، ووسط القلعة مدينة جميلة بها كل وسائل الحياة التي في المدن الكبيرة، وفيها أكثر من عشرين ألف محارب، وقيل إن سلطانهم كان شريفًا، وقد ردَهم عن الإسلام، وقال: إني أعفيكم من الصلاة والصوم، ودعاهم إلى أنَّ مرجعهم لا يكون إلا إليه، واسمه أبو سعيد([3])، وحين يُسألون عن مذهبهم يقولون: “إنَّا أبو سعيديون. وهم لا يُصَلُّون، ولا يصومون، ولكنهم يُقِرُّون بمحمد المصطفى (صلى الله عليه وسلم)، وبرسالته، وقد قال لهم أبو سعيد: إني أرجع إليكم (يعني بعد الوفاة)، وقبره داخل المدينة، وقد أوصى أبناءه قائلاً: يرعى الملك ويحافظ عليه ستة من أبنائي، يحكمون الناس بالعدل والقسطاس، ولا يختلفون فيما بينهم حتى أعود، ولهؤلاء الحكام – الآن – قصر منيف، هو دار ملكهم. وبه تخت يجلسون هم الستة عليه، ويصدرون أوامرهم بالاتفاق، وكذلك يحكمون. ولهم ستة وزراء، فيجلس الملوك على تخت، والوزراء على تخت آخر، ويتداولون في كل أمر، وكان لهم – في ذلك الوقت – ثلاثون ألف عبد زنجي وحبشي يشتغلون بالزراعة وفلاحة البساتين، وهم لا يأخذون عشورًا من الرعية، وإذا كان لأحدهم دَينٌ على آخر لا يطالبه بأكثرَ من رأس المال الذي له. وكل غريب ينزل في هذه المدينة وله صناعة؛ يعطى ما يكفيه من المال حتى يشتري ما يلزم صناعته من عُدد وآلات، ويَرُدُّ (إلى الحكام) ما أخذ حين يشاء، وإذا تخرَّب بيتٌ أو طاحون أحد الملاك ولم تكن لديه القدرة على الإصلاح أمروا جماعة من عبيدهم بأن يذهبوا إليه ويصلحوا المنزل أو الطاحون، ولا يطلبون من المالك شيئًا. وفي الحسا مطاحن مملوكة للسلطان تطحن الحبوب للرعية مجَّانًا، ويدفع فيها السلطان نفقات إصلاحها، وأجور الطحانين. وهؤلاء السلاطين الستة يُسَمَّوْن السادات، ويسمى وزراؤهم الشائرة([4]، وليس في مدينة الحسا مسجد جمعة، ولا تقام بها صلاة أو خطبة، إلا أنَّ رجلاً فارسيًّا اسمه علي بن احمد؛ بنى مسجدًا ، وهو مسلم حاج غني، كان يتعهد الحجاج الذين يبلغون الحسا. والبيع والشراء والعطاء والأخذ يتم هناك بواسطة رصاص في زنابيل يزن كل منها ستة آلاف درهم، فيدفع الثمن عدَدًا من الزنابيل، وهذه العملة لا تسري في الخارج، وينسجون هناك فوطًا جميلة ويصدرونها للبصرة وغيرها([5]). وإذا صلَّى أحد فإنه لا يمنع، ولكهنم – أنفسهم – لا يصلون، ويجيب السلاطين من يحدثهم من الرعية برقة وتواضع، ولا يشربون مطلقًا، وعلى باب قبر أبي سعيد حصانٌ مهيَّأ بعناية، عليه طوق ولجام، يقف بالنوبة ليلاً ونهارًا، يعنون بذلك أن أبا سعيد يركبه حين يرجع إلى الدنيا، ويقال إنه قال لأبنائه: “حين أعود ولا تعرفوننني، اضربوا رقبتي بسيفي، فإذا كنت أنا؛ حييت في الحال”. وُضِعَتْ هذه الدلالة حتى لا يدعي أحد أنه أبو سعيد.
