بعد 11 عاماً من الفحص.. مرض وراثي يتسلل إلى دم “فاطمة”

سيهات: معصومة المقرقش

بعد 11 عاماً على فحص ما قبل الزواج، اكتشف المعلم محمد العوى أن طفلته البالغة من العمر عاماً واحدًا فقط مصابة بفقر الدم المنجلي، رغم توافق فحص ما قبل الزواج؛ لتتحول عائلته الصغيرة الهادئة والبعيدة عن شبح الأمراض الوراثية ومواعيد المستشفيات المتكررة لفوضى جدول المواعيد والتحاليل والفحوصات الطبية.

وعن تفاصيل قصته قال العوى لـ “صُبرة”:

“أجريت فحص ما قبل الزواج في حفر الباطن، وزوجتي أجرته في الدمام عام ٢٠١١، وأظهر الفحص أنني سليم تماماً، بينما أظهرت نتائج زوجتي أنها حامل لفقر الدم المنجلي، وحصلنا وفقاً لذلك على تقرير التوافق من الدمام، وتزوجنا.

وفي عام ٢٠١٣ رزقنا بأول مولود ذكر سليم لا يحمل أي مرض دم وراثي وفقاً للتحاليل الطبيبة التي خضعنا لها في عامه الأول.”

تحليل عمر السنة

وأضاف “بعد عدة سنوات رزقنا بطفلتنا فاطمة، وفي نهاية 2022م خضعت لعدة تحاليل خاصة في إحدى المراكز الصحية وكان عمرها عاماً واحداً؛ للتأكد من خلوها من أي مرض وراثي، ولكن نتيجة التحاليل أظهرت أن فاطمة مصابة بفقر الدم المنجلي، الأمر الذي أدى إلى دخول العائلة في صدمة قوية لم تتوقعها أبداً.

وأوضح “العوى” أنه أجرى تحاليل خاصة لأمراض الدم الوراثية من جديد وأظهرت نتائجها بأنه سليم، لكن الطبيب المتابع لحالة طفلته أخبره بأن تحاليلها ستعاد في عمر السنتين للتأكد من إصابتها بالمرض.

إعادة التحليل

بعد أن أكملت الطفلة فاطمة السنتين من عمرها، كانت جائحة كورونا قد اجتاحت العالم أجمع ومنعت التجمعات وتوقف كل شيء، وتوقفت تحاليل فاطمة، ثم استكملت تحاليلها مجدداً، خاصة أن الطفلة بدأت تظهر عليها مؤشرات الإصابة كإصفرار لون بشرتها.

تأكيد الإصابة

وأضاف أن نتيجة التحليل الثانية أكدت إصابة الطفلة فاطمة بفقر الدم المنجلي، ولا مجال للأماني وتكذيب التحاليل.

الصدمة المؤلمة

وتابع “لم أستوعب حقيقة ما أظهرته نتيجة التحاليل الثانية لطفلتي كوني مدركاً وواعياً حقيقة هذا المرض وماذا يعني لها ولنا كعائلة، فدكتورة المركز الصحي زهراء المنيان مشكورة تواصلت مع الدكتورة إسراء المحيميد المتخصصة في أمراض الدم، وأخبرتها بقصة طفلتي، فما كان منها إلا أن أبلغتنا باحتمال وجود خطأ في قراءة فحص ما قبل الزواج بين الأبوين، فكانت هذه النتيجة، التي بدورها وجهتني لإعادة فحص كيميائية الدم، وأظهر أني حامل لبيتا الثلاسيميا.”

تحويلها لمستشفى

تم تحويل الطفلة فاطمة إلى مستشفى الأمير محمد بن فهد لأمراض الدم، وتابعتها الدكتورة هناء جليح التي كان لها الدور الفاعل في تثقيف عائلة محمد بمرض فقر الدم المنجلي بشكل كبير، إلى جانب دعمها المعنوي والنفسي مع انطلاقة رحلة علاج فاطمة، ولكن شاء القدر أن تصاب بالتهاب الكبد المناعي فترة العلاج الأولى.

وأكمل العوى “كان علينا الحذر الشديد والتدرج في أخذ العلاج، مع العلم أن هذه الفترة كانت من أصعب الفترات بل أشدها ألماً، ودخلت الطفلة التنويم عدة مرات متقاربة وأخرى متباعدة بسبب نوبات الألم، إلى أن تم التنسيق بين الدكتورة أفنان آل جواد المتخصصة في أمراض الكبد، والدكتورة هناء جليح حتى توصلتا بالتدريج إلى مسار مستقر في العلاج الملائم للطفلة فاطمة.”

وواصل “في نفس هذه الفترة التي كانت طفلتي تتلقى علاجها، كانت والدتها حاملاً في الشهر الخامس بطفلتي ياسمين، وبعد ولادتها بستة أشهر أجرينا لها نفس التحاليل التي خضعت لها أختها الكبرى، وكانت النتيجة أن ياسمين طفلتنا الجديدة مصابة كذلك بمرض فقر الدم المنجلي.”

وأضاف “بعد اكتشاف إصابة ياسمين بمرض الفقر المنجلي شأنها شأن أختها الكبرى باستثناء شقيقهما الأكبر من هذا المرض، تابعت العائلة مواعيد الطفلتين بانتظام ومتابعة شديدة، حتى توصلت لحالة أكثر استقراراً عما كانت عليه سابقاً.”

لا أُقيم ولكن..!

وعن قراءة نتيجة فحص ما قبل الزواج قال محمد العوى “لا أستطيع تقييم ما حدث ليّ، فأنا لستُ الشخص المخول لتقييم هذا الأمر، وهناك من هو أعلم مني بمثل هذه الأمور؛ ولكنني أرجح أنه كان خطأ وتكرر أكثر من مرة، لأنني أعرف والجميع يعرف أن فحص التوافق لا يسفر عن أمراض وراثية أبداً.”

اختلاف الثقافات الصحية

وأضاف “ربما اختلاف الخبرات الصحية والطبية لها دور في ذلك؛ فلكل منطقة من مناطقنا في المملكة ثقافتها الصحية وأمراضها الوراثية الخاصة بها التي تختلف عنها، فمثلاً مرض الفقر المنجلي معروف في محافظة القطيف بكل الأسماء السكلسل أو السكلر، ومعروفة أعراضه وآلامه حتى عند غير المصابين به، في حين أنه غير معروف عن بعض المناطق أصلاً.”

وأردف “الأرقام التي تحرص عليها جداً في القطيف ليس بالضروري أن تلتفت إليها حفر الباطن.”

تثقيف ينتهي بإصابة

محمد العوى معلم مادة العلوم، كان يحرص دائماً على شرح دروسه المتعلقة بالأمراض الوراثية لطلابه بكل اهتمام وعناية وتثقيف طوال سنين عديدة؛ لم يكن يتوقع أبداً أن تقع في يوم من الأيام أسرته أسيرة هذا المرض، ولكنه شكر الله سبحانه وتعالى على هذا الابتلاء والامتحان.

حكاية محمد العوى، جاءت ضمن المؤتمر العالمي لأمراض الدم والنزاف الذي انطلق اليوم لمدة 3 أيام، بتنظيم مستشفى القطيف المركزي، ويستهدف أطباء أمراض الدم، وأطباء الأطفال، والطب العام، وأطباء علم الأمراض الدموية، ومتخصصي المختبرات، والتمريض، والصيادلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×