الليلة الأخيرة في حياة مغدور الجارودية رضا سليمان كان هادئاً على غير عادته.. وبادل رئيسه ساعةً مقابل عطر.. وغادر

القطيف: ليلى العوامي

“رضا ولد طيب ومحترم”.. بهذا اختصر السيد هيومانتا ـ الهندي الجنسية ـ زميله الشاب رضا سليمان الذي ذهب ضحية رصاص غادرٍ فجر الاثنين. هيومانتا واحد من زملاء عمل في محلّ تجاري في مجمع القطيف سيتي مول. والسيرة التي تحدّث عنها الزملاء تُشير إلى “شاب خلوق هاديء خدوم”.

هيومانتا هو رئيس رضا المباشر.. حين التقته “صُبرة” كان يتحدث عن زميله وهو يبكي.. علم بخبر وفاته من الصحف. وكان يوم إجازته.. لكنه جاء إلى المحل ليتأكد: أين رضا..؟ هل ما سمعته صحيح..؟

يقول “كنت منذهلاً كثيراً. كان جالساً هنا، وأعطاني ساعة وأعطيته عطراً. وكنا ذلك اليوم في قمة السعادة، رغم أنه كان هادئاً. الغرفة التي نأكل فيها سوياً لن أدخلها، بعد الآن”.

قضية مقتله ما زالت تحت الإجراءات، وعصر اليوم، شيّعه أحبته إلى مثواه الأخير في مقبرة بلدة الجارودية بمحافظة القطيف، والصدمة ما زالت مستمرة في بلدته الريفية التي فقدته فجأة.

ذلك الشاب الأنيق ذو الشعر الطويل، تربى يتيماً في حضن أخته الكبرى. توفي والده وهو في الخامسة. يعمل بائع ملابس منذ قرابة 8 سنوات.

خيَّــهْ

زميلته أبرار السواري، عرفته قبل سبعة أشهر.. قالت عنه “رضا طيب خلوق ما شفت منه إلا كل خير”. تضيف كان يستخدم كلمة “خيّهْ” حين يخاطب زميلات العمل”، ليُزيح أي لبس في المعاملة. أضافت “الجميع يحبه حتى كبار السن الذين يسالون عنه بقولهم: وين أبو شعر طويل..؟”.

فوق ذلك كان “شَيُوم”، بمعنى صاحب شيمة.. وقالت آبرار “آخر ما كان بيني وبينه يوم السبت الماضي في مواقف المجمع، حين شاهدني وسيارتي متعطلة وتحتاج إلى اشتراك بالبطارية.. لم يتركني إلا بعد أن قدم لي المساعدة بشكل محترم”.

أضافت “حين أخرج وقت الراحة أشاهده جالساً مع واحد من كبار السن غالباً.. كان يحب سوالف الكبار”.

8 سنوات

أما زميلته الأخرى ز. ع فقد زاملته لثمان سنوات.. وقالت قبل أسبوع كان متغيراً وهادئاً، وخاصة آخر ليلة. وبحكم عملي كنتُ أفتش الموظفين قبل انصرافهم، وهذا من سياسة الشركة.. حين رأيته قلت له: طبعا لن أفتشك.. بل سيفتشك رئيسك، فذهب إلى رئيسه هيومنتا وأخذا يتمازحان، ثم رشّ قليلاً من عطر زميله هيومنتا، وعلّق: عطرك جميل”.

وأضافت أن من عادته أن يبدو نشيطاً وحيوياً في العمل.. لكن ليلة مقتله كان هادئاً. كما أنه لم يأخذ وقت الراحة المعتاد (بريك)، وطيلة الأسبوع الأخير كان صوته بالكاد يُسمع. لكن ما تؤكده الزميلة هو أن المرحوم رضا “كان دائماً يقول أنتم كلكم خواتي”.

تضيف “ما كان يبدأ أي اجتماع إلا ويصلي على النبي. وكلمة “خَيُّوهْ” متكررة على لسانه.. كان يعاملنا كأخ بمعنى الكلمة”.

أكثر من أخ

أمينة آل سالم زاملته لمدة خمس سنوات.. وحين تصفه؛ فإنها تقول “رضا أكثر من أخ يعاملنا كخواته، لم يحسسنا يوماً بأنه إنسان غريب حتى وهو مزحوم.. شاب مبتسم.. الزبائن يحبونه.. يساعد الجميع.. بروح جميلة متعاون.. يُعطي اهتماماً للجميع”.

تضيف “كان رضا يجهز شقته، وكان يأخد رأينا جميعاً في تجهيزها.. تلقينا خبر وفاته بصدمة.. صورته في كل مكان.. افتقدناه.. وفوق ذلك كان كريماً مع الجميع.. لا يأتي إلى المحل الا بالعصير والقهوة”.

ولكن أمينة تقول “آخر اسبوع كان متغيراً ووجه فيه نور.. سألناه: مسوي شي بوجهك؟ فضحك حينها”.

