فُزْتَ يا علي

نازك الخنيزي
لم يكن يليق بعليٍّ إلا أن تختنق الخطوات على عتبة المحراب، وتسلم الروح قبل أن تسلم الجبهة للسجود.
فالمحراب لم يكن مكانًا، بل بابًا بين الأرض والسماء، وحين انفتح، لم يكن خروجه موتًا، بل عروجًا.
ليس الغدر حربًا، بل لحظةٌ ينكسر فيها العدلُ أمام عيون العميان، حيث السيف لا يهزم، بل يُصلبُ على أسئلة الليل، ويتحول النزيف إلى وحيٍ جديد، والمناجاة وحدها تستحق أن تكون سيفه الأخير.
ليس المكان إلا حصيرة المصلى، حيث يخرج الفجر من جرح الوتر، ويختبئ الصمت في سجدةٍ لم تكتمل، ويسقط الظل كأنما الأرض تصلي خلفه.
ليست الضربة في جبينه، بل في جبين الزمان، حيث انشق الوقت على حد سيفه، وانكسر التاريخ إلى قسمين: ما قبل العدل وما بعده، وما بينهما… صرخةٌ لا تزال تهز القرون.
ليالي القدر؟ هي الوحي الأخير… لأن عليًا لم يكن بشرًا، بل آيةٌ تسقط من يد الليل كي تمسح عن وجه الزمن غبار الخيانة، وسؤالًا أُغلق جوابه في صمت التاريخ، فلم يعد يُسمع إلا رجع الصدى.
ما كانت الطعنة إلا نداءً، وما كان الدم إلا ختمًا لكتاب أغلقته السماء، فلم يبقَ منه إلا صدى الصوت يهزّ المنابر:
“فزتُ ورب الكعبة…”