وقد ذهب أحد هؤلاء السلاطين – بجيش – إلى مكة، أيام خلفاء بغداد، فاستولى عليها، وقتل من كان يطوف بالكعبة، وانتزع الحجر الأسود من مكانه، ونقله إلى الحسا، وقد زعموا أن هذا الحجر مغناطيس يجذب الناس إليه من أطراف العالم، ولم يفقهوا أن شرف محمد المصطفى صلى الله وسلم وجلاله هما اللذان يجذبان الناس، فقد لبث الحجر الأسود في الحسا سنين عديدة ولم يذهب إليه أحد، وأخيرًا اشتُري منهم الحجر الأسود وأعيد إلى مكانه([6]).
في الحسا تباع لحوم الحيوانات كلها من قطط وكلاب وحمير وبقر وخراف وغيرها، وتوضع رأس الحيوان وجلده بقرب لحمه ليعرف المشتري ماذا يشتري، وهم يسمِّنون الكلاب هناك كما تعلف الخراف، حتى لا تستطيع الحركة من سمنها، ثم يذبحونها ويبيعون لحمها».
لنقف هنيهةً نتأمل في هذا الوصف، هل هو وصف مشاهد؟ لنتذكر قوله: «وقد ودعت بيت الله يوم الجمعة تاسع عشر ذي الحجة سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة (7 مايو 151م)»، وأنه بلغ بلدة (فلج) في الثالث والعشرين من شهر صفر443 – 1051»، وأنه وصف لنا كيفية حكم أبناء أبي سعيد الجناني الستة ووزراؤهم مثلهم في العدد؛ يجلسون معهم للحكم بين الناس، وأبو سعيد توفي سنة 301هـ، 913م، فالفرق بين وفاة أبي سعيد وبين وصول خسرو إلى فلج 142 سنة، فلو افترضنا أن أصغر أولاد أبي سعيد الجنابي كان جنينًا في بطن أمه سنة وفاة أبي سعيد (سنة 301هـ، 913م)، فهل يتصوَّر أحد أن يمتد عمر ذلك الوليد حتى تاريخ دخول ناصر خسرو الأحساء؟ يقينًا لا، وإنما هو ينقل ما سمع، أو قرأ في مصدر من المصادر، وهي متاحة في زمنه. ولا خلاف في أنه مثقف مطلع، ويمتاز بملازمة الكتاب حتى في سفره، وهذا ما يجعل معرفته بأوضاع الأحساء غير مستبعدة.
لنتابع
«والبحر على مسيرة سبعة فراسخ من الحسا إلى ناحية الشرق، فإذا اجتازه المسافر وجد البحرين، وهي جزيرة طولها خمسةَ عشر فرسخًا، والبحرين مدينة كبيرة، أيضًا، بها نخل كثير، ويستخرجون من هذا البحر اللؤلؤ، ولسلاطين الحسا نصف ما يستخرجه الغوَّاصون منه، وإذا سار المسافر نحو جنوب الحسا يبلغ عُمان، وهي في بلاد العرب، وثلاثة جوانب منها صحراء لا يمكن اجتيازها، وولاية عمان ثمانون فرسخًا في مثلها، وهي حارَّة الجو، ويكثر بها الجوز الهندي المسمى نارجيل، وإذا أبحر المسافر من عمان نحو الشرق يبلغ شاطئ كيش ومكران، وإذا سار جنوبًا يبلغ عدن، فإذا سار في الجانب الآخر يبلغ فارس.
وفي الحسا تمر كثير حتى أنهم يسمنون به المواشي، ويأتي وقت يباع فيه أكثر مِن مَنِّ بدينار واحد، وحين يسير المسافر من الحسا إلى الشمال سبعة فراسخ يبلغ جهة القطيف، وهي مدينة كبيرة بها نخل كثير. وقد ذهب أمير عربي إلى أبواب الحسا، ورابط هناك سنة واستولى على سور من أسوارها الأربعة، وشن عليها غارات كثيرة، ولكنه لم ينل من أهلها شيئًا، وقد سألني -حين رآني – عما تنبئ به النجوم، قال: أريد أن أستولي على الحسا، فهل أستطيع أم لا؟ فهؤلاء قوم لا دين لهم، فأجبته بما فيه الخير له.