وعن احترامه لزميلاته تقول أمينة أيضاً “عنده غيرة علينا.. وفي إحدى المرات جاء زبون، ولم يكن رضا مرتاحاً لطريقة الزبون.. وحينما تأكدت أن حركاته ليست جيدة؛ ذهب إلى الزبون بنفسه ليباشر خدمته، حتى لا تتعرض زميلته لأي مضايقة من الزبون”.

آخر يوم

زميلة أخرى اسمها عايشه الحمد تقول “في آخر يوم لم يدخل المحل مباشرة، بل بقي خارجاً يسلم على الناس في المجمع.. وحين سألته: ما بك لا تجلس مكانك؟ قال: أسلم على أحبابي.. ثم جلس على الكرسي وكأنه متعب، فسالته: فيك شي؛ فقال: خَيّهْ ما فيَيْ شِيْ”. تضيف “في اليوم الأخير كان فرحان ذاك اليوم بشكل غير طبيعي”.

الساعة 11

انتصار ناصر المحسن تعمل منذ عام ونصف العام مع المرحوم.. قالت “ماذا أصف لك..؟ رضا انسان حبوب ما يمر يوم الا ويتفقدنا. قبل أسبوع أخبرنا عن مشروع صغير له يقدم فيه منتجات.. وكان متشجعاً جداً”.

“في الليلة الأخيرة غادر وكل شيء بخير، في الساعة 11”.. هذا الكلام لزميلته انتصار أيضاً.. تضيف “في اليوم الثاني كنت قادمة إلى العمل، وحين وصلت عند باب المتجر رأيت زميلتي أمينة واقفة تبكي.. سالتها ماذا بك: قالت رضا توفى..!”.

كأن قطرات الحبر قد جفت والمفردات أصابها الهزال وعن من أكتب…

هل من هول الفاجعة وفقد أخ عزيز ك رضا سليمان…

البشوش الضاحك الذي لم نعهد منه إلا خيراً

المتفاني بعمله بلا كلل أو ملل..

كان الموت اختطفه وانتقاه ك خيوط الزعفران الغضة بأول صباحها..

كأنما ريح حارقة الهبت قلوبنا..

أنها رياح الغدر حين سفكت دمك البرئ

حين تلاشت قوانين الإنسانية ونزعت في قلوب بعض الوحوش البشرية منها الرحمة

فتغتال أكثرهم إنسانية وصفاء قلب..

سنودع قلباً طيباً..

سنودع أخاً حنوناً..

سنودع ابتسامة خالية من النفاق..

إلى جنان الخلد يا رضا..

أختك فاطمة المناسف

 

قتيل الجارودية سادس أخوته.. والتحفظ على مشتبه بهم في القضية

‫5 تعليقات

  1. رحمه الله تعالى وعوضه عن شبابه بالجنة.. شيء مؤلم الفراق الاعتيادي فكيف بالموت.. ثم كيف اذا لم يكن أجل محتوم بل أجل مخروم وموت غيلة بهذه الطريقة.. إنا لله وإنا إليه راجعون.. حتى الاباعد يحزنون فكيف بمن يعرفه أو من هم أسرته

  2. السلام عليكم ..
    انا زميلته في قسمه إيمان حسن الغضبان
    عملت مع رضا كاخ ولم اعمل معه كزميل بالعمل
    كنا دائما في شغلنا مع بعض نعرض البضائع ونتبادل اطراف الحديث عن هذه الحياه ..
    خسرت اخ لاتعوضه الحياه لي مره اخرى اخ لم تنجبه امي
    لم ارى في حياتي انسان مؤمن كثره رحمة الله عليه فجعت وصدمت بموته لكنه اقبل ع رب العالمين مالنا الا التسليم لله رحمه الله واسكنه فسيح جنته وفي اعلى عليين ماننساه ابدا كان نعم الاخ والسند قبل العمل تعجز الكلمات عن وصف شعور الفقد الذي حدث عندما علمت والى الممات انسان ترى طابع لاينساه الجميع ولاسيما من كان معه في نفس القسم ?انا لله وانا اليه راجعون رحمك الله ي رضا ?

  3. القلب موجوع والعيون تدمع لا أدري ماذا أقول أو شنو اوصف هالشعور الله يرحمك ياعيوني يارضا خدمة معاه سنين بنفس المحل اخت وأخ وأعظم عمرنا مازعلنا من بعض طيبته وأخلاقه ومزحه وهرجه وخوفه علي يكفي كان لنا بالمحل أكثر من أخ كان سند وربي يشهد على ماقول اللهم لاعتراض عليك يارب بس حرام يموت ويروح منا فجئه موته كانت جد جد فجيعه مااقدر انساه وماراح انسى ضحكته بكل مكان بالمحل له بصمه يارب شي يعور رحيله اخته وأكثر من اخت بتول السيهاتي ياريت لو قدرت اشوفه لو نظره من بعيد واسلم عليه هالزمن قدر فيه ومن أقرب الناس له حسبي الله ونعم الوكيل ???الله يرحمك يامن كنت لنا سند وأكثر اللهم اجعل قبرك ضياء ونور كنت تتمنى دايم اتكون شهيد وهذا ربك عطاك مرادك خساره على شبابك ?

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×