البطلة الوردية الجوري المزراق: لستُ مريضة.. أنا مصابة بالسرطان فقط اكتشف إصابتها بنفسها.. وحاربت الورم فهزمته.. وساندها زوجها
سيهات: معصومة المقرقش
“أنا لستُ مريضة أنا فقط مصابة بالسرطان، ومنه متعافية ولله الحمد، وسأحقق كل أحلامي؛ لأني أثق بالله تعالى بأني سأعيش بسعادةٍ وصحة وعافية بعد كل ما مررت به من عناء وتعب جسدي ونفسي، وأنه سيعوضني الخير الكثير”..
بهذه الكلمات بدأت المحاربة الوردية الجوري محمد علي المزراق التي تعمل في شبكة الخبر الصحية اختصاصية تمريض، قصتها مع محاربة مرض سرطان الثدي، مؤكدةً أنها متعافية منه تماماً بعد ثقتها العميقة بقدرة الله تعالى على خروجه منها كما دخل، وأنه عارض صحي تهزمه الإرادة القوية والاعتناء بالنفس والصحة، والرعاية العائلية.
وعن بداية قصتها مع الإصابة تقول الجوري: عرفتُ أنني مصابة بورم عبر فحص ذاتي أولاً اجريته لتحت إبطي الأيسر؛ حيث لاحظتُ ورماً ظهر فجأة بكبر حبة الزيتون وتحسستهُ وقت استلقائي على السرير للبدء في النوم.
طريقة الإخبار
وتقول الجوري بعد تجربتها بعد فحصها الذاتي: باشرتُ فوراً بعمل الفحوصات اللازمة في المستشفى، وبعد أسبوعين تماماً ظهرت النتيجة، وذهبتُ لموعدي المقرر لمعرفة نتيجة فحوصاتي الاشعاعية، حينها صُدمتُ من طريقة إخباري بالنتيجة من قبل الطبيب بقوله وبدون تردد أو مراعاة لحالتي النفسية خاصة كنتُ لوحدي: ” أنتِ مصابة بالسرطان”.
وتكمل الجوري: دخلت في مرحلة ذهول وصمت وخوف ودقات قلب متسارعة، لكني أخذتُ نفساً عميقاً ثم قلت للطبيب هل أنتَ متأكد من ذلك؟ تأكد أرجوك، ليرد عليّ أن الصور الاشعاعية واضحة وتشير إلى وجود ورم كبير، ونحتاج منك استكمال بقية الفحوصات، وأخذ خزعة للتأكد أكثر، إلى جانب عمل أشعة نووية لزيادة التأكيد وتحديد مدى انتشار المرض.
أختي أول العارفين
وتضيف: خرجتُ من العيادة، وأنا أبكي من الصدمة، وبالكاد تحملني قدماي، حيث كنتُ أمشي وأنا شاردة في عالم آخر لا أعلم ما هو، لكن كان يشبه الحُلم وصدى صوت الطبيب يتردد على مسامعي كيف، ولماذا، ومتى، سأموت حتماً، حتى وجدتُ نفسي اتصل بأختي التي تكبرني بعامٍ واحد فقط أخبرها بما قاله الطبيب لي للتو؛ لتفجر هي الأخرى بكاءً ونحيب.
وتتابع: حاولت أن أكون قوية وتوقفتُ عن البكاء، وقلت لها أمر الله هذا، والجميع سيسير نحو هذا الطريق وإن تعددت الأسباب فالموت واحد، وتقبلت الأمر، وأكملت طريقي واتصلت بزوجي لأخذي من المستشفى، وأخذتُ نفساً عميقاً واخبرته بما قاله الطبيب، فنزل الخبر عليه كالصاعقة وأنهار أكثر مني.
اكتئاب وحزن
بعد أن جاءت الجوري لمنزلها اعتزلت كل شيء من أمامها، وبدأت تفكر جدياً الآن ماذا ستفعل في المدة الباقية من عمرها، وماذا عن بقية أحلامها التي لم تحققها للآن، وماذا عن أولادها ما مصيرهم وحياتهم بعدها، حتى أنها جمعت أولادها واخبرتهم، كما أخبرت بقية أفراد أسرتها من أخوتها وإخوانها، حتى خيم الحزن على العائلة كلها ودخلت في مرحلة اكتئاب وحزن.
تقبل ومراجعة
واستمرت حالة الحزن التي اجتاحت الجوري اسبوعاً كاملاً حتى تقبلت أمر إصابتها؛ ثم راجعت نفسها وبدأت تستعيد قوتها، وتبدلت فكرة البحث عن موعد وفاتها إلى البحث عن كيف تقاتل من أجل الحياة والبقاء، وأخذت تبحث عن الطعام المناسب للقضاء على الخلايا السرطانية.
مساندة العائلة
الجوري التي أخبرتها عائلتها بمرضها الجديد تواصل حديثها قائلةً: الذي ساندني أهلي جميعهم دون استثناء وتنوع هذا الدعم ما بين دعم معنوي ومسانده بالدعاء والتحفيز، ودائماً يقولون ليّ:
“أنتِ قوية، وستتخطين هذه المرحلة بإذن الله كما عهدناكِ بقوتكِ وعدم الاستسلام”.
