[فيديو وصور] القطيف تعود إلى زمن “السّلُوق” بعدسات الغريافي والحمادي فريق فلّاحين يُعيدون تمثيل "كناز" التمر، وتصدير "الخنيزي" إلى الكويت
التوبي: صُبرة
فلّاحون حقيقيون فعلوا مثلما كان أسلافهم يفعلون. صرموا عذوق “الخنيزي” من النخيل، ثم “خرطوا” بسره الصلب من العذوق، ثم “سلقوا” البسر في القدور، ثم “نشروه” تحت الشمس.
وحين جفّ؛ عبأوه في “أخياش”، ثم حمّلوه على الحمير.
ليس هذا فحسب، بل فعلوا شيئاً آخر؛ قطعوا العذوق، وحمّلوها في سيارة، مقلّدين ـ بذلك ـ أعمال تصدير البسر إلى دول الخليج..!
وهناك ما هو أكثر جنوناً؛ هو أن الفلاّحين نشروا التمر، وكنزوه في القلال، وحمّلوه على الحمير، أيضاً.
على هذه الطريقة أراد الفوتوغرافي عبدالرسول الغريافي ومحسن الحمادي أن يوثّق طريقة إنتاج السلوق، بعد عقود طويلة من اختفائه من القطيف، ويُعيد تصوير إنتاج التمر، وتصدير البسر.
كلُّ شيءٍ حقيقيٌّ، إلا أن كلّ شيءٍ تمثيل في الوقت نفسه..!
وظهر أمس؛ كان الغريافي، وبعض فريقه، في ضيافةٍ مجموعة من الفلاحين والمهتمين بالنخيل في أحد نخيل التوبي. ولأكثر من ساعتين؛ عرض المشاهد التي صورها وسجّلها قبل أكثر من 11 عاماً..!
السلُوق
السَّلوقُ هو مادة غذائية تجارية، اشتهرت القطيف بتصديرها على نطاق دولي قبل النفط، واستمرّت إلى ما قبل 50 سنة من الآن. السلوق هو رطب الخنيزي البسر، المغليّ، المجفّف. كانت القطيف تصدّر منه سنوياً كمّياتٍ هائلة، وأغلبها يتّجه نحو الهند.
ولعلَّ أقربَ مؤشّرٍ كمّي تاريخيّ لتجارة “السَّلوق” في القطيف، هو ما تضمنته وثيقة بريطانية محرّرة في أغسطس 1900، نشرتها في مجلة الواحة، ضمن 4 حلقات رصد بها تجارة السلوق التي كانت رائجة في القطيف والأحساء.
وتقول الوثيقة إن “هناك حركة تجارية كبيرة لتصدير (السلوق) من القطيف الى كراتشي، تصل الى مائة وخمسين ألف كيس سنوياً”. والكيس يستوعب 4 أمنانٍ قطيفية**، أي 64 كيلوجرام. وهذا يعني أن 150 ألف كيس تعادل 9600 طنٍّ. وهو رقم ضخمٌ؛ إذا انتبهنا إلى أن هذه الكميات تُصدّر فقط إلى كراتشي التي كانت هندية تحت نير الاستعمار البريطانيّ، وقبل الاستقلال، وانضمامها إلى باكستان.
كان هناك مستوردون كثرٌ، في الضفة المقابلة من الخليج العربي، والجزيرة العربية، في الحدّ الأدنى. وتقوم صناعة “السَّلُوق” على صنف “الخنيزي” من الرطب. الخنيزي هو الرطب الأهم في القطيف، وإلى ما قبل انهيار النظام الزراعي؛ حافظ الخنيزي على كونه عماد تجارة تصدير التمور، عبر 4 سلعٍ أساسية منه: الرطب، والسَّلُوق المجفّف، والتمر، والدبس.
وما فعله الفوتوغرافي الغريافي وفريقه من الفلاحين المحترفين؛ هو محاكاة إنتاج السلوق على الطريقة التقليدية. وقد نفذوا الفكرة في أغسطس 2009، بعد قرابة شهر من التحضير لها، وتجهيز أدواتها الأساسية، وإعداد المواقع، بما في ذلك الاستعانة بحميرٍ..!
ثم نشر البسر المسلوق في الهواء الطلق
وبعد أن يجفّ يُعبأّ في أكياس من الخيش
ثم يُنقل على ظهور الحمير إلى الفرضة تمهيداً لشحنه وتصديره
تمر القلّات
وعلى نحو مشابه جعل الغريافي من الفلّاحين ممثلين، وأعادهم إلى الزمن المنسيّ، وأمام عدساته المختلفة؛ تناوبوا على إعداد التمر بالطريقة البدائية نفسها التي ورثوها عن آبائهم. أحضروا التمر ونشروه فوق “سميم الخوص”، ثم جعلهم يعبأونه في “قِلال” الخوص أيضاً، وراحوا “يكنزونه” بأقدامهم، ومن ثم راحوا يربطون القلال بحبال تمّ تقليمها من العذوق، وليّنوها بأيديهم..!
كلّ شيء بدائيٌّ تماماً. حتى النظارات التي كان يرتديها بعض أعضاء الفريق؛ نُزعت. لا وجود لآلةٍ حديثة. كأن التفاصيل حدثت قبل النفط، أو بعد النفط بقليل. حتى “الغتَر” كانت بيضاءَ تماماً كما هي أزياء سكان القطيف.
تصدير البسر
لكنّ الغريافي احتاج إلى شيء من التحديث، حين حاول توثيق موضوع تصدير البسر. فهذا العمل احتاج إلى الشاحنات الصغيرة. وقد جلبوا واحدة من نوع “ستيك”، وهي شاحنة أمريكية صغيرة نسبياً، كانت تُستخدم في نقل عذوق “الخنيزي” إلى دول الخليج، وتحديداً: الكويت، وقطر، والإمارات.
حضر الفلّاحون وصرموا العذوق، ثم حمّلوها على الحمير، ثم نقلوا العذوق من ظهور الحمير إلى “حوض” الشاحنة.. كأنهم سوف يشحنون رطبهم إلى الكويت..!
التنسيق
- أحمد رضوان
فريق التصوير
- عبدالرسول الغريافي
- محسن الحمادي
- هادي محسن الحمادي
فريق الفلاحين
- حسين السيد هاشم آل حمزة
- محمد علي رضي الجارودي
- رضي أحمد الخضيمي
- علي كاظم آل نهاب
- علي عبدالله العسيف
- محمد عبدالله العسيف
- وآخرون
شاهد الفيديو