صعود الروح
زينب المرحوم
فكرة تراود الجميع، واتخذ القرار..
وبدأت الرحلة، حيث توجهت الحافلة إلى ذلك المكان العظيم الذي يفيض نوراً وبهاءً، أجواء مفعمة بذكراك، اقتربنا وتصعدت الأنفاس، وتأهبت القلوب للقاء المحبوب، وكنت أقف وأتأمل للحظات ذلك الجبل الشاهق.
أتسائل في داخلي هل سنصل حقاً إلى القمة؟؟
إلى حيث بزوغ دعوة التوحيد..
وأعود لأكمل رحلتي مع تلك الصخور التي رافقتك في رحلتك وها هي اليوم ترافقنا وكأنها تقول لنا:
من عشق وذاب وهام في حب المحبوب لن ولن يشعر بصعوبة الطريق، وإنما سيجد لذة وحلاوة لأنه طريق الوصول إلى المعشوق الحقيقي.
ومحمد تعلقت روحه بالمعشوق وذابت، لذا كان لا يشعر بأي تعب.
وقفت لحظات ألتقط أنفاسي التائقة للمعرفة الحقة..
آه يا له من يوم ويا لها من لحظات أحقاً أنا هنا بجسدي وروحي.
هنا محط الروح الأمين على سيد المرسلين، ها نحن نصعد الجبل درجة درجة لا أعرف كيف كنا نصعد كيف كنا نضع أقدامنا؟؟
ترى أكانت مكانها أقدامك يا محمد.. يا له من تسلق صعب وشاق، ها أنا متعبة و لكن ما أتذكرك يا رسول الله حتى ينتابني البكاء، سيدي.. ترى كيف كنت سيدي تقطع كل تلك المسافات؟؟
وتصعد هذا الجبل الوعر الصعب، كانت روحك سيدي هي التي تصعد..
حيث ترتقي لتصل إلى التوحيد الخالص.
روحك التائقة إلى معشوقها تتنزل عليك الرحمات والفيوضات الإلهية لترعاك.
كنت تسعى سيدي لتحظى بفرصة اللقاء، بلحظة هدوء وصفاء لتلك الروح التي تستلذ وترتاح وتأنس للقاء المحبوب، لقاء الله سبحانة وتعالى.
كلما اقتربنا أكثر كنت أشعر بخفة في الروح وكأنها تطير وهي تتوق إلى الوصول بسرعة إلى حيث انبثق النور وأشرقت شمس رسالتك المحمدية.
وحينما اقتربنا أكثر وأكثر انتابتنا لحظات ونحن ننظر إلى بعضنا البعض، لم نكن نحن الذين كنا على الأرض وإنما صرنا أرواحاً طاهرة بأجسام نقية كساها النور والضياء.
وتكاد الأنفاس تكون تسبيح والنظرات خوف ورجاء.
كنت الرفيق معنا في تلك اللحظات سيدي، كنا نشعر بوجودك المقدس، نشعر بتلك الروح المحمدية.
لحظات وكنا على أعتاب الغار، وازدادت الدموع غزارة في العيون وكأنها تريد غسل تلك العيون لتبصر من جديد هالة النور المقدس وينطبع داخلها نورك يا محمد.
استقبلنا الغار بنفحات روحانية محمدية عبقة، أجواء لم نشعر بها قط، نظرنا، تأملنا وإذا هو لم يكن مجرد غار وإنما محراب للروح..
خطوات وصلنا إلى قلب المحراب، وقفنا ونحن نستشعر خطواتك
وها هي أنفاسك تملئ المكان عبيراً.
كان علينا أن نؤدي ركعات فلقد أخذ الظلام يخيم على الأرجاء، ولكن هي وقفة مع النفس..
أين نحن منك يا محمد؟
كنت متحيرة وأنا واقفة للصلاة متوجهة للقبلة، ها أنا حيث وقف محمد عبداً لله خالصاً وموحداً، وأنا الملوث المسكين المذنب واقف هنا.
هي لحظات نادرة لصعود الروح وارتقائها إلى حيث العظمة ومعاني التوحيد الحقيقية.
فنسأل الله بحق محمد وآله أن يفيض علينا من نور ولايتهم إنه سميع مجيب الدعاء.