ولفتت إلى أن عائلتها لم تتركها لحظة واحدة، يطمئنون عليها ويتواصلون معها هاتفياً؛ بل أن أختها كانت تزورها وتواسيها وتدعمها بقوة، على الرغم من الحزن في عينيها الواضح الذي تكتمه في صدرها، ولكن الجوري تشفق على أختها من هذا الحزن الكبير كونها مصابة بأحد الأمراض المناعية.
الزوج السند
وأما عن مساندة زوجها تضيف الجوري: زوجي السند والجدار الذي سندني طيلة رحلة علاجي، لم يكل ولم يملُّ من تألمي، ومن مشاوير المستشفيات والمراجعات والجلوس معي في المستشفى اثناء تلقي العلاج الكيماوي حتى انتهيت منه والى اليوم وهو ملتزم بمواعيدي أثناء عملية الاستئصال، ومدة اقامتي بالمستشفى استمرت إلى 11 يوماً كانت ابنتي حوراء مرافقه معي حتى خرجت من المستشفى.
زيادة إيمان
وتتابع: بعد تقبلي لحالتي المرضية وقناعتي التامة بأن لا يمكن لأحدٍ مساعدتي في محاربة هذا المرض إلا نفسي، خرجتُ من عزلتي وقوقعة الحزن والخوف، وأن الله تعالى قادر على أن يمدني بالصحة والعافية، وأنه وحده الذي أوجد الداء كما أوجد له الدواء، وأن الأعمار بيده وحده، وكلما تذكرت أن الناس الأصحاء قد يموتون فجأة دون سابق إنذار لأن الله اختار لهم يومهم المحدد لملاقاته، وأن الموت لا يقتصر فقط على مرضى السرطان دون سواهم، ولا يعني أني مصابة بهذا المرض نهاية أجلي، لذلك سأحارب حتى أعيش العمر الذي كتبه لي رب العالمين.
الغذاء الصحي
التغير الخطير الذي حدث في حياة الجوري الصحية جعلها تفكر جدياً كذلك أن تغير نمط حياتها وغذائها؛ حيث اتبعت نظاماً غذائياً صحياً، وتجنبت السكريات واللحوم الحمراء المصنعة والمعلبات وكذلك المواد الغذائية التي تحتوي على مواد حافظة للطعام.
العناية بالنفس
وشاركت الجوري عبر حسابتها على مواقع السوشل ميديا متابعينها نمط حياتها الصحي، وحياتها الأخرى المتعلقة بالاهتمام بالزراعة والعناية بحديقة منزلها وهذا نمط حياة جديد أدخلته إلى عالمها للانشغال بجمال الطبيعة الخضراء، ووصفت نفسها عبر حسابها على التيك توك بأنها صديقة البيئة تهتم بالزراعة والسفر والتصوير، لتجمع قدر الإمكان عدد من المصابين بالسرطان لتوعيتهم وإرشادهم ودعمهم معنوياً.
وتوضح الجوري: بدأتُ اشغل نفسي بممارسة هوايات جديدة أتعلمها وأطبقها أثناء رحلة علاجي، وذلك بتعلم شيءٍ جديد وهو عمل المكرميات، وكنتُ أشارك يومياتي في مواقع التواصل الاجتماعي، حتى طريقة اعداد طعامي، ووجبات الطعام التي تناسب حالتي الصحية.
التقرب من الله
واليوم، وبعد عام كامل من رحلة العلاج الكيماوي تشير الجوري إلى أن الصبر والتقرب من الله تعالى كان سبباً مباشراً للبدء في عملية محاربة هذا المرض الخبيث، وكلما ضاقت عليها الحياة وزادت من أوجاعها لجأت إلى الله تعالى بالدعاء والتضرع إليه بكل حبُّ وإخلاص.
البطلة الوردية تنصح
وتنصح الجوري التي تصف نفسها بالبطلة الوردية التي تخضع حالياً للعلاج الهرموني بعد أن أنهت علاجها الكيماوي جميع مصابي المرض الخبيث بضرورة بعدم الخوف والثبات، مشيراً إلى أن نصف العلاج الابتعاد عن الخوف، والاستقرار النفسي، وعزلت كل شيءٍ يدعو ويحرض على الألم النفسي والمؤذي للمشاعر، وأن يعيش الحياة بكل لحظاتها فاللحظة التي تذهب لا تعود أبداً.
كما نصحت جميع السيدات بضرورة عمل الفحوصات اللازمة للثدي أثناء الحملات وغيرها في حال شعرت بوجود أي خلل أو تغير في جسمها، مضيفةً: لا تهملي نفسكِ واهتمي بفحوصاتكِ السنوية والفحص الذاتي، خاصة للنساء اللاتي لديهنّ تاريخ عائلي في الإصابة بمرض سرطان الثدي.
وتطمح المحاربة الوردي الجوري اليوم أن تكون عضواً مشاركاً وداعماً لمرضى السرطان معنوياً وأن تنقل تجربتها للجميع، وتشارك في جميع الحملات التوعوية والتثقيفية للتوعية للوقاية من هذا المرض.