وعندي أن كل البدو يشبهون أهل الحسا، فلا دين لهم، ومنهم أناس لم يمس الماء أيديهم مدة سنة. أقول هذا عن بصيرة لا شيء فيه من الأراجيف، فقد عشت في وسطهم تسعة شهور دفعة واحدة لا فرقة بينها، ولم أكن أستطيع شرب الذي كانوا يقدمونه إليَّ كلما طلبت ماءً لأشرب، فحين أرفضه وأطلب الماء يقولون: أطلبه حيثما تراه، ولكن عند من تراه؟ وهم لم يروا الحمامات أو الماء الجاري في حياتهم».
تسعة شهور متصلة عاشها مع البدو، لم يذق فيها الماء، فأين هي عيون الأحساء اليت وصفها بأنها تمد «خمس سواق؟».
«وصف فارس البصرة
والآن أعود إلى حكايتي».
إذن كُلُّ ما كتبه الرجل عن الأحساء غير داخل في سياق وصفه لرحلته، وإنما هو استطراد للمنهج الذي اتبعه في وصف البلدان الأخرى القريبة من موقعه الذي يكون فيه، كما رأينا من وصفه للأندلس والقيروان وصقلية، واليمن وعمان والبحرين، وإلا ما معنى قوله: «والآن أعود لحكايتي؟»، لنتابع:
«حينما غادرنا اليمامة إلى البصبرة كنا نجد الماء في بعض الجهات، ولا نجده في أخرى، حتى بلغنا البصرة في العشرين من شعبان سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة (18 سبتمبر 1051)».
هنا مربط الفرس؛ فقد توهَّم المترجم شيفر أن البلدة التي غادرها خسرو هي الحسا، كما يدل عليه سياق الكلام، وأن اليمامة المثبتة في المخطوطات خطأ، فأبدل الجملة من: «خرجنا من اليمامة» إلى: «خرجنا من الأحساء»، وهذا نص تعليقه:
»Le text des manuscrits porte Yemameh, mais il faut ėvidemmment lue lahssa.([7]) «
وترجمته: «نص المخطوطات: اليمامة، ولكن الواضح أنها الحسا»، وقد تابعه الخشاب فترجمه بهذا النص: يقول: «النص: اليمامة، وصحتها الحسا، كما يبدو من سياق الكلام»([8]).
وهذه لعمري غفلة ما بعدها غفلة، فخسرو يصف خروجه من اليمامة إلى البصرة، البصرة. نتابع:
«للبصرة سور عظيم يحيط بها ما عدا الجزء المطل على النهر، وهذا النهر هو شط العرب، ويلتقي دجلة والفرات عند حدود مدينة البصرة، ويلتقي بهما أيضًا قناة المويزة فيسمى النهر – حينئذٍ – شط العرب، ويتفرع من شط العرب هذا قناتان كبيرتان بين منبعهما مسافة فرسخ، وقد شُقَّا صوب القِبلة مسافة أربعة فراسخ، ثم يلتقيان ويكوِّنان قناة واحدة تسير مسافة فرسخ واحد ناحية الجنوب، ومن هاتين القناتين شقت ترع كثيرة، مدت في كل الأطراف، وغرست أشجار النخيل والحدائق على شواطئها، والقناة العليا، وهي الشمالية الشرقية، تسمى نهر معقل، والثانية، وهي الغربية الجنوبية تسمى نهر الأبُلَّة، ومنهما تتكون جزيرة كبيرة مستطيلة، والبصرة على أقصر ضلع من هذا المستطيل، والجنوب الغربي للبصرة صحراء ليس بها عمران ولا ماء ولا شجر مطلقًا. وكان معظم البصرة خرابًا ونحن هناك.
