ثورة بيئية في السعودية منظومة متكاملة هدفها جعل 30% من مساحة المملكة محميات
القطيف: صبرة
لم تكن ولادة 4 أشبال للفهد المنقرض، ولا استعادة الحمار البري المنقرض، ولا ولادة نمور؛ هي كلّ ما شهدته الطبيعة السعودية من منجزات خلال العام الميلادي الذي يوشك على الرحيل. لكنّ هذه الأحداث البيئية النوعية إنما هي نتيجة من نتائج ما يمكن وصفه بـ “ثورة بيئية” في المملكة العربية السعودية.
منذ سنواتٍ؛ تعيش الطبيعة في المملكة حالة انتعاش تاريخية وغير مسبوقة، تمثّلت في تطوير التشريعات والمؤسسات المعنية البيئية، لتكون ضمن منظومة متكاملة، يأتي ذلك نظير جهود وتكاتف عدة جهات ذات الاختصاص في المملكة، تشمل المركز الوطني للحياة الفطرية، والمركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، والمركز الوطني للأرصاد، والقوات الخاصة للأمن البيئي، والمركز الوطني للإصحاح البيئي، والمركز الوطني للإلتزام البيئي، وغيرها من المنظومات التي تعمل في صالح البيئة.
فضلاً عن ظهور محميات ملكية في مناطق كثيرة في المملكة، على رأسها محمية الملك سلمان، ومحمية الأمير محمد بن سلمان، ومحمية العلا، وغيرها وغيرها.
هذه المنظومات البيئية تعمل في حقول بيئية متعددة، وذات أعمال متوازنة من أجل الوصول إلى نتيجة نهائية بحلول عام 2030، بتخصيص 30% من مساحة المملكة العربية السعودية إلى محميات طبيعية، تبتعد عن التأثيرات السلبية للسلوك البشري، وتؤمن الملاذ الآمن للكائنات الحية من النباتات والحيوانات، وكذلك استعادة الكائنات التي انقرضت، ومساعدة الكائنات المهددة بالانقراض على تجنب الانقراض.
الفهد الصياد
ومن ضمن نتائج التشريعات والتنظيمات والأنشطة، الإعلام البيئي المهم الذي تضمن ولادة أربعة أشبال للفهد الصياد لأول مرة منذ 40 عامًا، وهم كشماء، فهدة، ثواب، حياة، تحت إشراف وإنتاج المركز الوطني للحياة الفطرية.
ويعكس إعلان ولادة الأشبال الأربعة واكتمال الاستراتيجية الوطنية للحفاظ على الفهد الصياد التي طوّرها المركز، دور المملكة الريادي ونجاحها في جهودها الرامية لتعزيز التوازن البيئي، من خلال المحافظة على الأنواع المهددة بالانقراض وإكثارها في الأسر وإعادة توطينها؛ إذ إن 15% فقط من الفهود المولودة في البرية يمكن أن تتكاثر في الأسر، ومن هذه المجموعة لا يستمر في التكاثر سوى 20%.
الحمار البري الآسيوي
ونجحت جهود الحماية الفطرية في إعادة توطين الحمار البري الآسيوي (Equus hemionus onager) في المملكة، مُسجّلة بذلك عودة هذا النوع الفطري إلى موطنه الطبيعي بعد غيابٍ امتد لأكثر من 100 عام.
وأعلنت محميّة الأمير محمد بن سلمان الملكية نجاحها في المشروع الذي بدأ في أبريل 2024، من خلال استقبال المحميّة سبعة من الحمر البرية الآسيوية.
وفي أبريل 2024م، استقبلت المحمية سبعة من الحمر البرية تم نقلها من محمية الشومري الطبيعية التابعة للجمعية الملكية لحماية الطبيعة في الأردن، لتُؤسس بذلك أول مجموعة تعيش في البرية داخل المملكة منذ أكثر من 100 عام, وبعد رحلةٍ امتدت لمسافة 935 كيلومترًا، تأقلمت الحمر البرية مع موائلها الجديدة في المحمية، حيث وُلد أول مهرٍ داخل المحمية، في حدث يُعد إنجازًا مهمًا في جهود استعادة الحياة الفطرية على مستوى المحمية والمملكة.
