فاطمة بزرون.. في اختبار “التأسيس”..! مولعة بالأطفال الأفارقة.. وكبار السن

سيهات: صُبرة

أياً كانت مدارسه؛ فإن الـ “بورتريه”؛ لا يمثّل تأسيساً للتشكيلي، بل هو ـ أيضاً ـ اختبار لسلسلة من الإمكانيات الفنية والنفسية. الـ “بورتريه” يكاد يضارع السلم الموسيقي في الموسيقى والعروض في الشعر والرسم الفني في الهندسة، في كون جميعها دِربةً أساسية للمهارة، واستيعاباً للقواعد التي يمكن تحطيمها لاحقاً.

فاطمة بزرون؛ شابّة تقف هذه الليالي في “شارع الفن”، وسط حديقة سيهات، حيث تنشط فعاليات الأسبوع السعودي للتطوع. وبين الـ “بوثات” المصطفة في “الشارع”؛ تعرض خرّيجة قسم الحيوان صفّاً من الـ “بورتيرهات” البشرية تحديداً، من شخصيات كبيرة، ووجوه معروفة، مجاهيل، كباراً وأطفالاً، نساءً ورجالاً.

تبدو الهواية غالبة في الأعمال المعروضة، لكنّ جانباً حِرْفياً يبدو واضحاً جداً في بعض اللوحات، وبالذات لوحات الأسود والأبيض، وذلك يبرز أكثر في اهتمامها بتفاصيل التشريح في التشكيل. تظهر لوحات الأسود والأبيض وكأنها حالات فوتوغرافية كلاسيكية، والمُنجَز في هذه اللوحات هو احترام التأسيس في ضبط الملامح في مساحة صغيرة، والقدرة على التعامل مع الكتلة والفراغ، ومحاولة “استنطاق” الداخل ماثلاً في الخارج.

أفارقة

ثمة مجموعة لوحات يمكن فهمها على حدة، هي لوحات الأطفال الأفارقة. هناك ولع بطفولاتٍ ما. وحرص على “التشريح”. ذلك جليّ في الجباه، الأنوف، الشفاه، الشعر الأفريقي المميز. هذا في الخارج؛ فماذا عن الداخل..؟

من الواضح أن هناك غضباً، حزناً، خوفاً.. وحيرة. وبما أن هذا مُنجزٌ في كتلة اللوحة؛ تبقى منطقة الفراغ حائرة، لدى الرسّامة الشابة، يبدو أنها تملّ، أو تُفرغ طاقة مشاعرها في الملامح، ثم تنسى بقية اللوحة.

كبار السن

مقابل الولع بالأطفال الأفارقة؛ هناك الولع بكبار السنّ أيضاً. وهنا اهتمامٌ بالتشريح الخارجي، واهتمام بالداخل أيضاً. بقدر لمسة البهجة في اللوحة؛ فإن هناك شيخوخةً متقادمة في الملامح. وباستثناء لوحة لعجوز أنيقة؛ تبقى اللوحات الأخرى من الكادحين المنهكين بأثقال الحياة.

ويمكن وصف لوحة لوجه رجل يمني بأنها ذروة النجاح بين لوحات الـ “بورتريه” جميعها.

الطبيعة الصامتة

لدى فاطمة بزرون مجموعة أخرى من لوحات الطبيعة الصامتة، بيد أنها تبدو أقلّ احترافاً ـ بكثير ـ من الـ “بورتيرهات”. التباين واضح بين الحرص في الوجوه والعجلة في الطبيعة الصامتة. التباين ليس في التصوير فحسب، بل حتى في معالجة الألوان.

ربما ذلك يُشير إلى أن الشابة بزرون؛ تفضل قراءة الوجوه البشرية أكثر من قراءتها لأي شيء آخر في الطبيعة. وحين نعرف بأن عمرها التشكيلي لم يبدأ إلا عام 2016؛ فإن ذلك يمهّد لقناعة بأن سحر الهواية يغلب على روح الاحتراف عند فاطمة بزرون.

والحاصل النهائي لما تعرضه الشابة في سيهات هو أنها في “اختبار التأسيس”. ويجدر بها أن تمضي على ما تميل إليه لتبرع فيه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×