معالجة الجهاز العصبي لأنواع اللمسات الاجتماعية المختلفة
ترجمة: عدنان أحمد الحاجي
“بصوتي أستطيع أن أتحدث إلى عدة أشخاص في نفس الوقت، ولكن حين ألمسك بيدي، فهذه تعتبر إشارة جلية على أنني أوجه لك انتباهي. “اللمس عبارة عن نوع من الأساليب السريعة والمختزلة للتقارب والحميمية،” تقول سارة ماكنتاير Sarah McIntyr،. الأستاذ المساعد في مركز علم الأعصاب الاجتماعي والوجداني، CSAN، في جامعة لينشوبينغ، السويدية.
ستة أنواع لـ اللمس
يدور بحث سارة ماكنتاير حول كيفية معالجة الجهاز العصبي للمعلومات التي نحصل عليها من خلال حاسة اللمس (حساسية الجلد) (1). ولها رغبة في أن تفهم الكود (الشفرة) الذي يستخدمه الجهاز العصبي لمعالجة الإشارات الاجتماعية التي يتضمنها اللمس.
وحدد باحثو جامعة لينشوبينغ، سابقًا ستة أنواع من اللمس المختلفة يستخدمها الناس غالبًا للتعبير عن السعادة أو الحب أو الامتنان أو الحزن، وكذلك لتهدئة شخص من الأشخاص وجذب انتباهه. على سبيل المثال، اللمسة المهدئة، في نسخة الطريقة الموحدة للباحثين، عُبِّر عنها وذلك بتمسيد (إمرار اليد على) ذراع الشخص الآخر ببطء أربع مرات، بينما اللمس المستخدم لجذب الانتباه انطوى على النقر (الطرق) الخفيف بإصبع السبابة 4 إلى 5 مرات. وتساءل الباحثون عما إذا كانت أنواع معينة من الخلايا العصبية في الجلد لها أهمية خاصة لمعالجة المعلومات من اللمسات الاجتماعية (2).
يُغرز قطب كهربائي دقيق جدًا في الجلد، مما يتيح للباحثين “الاستماع” إلى خلية عصبية واحدة في المرة الواحدة. تصوير: آنا نيلسن
استمع إلى تشويرات الخلايا العصبية
في هذه الدراسة الجارية، أجرى أحد الباحثين أنماط اللمس الستة الموحدة على ساعدي كل مشارك من المشاركين في الدراسة. وفي الوقت نفسه، قام الباحثون بدراسة نشاط أنواع مختلفة من الخلايا العصبية وذلك بـ “الاستماع” إلى التشويرات العصبية (3) باستخدام طريقة تسمى تصوير الأعصاب الدقيقة.
تم تطوير التصوير العصبي المجهري في السويد ومكّن الباحثين من قياس تشويرات كل خلية من الخلايا العصبية على حدة. وهذا من شأنه أن يوفر دقة لا يمكن الحصول عليها إلا في الدراسات التي تُجرى على حيوانات، ولكن الميزة الرئيسة لتصوير الأعصاب المجهرية (4) هي أنه يمكن استخدامه على البشر. “استمع” الباحثون إلى 39 خلية عصبية من ستة أنواع مختلفة من الخلايا العصبية.
ثم قام الباحثون في جامعة فيرجينيا، بقيادة غريغ غيرلينغ Greg Gerling، بتدريب نموذج التعلم الآلي في محاولة للتمييز بين أنواع اللمسات الستة، بناءً على مدى تشفير كل خلية من هذه الخلايا العصبية للمعلومات، أي بناءً على ما تبدو عليه التشويرات العصبية.
وتبين أن هذا يعتمد بشكل كبير على نوع الخلية العصبية. تتفاعل جميع الخلايا العصبية مع اللمس. ولكن لا ترسل جميع أنواع الخلايا العصبية الإشارات إلى الدماغ بطريقة تحتوي على جميع المعلومات اللازمة لنموذج التعلم الآلي للتعرف على نوع اللمسة الذي استجابت له الخلية العصبية.