والجهات العامرة متباعدة جدًّا من واحدة لأخرى نصف فرسخ من الخراب، ولكن بابها وسورها محكمان وقويان، وبها خلق كثير، ودخلُ سلطانها كبير. كان أميرها – في ذلك الوقت – ابن أبي كاليجار الديلمي الذي كان ملك فارس، وكان وزيره رجلاً فارسيًّا اسمه أبو منصور شاه مردان. ويُنْصَبُ السوق في البصرة في ثلاث جهات كل يوم، ففي الصباح يجري التبادل في سوق خزاعة، وفي الظهر في سوق عثمان، وفي المغرب في سوق القدَّاحين، والعمل في السوق هكذا: كل من معه مال يعطيه للصراف، ويأخذ منه صكًّا ثم يشتري كل ما يلزمه، ويحول الثمن على الصراف فلا يستخدم المشتري شيئًا غير صك الصراف طالما يقيم في المدينة.
حين بلغنا البصرة كنا من العُري والفاقة كأنَّا مجانين، وكنا لبثنا ثلاثة شهور لم نحلق شعر رأسنا، فأردت أن أذهب إلى الحمام التمس الدفْء، فقد كان الجوُّ باردًا، ولم يكن علينا ملابس. كنت أنا وأخي كلانا يلبس فوطة بالية، وعلى ظهرينا خِرْقة من الصوف متدلية من الرأس، حتى قلت لنفسي: من الذي يسمح لنا – الآن – بدخول الحمَّام؟ فبعتُ السلتين اللتين كانت بهما كتبي، ووضعت بعض دراهم من ثمنها في ورقة لأعطيها للحمامي عسى أن يسمح لنا بوقت أطول في الحمام لنزيل ما علينا من كدر. فلما قدمت إليه هذه الدريهمات نظر إلينا شذرا [كذا، ومراده شزرًا]، وظنَّ أنا مجانين، وانتهرنا قائلاً: اذهبوا، فالآن يخرج الناس من الحمام، ولم ياذن لنا بالدخول، فخرجنا في خجل، ومشينا مسرعين، وكان بباب الحمام أطفال يلعبون فحسبونا مجانين، فجروا في أثرنا ورشقونا بالحجارة وصاحوا بنا، فلجأنا إلى زاوية وقد تملَّكَنا العجب من أمر الدنيا، وكان الأعرابي يطلب منا الثلاثين دينارًا مغربيًّا، ولم نكن نعرف وسيلةً للسداد، وكان بالبصرة وزير ملك الأهواز، واسمه أبو الفتح علي بن أحمد، وهو رجل أخلاق وفضل، يجيد معرفة الشعر والأدب، وكان كريمًا، وقد جاء البصرة مع أبنائه وحاشيته وأقام بها، ولم يكن لديه ما يشغله، وكنت عرَفت رجلا فارسيًّا من أصدقاء الوزير والمترددين عليه كل وقت، وكان هذا الفارسي فقيرًا، ولا سعة عنده لإعانتنا، فقصَّ على الوزير قصتنا، فلما سمعها أرسل إليَّ رجلاً ومعه حصانً أن “اركب واحضر عندي كما أنت”. فخجلت من سوء حالي وعريي، ولم أر الذهاب مناسبًا، فكتبت رقعة معتذرًا، وقلت فيها إني سأكون في خدمته (بعد وصول ورقتي إليه)، وكان قصدي من الكتابة شيئين: أن يعرف فقري وعلمي حين يطَّلع على كتابتي، وأن يقدِّر أهليتي، وذلك حتى لا أخجل من زيارته، وقد أرسل إلي في الحال ثلاثين دينارًا لشراء كُسوة، فاشتريت حُلَّتين جميلتين، وفي اليوم الثالث ذهبت لمجلس الوزير، فرأيته رجلاً كاملاً، أديبًا فاضلاً، جميل الخِلقة، متواضعًا، ديِّنًا، حلو الحديث، وله أربعة أبناء أكبرهم شابٌّ فصيح، أديب عاقل اسمه الرئيس أبو عبد الله أحمد بن علي بن أحمد، وكان شاعرًا وكاتبًا، وفيه فتوة، ورجاحة العقل، ومظاهر التقوى، وقد أضافنا الوزير عنده من أول شعبان إلى نصف رمضان، ثم أمر بإعطاء الأعرابي الذي استأجرنا جمله الثلاثين دينارًا التي له عليَّ، فكفاني مؤونة هذا الدَّين. اللهم تباركت وتعاليت، فرج ضيق المدينين من عبيدك مِن هَمِّ القرض بحق الحق وأهله. ولما أردنا السفر رحلنا عن طريق البحر، بعد أن أفاض علينا بنعمه وأفضاله، فبلغنا فارس في كرامة وهدوء، ببركة هذا الرجل الحر، رضي الله عز وجل عن الرجال الأحرار. . .
