أوتار فاضل معتز “تقرأ” قصائد حسين آل دهيم في سيهات أمسية ثقافية لـ "الفنار"

سيهات: صبرة

ثنائية بين الشعر والموسيقى، هكذا اجتمع حسين آل دهيم وفاضل معتز في سيهات، مساء أول البارحة، في أمسية نظمتها منتدى الفنار الثقافي بسيهات، بحضور لفيف من المثقفين من الجنسين.

وهي ليست المرة الأولى التي يجمع فيها الثنائي. وقال الشاعر آل دهيم “تُعد الأمسية تجربة ثانية من النسخة الأولى التي أقيمت بالتعاون مع الصديق فاضل معتز، وتتلخص في قراءات نصية لقصائد النثر، وقراءة موسيقية لبعض المقاطع من هذه القصائد”.

وأضاف آل دهيم “النسخة الأولى أقيمت قبل 3 أشهر، ونجاحها شجعنا على إقامة النسخة الثانية، وجاءت المصادفة أن تلقينا دعوة من ملتقى الفنار وأعددنا للأمسية لتظهر كما يليق بالحضور، حيث تم تغيير بعض العناوين والنصوص المقروءة، ودخلت في الأمسية بعض الأغاني العامة، لتكون الموسيقى موازية للشعر وليست تابعة للشعر، لأن الفكرة هنا تجربة موسيقية شعرية وليست أمسية فقط”.

وتابع “بالنسبة للنصوص التي قرأتها هي محاولة لتعتيم الحدث، وهذا ما لحن منه فاضل جزءاً من هذا النص وغناه، وكانت الأمسية على 3 جولات نصية، تخللتها قراءات موسيقية وبعض الأغنيات، ثم قرأت نص “بطاقة تعريف أجش الصوت”، ثم قرأت “أحدوثة الذي باع جسده للخرازين”، وختمت الجولة الأولى نص عنوته بـ “رستة الرفاع”، ثم غنى فاضل معتز موشح “لما بدا يتثنى”، ثم قرأت “النصف العاري من الصورة”، و  “سلمى”.

وأكمل “ختمت الفقرة الثانية بنص “عائل يقعي على الرمضاء”، ثم غنى فاضل أغنية “مُرني” لعبدالكريم عبدالقادر، كما قرأ جزءاً من قصيدة لي بعنوان “قليل من غبار يؤسس حفنة من القبور”، ثم نص “جنين العبارة”، و “هلوسة تعتمل في فمي”، وختمت بـ “أساطير القادم من بئر التمر”.”.

من جهة أخرى قال الفنان فاضل معتز “الأمسية كانت بمثابة تجربة لتقوم الموسيقى بتقديم الشعر، وقد عملت على تلحين 3 أبيات للشاعر حسين آل دهيم كمقدمة لإلقاء قصائده وهذا يعتبر قراءة غنائية وليس لحناً موسيقياً، حاولت أن أوظف الموسيقى وإمكانياتي للتماشى مع المعنى الشعري”.

وأضاف “كانت الأمسية جميلة، وسعدت بالحضور واستماعهم لما نقدمه، وكان هناك موسيقى صعبه في نص أنت حل بهذا البلد، وتحتاج إلى الهدوء، وكان الجمهور راقياً”.

وتابع “أشكر المنظمين على الإعداد للأمسية بهذا الشكل، والاهتمام الكبير بالتفاصيل، من إعداد وتصوير وتسجيل وغيره”.

فيما قال رئيس منتدى الفنار عيد الناصر “الأمسية أضافت إلى رصيد نادي الفنار للنقد الأدبي إنجازًا فنيًا وثقافيًا جديدًا، الجديد في الحدث هو التجربة الحديثة لشاعر مبدع وموسيقي متألق، تجربتنا السابقة في نفس القاعة كان الصوت غير مريحاً، ولهذا بذل الأخ فاضل أثناء التجهيز جهداً استثنائياً لدرجة القلق في تجهيزه للصوتيات في الصالة، وقام بتجربة الصوت وتوزيع السماعات عشرات المرات، وفرش القاعة بالسجاد ليتأكد من أن يكون الصوت في أفضل حالاته الممكنة، وأعتقد أنه نجح في ذلك بامتياز، واستمع الجمهور للقصائد والمقاطع الغنائية بكل ارتياح.”

