مشروع محمد جابر الأنصاري يتوقف قبل نهاية 2024

متابعات: صبرة

رحل الكاتب والمفكر البحريني الدكتور محمد جابر الأنصاري عن عالمنا اليوم تاركًا خلفه إرثاً أدبياً غنياً وسيرة حافلة، عن عمر ناهز 85 عاماً.

ونعى الديوان الملكي البحريني الراحل قائلاً: (بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، ينعى الديوان الملكي الدكتور محمد جابر الأنصاري مستشار جلالة الملك للشؤون الثقافية والعلمية).

وشغل الأنصاري منصب مستشار الملك في الشؤون الثقافية والعلمية، وكان أستاذاً لدراسات الحضارة الإسلامية والفكر المعاصر. ويعتبر عميد كلية الدراسات العليا في جامعة الخليج بالبحرين وعضو المجلس الوطني للثقافة والآداب والفنون في البلاد.

ملك البحرين في زيارة للأنصاري
ملك البحرين في زيارة للأنصاري

سيرته الذاتية

ولد الأنصاري في عام 1939 لعائلة بسيطة، كان ربها يعمل في الغوص وصيد اللؤلؤ قبل أن ينتقل للعمل في شركة النفط بين عامي 1938 و1959 في مدينة المحرق، التي تعتبر عاصمة البحرين القديمة، وهي مسقط رأس العديد من الأدباء والشعراء الكبار. وتلقى الأنصاري تعليمه الابتدائي على يد مجموعة من المدرسين العرب من مختلف التيارات الفكرية. كما قام بتثقيف نفسه ذاتياً.

تخرّج الأنصاري في عام 1958 وحصل على المرتبة الأولى في دراسته الثانوية. ومن حسن حظه كما يذكر، أنه لم يُرسل للدراسة في بريطانيا كما كان مقررًا للأوائل، بل اختار الجامعة الأميركية في بيروت التي كانت مليئة بالحياة الفكرية والسياسية والعلمية، واستمر في دراسته هناك حتى نال درجة الدكتوراه في عام 1979.

في بيروت، التي يعتبرها من أهم محطات حياته الأكاديمية، التقى بإحسان عباس وقسطنطين زريق ويوسف إيش وحمد يوسف نجم ونديم نعيمة، الذين كانوا أعضاء في لجنة مناقشة رسالته للدكتوراه، كما تعرف على أستاذه وصديقه الشاعر خليل حاوي وكمال اليازجي، وواصل دراسته من خلال دورات أكاديمية في كامبردج والسوربون حتى حصل على درجة الأستاذية. خلال هذه الفترة، ساهم أيضًا في تأسيس مجلس معهد العالم العربي في باريس بين عامي 1981 و1982.

التدريس

بدأ الأنصاري مسيرته التدريسية في عام 1964 في مدرسة المنامة الثانوية، التي تخرج منها. وفي عام 1966، شغل منصب أستاذ للغة العربية والأدب العربي في المعهد العالي للمعلمين الذي تم تأسيسه في ذلك العام. وفي عام 1969، أصبح أول رئيس لـ “أسرة الأدباء والكتاب في البحرين”، التي أسسها بهدف تعزيز العمل الثقافي بمفهومه الشامل، بعيداً عن أي أبعاد سياسية أو أيديولوجية. وفي نفس العام، عُيّن رئيساً للإعلام في مجلس الدولة، الذي كان يشبه مجلس الوزراء، لمدة عام واحد.

ابن خلدون العصر

يعتبر المفكر البحريني الراحل من أبرز الباحثين في فكر ابن خلدون، حيث يدعو إلى إعادة النظر في الذات العربية، واستند إلى آراء ابن خلدون في تحليل الواقع العربي والإسلامي، مشدداً على أهمية الاستفادة من ثورته الفكرية. ويشير إلى أن ابن خلدون، من خلال مقاربته التاريخية، تجاوز الفهم الرومانسي العجائبي الذي لا يزال يؤثر على العقلية العربية، وبدلاً من ذلك، اقترب من القوانين الثابتة والفاعلة التي تحكم حركة العالم بين الماضي والحاضر.