بعد أن أيسرنا ارتدينا ملابسنا، وذهبنا، يومًا، إلى ذلك الحمام الذي لم يسمح لنا بدخوله من قبل، فوقف الحمامي عند دخولنا من الباب، وكذلك وقف كل من الحاضرين، حتى دخلنا، ثم جاء المدلِّك والقَيِّم وقاما بخدمتنا، فلما فرغنا ودخلنا غرفة الملابس، وقَف كل من بها، ولم يجلسوا حتى لبسنا ثيابنا وخرجنا. وفي أثناء ذلك كان الحمامي يقول لصاحب له: هما الرجلان اللذان لم ندخلهما الحمام يوم كذا، وكان يظن أنني لا أعرف لغته، فقلت له بالعربية: حقًّا ما تقول، فنحن اللذان كنا نلبس خرقة من الصوف على ظهرنا. فخجل الرجل واعتذر، وكان بين هذين الحالين عشرون يومًا، وقد ذكرت هذا الفصل حتى يعرف الناس أنه لا ينبغي التذمر من أزمات الزمان، واليأس من رحمة الخالق جل جلاله وعم نواله، فإنه تعالى رحيم».
يقينًا إن هذا الحال البائس ليس حال الخارج من الأحساء، ذات العيون الغزيرة ، وأما الإشكال الوحيد الذي يثيره لقاؤه الأمير العربي الذي ذهب إلى أبواب الحسا، ورابط هناك سنة واستولى على سور من أسوارها الأربعة، وشن عليها غارات كثيرة، ولكنه لم ينل من أهلها شيئًا، وقد سأل ناصر خسرو -حين رآه – عما تنبئ به النجوم، وأنه يريد أن يستولي على الحسا، فهل يستطيع أم لا؟ وإجابته له بما فيه الخير له، فليس فيه أية إشارة إلى أنه حدث في زمن أيٍّ من أبناء أبي سعيد قبل 142 سنة.
——-
([1])نشر، مخصترًا، في مجلة الواحة، العدد التاسع عشر، الربع الثالث، 2000م .
([2])نص الأصل الفارسي: >أربعة أبراج<، سفر نامه، تعليقات الدكتور محمد دبير سياقي، وهو الأصح؛ لأن أسوار المدن والقلاع المعروفة لا تزيد عن سور واحد.
([3])هو أبو سعيد، الحسن بن بهرام الجنابي (ت: 301 هـ، 913م). المنجد في الأعلام، إعداد لجنة من المتخصصين، نشر دار المشرق، بيروت، الطبعة الحادية عشرة.
([4])المستشارون بتعبيرنا اليوم.
(([5] أرجح أن هذه الفوط هي البشت الأحسائي. والله أعلم.
([6])أنظر تعليقات ص: 129، من هذا الكتاب، وراجع سياست نامه ص: 198. التعليق للخشاب.
اقرأ الحلقة السابقة