توائم من هراميس النمر العربي
من جهة أخرى أعلنت الهيئة الملكية لمحافظة العُلا عن ولادة ثلاثة توائم من هراميس نادرة للنمر العربي (ذكرين وأنثى)، وذلك بمركز إكثار النمر العربي التابع لها، في إنجاز بارز ضمن جهودها لحماية هذا النوع المهدد بالانقراض.
ووُلدت الهراميس الثلاثة خلال هذا الصيف، في أول حالة موثقة لولادة ثلاثة توائم من الهراميس في الأسر بالمملكة، والثالثة من نوعها على مدار الثلاثين عامًا الماضية، وفقًا للسجلات المتوفرة.
والهراميس الثلاثة هم أبناء الأم “ورد”، البالغة من العمر ست سنوات، والأب “باهر” البالغ نحو 13 عامًا، وقد جاء إلى المركز في ديسمبر 2023 ضمن برنامج تبادل إقليمي لتعزيز التنوع الجيني لسلالة النمر العربي، مما يسهم في استدامة برنامج التكاثر.
النعام
يأتي ذلك بالإضافة إلى تفريخ أكثر من 110 من صغار النعام ذي الرقبة الحمراء المهدّد بالانقراض في مراكز إكثار الكائنات الفطرية خلال عام 2024م أيضًا، الأمر الذي يجسّد نجاح المملكة في إعادة توطين هذا النوع بعد انقراضه من البيئة الطبيعية منذ 100 عام.
محمية الملك سلمان والوعول
وفي إنجاز آخر أعلن الاتحاد الدولي لصون الطبيعة “IUCN” إدراج محمية الملك سلمان في القائمة الخضراء التابعة للاتحاد، وفي اليوم نفسه تم إدراج محمية الوعول التابعة للمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية. وبعد استيفاء المعايير والمؤشرات المطلوبة ضمن 77 محمية فقط في العالم، تم اختيارهما من أكثر من 300 ألف محمية؛ ويُعد ذلك اعترافًا دوليًّا بإدارة المحميتين وفق أفضل الممارسات والمؤشرات العالمية لإدارة وحماية المناطق المحمية.
إنجازات بيئية
وتضمنت الإنجازات البيئية التي امتدت حتى عام 2024 التشجير في المملكة، حيث قامت المملكة بزراعة أكثر من 100 مليون شجرة منذ إطلاق مبادرة السعودية الخضراء في عام 2021م، بالإضافة إلى نثر ملايين البذور بهدف تنمية الغطاء النباتي والتصدّي لظاهرة زحف الرمال.
كما نجحت في استصلاح أكثر من 118 ألف هكتار من الأراضي المتدهورة، بما يفوق مساحة 165,000 ملعب كرة قدم وفقًا للأبعاد المعتمدة من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، بما يسهم في تحقيق الهدف المرحلي المتمثل في استصلاح 8 ملايين هكتار من الأراضي المتدهورة بحلول عام 2030م.
وتهدف هذه المبادرات، التي تمثل استثمارات بقيمة 225 مليون ريال سعودي (60 مليون دولار أمريكي)، إلى زراعة ملايين الأشجار، بما في ذلك أشجار المانجروف، ونثر 300 مليون بذرة، وإعادة تأهيل الأراضي المتدهورة، والحدّ من تلوث الهواء، وتحسين التنوع البيولوجي عبر مختلف مناطق المملكة.
ومن خلال جهود التشجير المستمرة، تهدف المملكة إلى توفير المقوّمات اللازمة لحماية الأجيال الحالية والمستقبلية من درجات الحرارة الشديدة, وتمثّل جهود التشجير خطوة مهمة نحو تحقيق هدف المملكة على المدى الطويل والمتمثل في زراعة 10 مليارات شجرة، بما يسهم في تعزيز جهود مكافحة التصحر ورفع مستويات جودة الحياة في المملكة.
حماية المناطق البرية
كما نجحت المملكة حتى اليوم، في حماية 18.1% من مناطقها البرية و6.49% من مناطقها البحرية، وتغطي مساحة 400 ألف كيلومتر مربع تقريبًا، في إنجاز مهم على صعيد تحقيق الهدف المتمثل في حماية 30% من المناطق البرية والبحرية في المملكة بحلول عام 2030م.