بين عامي 1975 و1980، تولى مسؤولية تزويد مجلة “الدوحة” بالدراسات المتعلقة بالأدب والثقافة في الخليج والجزيرة العربية. وفي عام 1975، بدأ بكتابة أطروحته للدكتوراه بعنوان “الاتجاهات التوفيقية في الفكر العربي الحديث بالمشرق”، والتي صدرت لاحقاً ككتاب تحت عنوان “الفكر العربي وصراع الأضداد”. بعد عودته من أوروبا في عام 1983، بدأ العمل في جامعة الخليج العربي كأستاذ مساعد ثم أستاذ لدراسات الحضارة الإسلامية والفكر المعاصر. وفي عام 1988، تولى عمادة كلية التربية، ثم أصبح عميداً لكلية الدراسات العليا في عام 1994.

عمله الصحفي

حيث بدأ مسيرته منذ أيام دراسته الثانوية في جريدتي القافلة والميزان تحت اسم مستعار هو “نصار”، وهو الاسم الذي أطلقه عليه أحد أساتذته المصريين. وفي عام 1966، كتب في “الأضواء”، التي كانت الجريدة الوحيدة في البحرين في ذلك الوقت.

جوائزه

حصل على العديد من الجوائز، منها جائزة الدولة التقديرية في البحرين، وجائزة سلطان العويس في الدراسات القومية والمستقبلية، وجائزة منيف الرزاز للدراسات والفكر. كما نال جائزة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي عن كتابه “تحولات الفكر” عام 1981، وجائزة الدولة التقديرية للإنتاج الفكري في البحرين عام 1989، ووسام قادة مجلس التعاون في قمة مسقط في نفس العام. وفي تلك الفترة، اختاره ملك البحرين حمد بن عيسى، عندما كان ولياً للعهد، ليكون مستشاراً ثقافياً وعلمياً في ديوان ولي العهد، ولا يزال يشغل هذا المنصب حتى اليوم كمستشار للملك. وفي عام 1999، حصل على عضوية أكاديمية المملكة المغربية.

مؤلفاته

أصدر الأنصاري، بالإضافة إلى مئات المقالات الصحفية، أكثر من عشرين مؤلفًا في مجالات الفكر والأدب والثقافة والسوسيولوجيا السياسية. من أبرز مؤلفاته: “العالم والعرب” عام 2000، و”تحولات الفكر والسياسة في الشرق العربي” الذي صدر ضمن سلسلة عالم المعرفة، و”الفكر العربي وصراع الأضداد”، و”الحساسية المغربية والثقافة المشرقية”، و”التفاعل الثقافي بين المغرب والمشرق”، و”تجديد النهضة باكتشاف الذات ونقدها”، و”تكوين العرب السياسي ومغزى الدولة القُطرية”، و”التأزم السياسي عند العرب وموقف الإسلام”، و”العرب والسياسة: أين الخلل؟”، و”رؤية قرآنية للمتغيرات الدولية وشواغل الفكر بين الإسلام والعصر”، و”انتحار المثقفين العرب وقضايا راهنة في الثقافة العربية”.

مشروعاته الفكرية

والجدير بالذكر أن للأنصاري مشروعين فكريين، المشروع الأول يعرف باسم “مشروع نقد الفكر العربي”، وقد تجسد في ثلاثة من مؤلفاته: “تحولات الفكر والسياسة في المشرق العربي” (1988)، و”مساءلة الهزيمة: جديد الفكر العربي بين صدمة 1967 ومنعطف الألفية” (2001)، و”الفكر العربي وصراع الأضداد” (1996).
أما المشروع الثاني، فقد أطلق عليه “نقد الواقع العربي”، وهو الذي أدى إلى ظهور ثلاثة كتب أخرى له، وهي: “تكوين العرب السياسي ومغزى الدولة القطرية” (1994)، و”التأزم السياسي عند العرب وسوسيولوجيا الإسلام: لماذا يخشى الإسلاميون علم الاجتماع؟” (1995)، و”العرب والسياسة: أين الخلل؟ جذر العطل العميق” (2000).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×