الملفات الإنسانية.. ملفاتٌ..!
حبيب محمود
الملفّات الإنسانية، جميعها، تبقى كلاماً إعلامياً صرفاً. لا مكان لها من الأفعال السياسية؛ إلا في حدود ما تُشير إليه بوصلة المصالح الدولية. أوفر الملفات الإنسانية حظّاً هو ما يصل إلى مجلس الأمن، لتتاجر به خمس دولٍ فقط عبر مساومات مصالح. وحتى لو نجا قرار المجلس من أيّ فيتو؛ فإن مفاعيله تبقى مرهونة بإيجاد آليةٍ.. وغالباً ما تصدر القرارات بلا آلياتٍ..!
نحن، في المنطقة العربية، نحتفظ بأكبر أرشيفٍ عالمي من الملفات الإنسانية. وليتذكر أبناء جيلي، تمثّلاً لا حصراً، صبرا وشاتيلا، وقصف الأكراد كيماوياً، ومحمد الدرة، وعناقيد الغضب، وغزّة.. وليضيفوا بعدها ما يشاؤون من الملفات الإنسانية..!
واقعياً؛ لا يوجد ملفٌّ إنسانيٌّ حقيقي مطلقاً في أيّ صراع مسلح في العالم. كلُّ ما يُسمّى “ملفاً إنسانياً” ليس أكثر من “قميصٍ” تُساوم به دول، وتضربه دول أخرى بالـ “فيتو”. وحين يضغط الرأي العام العالميّ بالصور والمشاهد الوحشية، ومعها تقارير المنظمات الدولية الحقوقية “الإعلامية”، فإن المتحكمين في أمن العالم (أمريكا، روسيا، بريطانيا، فرنسا، الصين)؛ يُحرَجون بتسجيل موقف أخلاقي “وهميّ ـ إعلامي” لتنفيس غضب الشعوب. ثم يُوضع الملف، برمته، على الرف..!
تذكروا معي قصف غزة الوحشي في 2009. تذكروا كيف ضغط الرأي العام العالمي على مجلس الأمن ليصدر قرار بإجراء تحقيق ترأس فريقه القاضي ريتشارد غولديستون. تذكروا كيف أعد القاضي تقريراً مهمّاً فيه الكثير من الحقائق. ثم تذكروا كيف ماع التقرير، تحت ضغوط سياسية كثيرة، بعضها بأيدٍ فلسطينية..!
ونحن لا نسأل كيف حال الملف اليوم؟ وكيف حال الملفات السابقة؟ بل كيف حال الملف منذ أكتوبر 2023 إلى الآن، والشهداء تخطوا حاج 45 ألفاً، ناهيك عن الجرحى والمصابين، وما زالت الإبادة الجماعية قائمة على دبابة وصاروخ..!
وكيف حال كل ملف إنسانيّ تناولته نشرات الأخبار؟
الملفات الإنسانية لعبة دولية لا أكثر.