“لقد لاحظنا أن نوعين من الخلايا العصبية كانا جيدين جدًا في التمييز بين أنواع اللمسات الستة المختلفة. وهذا يشير إلى أن هذين النوعين من الخلايا العصبية لهما وظيفة معينة تساعدنا على فهم الفرق بين أنواع اللمس الاجتماعي (2). المختلفة، بحسب سارة ماكنتاير.
يستخدم الباحثون الموجات فوق الصوتية لتوجيه القطب الكهربائي تجاه العصب. تصوير: آنا نيل
نوعان من الخلايا العصبية يبدو أنهما مهمان
تختلف الخلايا العصبية التي تتفاعل مع الانطباعات المتأتية من المحيط الخارجي بطرق مختلفة. على سبيل المثال، “تتعب” بعض الخلايا العصبية بسرعة من الإثارة المستمرة وتتوقف عن إرسال الإشارات إلى الدماغ. يمكننا أن نلاحظ ذلك عندما تتكيف حاسة الشم بسرعة مع الرائحة، ونتوقف عن الاحساس بها (شمها). إحدى الخلايا العصبية الحسية، والتي تبدو مهمة في التمييز بين أنواع مختلفة من اللمسات الاجتماعية، تتكيف بسرعة بهذه الطريقة. وهذه الخلية متصلة ببصيلات شعر الجلد وتسمى بصيلات الشعر الواردة [إلى الجهاز العصبي] (5). يتفاعل في الغالب مع التغيرات، مثلًا، حين يُمال الشعر إلى إحدى الجهات [لسبب من الأسباب].
وعلى العكس من ذلك، فإن النوع الآخر من الخلايا العصبية يتعب ببطء. ولذلك فهو يستمر في إرسال الإشارات إلى الدماغ، حتى لو كان اللمس ثابتًا، على سبيل المثال بوضع اليد على الجلد بشكل ثابت (بغير حركة أو تمسيد)، ويسمى التكيف البطيء من النوع الثاني.
“يدور بحثنا حول فهم أساسيات كيفية عمل نظامنا العصبي. إذا فهمنا كيف يترجم الدماغ الإشارات الصادرة عن أنواع اللمسات المختلفة، فقد تكون هذه المعرفة مفيدة في الأمد الطويل في محاولة استعادة الإحساس الذي اختل بسبب العمر أو المرض. تقول سارة ماكنتاير: “قد تكون هذه المعرفة مفيدة أيضًا لتطوير أطراف صناعية تتفاعل مع الجهاز العصبي ويمكن استخدامها لمن فقد طرفًا من أطراف جسمه”.
ولا يعرف الباحثون حتى الآن كيف تمكن نموذج التعلم الآلي من التمييز بين أنواع اللمسات المختلفة بناءً على الإشارات العصبية. ولذلك تواصل مجموعات البحث دراسة جديدة لمحاولة معرفة الخصائص الميكانيكية للمسات الاجتماعية التي تتفاعل معها الأنواع المختلفة من الخلايا العصبية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نُشرت الدراسة (6) في مجلة IEEE Transactions on Affective Computing.
مصادر من داخل وخارج النص
1- https://ar.wikipedia.org/wiki/جهاز_حسي_جسدي
2- “تعد اللمسة بين الأشخاص (لمس شخص شخص آخر وذلك بالملامسة باليد بإمرارها على – تمسيد – جزء من بدن الآخر كيده) أو اللمسة الاجتماعية، وسيلة بديهية وقوية للتعبير عن الإنفعالات والتعبير عنها، ومواساة صديق، والتواصل مع الزملاء في الفريق، وتهدئة طفل يعاني من ألم، وشخص يمر بحالة توتر نفسي.” ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان:
https://www.frontiersin.org/research-topics/19796/social-touch
3- https://ar.wikipedia.org/wiki/جهاز_عصبي
4- https://ar.wikipedia.org/wiki/التصوير_العصبي_المجهري
5- https://ar.wikipedia.org/wiki/عصبون_وارد
6- https://ieeexplore.ieee.org/document/10613490
المصدر الرئيس
https://liu.se/en/news-item/how-the-nervous-system-distinguishes-social-touch