وأضاف “كمشاهد لم أشعر بالملل، ومؤشر الجمهور بالنسبة لي هو الانسحابات أثناء الفعالية، وهذا لم يحدث، مما يؤكد أن البرامج الذي نسج خيوطه الشاعر والفنان كان صائباً في قراءة ذائقة الجمهور، وحساسية الزمن المناسب، وهذه خطوة حساسة لأنها كثيراً ما تتسبب في فشل بعض الفعاليات إذا لم تحسب بدقة.”

وتابع “الحضور من النساء والرجال كان معقولاً جداً، رغم أننا في وسط الأسبوع والناس لديهم أعمال ومدارس، وهذه أيضاً نقطة تحسب لصالح الفعل الفني والثقافي الجميل والمتميز.”

وأكمل “دائماً ما راهن الفنار وما زال يراهن على الفعاليات النوعية، سواء كان ذلك في الأمسيات الثقافية أو الفنية، رغم أن هذه الانتقائية تجعل الاختيارات صعبة بعض الشيء.”

نصوص

رستةُ الرفاعِ

الأزقةُ التي توغلَتْ فيَّ، بعدما أمعنتُ في نهبِ عفتِها
صارتْ تَلِغُ ماءَ عمري، كلما سعيتُ بها عندَ الينابيعِ
الجدرانُ تهرقُ في جوفي برودَتَها وصلابَتَها
وحجارةُ الأرضِ غيلةً تستبيحُ مسعايَ
في صلحِ الطرقاتِ الفسيحةِ مهما بلغتُ من شأوٍ
ومهدتُ لها جسدي لتمضيَ.
كم كانتِ السُرُجُ خافتةً في السوابيطِ حين سقطَ زنارُ إزاري
لكنَّها تشعُّ من فمي عند كلِّ تثاؤبِ ثورٍ في القريةِ
وكم كان ظلي مارقًا
عندما كان ينازعُ كي يزوغَ من تحتِ فراشي ليخنس.

المطرُ الذي انهمرَ وأنا أبيعُ رائحةَ الخبزِ للفتياتِ اللائي لم يدركنَ سيرةَ مفاتيحي
غيومُهُ السوداءُ الصاعدةُ من تنوري
أطلَقتْ صاعقةً من أشداقِها
فانهارتْ مئذنةٌ بيضاءُ
خفَتَ صوتُ المؤذنِ الوامضُ برهةً
اشتعلَ نعالُهُ عند الأعتابِ
وظلَّ محبوسًا بين قلقِ قلبِهِ وقلقلةِ لسانِهِ
حتى أزَّتِ النوافذُ ثم طارتْ ليتسع الدرب لهروب البحر المهزوم.

بشرتي السمراءُ
لا تصاهرُ رمادَ النارجيلاتِ المُسَنَّدةِ عند بركةِ الماءِ
السبْخةُ التي تأكلُ دودَ أقدامي الحافيةِ وهي تدهسُ كائناتِ الطينِ
تشقُّ السككَ الضيقةَ
وتتسلقُ الجدرانَ بندمِ المطمئنِ للتواترِ
تزحفُ لفجواتِ الجصِّ التي تُعشِشُّ فيها العصافيرُ وقصاصاتُ المصاحفِ وكسراتُ الخبزِ المطمئنةُ للأقدامِ المسطحةِ.

تجارُ الصُّفْرِ والجناويون وبائعو الخامِ
يمرونَ بي كلما خفقَ قلبي المجهدُ من تطييرِ الحمام
وقذفِ الوزغِ بالحجارةِ
ويشمتون بي، لا ريحَ تراقصُها
ولا شمسَ تشبعُك سطوعًا وأنت الدامسُ في البراحاتِ.
ظلي الذي كان يسرقُ الحصى أيامَ وفائِهِ للرملِ
أماطَ لثامَهُ ورمقني بنظرةِ الغلِّ
وخانني مع سبخةٍ أخرى
رئتاي اللتان دللتُهُما وحفرتُ قبرًا لأيامِهِما
لم يرفدْاني بأغنيةٍ عند زفيرهما في الحلكة
فما فتِئْتُ أراقبُ الشراشفَ وهي تتبقعُ بالدمِ
ومباخرُ اللبانِ لا تمدُّ يدَها لوداعةِ المساندِ المصطفةِ حول الحصيرةِ
حتى لو خفَقَتِ المشامرُ على أحبالِ الغسيلِ
أو تخلقتِ الهمهماتُ وصريرُ الكرافي
التي يغسلُها عواءُ بناتِ آوى عند انفتاقِ النورِ.

 

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×