كما حقّقت المملكة العديد من الإنجازات البارزة في إطار جهود الحفاظ على البيئة، حيث نجحت منذ إطلاق مبادرة السعودية الخضراء عام 2021م في إعادة توطين أكثر من 7 آلاف كائن فطري مهدّد بالانقراض في المحميات الطبيعية، بما في ذلك المها العربي، وظبي الإدمي، والوعل.
محميات ملكية
وكان سمو ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، اعتمد مجلس المحميات الملكية المستهدفات الاستراتيجية لعام 2030 للمحميات الملكية، التي تدعم الاستراتيجيات الشاملة للمحميات الملكية، وتركّز على حماية الحياة الفطرية وأنشطة التشجير، وتعزيز السياحة البيئية وتوفير فرص العمل.
واشتملت المحميات على قائمة من المحميات على النحو التالي:
- محمية الإمام عبد العزيز بن محمد الملكية: محمية روضة خريم والمناطق المجاورة لها: مساحتها:11300 كيلومتر مربع.
- محمية الإمام سعود بن عبد العزيز الملكية: محمية محازة الصيد: مساحتها:2240 كيلومتر مربع.
- محمية الإمام تركي بن عبد الله الملكية: محمية التيسية والمناطق المجاور لها: مساحتها:91500 كيلومتر مربع.
- محمية الملك عبدالعزيز الملكية: محميتي التنهات والخفس والمناطق المجاورة لها: مساحتها15700 كيلومتر مربع.
- محمية الملك سلمان بن عبدالعزيز الملكية: محميات الخنفة، الطبيق وحرة الحرة والمناطق المجاورة لها: مساحتها:130700 كيلومتر مربع.
- محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية: المنطقة الواقعة بين مشروع نيوم ومشروع البحر الأحمر والعلا: مساحتها16000 كيلومتر مربع.
- محمية الملك خالد الملكية: منتزه الثمامة: مساحتها: 720 كيلومتر مربع.
- محمية الإمام فيصل بن تركي الملكية: منطقة عسير – منطقة جازان – منطقة مكة المكرمة – المياه الاقليمية للمملكة: مساحتها: 30,152.7 كيلو متر مربع.
محميات الحياة الفطرية
عروق بني معارض
تحتضن محمية عروق بني معارض الجزء الغربي من أكبر بحر للرمال التي حملتها الرياح في العالم، الربع الخالي. وتحافظ المحمية على جزء هام من واحد من أروع المشاهد الطبيعية الصحراوية على وجه الأرض، حيث تضم التضاريس المتنوعة للموقع مجموعة واسعة من النظم البيئية الطبيعية بمكوناتها الفيزيائية والأحيائية المتعددة. تحظى المحمية بأهمية عالمية كونها شهدت أحد أهم قصص النجاح العالمية في مجال إعادة توطين الحياة الفطرية.
محمية جبل شدا
تقع في الجنوب الغربي من منطقة الباحة شمال غرب محافظة المخواة على مسافة 20 كيلومترا؛ وتبلغ مساحتها 68.62كم² وتعتبر محمية ذات طبيعة خاصة. وجبل شدا الأعلى هو امتداد لجبال السروات إلى الغرب موازياً لها تقريباً. ويرتفع الجبل عن سطح البحر بحوالي 2200م. وتتكون المرتفعات من صخور بازلتية تنحدر منها أودية.
محمية جرف ريدة
هي إحدى أصغر المحميات الطبيعية في المملكة العربية السعودية بمساحة أقل من 10كم تقع في الجنوب الغربي ضمن سلسلة جبال السروات التي تحوي أعلى ارتفاع محلياً بحوالي 3,000م فوق سطح البحر. هذا التكوين الطبوغرافي المميز بالإضافة إلى العوامل المناخية ممثلة بأعلى معدل هطول مطري مسجل في المملكة، ساهمت في تواجد تنوع أحيائي مميز من الموائل والأنواع وخاصة التنوع النباتي.
محمية نفود العريق
تقع في المنطقة الوسطى جنوب غرب مدينة القصيم؛ وتبلغ مساحتها 2036.1 كيلومتراً؛ وتتميز بيئاتها بالسهول الرملية الحصوية وبعض الجبال الجرانيتية والبازلتية؛ وبغطاء نباتي جيد يشجع على إعادة توطين بعض الطيور خاصة الحبارى. وتعتبر المنطقة حمى قديماً لإبل الصدقة. ومن المتوقع أن تسهم عدة عوامل مثل وجود الغطاء النباتي الجيد من العوسج والإرطى والحوليات ووعورة المنطقة في اختيارها موقعاً لإعادة توطين الحبارى فيها.
محمية الوعول
تقع في المنطقة الوسطى جنوب الحريق وغرب حوطة بني تميم، وتبعد عن الرياض180كم؛ وتبلغ مساحتها 1,840.9كم²، وتعتبر محمية موارد مستغلة وأجزاء منها تصنف (محمية ذات طبيعة خاصة، محمية طبيعية، محمية أحيائية) وهي عبارة عن هضبة كبيرة وعرة ضمن سلسلة جبال طويق تتخللها العديد من الأودية والشعاب وبعض المناطق الرملية. ويصل ارتفاع الحواف الغربية للجبال إلى 1097م.
محمية مجامع الهضب
تقع محمية مجامع الهضب على بعد حوالي 125 كيلومترا شرق مدينة رنية؛ وتبلغ مساحتها حوالي 2256.4 كيلومتراً مربعا وتعتبر محمية موارد مستغلة وجزء منها (محمية ذات طبيعة خاصة). وتتميز هذه المحمية بالجبال البركانية الداكنة والسهول الصحراوية الرملية إلى جانب احتوائها على الكثير من القباب الجرانيتية المتقشرة ذات ألوان باهتة.
محمية جزر أم القماري
تقع محمية جزيرة أم القماري جنوب غرب مدينة القنفذة في البحر الأحمر؛ وتتألف من جزيرتين هما أم القماري البرانية وأم القمـاري الفوقانيـة. ويبلـغ مجموع مساحة الجزيرتـين حوالي 4.03 كيلومتر مربع وهي محمية ذات طبيعة خاصة. وقد سُميت بأم القماري بسبب كثرة طيور القماري فيها وبصورة خاصة في موسم الهجرة. يتكون سطح الجزيرتين من أحجار كلسية شعابية يبلغ متوسط ارتفاعها عن سطح البحر ثلاثة أمتار، ورمال ساحلية بيضاء. وتمتاز الشعاب المرجانية بجزيرة أم القماري البرانية بأن الكثير منها حية ومتنوعة مما يجعلها متميزة للدراسة.
محمية الجبيل للأحياء البحرية
في أعقاب حرب تحرير الكويت والتلوث النفطي في المناطق الساحلية على شواطئ الخليج، أجريت العديد من الدراسات والبحوث البيئية التي اقترحت ضرورة إنشاء محمية الجبيل للأحياء البحرية لمراقبة التلوث وأثاره وبالتالي المحافظة على التنوع الأحيائي البحري الذي تتميز به المنطقة. تقع محميّة الجبيل للأحياء البحريّة شمال مدينة الجبيل الصّناعيّة على امتداد الشاطىء الغربيّ للخليج العربي من جزيرة أبو على جنوبا حتى رأس الزّور شمالا بمساحة 2410 كيلومتراً مربّعا.
محمية جزر فرسان
تقع محمية جزر فرسان في القسم الجنوبي الشرقي للبحر الأحمر، وتبعد حوالي 42كم عن ساحل مدينة جيزان؛ وتبلغ مساحة المحمية حوالي 5408كم² وتعتبر محمية موارد مستغلة وأجزاء منها تصنف (محمية ذات طبيعة خاصة، محمية طبيعية، محمية أحيائية). وتضم مجموعة جزر فرسان أكثر من 84 جزيرة أكبرها جزيرة فرسان الكبير والسقيد (فرسان الصغرى) وقماح وهي الجزر الآهلة بالسكان وتتألف جزر فرسان من مسطحات من الأحجار الجيرية الشعابية، يتراوح متوسط ارتفاعها عن سطح البحر بين 10 و20م وقد يصل إلى 40م. أما أقصى ارتفاع فهو 75م حيث تسمى هذه المرتفعات محليا بالجبال. انضمت المحمية في اليونسكو عام ٢٠٢١ كأول محمية طبيعية سعودية في برنامج الإنسان والمحيط.
محمية الإمام سعود بن عبدالعزيز الملكية